أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد خيري الحيدر - ملاحظة على موضوع بلاد ما بين النهرين أزلية الوجود














المزيد.....

ملاحظة على موضوع بلاد ما بين النهرين أزلية الوجود


حامد خيري الحيدر

الحوار المتمدن-العدد: 6912 - 2021 / 5 / 29 - 20:50
المحور: الادب والفن
    


بلاد ما بين النهرين، أرض فسيحة امتدت حتى حدود الزمن وأفق الحضارة، اختزلت بين مفارقات انبثاقها وتناقضات تاريخها الموغل في القدم، أسطورة الأنسان وملحمة النضال المُعفرة بعَبق الأصالة وعبير الصمود، لترسم عَبر ذلك الحَيّز الممتد لآلاف السنين بين عُسر ولادتها وحاضر أيامها، خطاً بيانياً مُتعرجاً احتير بتناقضاته وصُعوبة تفسيره، من صُعود نحو قمة الرفاه والازدهار، الى هبوط مُنحدر يَهوي الى قاع الخراب والدمار.
لكن الغريب في كِلتي هاتين الحالتين المتضادتين، هو وصول أبن هذه البلاد الى نتيجة واحدة وغاية متماثلة، تتلخص بفكرة مُبهمة كان هو نفسه قد نبَذها عن عقيدة وجوده وناموس ثقافته، رغم استحقاقه المُطلق لها، ربما خوفاً منها أو كُرهاً لها، لكنها الصقت به مع تتابع الدهور وتعاقب الأزمان، رغم إرادته وما قدّرته حتميات الوجود ومَذهبيات بديهية التطور، ألا وهي جدلية الخلود، في حالة لم تعرفها أدبيات المجتمعات الأخرى في قديم هذا العالم وحديثه، لا لشيء إلا لكونه قد أمسك قبل غيره من سائر البشَر بطرف خيط الحياة الواهي، ففهم امتداده الواصل بين النشوء والفناء.
ولم يأتي ذلك الإدراك المُطلق من فراغ وهمي أو فكر سَطحي، بل أثر مَسيرة شاقة موحشة، حُبلى بصراعات بعيدة المَدى، تباينت نتائجها وتوزعت أضدادها، بين مقارعة غضب البيئة القاسية التي أختارها مَسرحاً لطموحاته، وبين صِدام المَصالح والأهواء الانسانية التي شَكلّت ديكوراً متأرجحاً لحَلبة صراعاته، من قهرٍ وظلم وقمع لإرادة الجماهير، وما نتجَ عنها من مُعاناة التمايز الطبقي والاجتماعي بين تنوع أبنائه، لتُكمل ذلك أطماع وأحقاد قوى من أحاطوا بأرضه، وأحلامهم الساعية دوماً لقتل بذرة الحضارة التي ولدت بين أحضان التوأمين الخالدين دجلة والفرات.
لذلك ورغم حتميه هذا القدر المُحزن الذي رَسَمه شعب النهرين في مُخيلته، تراه قد وَهَب حياته لواقعه الآني، وأدام سَعيه الدؤوب لرُقيه وتألقه، لكنه بذات الوقت ظل مُكبّلاً بهاجس المُعاناة وصورة الحُزن التي طبّعت شخصيته، مُقيدة تفكيره الحالم بجمال الحياة وفرَحها، بعد أن عَرَف الخاتمة الحَتمية لسَوداوية مُستقبله، فلا شباب يتَجدد، ولا فرح يدوم، ولا بيت يَبقى، ولا أرض خصبة تظل، ولا مُلكٌ يبقى مُمسكاً برقاب الناس، ليتخذ من زمانٍ ولى أدباره مَحطة لاستراحة مخيلته، وحُلماً لعصرٍ ذهبي يتغنى بزهو ذكرياته.
وربما كان هذا نوعاً من الحَدس الغريزي الذي لا يَمتلكه سوى من فَهَم لغز الوجود، فتلاعبَ بحيثياته، بعد أن عرف مُسبقاً كيف ستكون خاتمة الاشياء وتناقضات أقدارها، ونتيجة لعبة الحياة وسَماجة لهوها المُمل مع بني الانسان، مؤكداً مع تبدل والأدوار وتعاقب حِقب التاريخ، أن الحياة هي نفسها في كل دهرٍ وحين، وما يتغيّر فيها فقط الوجوه والأدوات.



#حامد_خيري_الحيدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بلاد ما بين النهرين أزلية الوجود
- لأجلِ عُيونكم ... مهداة لشهدء انتفاضة تشرين الباسلة
- سَيبقى حُلمك يا وَطني
- دراسة تحليلية لرمزية الإناء النذري المكتشف في مدينة الوركاء
- دراسة فنية لتمثال باسطكي
- دراسة فنية لمسلة النصر العائدة للملك الأكدي نرام سين
- عام مَضى ... الذكرى الأولى لرحيل المناضل جبار خضير الحيدر
- نظرة على الأدب الملحمي ... القسم الثاني
- نظرة على الأدب الملحمي ... القسم الأول
- وداعاً أستاذنا فاضل عبد الواحد علي
- الرُصافي في حادثةٍ طريفة
- قسوة الموت وخلود النضال ... تحية مجد لذكرى المناضل الراحل جب ...
- العراقيون وقيلولة الظهيرة
- سأنتصر
- أنهار الخمر ...... حكاية من خيال بلاد ما بين النهرين القديمة
- جوانب من المدينة العراقية القديمة
- أغلى من الذهب ...... حكاية من خيال بلاد ما بين النهرين القدي ...
- ذكرى مأساة العراق
- بسمات عند شجرة الكستناء ...... حكاية من خيال بلاد ما بين الن ...
- بعيداً عن نينوى ...... حكاية من خيال بلاد ما بين النهرين الق ...


المزيد.....




- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد خيري الحيدر - ملاحظة على موضوع بلاد ما بين النهرين أزلية الوجود