|
وعود البيجيدي الانتخابية وعود عرقوب (1).
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 6975 - 2021 / 7 / 31 - 15:35
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يخوض حزب العدالة والتنمية معركته الانتخابية السادسة منذ المؤتمر الاستثنائي سنة 1996 عقب اندماج إسلاميي حركة التوحيد والإصلاح في حزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية برئاسة الراحل عبد الكريم الخطيب ، وهو على رأس الحكومة لولايتين متتاليتين . والمفروض أن يقدّم الحزب حصيلة قيادته للحكومة ويقدم صورة واضحة تسمح للناخبين بالمقارنة بين ما كانت عليه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية قبل 2011 وبين ما صارت عليه بعد الولاية الحكومية الأولى ثم الثانية ، حتى يكون الناخبون على بيّنة من "المكاسب" إن وُجدت ومن التغييرات التي أحدثتها حكومتا البيجيدي وتمس معيشهم اليومي والأوضاع الاجتماعية ولاقتصادية لعموم الشعب المغربي . بالتأكيد ستكون الانتخابات المقبلة (8 شتنبر 2021) فرصة لربط المسؤولية بالمحاسبة ومساءلة قيادة حزب العدالة والتنمية عن مصير الشعارات التي رفعها الحزب في 2011 ثم 2016 وكذا الوعود التي التزم بها ، بمحض الإرادة والوعي ، أمام الناخبين . لقد توفرت للحزب فرص ذهبية لم تتوفر لأي حزب من قبله .ذلك أنه قاد الحكومة وشكّل عمودها الفقري خلال ولايتين متتابعتين ؛ ومن شأن هذه القيادة أن تسمح للحزب بتعبئة الإمكانات المادية والبشرية والإدارية والقانونية وحتى الدستورية لتنفيذ وعوده والتزاماته الانتخابية . فالمدة الزمنية التي قضاها الحزب على رأس الحكومة (10 سنوات ) لا تسمح له بتقديم الأعذار أو تبرير الإخفاقات ، لأن أي برنامج حكومي لن يتطلب تنفيذه كل هذه المدة من السنوات .ففي تجارب سياسية (الولايات المتحدة الأمريكية مثلا) لا تتجاوز الولاية التشريعية أربع سنوات ، لكنها تكون كافية لتطبيق البرنامج الانتخابية للرئيس. من هنا يكون مرفوضا من الحزب الذي قاد الحكومة لولايتين متتاليتين تبرير إخفاقه في تنفيذ وعوده والتزاماته . ففي التجارب الديمقراطية تبدأ عملية محاسبة الحكومة مباشرة عند مرور مدة مائة يوم على تدبيرها للشأن العام . إن أي فريق حكومي تحمل المسؤولية إلا والمفروض فيه أن يتوفر على الحد الأدنى من الكفاءة والخبرة لإدارة الدولة بكل مرافقها ؛ فمصير الشعوب ليس مجالا للتجريب . وأيا كانت كفاءة وخبرة أطر أي حزب يرأس الحكومة ، فهو مطالب بالانفتاح والاستفادة من الكفاءات والخبرات الوطنية ومنحها المجال والإمكانات المادية والإدارية لخدمة وطنها . ذلك أن تدبير الشأن العام ليس محصورا على الأعضاء المتحزبين ، وإنما هو مفتوح أمام كل الأطر المغربية التي يسمح لها تكوينها وخبرتها بتحمل مسؤولية التدبير. وقد أثبتت التجربة الحكومية للبيجيدي غلبة الانتماء الحزبي على عنصر الكفاءة في التعيينات الوزارية والمناصب الإدارية الحساسة ، لدرجة أن العاهل المغربي نبّه إلى هذا الأمر وطالب رئيس الحكومة بالبحث عن الكفاءات الوطنية وتعيينها في مراكز المسؤوولية : (وفي هذا الإطار، نكلف رئيس الحكومة بأن يرفع لنظرنا، في أفق الدخول المقبل، مقترحات لإغناء وتجديد مناصب المسؤولية، الحكومية والإدارية، بكفاءات وطنية عالية المستوى، وذلك على أساس الكفاءة والاستحقاق)(خطاب العرش 2019). إن إقصاء الكفاءات الوطنية وتهميشها ظل السمة الثابتة والمحددة للتجربة الحكومية لحزب العدالة والتنمية . طبعا ليس أمرا عرضيا ، بل هو مقصود على اعتبار أن قيادة البيجيدي اتخذت من العمل السياسي سبيلا لتحسين الأوضاع المادية والاجتماعية لأوسع الأعضاء المنتمين للحزب . وتعيين كفاءات وخبرات وطنية من خارج الحزب معناه حرمان المنتسبين له من الريع السياسي. حقيقة صرح بها عبد الإله بنكيران حين كان رئيسا للحكومة ، أمام أعضاء المجلس الوطني للحزب حيث قال (حنا لاش جينا ؟ جينا باش نحلو مشاكلنا أو نحلو مشاكل الدولة والمجتمع ؟ نحلو شوي ديال المشاكل ديالنا وتتحسن الحالة المادية ديالنا ما فيها باس). واضح إذن، أن الهدف الأساس من العمل السياسي والمشاركة في الحكومة هو تحقيق المكاسب المادية لأعضاء الحزب أولا وأخيرا . بهذه الخلفية الريعية سينهج البيجيدي إستراتيجية تعيين أكبر عدد من أعضائه في المناصب الإدارية والمراكز الحساسة في دواليب الدولة بغاية تحقيق هدفين رئيسيين : الأول : توسيع الاستفادة من الريع السياسي ليشمل أكبر عدد من أعضاء الحزب ، ومن شأن هذا أن يخلق طبقة متنفّعة من العمل السياسي يزداد ارتباطها بالحزب بازدياد استنفاعها منه ؛ الأمر الذي يساعد قيادته على احتواء الصراعات الداخلية وترطيب الخواطر ، سواء بالتعيين في المناصب أو بالوعود بها لمن لم يصله الدور بعد. من هنا نفهم لماذا لم تستعمل قيادة الحزب عبارة "أرض الله واسعة" في مواجهة الغاضبين الذين اشتد غضبهم في مواقف عديدة آخرها : توقيع العثماني على إعلان استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ثم المصادقة على قانون تقنين استعمال "الكيف". وهذه قضايا ليست هينة ، إذ لو تفجرت مثلها في أي حزب لعصفت بوحدته ، ولأدخلت أعضاءه وأجهزته في تطاحن داخلي ينتهي بالانشقاق. فالريع السياسي صار أحد أهم العوامل التي تقوي اللحمة الداخلية للحزب وتجعله يتجاوز الهزات القوية التي لا يختلف الملاحظون حول خطورتها على وحدته. وقد رأينا كيف تراجعت عناصر قيادية للحزب عن قراراتها التي أعلنتها لعموم الشعب المغربي ولم تكتف بتعميمها داخل هياكل الحزب ( إدريس اليزمي ، المقرئ أبو زيد ، عبد الإله بنكيران ..) . الثاني : تطبيق إستراتيجية التنظيم الدولي لجماعة الإخوان وتوجيهات المرشد العام التي تضمنتها رسالته إلى إسلاميي المغرب ،سنة 1996 ،والتي يأمرهم فيها بالتغلغل في مفاصل الدولة: "من أجل ذلك يجب عليكم العمل على الوجود الفاعل والمؤثر في أنشطة المجتمع السياسي والدعوي والإعلامي والاقتصادي والتغلغل في مؤسسات الدولة .." لخدمة غايات كثيرة أبرزها : أ ــ عرقلة مشاريع وبرامج التحديث والتنمية التي لا تخدم أهداف الحزب . ب ــ التلصص على مراكز القرار لإعداد خطة استباقية للتصدي أو إفشال أية سياسية للدولة لا تنسجم مع إستراتيجية الحزب . ج ــ توفير إمكانيات التمويل والدعم لجمعيات المجتمع المدني حاملة مشروع الإخوان والتي تشكل أحد الروافد الأساسية التي تغذي الكتلة الناخبة للبيجيدي .فرؤساء المجالس الترابية المنتمون للحزب وكذا وزراؤه يرصدون أموالا مهمة لفائدة آلاف الجمعيات (28 ألف جمعية) التي أسسها أعضاء الحزب والمتعاطفون معه. بهذا التمويل يحافظ الحزب على قواعده الانتخابية ويخوض بها غمار المنافسة ، مما يقوي حظوظه بالفوز بالمراتب المتقدمة. يتبع ..
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تغوّل خوانجية تونس درْس للمغاربة.
-
حقوق الإنسان صارت أداة لاستهداف سيادة الدول.
-
تيار السلفية المدخلية : المنشأ والمآل (3/3).
-
تيار السلفية المدخلية : المنشأ والمآل (2/3).
-
تيار السلفية المدخلية : المنشأ والمآل (1/3).
-
محاربة الفساد شرط لمصداقية الانتخابات .
-
العرض السياسي للبيجيدي نكوص وانفصام (6).
-
أخرجوهم من مؤسساتكم إنهم قوم مُفسدون .
-
العرض السياسي للبيجيدي نكوص وانفصام (5).
-
العرض السياسي للبيجيدي نكوص وانفصام (4).
-
إسبانيا الجار العدو الذي لا يُؤمَن مكره .
-
العرض السياسي للبيجيدي نكوص وانفصام (3).
-
العرض السياسي للبيجيدي نكوص وانفصام (2).
-
العرض السياسي للبيجيدي نكوص وانفصام (1).
-
الاستثمار في الأزمات هي إستراتيجية البيجيدي .
-
العثماني ووهم انتصار حماس.
-
مخطط الجماعة للسطو على الذاكرة وتقويض جهود الدولة.
-
تحديات النجاح الأمني للمغرب في محاربة الإرهاب .
-
تشريعات لازالت تسمو على الدستور.
-
أحزاب في خدمة البيجيدي.
المزيد.....
-
24 ساعه اغاني اطفال.. تردد قناة طيور الجنة بيبي لمشاهدة أغان
...
-
جدل بالمغرب بشأن تجنيس أبناء يهود مغاربة ومخاوف من توطين -قت
...
-
المقاومة الاسلامية اللبنانية تعلن التصدي لمحاولة تسلل قوات م
...
-
رئيس البرلمان الايراني : على العالم الاسلامي الضغط على امريك
...
-
أين يقطن المسلمون في أميركا؟ وكيف يؤثرون على الانتخابات الأم
...
-
المقاومة الاسلامية اللبنانية تعلن التصدي لمحاولة تسلل قوات م
...
-
المقاومة الاسلامية اللبنانية تستهدف قاعدة طيرة الكرمل بجنوب
...
-
إسرائيل تستهدف المساجد في قرى الجنوب اللبنانية (صور+فيديو)
-
بيان: وفاة معتقل فلسطيني في سجن إسرائيلي بعد نقله للمستشفى
-
وفاة معتقل فلسطيني في سجن إسرائيلي بعد نقله للمستشفى
المزيد.....
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
المزيد.....
|