أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - شكري شيخاني - دمشق المحبة















المزيد.....

دمشق المحبة


شكري شيخاني

الحوار المتمدن-العدد: 6940 - 2021 / 6 / 26 - 14:55
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


......قرون مضت وأمم جاءت واندثرت وحضارات أبت الرحيل دون أن تترك آثارها في مدينة دمشق الساحرة, دمشق التاريخ.. دمشق الحاضر..دمشق القرار والمستقبل.
كتب الكثير عن مدينة دمشق وكل يكتب بما يراه من زاويته القصصية أو الفنية أو الاجتماعية وهناك المجلدات لكتاب كثيرون وشعراء ورحالة ومستشرقين كتبوا ومازالوا عن سر هذه المدينة.ولكن اسمحوا لي أن أكتب ولو بشكل موجز عن الفيحاء وربما أوردت معلومات جديدة وحديثة لم يتطرق إليها أو تطرق إليها البعض وفي الإعادة كل الإفادة.
نبدأ رحلتنا من حمام نور الدين الحمام التركي التقليدي الذي يقع في قلب مدينة دمشق القديمة, وهناك يستقبلنا رجل ضخم بشارب كبير يستر جسمه بقميص قطني ومنشفة وكثيرا ماتراه واقفا" في غرفة مربعة من الأسمنت بعيدا" عن البخار الذي يخرج من غرفة الحمام الرئيسية, وهو لا يسأل ماذا تريد وإنما سرعان ما يطلب من الزائر الاستلقاء أمامه على الأرض لتبدأ عملية (التدليك ) أي المساج وإذا ما علم المدلك أن المستلقي أمامه أجنبيا" فانه يبدأ بالمسامرة والحديث ومن الطريف ما حصل أمامي أن أحد السياح الأجانب وهو من استراليا يتلقى التدليك والدعكات المتتالية من يد قوية متمرسة وبدأ الشرح التاريخ لهذا الحمام إذ قال ( أبو عبده وهو اسم المدلك ) فقال أبو عبده ياسيدي هذا الحمام أنشئ قبل اكتشاف استراليا بحوالي 600 سنة, وهذا بالتأكيد كلام صحيح إذ يعتقد المؤرخون أن دمشق هي أقدم مدينة على وجه الأرض بقيت مأهولة بالسكان عبر كل القرون ولا يدحض هذا الاعتقاد إلا وجود مدينة حلب التي تقع إلى الشمال على بعد 355 كم والتي يعتقد أيضا" بأن تكون المدينة الأقدم وبالنسبة لنا نحن لا فرق فالمدينتين سوريتين والحمد لله.
وبالعودة إلى الحديث عن قدم مدينة دمشق وعراقة تاريخها, وعبر العصور كانت دمشق تعتبر من أعظم مدن العالم وذلك بسبب موقعها الجغرافي المتميز في أرض خصبة يرفدها نهر بردى الخالد بماء غزير بينما تعيش بدمشق حاليا" بغابة من الاسمنت في داخلها وعلى محيطها المسمى ريف دمشق؟؟ مما جعلها منطقة تقاطع استراتيجي تجاري هام جدا".
وبالرغم من أن السلالات المتوالية التي حكمت دمشق لفترات طويلة هي التي وضعت أساسات الحضارة, ولو أنه إلى الأن لا يزال من المستحيل أن نحدد بدقة تاريخ بناء مدينة دمشق, وبالرجوع إلى المعلومات الأثرية والمتحفية نجد أنه قد كشفت الحفريات الأثرية عن أدلة تثبت أن دمشق كانت مأهولة بالسكان منذ القرن الرابع قبل الميلاد أما تحديد إنشائها قبل هذا التاريخ فهو يأتي من مصادر شفهية غير موثوق بها.
ودمشق الحديثة كما هو معلوم تمتد على أرض منبسطة بالتالي نجد أن المدينة القديمة لا تزال مختبئة داخل جدار حجري عال يعكس طابع البناء العربي ابتداء من القرن الحادي عشر وما بعده, بالرغم من وجود الآثار الرومانية التي يمكن رؤيتها إلى الأن بوضوح.
وضمن أحضان هذين الجدارين الضخمين تقع المدينة القديمة وللعلم أيضا" فان طول الجدار الواحد اثنين من الكيلو مترات.
ولكي ندخل المدينة القديمة فقد أتاح لنا يناءوا هذا الجدار السميك حرية الاختيار بين ثمان بوابات رومانية ,تقودنا هذه البوابات الثمانية في النهاية إلى وجهة واحدة هي قلب دمشق.

