أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مزهر جبر الساعدي - اللعب على الجراح















المزيد.....

اللعب على الجراح


مزهر جبر الساعدي

الحوار المتمدن-العدد: 6966 - 2021 / 7 / 22 - 01:04
المحور: الادب والفن
    


(اللعب على الجراح ..)
وقفت على ناصية الملعب؛ هالني ما سمعت من صراخ الناس في ساحة الملعب، فقد كان الصراخ يصم الاذان، كما أنه لم يتوقف، ولو لدقيقة واحدة. ما يجري امامي؛ شكل لوحة سوريالية، فيها غرابة لا يمكن ايجاد اي تفسير مقنع لها، ومما زاد في غرابتها؛ هو اطلاق النار بين الفينة والفينة الأخرى. سقط عدد من الناس، كان الاعم الاغلب منهم من الشباب الذين لم يتجاوزا العشرين من اعمارهم. كنت مرسل من قبل الجريدة التي اعمل فيها، مراسلا صحفيا رياضيا؛ لكتابة تقرير صحفي مفصل عن الذي يجري في هذا الملعب. فقد انتشرت الاخبار عن الاضطرابات والاحتجاجات التي حدثت فيه. وكالات الانباء العالمية، وقنوات التلفزة؛ نُقِلت الصور والتقارير المكتوبة عن هذا الذي يجري فيه، والذي اشتد في الفترة الاخيرة، بطريقة متسارعة. البداية كانت حين اختلف القائمون على الملعب، اي من أوكل لهم مهمة الاشراف على الاعمار، والتنظيم والتوجيه، واعادة الحياة الى الملعب الذي طاله الخراب والدمار في وقت سابق، عندما استخدم كمعسكر للدبابات.. بأن يختاروا من بينهم؛ لجان للمشاركة في خوض المعركة عبر صناديق الاقتراع التي فتحت للجمهور؛ لاختيار لجنة للأشراف على اعادة اعمار الملعب، ليكون صالحا للفرق التي تنتظر اللعب على ارضه. كي يعود النشاط والحياة إليه. وأن يتم اختيار فرق اللعب الكفؤة، التي لها القدرة في اعادته الى تألقه السابق. في النهاية تم اختيار لجنة الاشراف من قبل الجمهور عبر صناديق الاقتراع. امضيت عدة ايام، ألتقيت فيه مع عدة اشخاص من مشارب واتجاهات مختلفة، استطلعت اراءهم في الذي يجري، وما هي الاسباب التي قادت الاوضاع الى ما قادت إليه من اضطرابات واحتجاجات واسعة جدا، سواء في ميدان الملعب، او في المدرجات، أو في بوابات الملعب، أو في الطرق المؤدية إليه. بعد جمعي لكم هائل من المعلومات الوافية والتي تفي بالغرض الذي من اجله، جئت الى هنا؛ بدأت بكتابة التقرير الصحفي الى الصفحة الرياضية في الجريدة التي اعمل فيها، حرصت ان يكون تقريرا غير مألوف اي أني سأبين فيه، الاسباب بعد ان وقفت عليها.. ان لصوص اللجنة؛ عملوا على ابعاد جميع اللاعبين الكفؤين، وجاءوا بلعبين بدائيين. هذا ما قاله رجل كان يقف وحيدا في ركن الملعب حين سألته عن رأيه. ثم قال قولا اخر، قولا بدى لي غريبا، وليس له صلة في موضوع الملعب وفرق اللعب، أو أنه، اي قول الرجل اياه؛ قولا فانتازيا، فقد قال: أن الأرض هي الملعب، لها مساحة، وتاريخ وحدود؛ تقاذفها السراق. قلت في خاطري؛ ان الرجل على ما يظهر مجنون، او فيه الكثير من الجنون؛ فما علاقة الارض بالملعب الذي يحتل مساحة محدودة جدا من الأرض، أذ، لا توجد اي علاقة، أو تشابه، كما أنه قال كلاما كثيرا، لم اعد اتذكره عندما بدأت بأعداد تقريري هذا، لكنه مع هذا، كان قوله مترابطا في صياغة الفكرة، اشعر بالأسف الشديد؛ لأن ذاكرتي خانتني، ولأني تركته، من غير ان اتعمق في الحوار معه. اخذت استطلع اراء الاخرين. توصلت الى الخلاصة الاستقصائية التالية: أن الغريب في الأمر كله؛ ان فرق اللاعبين لم تكن اثنان كما هو معروف.. في اي لعبة من هذا النوع على مدار تاريخ اللعب؛ فقد كانوا عدة فرق من كل طرف؛ تعلب في وقت واحد، بل تتدافع فيما بينها لضمان اسبقية النزول الى الساحة؛ احيانا يبلغ الامر بهم حد التصفيات والالغاء التام من الوجود لأي فريق اخر منافس. في بعض الاحيان حين يتطلب الامر؛ يتم تصفية فريقين في وقت واحد، حين يرفضان هذه الطريقة في اللعب. هذه هي الغرابة الاولى. لكن الغرابة الاخرى والتي هي اشد غرابة من الأولى؛ ان من يتحكم في اللعبة التي تجري خارج سياق اللعب المتعارف عليه في جميع تاريخ اللعبة؛ في حركتها في الميدان، ليسوا اللعبين،، بل بيادي ترسل لهم وهم في الساحة، اشارات غير مرئية للجمهور، لكنها واضحة بما فيه الكفاية للعبين الذين يلعبون بعدة فرق من كل طرف. أن هذه الاشارات التي ترسلها الايادي؛ تمت برمجتها من عقول اخرين من مرتفع يطل على الميدان، اطلالة تامة وواضحة جدا، من خارج جدار ساحة الملعب. أن هذه الايادي والعقول؛ ترتبط بخيوط هلامية استقطابية، غير مرئية للجمهور ابدا، مع عقول واجسام اللعبين. لها القدرة في ارسال الاشارة التي تريد ايصالها الى اللعبين بسرعة، اسرع من حركة رمش العين. بهذه الطريق ترسم شكل اللعبة؛ حامية، او هادئة، أو تتحول عند الحاجة الى معركة، سواء بالركلات، او بالتدافع، وأحيانا باللكمات والتناطح بالرؤوس، خارج معايير اللعب النظيف؛( وقد علق احد الذين استطلعت أراءهم: كيف يكون هذا اللعب، طبقا للمعايير.. وهم يلعبون عدة فرق مقابل عدة فرق في وقت واحد..) مما ادى هذا اللعب الى الاضطراب والفوضى. انما الغرابة الثالثة والتي هي وفي جميع الاحوال، اشد خطورة من الاثنين؛ ان هذه الايادي والعقول، لا تمت للعبين بصلة من اي نوع كان، بهؤلاء اللاعبون. بعد ان اختلطت الامور عليهم، ودمر الملعب؛ بدأوا يصبون جام غضبهم على سوء التدبير وسوء العمل في تهيئة الساحة للعب النظيف، في ميدان، ولم يعد صالحا للعب مرة اخرى؛ فقد امتلأت الارض بالأوحال وبالمياه الاسنة وبالحفر والخنادق والمطبات، نتيجة ابتكارهم طريقة غريبة في اللعب، بل بما يجعل اللعب مرة اخرى من المحالات، الا ببناء الملعب من جديد. أما من الذي سبب كل هذه الخراب في الملعب؛ فهم اللاعبون، والعقول التي رسمت لهم شكل وطريقة اللعبة، مما فقدها خصائص اللعبة. فقد احدثت بالسبق والاصرار، على احداث كل هذا الدمار؛ بأن ضخت فيهم، كل واحد منهم على حدة، ولكن بذات القوة في الضخ؛ بأن اي فريق منهم، صاحب الحق الاول واحيانا الأول والأخير في وقت واحد في اللعب. فكان الصراع من دون لعب حقيقي في الملعب؛ يستحق المتابعة والمشاهدة، والآمل في تطوير اللعبة على هذا الطريق. أذ، بات الميدان، فارغا تماما من اي لعب كان الا الصراخ وصوت التناطح والتناحر واللكمات، والتدافع، والركلات، والاختلاف والخلاف. مما ادى في نهاية المطاف؛ ان فقد الملعب خصائص الملعب. فأصبح غير صالح للعب. الا اللعب على جراح الناس الذين انتفضوا ضد هذه الطريقة في اللعب، والذين هُوجموا في وقت سابق من اللاعبين..



