أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - حين تصبح -الديموقراطية- وبالاً على الناس














المزيد.....

حين تصبح -الديموقراطية- وبالاً على الناس


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6909 - 2021 / 5 / 26 - 12:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تحت ضغط العالم الديموقراطي الذي هاجم سياسيوه وصحفيوه ومنظماته الحقوقية، النظامَ السوري الديكتاتوري لأنه يحتفظ في سجونه بعدد كبير من المعتقلين السياسيين "دون أن يوجه لهم تهماً ودون أن يقدمهم إلى محاكمة"، قرر حافظ الأسد في مطلع العام 1992، أي عقب تفكك الاتحاد السوفييتي وما عرف باسم المنظومة الاشتراكية، أن يصبح ديموقراطياً في موضوع المعتقلين السياسيين، وأن يستجيب للمعايير الديموقراطية ويريح باله من ضغوط ديموقراطيي العالم بشأن ملف السياسيين المعتقلين عرفياً في سوريا. رأسمال الموضوع هو أن يوجه تهماً للمعتقلين ويحيلهم إلى المحاكم، أين هي المشكلة؟ ولماذا لا يفعل ذلك ويكسب راحة البال، وينال ربما بعض المديح الديموقراطي أيضاً؟ هناك بنك جاهز من التهم التي يمكن لصقها على أي معتقل، وهناك محاكم استثنائية ذات أحكام غير قابلة للطعن وجاهزة للعمل.
على طريق الديموقراطية والتحرر وحقوق الإنسان، تحركت الدولة الأسدية التي تستطيع أن تكون ما تشاؤون لها أن تكون: تريدون اشتراكية نحن لها، تريدون ديموقراطية نحن أهلها، نحن أهل السلم كما الحرب، وأهل العلمانية كما الإسلامية. وكما يمكننا أن نكون أهل التوقيف العرفي، كذلك يمكننا أن نكون أهل السجن عبر المحاكم والقانون، بمقدورنا أن نجرّم المعتقلين السياسيين الذين يسميهم البعض "معتقلي رأي"، ونحيلهم إلى جناة وفق القانون ووفق أحكام صادرة عن محاكم تحمل أسماء مهيبة.
هكذا نشطت الديموقراطية الأسدية فجأة، انطلقت سيارات ذات قضبان وشباك حديدية تنقل المعتقلين من كافة السجون الموزعة في البلد، إلى المحكمة الشهيرة، محكمة أمن الدولة العليا. قضاة خدم، ومحامون عاجزون، ومتهمون بائسون، وأقفاص اتهام، وشرطة مدنية، وأهالي يلوحون من بعيد لأبنائهم المسروقين منهم. والنتيجة أحكام "قانونية" لم تكتف بما صادره السجن سلفاً من حياة هؤلاء المعتقلين، بل صادرت ما تبقى من حياتهم، عبر أحكام الحجر والتجريد من الحقوق المدنية التي جعلت من أحيلوا إلى المحكمة في حال أسوأ من الاعتقال العرفي، ذلك أن نهاية الحكم لم تكن تعني دائماً نهاية الحجز، بل فتح حساب عرفي جديد فيصبح المعتقل السياسي محكوماً وموقوفاً عرفياً في الوقت نفسه. وعليه صار يمكن لوزير خارجية الأسد (فاروق الشرع) أن يقول في المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان في فيينا 1993، إنه لا يوجد في سوريا أي معتقل سياسي، و"ليس في سجوننا سوى مجرمي الحق العام".
تحول المعتقلون إلى مجرمين، والشرطي الذي كان يسأل المعتقل عن "تهمته" صار يسأله عن "جرمه". هذه مثلاً إحدى ثمار الضغط الديموقراطي الذي لا يرى عمق المشكلة.
اليوم أيضاً يدفع السوريون ضريبة الصورة الديموقراطية المطلوبة. كالعادة، كل البضاعة الديموقراطية متوفرة، تعدد مرشحين؟ موجود. صور مرشحين في الشوارع؟ موجود. شعارات للحملات الانتخابية؟ موجود. إقبال جماهيري؟ موجود، ليس فقط في سوريا بل وفي لبنان أيضاً وفي دول المنفى، السوريون يتركون البلد ولا يتركون الأسد. احتفالات ودبكات؟ موجود. ماذا بعد؟
العالم الديموقراطي لا يريد من ديكتاتور أن يقول أنا ديكتاتوركم فاقبلوني، الأفضل أن يقول أنا ديكتاتوركم فانتخبوني. على هذا، يوظف ثقل الدولة المتاح كاملاً لرسم الصورة.
