جون لينون و 25 عاما ً من الحيرة

شيرين يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1395 - 2005 / 12 / 10 - 11:42
المحور: الادب والفن
    

وجه القاتل المهووس و الاسطوانة التي عنونت ( وهم مزدوج) ، و تفاصيل أخرى رسمت واقعة مقتل (جون لينون) العضو البارز في فريق البيتلز الإنجليزي ، في الثامن من ديسمبر من العام 1980 ، أمام باب منزله برفقة زوجته الثانية اليابانية (يوكو أونو) ،و التي ارتكبها (ديفيد شابمان)و الذي قابل (جون لينون) لأول مره في اليوم ذاته ليأخذ توقيعه على إسطوانه ألبومه الجديد و التي بيعت فيما بعد بـ 525 ألف دولار ، وبعد نصف ساعة فقط مطلقاً عليه كل رصاصات مسدسه الصغير ليرديه في دمائه وتم إرجاع السبب في القضية إلى الاختلال العقلي لفاعلها ذو الاسم اليهودي الفاضح ، و الذي يشير بإصبع مرتجف إلى السبب الحقيقي لاغتيال لينون الذي رفض و أفراد البيتلز في عام 1966 إحياء حفلا ً غنائيا ً في إسرائيل ، كما كان دائم الانتقاد للسياسة الأمريكية و خصوصا ً ما حدث في فيتنام ، و كذلك إشارته إلى أن الولايات المتحدة هي التي عملت على انتشار المخدرات و ذلك في مقابلة مطولة أجراها الصحفي المتمرس (ديفيد شيف) مع ( لينون) وزوجته قبل عدة أسابيع من اغتياله حيث قال "في السابق كان الجندي يمنح زجاجة خمر لامتصاص اضطرابه النفسي في الحرب. في فيتنام كان الأمر مختلفاً. فقد استخدمت المخابرات المخدرات لامتصاص اضطراب المحاربين. وبالتالي نقل هؤلاء الجنود ثقافة المخدرات للولايات المتحدة" صرح في نفس المقابلة كذلك: "حين زرنا الولايات المتحدة لأول مرة في عام 1964 طلب منا مراراً وتكراراً عدم التطرق إلى السياسة الأمريكية وتحديداً في فيتنام"، وأضاف لينون: "بالطبع لم نستجب لهذه الطلبات". مما جعل الحكومة الأمريكية تسعى كثيرا التخلص من لينون، فقد اقترحت مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي عام 1972 اعتقال (جون لينون) تمهيدا لطرده من الولايات المتحدة، ورفع لينون دعوى استئناف وتمكن في النهاية من البقاء في الولايات المتحدة حتى اغتياله.
و كان (لينون) قد صرح قبل أسابيع من اغتياله بتصريحات جريئة ضد اليهود فقال عن رفضه دعوة لحفل جمع تبرعات للفقراء: هذا الكلام مكتوب بلغة الاستجداء والدموع اليهودية!!.

و كان لينون المولود في عام 1940 في مدينة ليفربول الانجليزية، شخصية نادرة التكرار قادرة على كسب الحب و التعاطف من المحيطين به ، التحق بكلية الفنون الجميلة وغادرها طرداً لعزفه (الجيتار) في اروقة الكلية دون الالتزام بالمحاضرات لم يستغرق الأمر طويلاً و أسس لينون عدة فرق موسيقية ومن ثم ليكتمل رباعي البيتلز (بول مكارتني) (جورج هاريسون) (رينغو ستار) و(جون لينون) ويؤسس هؤلاء الفتية نهجاً جديداً في الموسيقى الحداثية وأسلوب كتابة الأغاني، ذلك الفريق الذي يعتبر القاعدة الرئيسة لتطور ونهوض الموسيقى في عقدي الستينيات والسبعينيات وكذلك تفعيل التوجهات الفكرية الليبرالية في شتى المجالات ، ذلك الفريق الذي إستطاع تحقيق أعلى شعبية على مدار السنين و الذي حدا بلينون بالقول في العام 1966"فريق البيتلز أكبر من المسيح" فهاجمته الكنيسة حتى أخذ الشباب الغربي يطرح اسطوانات البيتلز في الميادين العامة ويحرقها في هوس لا يدانيه إلا الهوس الذي استقبلت به هذه الاسطوانات.. تراجع (لينون) عن تصريحه مبرراً أنه قصد أن أثر فريق البيتلز في نفوس الناس أكبر من أثر المسيح.

