أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مصعب قاسم عزاوي - مراجعة لمفهوم النُّخَبِ














المزيد.....

مراجعة لمفهوم النُّخَبِ


مصعب قاسم عزاوي
طبيب و كاتب

(Mousab Kassem Azzawi)


الحوار المتمدن-العدد: 6914 - 2021 / 5 / 31 - 14:40
المحور: المجتمع المدني
    


قد لا يختلف عاقلان بأن مصطلح النخبة مجموعاً بالنُّخَبِ ينطوي في تلافيفه على ثقل مفهومي حمال أوجه ومطاط وضبابي إلى درجة الميوعة واللاشكلية في كثير من الأحيان، وأن هناك عدم تطابق مفهومي جلي في مدلول ذلك المصطلح وما يراه في كينونته المتلقي الاعتيادي في العالمين الغربي والعربي.
ففي العالم الغربي فإن مفهوم النخب «Elites» ينطوي على كل من يمتلك مفاتيح صناعة القرار في حقول السلطة والاقتصاد والمعرفة بشكلها الإعلامي والإيديولوجي. وهو مصطلح أعتقد بأن الترجمة الأكثر دقة في تعريب حمولته المفهومية يجب أن تكون «علية القوم» أو «أهل الحل والعقد»، وهم الذين ينضم في عدادهم فئة «الخبراء» و«التكنوقراط» المكلفون بشؤون تنفيذ إرادات وصيانة مصالح أولئك المتنفذين النافذين، وضمان ديمومة هيمنتهم على كل مفاصل المجتمعات التي يتسيدون عليها عمقاً وسطحاً وعمودياً وأفقياً، وعلى كل الصعد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وما ارتبط بها سواء بشكل مباشر أو غيره.
أما في الفكر العربي، فهناك الكثير من الصخب المفهومي الذي يجعل في كثير من الأحيان المفهوم عصياً على الهضم المعرفي. وأغلب الظن بأن جوهر ذلك الشواش المعرفي مرتبط باشتقاق المصطلح لغوياً من فعل «نَخَبَ» والذي يحمل في مدلوله الإيحائي حمولة إيجابية تقترب من مدلول «الصفوة، والرشاحة» بالإضافة إلى اقترابه اللازم معنوياً في آلية الاستبطان المفهومي للمشتق الآخر، وأعني هنا «الانتخاب والمنتخب» بمعنى «الاصطفاء و المختار والمنتقى»، وجميعها مدلولات ذات حمولة معرفية إيجابية من الناحية اللغوية كحد أدنى، وهو ما يجعلها عصية على توطين مفهوم «Elites» كما هو عليه في السياق المفهومي في الغرب وتعريبه ليكون «النخبة» لتضاد لغوي بنيوي ينتج عسراً مفهومياً كان المقدمة الموضوعية للشواش في استخدام المفهوم عربياً.
ولأجل حل تلك المعضلة، فقد تحول استخدام المفهوم عربياً خلال بضعة العقود الأخيرة، ليصبح متوازياً في كثير من الأحايين مع مفهوم «الإنتلجنسيا» أو فئة المتعلمين الأكثر اطلاعاً من الناحية التقنية في مقاربة لمفهوم «المثقفين» بشكله التقني المحض أو ما يقارب مفهوم «Intellectuals» في اللغة الإنجليزية. وفي بعض الأدبيات باللغة العربية صار يمكن أن يكون مرادفاً لمفهوم «الطليعة الثورية» كترجمة لمفهوم «Vanguard» والذي ينطوي على حمولة إرادوية فوقية استعلائية تنظر إلى عموم أفراد الشعب من المواطنين على أنهم قطيع من «الشياه الشاردة» غير القادرة على التفكر بما هو أصلح لها في حيواتها اليومية ومستقبلها، ولا بد لها من الاستسلام لإرادة «المخلصين المنتظرين» من «النخب» بشكلها «الطليعي الثوري» للقيام بتلك المهمة عنهم، وقيادتهم إلى الصلاح والسؤدد الذين دون قيادة «الطليعة الثورية الفذة» لن يعرفوا إليه سبيلاً. وفي ذلك السياق من الأدبيات الاستبدادية الثوروية التي سوقت لها الأنظمة الشمولية في العالم العربي في غير موضع من خارطته، بعد تنميقه بأكداس إرادوية شعبوية التزاماً بأوزان وقوافي الخطاب الاستبدادي على الطريقة العربية، يمكن تلمس بواكير تلاقي مفهوم «النخب» من الناحية الاصطلاحية والمفهومية واللغوية عربياً مع مدلوله الفعلي في العالم الغربي الذي يومي فعلياً إلى من يتحكمون بمصادر الثروة والسلطة والإعلام والسياسة في المجتمع.
وفي جميع الأحوال أعتقد بأن مفهوم «النخب» يجب دائماً أن ينظر إليه بأنه جزء جوهري من أدوات الهيمنة يهدف لتخليق وعي زائف برفعة وأهلية فئة عن فئة أخرى، تؤهلها لاتخاذ مكان الصدارة بشكل أو بآخر يرسخ هيمنتها في المجتمع؛ وأن الاجتهاد الفكري المخلص يجب أن يصب في نسق تأهيل المفهوم النقيض لمفهوم «النخب» بأشكاله السائدة في الغرب وتلك المحورة عنوة وقسراً عربياً، وهنا أعني مفهوم «المثقف العضوي» الذي يعتقد بأن العلوم والمعارف والخبرات التي تحصل عليها لا تنقله إلى حيز «المحظيين» الناظرين إلى غيرهم من أقرانهم في المجتمع من عل، وإنما إلى فئة «المكلفين» برد الجميل الاجتماعي لذلك المجتمع الذي لولا المعرفة التي تراكمت فيه جيلاً بعد جيل، ولولا مدارسه وجامعاته ومؤسساته البحثية التي تمثل في جميعها جهداً عمومياً تراكمياً في المجتمع لما تمكن من الوصول الى تلك الرتبة المعرفية، و هي الحقيقة الدامغة التي تقتضي منه «الاجتهاد والدأب» لاستثمار وتأصيل المعارف التي راكمها في نسيج المجتمع وإعادة تقديمها وتبسيطها للعامة من أفراد المجتمع الذي يعيش في كنفه بما يسهم في عملية «التنوير والاستنهاض المعرفي» في المجتمعات التي دونها قد يستحيل تعزيز تقدم أي مجتمع في صعود درجات سلم الحضارة بمعناها الشمولي الذي يتجاوز مفهوم «التمدن» بشكله العمراني التقني منتقلاً إلى الفضاءات الإنسانية والأخلاقية والاجتماعية التي لا بد من استدماجها جميعاً في صيرورة نهوض أي مجتمع يرام تصعده إلى حيز «الحضارة الحقيقية» وليس الشكلية التلفيقية.