ما قبل السلطات "التقدمية" كان للصوت الانتخابي ثمن يتقاضاه الناخب، وكان يؤخذ هذا على تلك الديموقراطية، اليوم أصبح الصوت الانتخابي بلا ثمن، أصبح على السوري أن يدفع صوته الانتخابي لتلافي الأسوأ، ولدرء مخاطر التهديدات المعلنة. مهما ساءت الحال، هناك دائماً ما هو أسوأ. أصبح الصوت الانتخابي مصيبة فعلية على السوري، ليس داخل مناطق نظام الأسد فقط بل وخارجها. بات التهديد بالعواقب الوخيمة لعدم المشاركة هو البديل عن شراء الأصوات، أي أصبحت فترة شراء الأصوات في الأيام الخوالي ما قبل بروز ظاهرة السلطات "التقدمية"، فترة مشتهاة في هذه المرحلة، مرحلة ديموقراطية الترهيب.
في لبنان يُهدَّد اللاجئون (من قبل حلفاء "الوريث" الذي يقيم الديموقراطية بمهارة تضاهي مهارته في حرق البلد) بتسويد عيشهم وحرق خيمهم ومنعهم من "حق العودة" وبهدلة من تبقى من أهاليهم في سوريا .. الخ، ما لم يشاركوا في "العرس الديموقراطي". وحين يذهب هؤلاء، يسوقهم الخوف والرعب، كي يدفعوا الضرر عن أنفسهم، يقعون في معركة غير منتظرة مع لبنانيين من خصوم الوريث، ممن لا يدركون المأزق الذي يعيشه هؤلاء اللاجئون، فتبدو لهم الصورة هكذا: (إذا كنتم تحبونه وتريدونه انقلعوا لعنده). وتكون النتيجة تكسير وجرحى ومهانين ومتوفى واحد كما نقلت الأخبار. كل هذا، خدمة للصورة الديموقراطية التي ينبغي عرضها. لا يهم إذا كانت الصورة مرسومة بالدم والقهر والدموع وعذاب الأرواح والنفوس. المهم رسم الصورة وعرضها، ثم استخدام تعبير الرئيس المنتخب بدلاً من الرئيس المفروض أو القسري أو الديكتاتور أو الإجباري أو الغاصب أو أي صفة من هذا النوع.
الحقيقة إنه يمكن للدول النافذة في العالم أن تفرض أنظمة حكم ديكتاتورية وأن تقوض أنظمة ديموقراطية ناشئة، لكن الخارج لا يمكن أن يفرض ديموقراطية على بلد، وفي حالات كثيرة، كالتي عشناها ونعيشها في سورية مع نظام عائلة الأسد، يحول النظام الضغط "الديموقراطي" الخارجي إلى عبء إضافي على الناس.
أفضل لأي شعب يحكمه ديكتاتور، أن يعلن هذا إنه ديكتاتور صراحة، من أن يكون ديكتاتوراً ويريد أن يظهر ديموقراطياً ومنتخباً ومهتماً بمعايير الديموقراطية. أما في سوريا فنحن أمام حالة أشد تعقيداً، فالشخص الذي ورث السلطة ثم دمر البلد شر تدمير، وتسبب في تمزيق المجتمع السوري وتشريد السوريين وانهيار الاقتصاد السوري، يريد أن يقول للعالم إنه يحكم بإرادة السوريين. إلى الانحطاط السياسي، يضاف انحطاط أخلاقي مشين.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الربيع العربي، إشكالية العلاقة بين الشعب والنخب السياسية 2
- الربيع العربي، إشكالية العلاقة بين الشعب والنخب السياسية 1
- الديموقراطية الإسرائيلية وسيلة اغتصاب
- ناديا مراد طه تشكو اغتصابها لمغتصبيها
- طرائف سوداء
- الوجه والقناع
- عن المعتقل المجهول
- الوطنية السورية والفيدرالية
- التضامن المدني مدخلنا إلى الديموقراطية 2
- التضامن المدني مدخلنا إلى الديموقراطية 1
- ميشيل كيلو، المعارض النجم
- الفيدرالية، مخرجاً للطغمة الأسدية؟
- الفشل الوطني هو القاسم المشترك
- بيتنا القديم والإسفلت
- السطو على ضمير المتدينين
- بين لوحتين
- تعودت أن أحب كاسترو
- جنازة لا تحتاج إلى موتى
- ستيف جوبس وألان الكوردي
- المعارضون السوريون بين الداخل والخارج


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - حين تصبح -الديموقراطية- وبالاً على الناس