أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - حول الدعوات المشبوهة لهدم تمثال المنصور ومرقد أبي حنيفة















المزيد.....

حول الدعوات المشبوهة لهدم تمثال المنصور ومرقد أبي حنيفة


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 6927 - 2021 / 6 / 13 - 14:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حقاً نحن نعيش في عالم اللامعقول، ففي كل يوم نسمع العجائب والغرائب عما يفعله البعض من العراقيين بأنفسهم وبشعبهم كما يفعل العدو بعدوه. فآخر الأنباء في هذا الصدد تفيد أن "توافد جموع من المحتجين حول مرقد ابو حنيفة النعمان بمنطقة الأعظمية، بعد دعوات للتظاهر امام المرقد لغرض تهديمه، وسط انتشار أمني كثيف... وقد رفعوا شعار "لا مكان لأعداء أهل البيت".(1)

وقبل ذلك بأيام قرأنا في الإعلام عن "تهديدات في بغداد بإزالة تمثال أبي جعفر المنصور [الخليفة العباسي الثاني، وهُو المؤسس الحقيقي للدولة العباسيةِ، وباني بغداد،].. وسبق أن قامت جماعة مسلحة بنسف نصب أبي جعفر المنصور بعبوة ناسفة في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2005، لكن الحكومة العراقية أعادت تشييده."(2). كذلك نسمع بين حين آخر عن نشر صور للقيادات الإيرانية : الخميني وخامنئي وقاسم سليماني في الأعظمية وغيرها من المناطق ذات الغالبية السنية، في عملية واضحة الغرض منها استفزاز أهل السنة وبالتالي إشعال الفتنة الطائفية البغيضة التي مازال العراق يئِّن من شرورها، مما اضطر رئيس الوزراء السيد مصطفى الكاظمي بتوجيه أوامر تقضي بإزالة هذه الصور.

والسؤال هنا، من وراء هذه الأعمال الإجرامية التخريبية، وما هي أغراضها؟
غني عن القول أن العراق يمر في أخطر مرحلة تاريخية بسبب الصراعات الدموية بين مكوناته بعد خلاصه من أعتى نظام دكتاتوري عرفه التاريخ، وبسبب التدخلات الخارجية في شأنه. فقد أعتاد العراقيون خاصة، والعرب عامة بإلقاء اللوم في جميع ما يصيبهم من كوارث على أمريكا والصهيونية، ويبرؤون أنفسهم من أي خطأ، و دورهم في تدمير بلادهم. ولا شك إن قولنا هذا سيضعنا في خانة المدافعين عن أمريكا والصهيونية، النغمة النشاز التي يكررها هؤلاء ليل نهار.

لا شك عندي إطلاقاً أن وراء هذه التحركات المشبوهة هم ألد أعداء الشعب العراقي. لماذا؟
لأن منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 على أسس طائفية، وعزل الشيعة عن المشاركة في حكم بلادهم، حيث انطلقت دعوات من بعض الجهات بوصف الشيعة بـ(الشعوبية)، أي العداء للعروبة.. وبأنهم من بقايا الساسانيين، أو جلَبهم القائد العربي محمد القاسم الثقفي من الهند مع الجواميس... إلى آخر الأسطوانة المشروخة، والفرية التي الغرض منها الإمعان في تفتيت الشعب العراقي إلى فئات متصارعة. لذلك فالغرض من المطالبة بتدمير تمثال أبي جعفر المنصور على أيدي شيعة جهلة مغرر بهم، هو إثبات التهمة بأن الشيعة شعوبيون.

فلو أردنا محاسبة وإزالة الشخصيات التاريخية من أمثال أبي جعفر المنصور، لما بقيت رموز تاريخية إلا القليل. فهذه الشخصيات تبقى رموزاً تاريخية تشهد على عظمة تاريخ الأمة، وليس هناك إنسان كامل خال من أية شائبة... فتدمير النصب التاريخية، هو عملية تدمير التاريخ، وبالتالي تدمير الهوية الوطنية العراقية، وجعل المواطن العراقي بلا تاريخ وبلا هوية... وهذه جريمة لا تُغتفر، تقدم خدمة لا تقدر لأعداء العراق.