في عام 1969 انحل فريق البيتيلز وانفرد كل عضو من الفريق بتجربة شخصية كانت أبرزها تجربة (لينون)،في تلك السنة تزوج من اليابانية (يوكو أونو) و التي تعد المحرك الأول لنتاج (لينون) بعد انفصال فريق البيتلز و التي جعلته يكتب عن القيم الإنسانية و استنكار الحرب على فيتنام و برزت ملامح إنسانية عميقة من بين كلماته حيث كان دوما ً يكرر أن المحبة هى كل ما تريده فى هذه الحياة ،و يبدو ذلك جليلا ً في أغنيته ( تخيل) imagine و التي أنتجها في العام 1971 و التي رغم إلحاد مدلول بعض ألفاظها إلا أنها كانت تدعو إلى قيم إنسانية مفقودة و دعوة للتصالح مع الذات كتب فيها (لينون ) :
تخيل لو لم يكن هناك فردوس
سيكون سهلا ً لو حاولت
و لا جحيم تحتنا
و تعلونا فقط سماء
تخيل لو أن كل الناس
عاشوا ليومهم
**
تخيل لو لم يكن هناك بلدان
ليس صعبا ً أن يحدث
لا شيء يستحق القتل أو الموت لأجله
و كذلك لا عقيدة
تخيل لو أن كل الناس
تحيا بسلام
**
قد تقول إني حالم
لكنني لست الوحيد
الذي يتمنى أن نلتقي يوما ً
و يصبح العالم واحدا ً
**
تخيل لو لم يكن هناك أملاكا ً
أتساءل إذا تمكنت
من عدم الاحتياج للطمع أو الجوع
و الناس أخوة
تخيل كل الناس
يتشاركون كل العالم
**
قد تقول إني حالم
لكنني لست الوحيد
الذي يتمنى أن نلتقي يوما ً
و يصبح العالم واحدا ً
كما أصدر(لينون) حوالي أحد عشر ألبوما موسيقيا ً على مدى عمره ، جسدت تجربته الفردية في الفن بعد انفصال فريق البيتلز كان أولها Two Virgins (عام 1968)ثم Life with the Lions في العام 1969 و كذلك Wedding Album في نفس العام ثم أصدر الألبومات John Lennon/Plastic Ono Band 1970و Imagine 1971،Some Time in New York City 1972 ، Mind Games 1973 ، Walls and Bridges 1974 ، Rock n Roll 1975، Double Fantasy 1980ثم Milk And Honey و الذي صدر فى العام 1984 .
أصدرت زوجته الأولى كتابا ً بعنوان "جون"، تتحدث عن نبوغ هذا الموسيقي لكن أيضا عن شخصية غير واثقة من نفسها مالت أحيانا إلى العنف والمخدرات وابتعدت عن حياتهما الزوجية وعن ابنهما جوليان الذي قال أنه لم ير أباه إلا ثلاث مرات قبل رحيل الموسيقي إلى الولايات المتحدة عام 1971 "كان يتمتع بموهبة هائلة.. كان شعوري حياله ملتبسا دائما. كان الأب الذي احب والذي تخلى عني بطرق شتى".
و الآن و بعد خمسة و عشرين عاما ً على مقتل لينون قال قاتله " إن ما من قوة على الأرض كانت ستثنيه عن تحقيق ضالته والتخلص من العضو السابق في فرقة البيتلز."و الذي كان قد صرح عن دوافع جريمته في العام 1991للأسوشيتد برس إن الجريمة تمت بتأثير قوة لا تقاوم "كان الأمر كالقطار الجامح.. لا مجال لوقفه"، ويستذكر القاتل لحظات انتظار طريدته وأثناء مشاهدته سيارة الزوجين وهي تتوقف أمام منزلها قائلاً "سمعت صوتاً في رأسي يأمرني "أفعلها.. أفعلها.." وما أن مر من أمامي حتى رفعت مسدسي وصوبت على ظهره وضغطت على الزناد خمس مرات متتالية." وقال شامبان إن الرغبة في التخلص من لينون اجتاحته يوماً وهو جالس على الأرض يمعن النظر في البوم البيتلز "Sgt. Pepper s Lonely Hearts Club Band". ، ثم عبر عن ضغينته للينون بالقول "هناك شخصاً ناجحاً كان يملك العالم في سلسلة وفي المقابل كنت أنا الذي لا ينتمي بصلة البتة لتلك السلسلة.. فرد دون كينونة أو شخصية" ، ثم أضاف قائلا ً "وانكسر شيء ما بداخلي" .
25 عاما ً و حكم بالسجن مدى الحياة ، و تحقيقات لم تصل لشيء محدد ، ربما عمدا ً و ربما هكذا أراد القدر أن تنتهي حياة فنان عالمي أثر في العالم و تأثر به ، دون الوصول إلى سبب محدد وراء مقتله ، إلا أن البحث سيستمر حول الأسباب الحقيقية للحادث و صاحب المصلحة الأول وراء ذلك .

#شيرين_يوسف (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل