أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - سعيد الكحل - حقوق الإنسان صارت أداة لاستهداف سيادة الدول.















المزيد.....

حقوق الإنسان صارت أداة لاستهداف سيادة الدول.


سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 6965 - 2021 / 7 / 21 - 02:04
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


قد لا يجادل أحد في كون حقوق الإنسان صارت أداة من أدوات استهداف سيادة الدول وتفتيت شعوبها . أداة يتم توظيفها من طرف الدول الغربية لتكريس سيطرتها على مقدرات شعوب الجنوب التي قاومت الاستعمار العسكري المباشر وطردت فلوله من أرضها لكنه عاد متربصا بخيراتها وسيادتها بوسائل لا تستدعي شن الحروب التقليدية عالية التكلفة في الأرواح والعتاد . هكذا ستتحول حقوق الأقليات وحقوق الإنسان إلى سلاح فتاك في تدمير الدول ونهب ثروات الشعوب .وحيث توجد مصالح الدول الغربية يتم توظيف أسلحة حقوق الإنسان لضمانها. وقد كانت ثورات ما بات يُعرف زورا "بالربيع العربي" تجسيدا لخطورة هذا السلاح "الناعم" المتلبس بحقوق الإنسان . شعوب عربية كانت تنعم بالاستقرار وتناضل من أجل توسيع الحريات وإشاعة حقوق الإنسان في أوطانها ، فإذا "بالديمقراطية الموعودة" ، سواء المحمولة على الدبابات أو المحشوة في الأحزمة الناسفة ، تعيدها قرونا إلى الوراء بتحويل ساحاتها العمومية إلى أسواق لبيع السبايا والجواري أو لقطع الأعناق والأطراف . لقد زعمت أمريكا أنها تجلب الديمقراطية للشعوب العربية فإذا هي تشيع الخراب والدمار لتضع أيديها على الثروات . لم يحدث أن تدخلت أمريكا في دولة ما فعمّ فيها الأمن وسادتها الديمقراطية ، بل العكس هو الحاصل .
لقد أثبت الوقائع ألا ديمقراطية ولا حقوق الإنسان خارج المصالح الغربية . ذلك أن سلطة القضاء الضامن لتطبيق القانون وحماية الحقوق تتعطل ، وتتعطل معها المنظومة الديمقراطية : فصل السلط ، استقلالية القضاء ، كونية حقوق الإنسان .. وما جرى مؤخرا في إسبانيا من تواطؤ القضاء مع الحكومة للإفراج عن زعيم البوليساريو رغم عدد القضايا المرفوعة ضده على خلفية جرائم التعذيب والقتل والاغتيال الذي تعرض له عشرات من المواطنين المنحدرين من أقاليمنا الصحراوية أو من جنسيات إسبانية ، يثبت هيمنة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية ؛ مما يُبهت كل شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان .
لا تختلف الدول الأوربية عن إسبانيا في تعطيل حقوق الإنسان حين يتعلق الأمر بالمصالح والحسابات السياسية الضيقة التي تعلو على مصالح الأوطان العليا . ففي ألمانيا مثلا كما السويد وبريطانيا وبلجيكا وغيرها من الدول الأوربية ، تصر حكومتها على إيواء وحماية عناصر إرهابية خطيرة على أمنها وأمن باقي الدول من أجل ابتزاز الدول الأصلية التي ينحدر منها الإرهابيون ، كما هو الشأن للإرهابي محمد حاجب وغيره من المطلوبين لعدالة دولهم . إذ في الوقت الذي تنخرط فيه دول العالم لمكافحة الإرهاب ، تشاء الحكومات الغربية (أوربية وأمريكا ) معاكسة الإرادة الدولية وذلك بإيواء الإرهابيين وتمكينهم من وسائل الدعاية وتجنيد المتطرفين لاستهداف دولهم الأصلية أو التي لها أطماع في ثرواتها . فيتحول الإرهابيون الذين عاثوا قتلا وسبيا وتدميرا في أفغانستان أو سوريا أو العراق أو ليبيا .. إلى "ضحايا" تناصرهم الحكومات الغربية باسم حقوق الإنسان ضد شعوبهم ودولهم .
هكذا تعددت الأسلحة "الناعمة" للفتك بالشعوب وتمزيق الدول وتنوعت بين "حقوق الأقليات" و"حقوق الإنسان" "وحرية الصحافة" ، بينما يبقى الهدف واحدا هو استهداف أمن وثروات تلك الشعوب . ولا يخرج عن هذا الإطار تصريح المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس ، حول الحكم الصادر ضد سليمان الريسوني الذي عبر فيه عن "خيبة أمل" أمريكية إزاء الحكم . فالتصريح في حد ذاته يناقض قيم حقوق الإنسان التي تنصّب الولايات الأمريكية نفسها حاميا ونصيرا لها ؛ بحيث يناقضها من وجوه عدة أهمها:
1 ــ تبنيه لمزاعم سليمان الريسوني المتهم بالاغتصاب والاحتجاز كالتالي (نلاحظ أن السيد الريسوني قد زعم وجود انتهاكات لضمانات المحاكمة العادلة)، بينما المفروض في الخارجة الأمريكية التحقق من المزاعم بالاستماع إلى الأطراف المعنية (دفاع الضحية ، دفاع المدعى عليه ، النيابة العامة ، المجلس الوطني لحقوق الإنسان ، المنظمات الحقوقية..). ولعل اعتماد رواية طرف دون آخر هو تحيّز سافر لا يخدم العدالة كما يمس بمصداقية تقارير أو تصريحات الخارجية الأمريكية .
2 ــ التجاهل التام لحقوق الضحية، بحيث لم ترد أية إشارة إلى الضحية وما تعرض لها، كما لم يتصل به أو بدفاعه للاطلاع على الملف وتكوين صورة واضحة عن القضية المعروضة أمام المحكمة .
3 ــ التشجيع على خرق حقوق الأقليات التي هي جزء لا يتجزأ من منظومة حقوق الإنسان كما جاءت في تأكيد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في 17 مايو 2013 بلاهاي"إن مكافحة كراهية المثلية الجنسية هو جزء أساسي من كفاحنا لتعزيز حقوق الإنسان للجميع". ففي الوقت الذي يشجع فيه المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس،خرق حق المثليين في الحماية من كل أشكال العنف والمطالبة بإطلاق سراح المتهم باغتصاب آدم ،نجده يهدد الحكومة الجورجية ، يوم الثلاثاء 13 يوليوز 2021، بفرض العقوبات على خلفية الهجوم الذي تعرض له نشطاء حقوق المثليين ويدعوها إلى محاسبة المسؤولين "أولئك الذين هاجموا المتظاهرين السلميين والصحفيين يجب اعتقالهم ومحاكمتهم".
4 ــ التحريض على خرق القوانين الجاري بها العمل وعصيان المؤسسات الدستورية. ذلك أن مطالبة الحكومة المغربية بإطلاق سراح الريسوني رغم التهم الموجهة إليه ليس له من معنى سوى تعطيل التشريعات الوطنية وتجاوز المؤسسات الدستورية والاستهانة بها .إذ في الوقت الذي يطالب فيه عمومُ المغاربة بضرورة تطبيق القانون بكل صرامة على الجميع ، يأتي تصريح الخارجية الأمريكية معارضا لرغبة الشعب ومطالبه بتحقيق العدالة والمساواة أمام القانون.
5 ــ استهداف أسس دولة الحق والقانون المتمثلة في فصل السلط واستقلال القضاء وسيادة القانون وربط المسؤولية بالمحاسبة . فدستور 2011 الذي يحيل عليه تصريح الخارجية الأمريكية هو نفسه الذي ينص على ربط المسؤولية بالمحاسبة . من هنا تكون المطالبة بإطلاق سراح الريسوني الذي أدانته المحكمة هو تدخل سافر في اختصاصات القضاء وضرب لأسس دولة الحق والقانون التي ينشدها الشعب المغربي .
6 ــ التأسيس للإفلات من العقاب الذي تشكو منه الهيآت الحقوقية وتطالب بالقطع النهائي معه . لكن تصريح نيد برايس يروم تكريس الإفلات من العقاب وتعطيل القانون والدستور. وهذا يتنافى مع ما تدعيه الحكومة الأمريكية من دعم الديمقراطيات وإشاعة واحترام حقوق الإنسان.
7 ــ حماية ودعم فئة "المحميين الجدد" والعمل على تمتيعهم "بحصانة دولية" ضد القوانين الوطنية . إذ من شأن التدخل في القضاء وتعطيل القانون وتكريس الإفلات من العقاب أن يضع فئة من المواطنين خارج سلطة القانون وسيادة الدولة ؛ وهؤلاء هم "المحميون الجدد" الذين لا تسري عليهم القوانين أسوة بباقي المواطنين . خطورة هذه الفئة أنها تتحول إلى أداة من أدواة الحكومات الأجنبية لتنفيذ أجنداتها ضد المصالح العليا للوطن . إنهم أخطر من المجنّسين من حيث كونهم يأتمرون بالأوامر الأجنبية ويتحولون إلى خناجر في خصر أوطانهم . ولطالما عانى المغرب ، في القرن التاسع عشر وبداية العشرين ، من تآمر هذه الفئة على استقلاله ووحدة ترابه .
أمريكا لا تحمي الصحافيين إلا بالقدر الذي يخدمون مصالحها . فهي أول دولة تطارد المواطن الأسترالي جوليان أسانج ، مؤسس موقع "ويكيليكس" ،بسبب ما نشره من معلومات عن جرائم الجيش الأمريكي في أفغانستان ومنطقة الشرق الأوسط، وقد وجهت إليه وزارة العدل اتهامات عدة يواجه بموجبها أحكاما بالسجن تصل إلى 175 عاما في حال سلمته بريطانيا إلى أمريكا. فما الذي يمنعها من حماية أسانج والمطالبة بالإفراج عنه كما تفعل في موضوع الريسوني والراضي ، علما أن هذين الأخيرين متابعان في قضايا تتعلق بالحق الحق بخلاف جوليان أسانج؟
لقد سبق للأخصائي الفرنسي في "الذكاء الاقتصادي" Christian Harbulot ، أن صرح لموقع "Atlasinfo.fr"بتاريخ 17 يوليوز 2020 ، بأن الحزب الديمقراطي الأمريكي"بات يتبنى برنامجا سياسيا يقوم بالأساس على نموذج مجتمعي حيث يمكن له الدفاع عن الأقليات أو سياسة الهجرة أو الحركات الاجتماعية مثل "الربيع العربي" وكلها وسائل لبلوغ الغاية وهي تدمير المجتمعات التقليدية". لهذا سيكون لزاما على المجلس الوطني لحقوق الإنسان ووزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان ، إطلاع وزارة الخارجية الأمريكية بكل تفاصيل ملفي الريسوني والراضي المعروضين على القضاء حتى لا تبقى القضية مرتعا للمتاجرين بحقوق الإنسان .



