أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اخلاص موسى فرنسيس - قراءة في قصيدة لا تُبالِ بي إنْ عَصيتُ أمر القَصيدةِ صُعود اًللشاعر الحسَن الكَامَح















المزيد.....

قراءة في قصيدة لا تُبالِ بي إنْ عَصيتُ أمر القَصيدةِ صُعود اًللشاعر الحسَن الكَامَح


اخلاص موسى فرنسيس
(Eklas Francis)


الحوار المتمدن-العدد: 6909 - 2021 / 5 / 25 - 02:47
المحور: الادب والفن
    


لا تُبالِ بي إنْ عَصيْتُ أمْر القَصيدةِ صُعودًا
الحسَن الكَامَح شاعر من المغرب
سَلِمَتْ أنامِلُ الوَجْدِ
إنْ نطَقَتْ بِحَرْفٍ
عَلى أوْتارِ القَلْبِ تَوَهُّجَا
واكتَحَلتْ عَيْنُ الرُّؤى
ذاتَ مَساءٍ بِلَظى العِشْقِ تَأجُّجَا
ـ يبدأ الشاعر بمخاطبة الأنامل، يشكرها، تلك التي تعزف على أوتار القلب توهّجاً، فتضيء المساء، متأجّجة بنار العشق، تكحّل ليس البصر والبصيرة فقط بل الرؤى والأحلام بلظى يزداد تأجّجا وحرائق مشتعلة، تموج إلى أبعد مدى، فالقلب الذي هو بحجم قبضة يد، انداح، وأصبح أوسع من المدى، وأرقّ من ورق البردي، ليخطّ عليها الشاعر ما تنطق به أنامل المشاعر، فللأنامل هنا فم ينطق، وريشة ترسم، حتى أنّها تجاوزت السحب التي أصبحت شهود عيان لعملية الولادة في من رحم الذات الشعرية، لا يمكن حتى لبحر مهما هاج وماج أن يحجب عن المُتلقّي معنى القصيد بل على العكس أصبح البحر هو المركب والشراع والأداة لإيصال الذات التي تجسّد الشاعر، وهي القصيدة:
يا صاحِبي
هَلْ لكَ فِي هَذا القَلْبِ مِساحَةٌ
كيْ أكْتُبَ الآنَ عَلَيْهِ ما تَمَوَّجَا
عِشْقٌ إذا ساحَ فِي المَدى
غَطَّى الغَمامَ والسَّحابَ مُتَفَرِّجَا
وإنْ هاجَ عَلى بحر اللُّقى
أنْطقَ المَوْجَ لَيالي تَهَيُّجَا
إنِّي بكَ هُنا ذاتٌ...
توقِدُ أنْفاسَ القَصيدَةِ
ـ القصيدة "الشاعر"، تنسل ناراً ووجداً حين تستسلم لأنامل عاشقها، فهو عاشق، والليل عندليب يعزف الشجن، ونبض الحرف هو المعراج يعرّج عليه نبيّ الشعر في قصيده.
حالة صوفية من الارتقاء بالحبّ والمشاعر السامية تعبّر عن الحالة الوجدانية في كنف القصيدة، فقلبه كعبة يدور في فلكها العشاق، والقصيدة هي قُبلة القوم مهما ابتعدوا، تبقى العيون نحوها شاخصة، ترحل إليها كلّ يوم، ترجو أن تصافحها ولو من خلف الغمام، فهي عرش مملكة، وملكٌ يبتغيه كلّ عاشق:
وقَد اسْتَسْلمَتْ لِعاشِقِها تَبَهُّجَا
منْ محيطِ القلبِ
إلى دَهاليزِ النَّبْضِ
تُغْريهِ أنَّهُ واحِدٌ مِنَ العُشَّاقِ
أنْساهُ اللَّيْلُ سِرَّهُ تَشَنُّجَا
يا صاحِبي
لكَ هَذا النَّبْضُ مِعْراجًا
فَعَرِّجْ عَليَّ بِحَرْفٍ
واخْتَرْ لِمَداكَ هُنا تَعَرُّجَا
لا بُعْدَ لَكَ اليَوْمَ عَنِّي
مَهْما قِيلَ أوْ قالوا
إنِ اسْتقامَتْ مَمْلَكَةٌ عَلى عَرْشِها
حُروفٌ تُدْمِعُ الرُّوحَ تَوَهُّجَا
لا بُعْدَ لَكَ اليَوْمَ عَنِّي
إنْ ركِبْتَ بَحْرًا هائِجًا أوْ جَوًّا مائِجًا
وامْتَدَدْتَ بَعيدًا عَنِّي
شِعْرًا بَيْنَ يَدَيَّ ازْدادَ تَأجُّجَا

