أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - على ماذا يبتهجون؟














المزيد.....

على ماذا يبتهجون؟


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6915 - 2021 / 6 / 1 - 00:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من حق العاقل أن يستغرب ابتهاج المبتهجين في سورية بنتائج "الانتخابات" الرئاسية. لا شك أن هناك من شارك في الاحتفالات لأنه مستفيد من بقاء حال سورية على هذا الشكل الذي يسمح له بالمشاركة في النهب والتشبيح على الناس، وهؤلاء أقلية يهللون من قلوبهم كما تشاء لهم الأجهزة الأمنية ومتى شاءت. وهناك بؤساء يشاركون لأنهم يخافون من الأسوأ، من أن تضع هذه الأجهزة ملاحظات سوداء على سجلاتهم يدفعون ثمنها تالياً من دم قلوبهم. وهناك من يشاركون لمجرد أن هناك احتفال ودبكة بصرف النظر عن المناسبة، وهذا ينطبق على الشباب بنسبة كبيرة. ولكن هناك بؤساء يشاركون إما عن قناعة، وربما الأدق أن نقول عن شعور، بأن "الرئيس" يقف في وجه العالم كي يحميهم من خطر غامض يتهددهم، خطر تجسد في لحظة ما بتنظيمات إسلامية لا تتحمل الاختلاف، وتهدد نمط حياة الناس ومسالكهم اليومية المعتادة. أو إنهم يشاركون ويحتفلون دون تفكير في سلوكهم هذا، وربما لا يجرؤون على التفكير به، لا بل يتخذون، كما لو بصورة غريزية تحت تأثير العجز والاعتياد، موقفا سلبيا ممن يحرض لديهم التفكير. هؤلاء ينساقون مع التيار العام كما في المسالك الطقوسية التي تستقل عن التفكير، وهم يكررون عبارات ثابتة ومحفوظة دون تفكير، ويبدون من الانفعال وحرارة "الصدق" ما تستوجبه الطقوس.
استغراب حفلة الابتهاج عقب إعلان النتائج تنبع من السؤال: هل كان أحد في سوريا (أو خارج سوريا) يشك لحظة واحدة في أن النتيجة ستكون على غير ما خرجت؟ هذا أمر منته ومفروغ منه. حتى لو خرجت النتيجة (من باب الخيال والافتراض فقط) لصالح مرشح من المرشحين المسكينين الآخرين، لوجدنا الفائز خائفاً ومرتعداً ولا يجرؤ على الاقتراب من القصر الرئاسي، ولا شك في أنه سوف يلعن الساعة التي فاز فيها، ويشكو من ناخبيه على ما أوصلوه إليه من خطر، وسوف يعتذر للوريث الجمهوري عن الفوز ويتبرع له بفوزه عن طيب خاطر، راجياً منه أن يخلصه من هذه الورطة التي وجد نفسه فيها رئيساً لجهازحاص دولة مغلق في وجهه ولا يملك مفتاحه سوى الوريث، فكيف "لدولة الأسد" بجيشها ومخابراتها وبيروقراطيتها المنتقاة على الولاء، أن يقودها غريب من خارج العائلة. وربما سارع هذا الفائز إلى طلب اللجوء السياسي على الفور إلى أي مكان في العالم يمكن أن يستقبله.
في مصر التي شهدت انتخابات ديموقراطية مراقبة ونزيهة إلى حد لا بأس به، وجد الرئيس المنتخب (محمد مرسي) نفسه ضعيفاً أمام جيش وبيروقراطية دولة غير مرحبة به، وغير متعاونة، ولم يصمد على هذه الحال سوى سنة واحدة، دون أن يلغي هذا مسؤوليته ومسؤوليه حزبه فيما انتهى إليه الحال. فما بالك بمرشح لا يملك شيئاً من القوة أمام "دولة الأسد".
هذه البهجة الصاخبة في سورية إذن لا تعبر عن زوال قلق ما، كان يتهدد نفوس المبتهجين قبل النتائج ثم زال بصدورها. المبتهجون، وغير المبتهجين، يعرفون النتيجة سلفاً، ومتأكدون منها أكثر من تأكدهم من قدرتهم على تأمين العشاء لأولادهم. لماذا إذن الاحتفالات، وما هو مصدر البهجة؟