#مزهر_جبر_الساعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رامسفيلد: مكانك اسفل سافلين في مكبات سفالة التاريخ
- اخراج القوات الامريكية: ماذا والى اين
- لعبة القدر
- صورة.. في نهار الليل
- ما بين الصفقة النووية والانتخابات الايرانية: علاقة اطارية لج ...
- الاطماع التركية في العراق وسوريا
- التهديد الاسرائيلي لإيران..لعبة اعلام
- الموارد المائية في المنطقة العربية.. حوض النيل وحوضي دجلة وا ...
- الصفقة النووية: معالجة امريكية اسرائيلية لبرنامج ايران النوو ...
- في الذكرى الثامنة عشر لأحتلال العراق، ولو متأخرا
- الحوار الاستراتيجي الامريكي العراقي: تحدي مصيري وتاريخي
- سد النهضة الاثيوبي: تصلب اثيوبي وتهديد مصري
- دبابة برامز
- امريكا بايدن: تكتيكات استراتيجية
- النظام الرأسمالي الكوني..تسليع للإنسان
- مهمة البعثة الاممية في الانتخابات العراقية بين الاشراف والمر ...
- امريكا والعراق: تنبؤان مستقبليان
- العراق: التطبيع مقبرة الآمال والسيادة
- امريكا والصين: صراع بارد بطرقيتين مختلفتين
- النظام السوري: بين السندان الروسي والمطرقة الامريكية


المزيد.....




- استقبل الآن بجودة عالية HD.. تردد روتانا سينما 2024 على الأق ...
- -انطفى ضي الحروف-.. رحل بدر بن عبدالمحسن
- فنانون ينعون الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن
- قبل فيلم -كشف القناع عن سبيسي-.. النجم الأميركي ينفي أي اعتد ...
- بعد ضجة واسعة على خلفية واقعة -الطلاق 11 مرة-.. عالم أزهري ي ...
- الفيلم الكويتي -شهر زي العسل- يتصدر مشاهدات 41 دولة
- الفنانة شيرين عبد الوهاب تنهار باكية خلال حفل بالكويت (فيديو ...
- تفاعل كبير مع آخر تغريدة نشرها الشاعر السعودي الراحل الأمير ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 158 مترجمة على قناة الفجر الجزائري ...
- وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبدالمحسن عن عمر يناهز 75 عاماً ب ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مزهر جبر الساعدي - اللعب على الجراح