أما المطالبة بتدمير مرقد الإمام الأعظم أبو حنيفىة، فلا تصدر إلا من أناس من ألد أعداء الشعب العراقي، و أشدهم حقارة وخسة ودناءة وجهلاً وغباءً، بل لا توجد كلمة في اللغة لوصف انحطاطهم وجهلهم وغبائهم. لأنهم أثبتوا بأنهم لا يعرفون أي شيء عن هذا الإمام الثائر ضد الظلم، والذي ضحى بالكثير في سبيل أهل البيت الذين يدعي هؤلاء الجهلة أنهم من شيعتهم.

فمن هو أبو حنيفة الذي يراد هدم ضريحه، وهل حقاً هو من أعداء أهل البيت؟
هو (النعمان بن ثابت بن مرزُبان الكوفيّ (80-150 هـ/ 699-767م) فقيه وعالم مسلم، وأول الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، وصاحب المذهب الحنفي في الفقه الإسلامي. اشتهر بعلمه الغزير وأخلاقه الحسنة، حتى قال فيه الإمام الشافعي: «من أراد أن يتبحَّر في الفقه فهو عيال على أبي حنيفة»)(موسوعة ويكيبيديا).

تؤكد كتب التاريخ أن معظم أهل العراق، سنة وشيعة (عدا الخوارج)، كانوا من أنصار الإمام علي وأهل بيته، إذ يقول الدكتور علي الوردي في هذا الخصوص: "قد يستغرب القارئ إذا علم بأن كلتا الطائفتين كانتا في أول الأمر من حزب واحد، وإن الذين فرَّقوا بينهما هم السلاطين ووعاظ السلاطين. ففي عهد الدولة الأموية كان الشيعة وأهل السنة يؤلفون حزب الثورة. إذ كان الشيعة يثورون على الدولة بسيوفهم، بينما كان أهل السنة يثورون عليهم بأحاديثهم النبوية - هؤلاء كانوا ينهون عن المنكر بألسنتهم، وأولئك ينهون عنه بأيديهم."(3)
ويضيف الوردي: فأبو حنيفة النعمان الذي يُلقّب بـ "الإمام الأعظم" كان علوي الهوى ثورياً من طراز فذ. وينقل عن الزمخشري قوله: "وكان أبو حنيفة يفتي سراً بوجوب نصرة زيد بن علي، وحمل الأموال إليه، والخروج معه على اللص المتغلب المتسمى بالإمام والخليفة- ويقصد الخليفة الأموي هشام بن عبدالملك " وقال عنه أي زيد (ضاهى خروجه خروج رسول الله يوم بدرٍ.) (أنظر: الزمخشري، الكشاف، ج1 ص64).
وللمزيد عن موقف الإمام أبو حنيفة من أهل البيت، نشير إلى مقال الأستاذ علاء اللامي الموسوم: (التحريض الطائفي المسموم يستهدف فقيه الثورات الإمام أبا حنيفة النعمان)(4)

ولما ثار محمد بن عبد الله الحسني في المدينة، ضد المنصور بايعه أبو حنيفة. وظل على تلك البيعة بعد مقتله إذ كان يعتقد بموالاة أهل البيت. (الشهرستاني الملل والنحل ج1 ص79). وكتب أبو حنيفة إلى إبراهيم، أخي محمد، يشير إليه بقصد الكوفة سراً ويعلمه بأن في الكوفة من الشيعة من يستطيع دعمه. كما ونعرف من التاريخ أن الإمام الأعظم أبو حنيفة (رضي الله عنه) قد درس الفقه فترة على الإمام جعفر الصادق في الكوفة، وكان من أقرب الناس إلى الإمام موسى الكاظم (ع)، فكلاهما عانى السجن والاضطهاد معاً وبواسطة الحاكم نفسه، ومن أجل القضية ذاتها. ويقول الوردي: لو أدرك الشيعة حقيقة الأمر لعرفوا أن أبا حنيفة هو أحد أئمتهم، كما هو أحد أئمة أهل السنة، لأنه وجد قبل انقسام المسلمين إلى سنة وشيعة، وكان من أنصار أهل البيت.(نفس المصدر)

نعم إنها لمؤامرة قذرة، القصد منها إشغال الشعب العراقي بالمزيد من الحروب الطائفية، لتدمير طاقاته، وتفتيت نسيجه الاجتماعي بإشعال الفتن الطائفية، وإضفاء القداسة الدينية عليها. ولكن من المستفيد منها؟
لا شك إن إيران هي المستفيدة من هذا الدمار، فتاريخ إيران في عهد الحكم الصفوي معروف في هدم ضريح أبي حنيفة، وقتل أهل السنة وحرق مكتباتهم، ليأتي بعده السلطان العثماني فيقتل الشيعة ويحرق مكتباتهم أيضاً، والخاسر في جميع الأحوال هو الشعب العراقي. ولذلك ردد العراقيون: (بين العجم والروم بلوة ابتلينا). وإلا لماذا لا يدين قادة إيران وأنصارها من العراقيين هذه الأعمال الإجرامية؟ فكل ما يحاولونه هو تبريرها وتعليقها على شماعة أمريكا وإسرائيل... نعم إسرائيل مستفيدة من هذه الأعمال التخريبية، ولكنها بريئة منها براءة الذئب من دم يوسف.