#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تيار السلفية المدخلية : المنشأ والمآل (3/3).
- تيار السلفية المدخلية : المنشأ والمآل (2/3).
- تيار السلفية المدخلية : المنشأ والمآل (1/3).
- محاربة الفساد شرط لمصداقية الانتخابات .
- العرض السياسي للبيجيدي نكوص وانفصام (6).
- أخرجوهم من مؤسساتكم إنهم قوم مُفسدون .
- العرض السياسي للبيجيدي نكوص وانفصام (5).
- العرض السياسي للبيجيدي نكوص وانفصام (4).
- إسبانيا الجار العدو الذي لا يُؤمَن مكره .
- العرض السياسي للبيجيدي نكوص وانفصام (3).
- العرض السياسي للبيجيدي نكوص وانفصام (2).
- العرض السياسي للبيجيدي نكوص وانفصام (1).
- الاستثمار في الأزمات هي إستراتيجية البيجيدي .
- العثماني ووهم انتصار حماس.
- مخطط الجماعة للسطو على الذاكرة وتقويض جهود الدولة.
- تحديات النجاح الأمني للمغرب في محاربة الإرهاب .
- تشريعات لازالت تسمو على الدستور.
- أحزاب في خدمة البيجيدي.
- خطط تنظيم الإخوان للإطاحة بالنظام .5.
- خطط تنظيم الإخوان للإطاحة بالنظام .4 .


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - سعيد الكحل - حقوق الإنسان صارت أداة لاستهداف سيادة الدول.