ـ يا صاحبي، فلحرف النداء دلالات وقوة، وقد وظّفه الشاعر جيداً. هل هو ينادي نفسه أم صاحبه أم حروف الأبجدية ليخطّ هذا الميثاق، ميثاق الملكية التي يعبر عنها الشاعر للقصيدة، فهي حقّ ممّا ملكت أيمانه. هل ينادي الوطن، المرأة، متدرّجاً في الملكية الخاصة؟
القصيدة هي المبتغى، وهي التي تدعوه ملاكاً يشرق في كبد المساء، ولا يمكن إلّا أن يلبّي، بل يرى كأنّه واجب عليه مثل جندي يُنادى للذود عن الوطن. العلاقة بينه وبينها أكبر من علاقة وطن، فهما أبعد من أن يكونا صنوين تمازجا وتزاوجا ، تماهيا روحاً في جسدين. علاقة لا يفهم معناها إلّا من عاشها.
القصيدة تدعوه، تكتبه، فيتبعها، تحاصره نارها، فيحترق بسعيرها، يتماهيان، وينسابان حبراً، والحروف تصبح كالأفلاك تنير سماءه حيث تنغلق الأكوان حوله، فتتفتح نوراً يتأجّج كالفجر ينبثق، مثل شعاع الشمس بعد ليلة كانونية عاصفة:
أنْتَ المَلاكُ
الَّذي مَلَّكْتُهُ ما مَلَكَتْ يَميني
فكنْ لي وطَنًا، واصْعَدْ فِيَّ تَدَرُّجا
لا تُبالِ بي...
إنْ عَصَيْتُ أمْرَ القَصيدَةِ
فَكُلُّ قَصيدَةٍ تَكْتُبُني تَزَوُّجَا
وكُلُّ حَرْفٍ منْ حُروفِها
يُحاصِرُ أبْوابَ القَلْبِ
مادامَ قَلْبي عَلَيْها مُنْفَرجَا
أنْتَ لي هَذهِ الرُّؤى، ومَنْ لي إنْ
أظْلَمَتْ عَليَّ السَّماءُ تشنُّجًا ؟
وقد كانَتْ لي مِنْ قَبْلُ نورًا مُفَجَّجا
قدْ كُنْتَ لي منْ قبْلُ صُبْحًا ولا زِلْتَ

تدخلنا الكلمات في أتون حروفها، نحترقK ونمتحن بنارها، فالذهب يصفو بالنار كما القصيدة هنا، فهي الماء الزلال، يغتسل به الشاعر، ومثل كأس ماء بارد في جفاف عمر، يستريح استراحة محارب على صدرها، ولكن هل هناك راحة لعاشق يذوب في الهوى، تكويه نار البعيد والعذر وإن كان تحجّجا، يا صاحبي. يا لها من مناداة يستجير بالنار من النار، ومن يحسب أنّ في البعد راحة، فالبعد ينخر العظام، يتحول حرير الوسائد إلى إبر صبحاً ومساء:
وإنْ بِنار الكَوى احْتَرَقْتُ يَوْمًا
فَمالي غَيْرُ مائِكَ الزلالِ مُسْتَحَمًّا
وإن يَكُنْ فِي هَذا القَرِّ مُثَلَّجَا
يا صاحِبي...
اسْتَرحْ مِنِّي قَليلا إنْ حَسِبْتَ
أنَّ البُعْد عَنِّي يُريِحُكَ فِي هَواكَ
فَما راحَةُ البُعْدِ إلّا حُجَّة
بِها نَرْكَبُ العُذْرَ تَحَجُّجَا

مرة أخرى يعيدنا الشاعر إلى المسافة والبعد والتغرّب، هذا التغرب الصعب على روح تسكن جسدين، فكيف لنارها أن تستكين؟ أليس البعد هو من يضرم في الأفئدة أشواقاً وحنيناً لمن تهوى تؤرّقه الغربة، فيجافيه الكرى، كما يقول درويش:
وليسَ لنا فِي الحنين يَد
وفي البُعد كان لنا ألف يَد
سلامٌ عليك، افتقدتكَ جدًّا
وعليّ السَلام فِيما افتقِد
الفقد والهجر شرابٌ في كأس من السهاد والوجع، أضفى على نبض القلب تصعّدا، نحو العلاء ، فالروح بعد الممات نحو باريها تصعد، وهنا الشاعر يصعد في قصيدته الجذلى التي نسجت حروفها أنامل الروح، بعد شهقة من دهشة ووجع من حنين ومخاض توهّج في بناء القصيد.
الحنين للعودة إلى المنزل الأول، وكأنّنا نقرأ أبياتاً من حنين لوطن يسكن حنايا شاعر متغرّب، يهيم على وجه البسيطة كما في قصيدة أبو تمام :
كمْ منزلٍ في الأرضِ يَأْلفهُ الفتَى وحنينهُ أبداً لأوّلِ مَنزلِ

الحنين اشتعال في النأي، يهيّج الوجدان، فتولد قصيدة الشاعر، دلالاً مثل قطرات الماء على أرض يباب، تشبه في تلألؤها ضوع الياسمين وبوح عاشق غائب حاضر:
أطْفى عَلى القَلْبِ نَبْضًا مُتَصَعِّدًا
وكمْ منْ بُعْدٍ وَلَّدَ فِي الرُّوح عِشْقًا تَوَهُّجَا
وكمْ منْ بُعْدٍ ...
دَعْني إنْ لمْ تَصْعَدْ مَعَ الرُّوح إلى العُلى
اركنْ فِي مَكانِكَ تَعُدُّ العُمْر تَعَرُّجَا
أكادير: 6 أكتوبر 2015



#اخلاص_موسى_فرنسيس (هاشتاغ)       Eklas_Francis#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليوم عيدي
- حانة الحياة
- قراءة في ديوان -سماءٌ أخرى-
- أمام المرآة
- مذاق الغبار
- إيزيس
- اشتعال الماء
- في يوم المرأة هدية للرجل
- زائر غريب
- صديقي الأمل
- نحت في الأزقّة القديمة
- لأنّ الشمسَ هنا الآنَ والحياة
- قراءتي في -الرواية العمياء- للكاتب الدكتور شاكر نوري
- الأجنحة
- قراءة د. مريم الهاشمي في ديوان وأمضي في جنوني للشاعرة اخلاص ...
- لسنا قصّة عابرة.
- وسادة التيه
- قراءة في ديوان الشاعر جميل داري -لا جناح لي-
- أشجانِ الخلودِ
- الأفعى


المزيد.....




- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اخلاص موسى فرنسيس - قراءة في قصيدة لا تُبالِ بي إنْ عَصيتُ أمر القَصيدةِ صُعود اًللشاعر الحسَن الكَامَح