أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - بين الكميون والبرميل














المزيد.....

بين الكميون والبرميل


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6940 - 2021 / 6 / 26 - 14:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تروج ظاهرة القتل العام في كل مكان هذه الأيام، من أميريكا إلى اليابان إلى تركيا وألمانيا وفرنسا وبلجيكا وبريطانيا ..الخ. وتغطي هذه الظاهرة إعلامياً، على سوق القتل العام النشط في سورية وليبيا واليمن والعراق وغير بلد. أسباب الظاهرة متنوعة (خلل عقلي، انتقام عاطفي، انتقام سياسي أو ديني، عنصرية ضد السود، انتقام من الشرطة، عنصرية معكوسة، عنصرية موجهة ضد ذوي الاحتياجات الخاصة، انتقام "داعشي" من كفار يستهدفونهم بالطائرات ..الخ)، ووسائل القتل مختلفة أيضاً، من السلاح الأبيض إلى الرصاص إلى المتفجرات إلى الكميونات الثقيلة. كما أن القتلة متنوعون أيضاً، وإن كان الخط الفوسفوري يفضل على الدوام نوعاً معيناً من الإجرام، هو الإجرام الداعشي أو الإسلامي عموماً.
والحق إن تركيز الإعلام والسياسيين الغربيين على القتل الداعشي أو الإسلامي عموماً يتجاوز الميل العنصري، إن هذا التركيز ينبع بالأحرى من نزوع طبيعي لحصر الظاهرة المقلقة و"تشخيصها"، بما يعود بشيء من الطمأنينة على المجتمع الغربي وطبقته السياسية (تماماً كما يتوق المريض إلى سماع تشخيص حالته واسم مرضه). حين يكون القتل داعشياً أو إسلامياً، فإن الظاهرة إذاً خارجية إلى حد ما، ويمكن السيطرة عليها بمنع المسلمين من الدخول إلى البلد، أو وضعهم تحت المراقبة الدائمة مثلاً (دونالد ترامب وضروب اليمين المتطرف الأوروبي)، أو بضرب المتطرفين الإسلاميين في معاقلهم ولو بالتعاون مع "داعشين محليين"، لا يوجهون أعمالهم العنيفة إلى الخارج.
إذا رفعنا عمليات القتل المتبادل بين السود الأمريكيين وعناصر الشرطة، نجد أن القاسم المشترك لهذه الجرائم هو وجود أشخاص ذوي دوافع إجرامية لا يهابون الموت، ويستهدفون مدنيين لا على التعيين. هذا النمط من الإجرام العام يتفق، إلى حد بعيد، مع نوع العنف الذي يوصي به كتاب "إدارة التوحش" الموقع باسم مستعار "أبو بكر ناجي"، والذي يشكل أحد أهم المراجع النظرية لداعش. فالكتاب يوصي بالعنف الوحشي والمرتجل والعشوائي. ولكن العنف هنا منفلت ومستقل عن المخطط الثلاثي الذي يقترحه الكتاب والذي ينتهي "بدولة إسلامية" بطبيعة الحال، بعد أن تتفكك الدولة المستهدفة ويتمكن "التنظيم" من قطف ثمار الرعب العام ومن "إدارة التوحش".
من الواضح أن هذا النوع من العنف يصعب أو يستحيل منعه، ذلك أن أي مكان هو مسرح محتمل لجريمة، وأن المجرم، في كثير من الحالات، لا يمتلك مواصفات تميزه. كثير من مرتكبي هذه الجرائم يتحدث عنهم ذووهم وجيرانهم على أنهم وديعون وطيبون. يقول أكيهيرو هاسيغاوا (73 عاماً) عن جاره ساتوشي ويماتسو (26 عاماً)، الشاب الذي نفذ جريمة قتل بالسلاح الأبيض راح ضحيتها 19 وجرح 25 من ذوي الاحتياجات الخاصة، في طوكيو (في 26 يوليو/تموز 2016): "كان مبتسماً دائماً ويحييناً صباحاً ويبدو أنه فتى طيب". أفضل للجميع لو أن الفتى (وأمثاله من المجرمين العامين) كان انطوائياً وعبوساً ويتمتع بشخصية غريبة الأطوار، كان يمكن عندها الاطمئنان للناس العاديين والطيبين والذين يلقون تحية الصباح مبتسمين.
منذ أيام قليلة، وعلى وقع أخبار العنف المتتالية في فرنسا وفي ألمانيا المجاورتين، كانت مدينة "خينت" البلجيكية تقيم مهرجانها السنوي، حيث تتحول شوارعها إلى أنهار بشرية تتفرج على شتى أصناف العروض الفنية. وكان لافتاً أن ترى إلى جوار هذه الحرية والازدهار الفني، مصفحات ذات صوادم كالتي اعتدنا رؤيتها لدى الجيش الإسرائيلي في قمع الانتفاضات الفلسطينية. ويبقى السؤال يتردد في ذهن المارة، ماذا يمكن أن تفيد هذه المصفحات أمام مثل هذه الجرائم؟
في الغرب تتعثر الدولة في كيفية مواجهة المجرم العام الفرد الذي يستهدف المدنيين أينما كانوا، وبأي سلاح متاح، دون اكتراث بحياته الخاصة. أما في سورية فإن المجتمع يتعثر في كيفية مواجهة الدولة التي تقوم بدور المجرم العام وتستهدف أي معارضة، مع محيطها الاجتماعي، وبأي سلاح متاح. كل معدات وتقنيات الدولة الغربية تقف عاجزة أمام هذا النمط من المجرم العام الفرد، كما يقف المجتمع السوري عاجزاً تحت قصف دولة ترى في خروج المجتمع عليها ما يستوجب التأديب أو حتى القتل بكل السبل، تماماً كما يرى المجرم العام الفرد أن في المجتمعات الغربية خروج عن معاييره، خروج يستوجب التأديب أيضاً.
حين تفشل المجتمعات المتقدمة في نقل تقدمها السياسي والاجتماعي، وتعميمه في عالم يصغر أكثر فأكثر، فإنها تغامر في جعل نفسها متلق لمفاعيل تأخر المجتمعات الأخرى، ما يهدد تقدم المجتمعات المتقدمة نفسها.
يوليو/تموز 2016