ولعل الاختيار المألوف يكون للدخول من بوابة سوق الحميدية الذي يقع تحت الجدار الجنوبي للقلعة الشامخة والتي كانت في أوج قوتها عندما كانت تعتبر المقر الرئيسي للعمليات العسكرية التي كان يقودها البطل العربي القائد صلاح الدين الأيوبي, وتذكر الدوريات والكتب والمراجع التاريخية والعسكرية القائد صلاح الدين الأيوبي كواحد من أعظم الشخصيات التاريخية وخاصة بعد أن قاد الجيوش الإسلامية في حربها ضد الحملة الصليبية وأسس الدولة الأيوبية في القرن الثامن عشر
ولهذا نجد أن القائد الراحل حافظ الأسد باني سورية الحديثة , أمر بتكريم البطل العربي صلاح الدين الأيوبي بصنع تمثال لهذا الفارس وهو يمتطي صهوة حصانه بكل فخر وشموخ منتصف المسافة بين مدخل سوق الحميدية وقلعة دمشق.
وبعد 700 عام من النصر الذي حققه صلاح الدين الأيوبي على الغزاة عادت القلعة وسوق الحميدية ليصبحا مكانا" للثوار من أهالي الشاغور والميدان وحارة الأكراد كما كانت تسمى والقنوات ردا" على المستعمر الفرنسي, وفي خلال أحد الاعتصامات للثوار ردت الآلة العسكرية الفرنسية بوحشية مفرطة ضد المواطنين مستخدمة المدافع الثقيلة والطائرات التي أمطرت المدينة شوارعا" وأزقة ومنازل مواطنين آمنين بالقنابل والرصاص ,مما أدى إلى تدمير المدينة القديمة ولا زالت آثار الثقوب التي تركها الرصاص على السقف المعدني الذي يغطي السوق بين الجنود الفرنسيين ومن يعمل معهم من سنغاليين ومرتزقة وبين الثوار .
داخل السوق فأول مايلفت الانتباه هو تلك الأبنية التي تمتد من الشارع المرصوف بالأحجار القديمة حتى الأسقف المقوسة, مع العلم أن كافة الأبنية في السوق تتألف من طابقين فقط. ولا تحلوا دمشق إلا بأسواقها ومعروضاتها المتنوعة وهنا يتوزع على طرف الشارع يتجمع الباعة المتجولون الذين يسوقون منتجاتهم وبضاعتهم اليومية الضرورية مثل الطعام وأدوات الطبخ والتنظيف ومن خلال جولة واحدة في أسواق دمشق سنجد أنفسنا مقتنعين تمام الاقتناع بفكرة أن دمشق كانت عبر التاريخ نقطة تجارية هامة ولا تزال.
فهاهي المكسرات الحلبية تتكوم جنبا" إلى جنب مع البلح السعودي والعراقي والفستق الإيراني, وهناك بعض من بائعي الألبسة الأوروبية المتعددة.وسوف يقودنا السير والتجوال في أسواق دمشق بشكل تلقائي إلى الآثار الرومانية المتمثلة في بوابة تذكارية وهي الأعمدة تشرف على فسحة سماوية جميلة هي ساحة المسكية وهذه الأعمدة تقودنا إلى القبلة التي يقصدها كل زائر إلى دمشق وهي الجامع الأموي وللجامع الأموي أكثر من قصة وأكثر من رواية تاريخية وإسلامية .
جامع بني أمية الكبير الذي بني في عهد الأمويين والذي يعتبر بمكانة وأهمية تاريخية ومعمارية وإسلامية بعد الحرم الشريف في مكة والمسجد الأقصى في القدس.فبناء هذا المعلم التاريخي الإسلامي الكبير مثالا" حيا" على عظمة فن العمارة الأموي وهو يجسد ويرمز إلى تميز وازدهار دمشق عاصمة الدولة الإسلامية في ذلك الوقت. ولا توجد صعوبة في أن يكتشف الزائر إلى جامع بني أمية الكبير أن بناؤه قد احتاج إلى أموال طائلة ومهندسين وعمال مهرة لما يزخر بالزخرفات والفسيفساء والمرمر والرخام.
وطوال ساعات النهار يختلف المزاج نوعا" ما داخل المسجد وحوله, ففي الصباح والظهيرة يعج المسجد بالمصلين والزوار والحجاج الذين يقصدونه من كافة أنحاء المعمورة.
وخلال فترة ما بعد الظهر يمكن للزائر أن يرى أطفالا" صغار يلعبون مع الحمام المختلف الألوان ويطاردونه في ساحات المسجد وباحاته بكل براءة.
وعند الغروب ترى الأضواء الجميلة مسلطة بشكل كامل على الجدران داخل المسجد المليئة بالموزاييك والزخرفات البديعة, وخارج المسجد على الأحجار الضخمة التي تشكل السور الخارجي وفي ساحة

