أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - مصعب قاسم عزاوي - نهوض الرأسمالية السمية وصيرورة الأمراض المهنية والبيئية














المزيد.....

نهوض الرأسمالية السمية وصيرورة الأمراض المهنية والبيئية


مصعب قاسم عزاوي
طبيب و كاتب

(Mousab Kassem Azzawi)


الحوار المتمدن-العدد: 6912 - 2021 / 5 / 29 - 16:18
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


نشأت صناعة الكيماويات في ألمانيا وسويسرا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. وفي العقود الأولى من القرن العشرين، انتشرت الصناعة إلى إنجلترا، ثم في السنوات التي سبقت الحرب العالمية الثانية، توسعت إلى أمريكا الشمالية وأستراليا واليابان. ومنذ خمسينيات القرن الماضي، انتشرت الصناعة على مستوى العالم.
وابتداءً من أوائل القرن العشرين، بدأت المواد الكيميائية السامة لأول مرة في الانتقال بكميات كبيرة من المنشآت الصناعية إلى البيئة العامة. وكان هذا نتيجة مباشرة للظهور والانتشار العالمي لصناعة تصنيع المواد الكيميائية وإدخال مواد كيميائية جديدة وغير مختبرة في المنتجات الاستهلاكية. وفي تلك الحقبة الزمنية بدأ التلوث الواسع للهواء والماء والتربة بالمواد الكيميائية السامة في الظهور.
وأدى النمو السريع في تصنيع المواد الكيميائية الصناعية إلى فورة من المنتجات الاستهلاكية الجديدة والتطورات التكنولوجية، والتي أدى الكثير منها إلى تحسين حياتنا وجعلها أكثر أماناً. ولكن لسوء الحظ، في عجلة الإنتاج، تم دمج مواد كيميائية جديدة، غير مختبرة للتدقيق في سلامتها على صحة بني البشر ومحيطهم الحيوي، ويحتمل أن تكون موجودة في آلاف الأدوات المنزلية. علاوة على ذلك، لا تزال السموم القديمة، مثل الرصاص والحرير الصَّخْري، التي تم وضعها في المنتجات الاستهلاكية منذ سنوات عديدة، مسؤولة عن التعرضات لمواد سمية خطرة في المنازل والمجتمعات في جميع أنحاء العالم. وكانت النتيجة من ذلك ظهور نموذج جديد من الأمراض التي تسببها البيئة، بما في ذلك التسمم بالرصاص والسرطانات المستحثة كيميائياً، أي التي ترجع في سبب حدوثها إلى تعرض لمادة كيميائية سمية في المقام الأول.
تم رصد الأمراض التي تسببها البيئة المهنية لأول مرة في العمال الصناعيين، الذين كانوا بسبب عملهم أول من عانى من التعرض الشديد للمواد الكيميائية في مكان العمل. ولقد توازى صعود منحنى الأمراض التي تصيب العمال في مجال التصنيع الكيميائي مع تقدم ونهوض صناعة التصنيع الكيميائي منذ بداياتها تقريباً.
وربما يكون التسمم بالرصاص المهني أقدم مرض مهني معروف. وهو الذي تم الإبلاغ عنه لأول مرة في العصر الروماني بين عمال مناجم الرصاص وعمال المصاهر آنذاك. وتم وصف الأعراض السريرية للتسمم بالرصاص بالتفصيل في أوائل القرن الثامن عشر بواسطة برناردينو رامازيني Bernardino Ramazzini، الطبيب الإيطالي، الذي يُعتبر اليوم «أب الطب المهني».
وكان أحد أقدم التقارير عن الأمراض المهنية التي تسببها المواد الكيميائية الاصطناعية هو تقرير عام 1898 عن تفشي سرطان المثانة بين عمال المواد الكيميائية في سويسرا الذين تعرضوا مهنياً لأصباغ الأنيلين الاصطناعية، وهي إحدى الفئات الأولى من المواد الكيميائية التي صنعها الإنسان. ومع انتشار صناعة الكيماويات والصباغة على مستوى العالم، تبع ذلك ازدياد وقوعات سرطان المثانة؛ أولاً في إنجلترا وأمريكا الشمالية ثم على نطاق أوسع عالمياً. وكان من اللافت للنظر حقيقة الصعود الصاروخي لوقوعات سرطانات المثانة المشار إليها آنفاً في أي بلد ما تبنى تلك المواد الكيميائية المستحدثة في صناعاته بعد حوالي 20 عاماً من بداية ذاك التبني. ولقد تم الآن التأكد من أن صبغات الأنيلين الاصطناعية هي سبب مؤكد لسرطان المثانة، وقد تم تصنيف هذه المواد الكيميائية اليوم على أنها مواد مسرطنة بشرية مثبتة من قبل الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC)، ووكالة السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية. ولقد تم حظر تلك الأصباغ في العديد من البلدان وليس جميعها. ووُجد أن فترة الحضانة النموذجية أو «الكمون» لسرطان المثانة لدى الأشخاص المعرضين لأصباغ الأنيلين الاصطناعية تتراوح من 18 إلى 22 سنة، وهو ما يفسر الفارق المعتاد الذي يبلغ حوالي 20 عاماً بين بدء تصنيع تلك المواد الكيميائية الصنعية في بلد ما وأول ظهور لسرطان المثانة لدى العاملين بتلك الصناعات.
وكان سرطان الدم الناجم عن التعرض المهني للبنزين المذيب نتيجة مبكرة أخرى للتصنيع الكيميائي للمشتقات النفطية. مثل سرطان المثانة الناجم عن صبغات الأنيلين الاصطناعية، توازى صعود منحى معدلات وقوعات سرطان الدم الناجم عن التعرض لمشتقات البنزين منحنى ازدهار صناعة المواد الكيميائية التي تستخدم البنزين على المستوى الكوني. ولقد تم تصنيف البنزين أيضاً على أنه مادة مسرطنة للإنسان بشكل مثبت علمياً.
وتبين أن التعرض للحرير الصخري في شركات بناء السفن في الحرب العالمية الثانية وعمال البناء في البلدان حول العالم هو سبب آخر للسرطان المهني، وهو مسؤول عن سرطان الرئة وورم المتوسطة، وهو سرطان يصيب غشاء الجنب الذي يغلف الرئتين بسبب التعرض للحرير الصخري. ولقد تم تصنيف الحرير الصخري كمادة مسرطنة لبني البشر بشكل مثبت من قبل الوكالة الدولية لأبحاث السرطان IARC.
وأيضاً تم العثور على العديد من المواد الكيميائية الاصطناعية، والعديد منها لا يزال يستخدم على نطاق واسع حتى اليوم، وهي تسبب السرطان لدى العمال ومستهلكي إنتاجهم، وتصنف الآن من قبل الوكالة الدولية لأبحاث السرطان IARC على أنها إما مسرطنة بشرية مؤكدة أو محتملة. ولقد تم العثور على ألوف المواد الكيميائية الصنعية الأخرى التي قد لا تسبب السرطان، ولكنها تسبب طيفاً واسعاً من أمراض الدماغ، والجهاز العصبي، والجهاز التناسلي، وأعضاء الغدد الصماء، والجهاز المناعي لدى العاملين في صناعة تلك المواد الكيميائية، أو أي من مشتقاتها.