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف صارت سوريا إلى ما هي فيه؟
- خدعة التبسيط وبؤس الجذرية
- قلوب بيضاء تحت ستار أسود
- لوحة كئيبة بلون واحد اسمها سوريا
- على ماذا يبتهجون؟
- حين تصبح -الديموقراطية- وبالاً على الناس
- الربيع العربي، إشكالية العلاقة بين الشعب والنخب السياسية 2
- الربيع العربي، إشكالية العلاقة بين الشعب والنخب السياسية 1
- الديموقراطية الإسرائيلية وسيلة اغتصاب
- ناديا مراد طه تشكو اغتصابها لمغتصبيها
- طرائف سوداء
- الوجه والقناع
- عن المعتقل المجهول
- الوطنية السورية والفيدرالية
- التضامن المدني مدخلنا إلى الديموقراطية 2
- التضامن المدني مدخلنا إلى الديموقراطية 1
- ميشيل كيلو، المعارض النجم
- الفيدرالية، مخرجاً للطغمة الأسدية؟
- الفشل الوطني هو القاسم المشترك
- بيتنا القديم والإسفلت


المزيد.....




- تحويلات المصريين بالخارج تقترب من 30 مليار دولار خلال 10 أشه ...
- ربما تم إنشاؤه بالذكاء الاصطناعي.. ما حقيقة فيديو قصف إسرائي ...
- تراث أصفهان الفارسي والمواجهة بين إيران وإسرائيل
- غضب في مدينة البندقية على حفل زفاف جيف بيزوس ولورين سانشيز
- يسمع ضجيج القنابل قبل صوت أمه.. عن طفل رضيع في مستشفيات غزة ...
- -فائقو الثراء- في ألمانيا يمتلكون أكثر من ربع إجمالي الأصول ...
- صحيفة روسية: هل هناك من يستطيع تزويد طهران بالقنبلة النووية؟ ...
- ترامب: يمكن للصين مواصلة شراء النفط الإيراني
- فيتنام تحاكم 41 متهما في قضية فساد بقيمة 45 مليون دولار
- صحف إسرائيلية: هدنة ترامب تريح طهران وتنعش مفاوضات غزة


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - بين الكميون والبرميل