المسكية.وتأتي الشوارع المحيطة بالمسجد الكبير هي أكثر شوارع المدينة ازدحاما" وأكثرها حركة كما أن الأسواق المغطاة مثل البزورية التي يباع بها البهارات والسكاكر والشوكولاه والعطور والحلويات وسوق الذهب وأسواق الكلف والألبسة النسائية ,كل هذه الأسواق ترتبط بالشوارع الخلفية للمسجد, وليس ببعيد عن هذه الأسواق نجد الخانات والبيوت القديمة التي أصبحت تنتشر كمطاعم فلكلورية بعد أن تمت إعادة تأهيلها بناء" وترميما".ولزائر دمشق في هذه المنطقة لا بد له أن يعرج إلى قصر العظم الذي كان في وقت من الأوقات سكن الحاكم العثماني, إلا أن قصر العظم اليوم أضحى متحفا" للفنون والتقاليد الشعبية وهذا القصر شهير بغرفه الرائعة والتي تشتهر بخشبها المتقن الصنع وساحاته التي تظللها أشجار الحمضيات ورائحة الياسمين الذي يعبق في أرجاء القصر ونوا فير المياه الساحرة التي تضفي على المكان روعة وبهاء.في داخل غرف قصر العظم نجد تجسيدا" حقيقيا" لتاريخ سورية على مر السنين حيث نرى مجسمات لشخصيات وطنية سورية ترتدي اللباس العربي التقليدي المطرز. وما أجمل رؤية الخناجر والسيوف والبنادق القديمة.ومن أشهر خانات دمشق والفنادق الصغيرة التي تم بناؤها ليقيم فيها التجار هو خان أسعد باشا ومن هناك يمكن التوجه إلى البزورية من خلال مدخل حجري بديع وصولا" إلى الساحة المركزية في السوق,وتضاء الأعمدة الحجرية والأقواس والقناطر الشهيرة. ولمشاهدة دمشق بشكل أجمل لا بد من السير على الأقدام لأطوال فترة ممكنة حتى يتمكن من مشاهدة كل شيء إن أمكن ذلك.وتأتي بعدها الاستراحة في مقهى النوفرة لتناول فنجان القهوة المريح للأعصاب والتعب بعد طول المسير.
وتحيط بالجامع والشوارع المحيطة به المقاهي والمطاعم المتنوعة من خلال بيوت دمشقية قديمة, مثل بيت جبري.وبيوت أخرى كثيرة,أصبحت قبلة للزوار والسياح القاصدين دمشق من أجل تذوق الأطعمة من خلال مطبخ دمشقي فاخر.
في دمشق التاريخ ..دمشق سحر الماضي المختلط بعبق الحاضر,ففي مقابل دمشق القديمة بحاراتها وأزقتها الضيقة المرصوفة بأحجار سوداء جميلة المنظر والتشكيل,نجد خارج الأ سوار دمشق جديدة بأبنيتها العالية وشوارعها وجسورها الحديثة, ويشهد سكان دمشق اليوم من دمشقيين أصليين وعابرين ومترددين عليها يشهد كل هؤلاء اليوم تصميم القيادة وعلى كافة المستويات,ضرورة متابعة التقدم والتطور ومواكبة الحضارة , وللحقيقة فان مهما تبدلت الأجواء في سماء دمشق وعلى كافة الفصول سيبقى لهذه المدينة نكهتها الخاصة جدا" ,وسيبقى عبق ياسمينها الخاص بها جدا", وسيبقى لدمشق شواهد جمالية خاصة بها,



#شكري_شيخاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اصل الفساد
- من صيدنايا اطل ياوطني
- يوم المرأة
- نقطة من اول السطر
- أعلام بلادي؟؟
- المواطن السوري.... والانتماء
- قميص عثمان ..والكاتب عطوان
- العرب...والشرعية الدولية
- الضحية إرهابي والسفاح ديمقراطي
- الضحية ارهابي والسفاح ديمقراطي
- سورية اليوم...بحاجة إلى كل أبنائها
- ويذلّ.... من يشاء
- هذا هو المجرم صدام حسين
- مرة ثانية.. السيد عطوان دع العراق للعراقيين
- السيد عطوان..دع العراق للعراقيين
- الانتماء للوطن أساس الاصلاح السياسي
- كلنا شركاء في هذا الوطن
- لماذا إيران الآن.... ولماذا إيران وحدها؟؟
- في ذكرى انتفاضة شعب شجاع
- نحن لا نكره أمريكا


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - شكري شيخاني - دمشق المحبة