أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شيرين يوسف - لا مكان للبارود بيننا....














المزيد.....

لا مكان للبارود بيننا....


شيرين يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1636 - 2006 / 8 / 8 - 11:47
المحور: الادب والفن
    


بينما كانت الصواريخ ترعد في السماء المجاورة ، كنت أستمع وحيدة إلى صوت العصافير على الأسلاك المهتزة بعد أن انقطع التيار الكهربائي تماماً عن مدينتنا، إنها السادسة صباحاًًًًًً موعد الشمس و لكن من ينصت لأصوات العصافير في أوان الغارات
و زمن الصواريخ المضادة ،لطالما ظل السؤال يطاردني أين يذهب الأطفال و العصافير في الحرب ؟
لو كانوا بيننا هاهنا لأنصتوا إليهم و لتركوا أسلحتهم تصدأ وحيدة بلا بارود ،كانت الراعية الصغيرة قد اختفت منذ أن بدأت الصواريخ تنهال على مدينتنا ، كانت الوهاد تعرفها جيدا ً فلا تعرقلها و كان الليل يحرس عودتها إلى كوخها الصغير ،كنت أنصت إليها عبر النافذة بينما تسير بتؤدة و سكينة منتعلة حذاء من القماش الخشن حاملة على ظهرها بعد الحطب لكي لا تداهمها برودة الغابة و بين أصابعها الدقيقة الناي تعزف به ألحان تليق و هيبة الصباح مصطحبة خرافها الصغيرة و خرافاتها و أشباح الأحراش في طريقها إلى الغابة، لم تكن غابة بالمعني المتعارف عليه بل كانت بساط أخضر يرتفع مرتديا ً بعض السهول المتوسطة الطول تبذخ من بينها الشمس في السادسة صباحا ً و يطل القمر عبر ماء البحيرة في المساء ، كانت الراعية الصغيرة تعرفني جيدا ً و تعرف عنواني و تدرك حبي للزهور البيضاء و الزنبق و ماء المطر و العصافير الزرقاء و ما تقصص علي ّ من القصص في أغلبها أحلام يقظة تنتاب خيالها الطفولي ،كانت تعزف عند النافذة أنشودتها الحزينة و تنتظرني أن أطل عليها حاملة بعض الفتات و ثمار التين تملأ سلتها الصغيرة و تتابع سيرها و لا أبصرها إلا عند عودتها بعد الغروب حاملة إلى ّ بعض الزنابق و الحكايات .
الصواريخ تواصل عزفها في الجوار بينما أنا أتناول بعد الفاكهة المجففة و كوب من الماء المثلج ، إنها التاسعة مساءا ً و لكن من يهديني قطعة حلوى في زمن الأسلحة الخبيثة من يصنع قطع السكر تحت أضواء الشموع ،كثيرا ً ما تمنيت أن أزرع في داري حقل من السكر !!
لو كانوا يحبون الحلوى لما سال من بين عيونهم خبث المرارة ، لتركوا بائع الحلوى يسير في منتصف الشارع و يغني للسكر و للتفاح و للصغار و ما عرقلوه ببقايا الرصاص و الشظايا القاتلة ،كان يسير ما بين السابعة و التاسعة مساءا ً يدفع عربته الخشبية و ينادي بصوته على حلواه كان هو الآخر يدرك عنواني و يجيد الطرق على باب الدار يعطيني قطع الحلوى الملونة و أعطيه بعض العملات اللامعة و في الشتاء اهديه كوفية و قبعة من الصوف الملون .
لو أجادوا التنصت على صوت الحياة كما يتنصتون على أجهزة الاستخبارات و قواعد الجيوش لأدركوا أن لا مكان للبارود بيننا...



#شيرين_يوسف (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أميركا من الداخل تحتاج إلى إصلاح
- حماقة أفكاري
- عام على تواري الطائر عقيل علي
- أفتخر كثيرا ً بما فعلت
- قصيدة صهيونية تدعى -بياليك-
- مسافر إلى السماء
- ماريونيت
- كل عام و أنتم عرب
- جون لينون و 25 عاما ً من الحيرة
- أبتاه فلتبق قريبا ً
- حول ما كتبه إبراهيم محمود - بؤس الأدب الكردي في بئس النظرة ا ...
- عصفور بلا أجنحة
- سيلويت
- الرقص على قدم واحدة
- الدمعة العاشرة في عيون سربرينتشا
- قبل أن تظلمنا بريطانيا
- سأرتاح قليلا ً
- القدس ترقد فى البكاء المريمي
- نافذة على الأدب الإسرائيلي
- الرواية كان إسمها زينب


المزيد.....




- هوس الاغتراب الداخلي
- عُشَّاقٌ بَيْنَ نَهْرٍ. . . وَبَحْر
- مظهر نزار: لوحات بألوان صنعاء تروي حكايات التراث والثقافة با ...
- في حضرةِ الألم
- وزير الداخلية الفرنسي يقدّم شكوى ضدّ ممثل كوميدي لتشببيه الش ...
- -بائع الكتب في غزة-.. رواية جديدة تصدر في غزة
- البابا يؤكد أن السينما توجد -الرجاء وسط مآسي العنف والحروب- ...
- -الممثل-.. جوائز نقابة ممثلي الشاشة SAG تُطلق اسمًا جديدًا و ...
- كيف حوّل زهران ممداني التعدد اللغوي إلى فعل سياسي فاز بنيويو ...
- تأهل 45 فيلما من 99 دولة لمهرجان فجر السينمائي الدولي


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شيرين يوسف - لا مكان للبارود بيننا....