#مصعب_قاسم_عزاوي (هاشتاغ)       Mousab_Kassem_Azzawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نهوض الرأسمالية السمية وصيرورة الأمراض المهنية والبيئية
- أسباب وأعراض سرطان المعدة
- بصدد مفهوم الدولة-الأمة
- احترابات وانقسامات اليسار العربي
- أسباب وأعراض سرطان البروستات
- صناعة التجهيل والعقل المستقيل
- أسباب وأعراض سرطانات الجلد من نوع الميلانوما
- فاشية الاستبداد العربي
- لمحة عن أمراض الرأسمالية السُّمِيَّةِ
- الأكاديميون العاجيون واستنهاض المجتمع الذاوي
- أسباب وأعراض سرطان البنكرياس
- الموقع الوظيفي للمقهورين في منظار غيلان الهيمنة
- ضبط المعرفة وتهشيم العقل البشري
- نظرية المؤامرة
- صناعة الإلهاء والتنفيس
- أسباب وأعراض سرطان المريء
- خطران مهولان يهددان صحة بني البشر
- جهود مكافحة الفساد
- أسباب وأعراض سرطان البلعوم
- تحولات الرأسمالية بين آدم سميث واقتصاد السوق المتوحش


المزيد.....




- التحالف الوطني للعمل الأهلي يطلق قافلة تحوي 2400 طن مساعدات ...
- منظمة حقوقية: إسرائيل تعتقل أكثر من 3 آلاف فلسطيني من غزة من ...
- مفوضية اللاجئين: ندعم حق النازحين السوريين بالعودة بحرية لوط ...
- النصيرات.. ثالث أكبر مخيمات اللاجئين في فلسطين
- بي بي سي ترصد محاولات آلاف النازحين العودة إلى منازلهم شمالي ...
- -تجريم المثلية-.. هل يسير العراق على خطى أوغندا؟
- شربوا -التنر- بدل المياه.. هكذا يتعامل الاحتلال مع المعتقلين ...
- عام من الاقتتال.. كيف قاد جنرالان متناحران السودان إلى حافة ...
- العراق يرجئ التصويت على مشروع قانون يقضي بإعدام المثليين
- قيادي بحماس: لا هدنة أو صفقة مع إسرائيل دون انسحاب الاحتلال ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مصعب قاسم عزاوي - مراجعة لمفهوم النُّخَبِ