هل يحتفلون لأن في فوز الوريث سوف يتحقق ما يأملون به من تأمين الحاجات الأساسية لهم ولعائلاتهم، ومن صون كرامتهم من التشبيح ونقص الاعتبار والانتظار الطويل على الأبواب لتأمين أبسط حقوق الكائن البشري؟ هل يحتفلون لأن فوزه يصون كرامة الوطن من استباحة إسرائيل والقوى الخارجية الأخرى؟ هل يمكن أن يختلف ما بعد هذه الانتخابات الفارغة عن ما قبلها بما يبرر الاحتفال؟ على العكس، المنطق البسيط يقول إن استمرار الوريث يعني استمرار المشكلات التي تعيشها سورية. باستمراره سوف تستمر آلية حكمه وطاقم حكمه وسياساته القائمة على القمع الرهيب وعلى تقسيم الشعب السوري لكي يواصل حكمه، والقائمة على استنزاف طاقة البلد في حروب داخلية لا مصلحة فيها للشعب السوري أينما كان. ولا يمكن لعاقل أن يأمل بنتائج مختلفة حين تكون الأسباب واحدة.
هل يبتهجون لأن ثمة انتصار ما؟ أين هو الانتصار؟ سورية مقسمة، ومستباحة من خمسة جيوش كبرى، ومنبوذة دولياً، ونصف أهلها مشردين في الخيم وبلدان اللجوء، والباقون يعيش أكثر من 90% منهم تحت خط الفقر، بحسب منظمة الصحة العالمية، وأكثر من نصف أطفال سورية بدون تعليم، بحسب منظمة اليونيسيف ... الخ، أين هو النصر الذي يستدعي البهجة؟ وما تفسير الاحتفال باستمرار "حكم" أوصل البلاد إلى هذه الكارثة؟
لكن، مهما يكن من أمر، فإن هذا النوع من احتفالات التأييد يمكن أن ينقلب إلى نقيضه في لحظة واحدة، هذا ما يدركه أهل السلطة جيداً، وهو ما يفسر الاستنفار الأمني المستمر والمراقبة اللصيقة للناس في حياتهم وأعمالهم وما يكتبون على صفحاتهم. أمام التصويت بالدم والنسبة الخرافية للفوز، وهذا "الابتهاج" الغامر، المنطقي أن تكون طغمة الحكم مطمئنة إلى حب الجماهير، وأن لا تخشى من رأي يُقال في مجلس خاص أو في مقال ما أو على وسائل التواصل. لماذا إذن يحصون على "جمهورهم" أنفاسه ويصرفون على تخويفه وضبطه أضعاف ما يصرفون على تعليمه وصحته؟
أما تجاه خطاب الفوز، الذي يحط من موقع رئيس الجمهورية إلى أن يكون رئيس جمهور الرئيس، فلم يبق من مشاعر أمام السوريين، أينما كانوا، سوى الشعور بالعار.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين تصبح -الديموقراطية- وبالاً على الناس
- الربيع العربي، إشكالية العلاقة بين الشعب والنخب السياسية 2
- الربيع العربي، إشكالية العلاقة بين الشعب والنخب السياسية 1
- الديموقراطية الإسرائيلية وسيلة اغتصاب
- ناديا مراد طه تشكو اغتصابها لمغتصبيها
- طرائف سوداء
- الوجه والقناع
- عن المعتقل المجهول
- الوطنية السورية والفيدرالية
- التضامن المدني مدخلنا إلى الديموقراطية 2
- التضامن المدني مدخلنا إلى الديموقراطية 1
- ميشيل كيلو، المعارض النجم
- الفيدرالية، مخرجاً للطغمة الأسدية؟
- الفشل الوطني هو القاسم المشترك
- بيتنا القديم والإسفلت
- السطو على ضمير المتدينين
- بين لوحتين
- تعودت أن أحب كاسترو
- جنازة لا تحتاج إلى موتى
- ستيف جوبس وألان الكوردي


المزيد.....




- ردا على بايدن.. نتنياهو: مستعدون لوقوف بمفردنا.. وغانتس: شرا ...
- بوتين يحذر الغرب ويؤكد أن بلاده في حالة تأهب نووي دائم
- أول جامعة أوروبية تستجيب للحراك الطلابي وتعلق شراكتها مع مؤ ...
- إعلام عبري يكشف: إسرائيل أنهت بناء 4 قواعد عسكرية تتيح إقامة ...
- رئيس مؤتمر حاخامات أوروبا يتسلم جائزة شارلمان لعام 2024
- -أعمارهم تزيد عن 40 عاما-..الجيش الإسرائيلي ينشئ كتيبة احتيا ...
- دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية تكشف عن عدد السكان
- مغنيات عربيات.. لماذا اخترن الراب؟
- خبير عسكري: توغل الاحتلال برفح هدفه الحصول على موطئ قدم للتو ...
- صحيفة روسية: هل حقا تشتبه إيران في تواطؤ الأسد مع الغرب؟


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - على ماذا يبتهجون؟