حقاً ما قاله ابن رشد: " التجارة بالأديان هي التجارة الرائجة في المُجتمعات التي ينتشر فيها الجهل، فإن أردتَ التحكم في جاهل، عليك أن تُغلّف كلّ باطل بغلافٍ ديني"

[email protected]
ــــــــــــــــــــــــــــ
روابط ذات صلة
1- بعد تمثال أبو جعفر المنصور...محاولة تهديم مرقد أبو حنيفة في الأعظمية
https://iraqicp.com/index.php/sections/news/52931-2021-06-12-15-27-31

2- الشرق الأوسط: تهديدات في بغداد بإزالة نصب أبي جعفر المنصور
https://aawsat.com/home/article/3015166/%D8%AA%D9%87%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%8A-%D8%A8%D8%BA%D8%AF%D8%A7%D8%AF-%D8%A8%D8%A5%D8%B2%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D9%86%D8%B5%D8%A8-%D8%A3%D8%A8%D9%8A-%D8%AC%D8%B9%D9%81%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B5%D9%88%D8%B1

3- علي الوردي، وعاظ السلاطين، دار كوفان، لندن، ط2، 1995، (ص 232-233).

4- علاء اللامي: التحريض الطائفي المسموم يستهدف فقيه الثورات الإمام أبا حنيفة النعمان
http://albadeeliraq.com/ar/node/3856



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول المليشيات الولائية مرة أخرى
- أسلم طريق في مواجهة المليشيات المنفلتة
- إيران وأمريكا وإسرائيل صراع ظاهري وتخادم فعلي
- لا لأسلمة المحكمة الإتحادية العليا
- حوار مع القراء حول التدخل الإيراني والأمريكي في العراق(2)
- حوار مع القراء حول التدخل الإيراني والأمريكي في العراق(1)
- متى يتخلص العراق من الهيمنة الإيرانية؟
- موقف الإسلام السياسي من الحضارة والحداثة
- لماذا فشل الإسلام السياسي في حماية الدين والفضيلة؟
- لماذا الدعوة لتدمير العراق في سبيل إيران؟
- أمريكا تستعيد وضعها الطبيعي
- المليشيات (الولائية) ليست من الحشد الشعبي
- حزب الله العراقي يعترف بضرب السفارات الأجنبية
- مخاطر قصف السفارات الأجنبية في العراق
- التدخل الإيراني في العراق.. إلى أين؟
- هل النظام الإيراني فوق النقد؟
- حول علاقة العراق بأمريكا وإيران
- العراق بين فاشيتين
- إيران تستغل الشيعة والقضية الفلسطينية لأغراضها التوسعية
- أسباب ثورة 14 تموز 1958، (الوضع قبل الثورة)*


المزيد.....




- سعيد يأمر باتخاذ إجراءات فورية إثر واقعة حجب العلم التونسي
- بايدن يخطئ مجددا و-يعين- كيم جونغ أون رئيساً لكوريا الجنوبية ...
- شاهد.. تايوان تطلق صواريخ أمريكية خلال التدريب على المقاتلات ...
- عشرات الجرحى جراء اصطدام قطارين في بوينس آيرس
- في أقل من 24 ساعة..-حزب الله- ينفذ 7 عمليات ضد إسرائيل مستخد ...
- مرجعيات دينية تتحرك قضائيا ضد كوميدية لبنانية بعد نشر مقطع ف ...
- شاهد.. سرايا القدس تستهدف الآليات الإسرائيلية المتوغلة شرق ر ...
- شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي لبلدة بشرق خان يونس
- واشنطن: -من المعقول- أن إسرائيل استخدمت أسلحة أميركية بطرق - ...
- الإمارات تستنكر تصريحات نتانياهو بشأن -مشاركتها- في إدارة مد ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - حول الدعوات المشبوهة لهدم تمثال المنصور ومرقد أبي حنيفة