#مصعب_قاسم_عزاوي (هاشتاغ)       Mousab_Kassem_Azzawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسباب وأعراض سرطان المعدة
- بصدد مفهوم الدولة-الأمة
- احترابات وانقسامات اليسار العربي
- أسباب وأعراض سرطان البروستات
- صناعة التجهيل والعقل المستقيل
- أسباب وأعراض سرطانات الجلد من نوع الميلانوما
- فاشية الاستبداد العربي
- لمحة عن أمراض الرأسمالية السُّمِيَّةِ
- الأكاديميون العاجيون واستنهاض المجتمع الذاوي
- أسباب وأعراض سرطان البنكرياس
- الموقع الوظيفي للمقهورين في منظار غيلان الهيمنة
- ضبط المعرفة وتهشيم العقل البشري
- نظرية المؤامرة
- صناعة الإلهاء والتنفيس
- أسباب وأعراض سرطان المريء
- خطران مهولان يهددان صحة بني البشر
- جهود مكافحة الفساد
- أسباب وأعراض سرطان البلعوم
- تحولات الرأسمالية بين آدم سميث واقتصاد السوق المتوحش
- أسباب وأعراض الورم النخاعي (النقوي) المتعدد


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - مصعب قاسم عزاوي - نهوض الرأسمالية السمية وصيرورة الأمراض المهنية والبيئية