أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد المحسن - حين تحاربنا-إسرائيل-بجيش إعلامي يستهدف اقتلاع جذور الهوية القومية العربية من أعماق النّفس البشرية..















المزيد.....

حين تحاربنا-إسرائيل-بجيش إعلامي يستهدف اقتلاع جذور الهوية القومية العربية من أعماق النّفس البشرية..


محمد المحسن
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 6900 - 2021 / 5 / 16 - 00:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل يمكن القول إنّ الدولة العربية وضعت خططا إعلامية واضحة،سواء على المستوى القطري أو القومي؟
أم أنّ ما نلحظه مجرّد توجيه استثماري،أو تخطيط برنامجي قصير الأمد؟
وفي سؤال مغاير: هل فكّر القادة العرب في وضع خطّة إعلامية دقيقة، من شأنها الرد على الحملات الغربية، في محاولة لتغيير اتجاهات الرأي العام العالمي المضادة للعرب،ليس تجاه قضايا سياسية معينة،وإنّما حيال الصور العربية إجمالا، ليكون ذلك أساساً لتغيير اتجاهات الغرب حيال القضايا العربية السياسية، فيما بعد؟
هذه التساؤلات، البريئة، يمكن أن تطرح على المستويين،القُطري والعربي،فإلى جانب التخطيط الإعلامي في كل قطر عربي،فإنّ التخطيط الإعلامي في عالمنا الراهن الذي تزداد فيه الفجوة الإعلامية بين الدول المتقدّمة والنامية، وحيث يختلّ فيه التوازن في تبادل الأنباء والأفكار فيما بينها، يحتاج إلى أن يرتفع إلى المستوى الإقليمي،حتى يتمكّن من الوقوف في مواجهة التسلّط الجديد لوسائل الاتصال في الدولة المتقدّمة.
في ضوء هذه النقطة، فإنّ الدعوة إلى تخليص الخطاب الإعلامي العربي من قيود الترهّل، والارتقاء به إلى مستوى التحديات التي يفرضها الراهن الإعلامي الكوني، ليست مقصورة على هذا القطر، أو ذاك، بقدر ما هي دعوة قومية شاملة، فالإعلام القطري،وإن نادى بعضه بشعارات قومية، لا يحقّق الوعي القومي، أي أنّنا على صعيد الأقطار العربية مجتمعة، وعلى صعيد جامعة الدّول العربية، نحتاج، اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، إلى ثورة إعلامية شاملة، لا تتوقّف عند حدود ثورة المواصلات والتكنولوجيا وفن صياغة الخبر، وإنّما تتماهى مع هذا كله، جنباً إلى جنب،مع توعية قومية أصيلة في أخطر مرحلةٍ،يجتازها الفكر القومي العربي على مدى تاريخه.
والآن أقول-دون خجل من أحد-:هناك شعب عربيّ كامل مسيّج بالأكفان،داخل أسوار عالية، هو الشعب الفلسطيني،يتعرّض لحملة دموية مرعبة،تستهدف مسخ هويته وسلخه من جلده. ولأوّل مرّة،هناك شعب مسلم،يتعرّض لحملة إبادة جماعية،عبر قصف جوّي مرعب،يختلط فيه اللّحم البشري بالتراب،هو الشعب الأفغاني الذي يستغيث،بكل ضمير ينبض إيماناً بوحدة هذه الأمّة وقدسية هذا الدّين. ولأوّل مرّة، هناك تراجع وانحسار للفكر القومي نفسه، حتى أنّه يتخذ، في أحسن الحالات، موقفا دفاعيا، يصل بالمواطن العادي إلى حافة الإحباط. لذلك، نحن جميعا في منعطف تاريخي حاسم ومحفوف بالمخاطر،حيث يرقى الإعلام إلى درجة قصوى من الأهمية، لا باعتباره جزءا تقليدياً من مهام الدّولة، أية دولة، بل باعتباره جيشاً حقيقياً في أشرس المعارك.
وإسرائيل تحاربنا بجيش إعلامي يستهدف اقتلاع جذور الهوية القومية العربية من أعماق النّفس البشرية، من خلال إرباك خط الدّفاع الأوّل، العقل العربي، ثم إنهاكه وتركيعه خارج حدودنا العربية أيضا، والولايات المتحدة، والغرب كله معها، حاربنا بجيش إعلامي يصوغ الأحداث السالفة والآنية، عبر تغطية كاملة،تستند إلى خلفيات تاريخية مغلوطة، وتحليلات سياسية مغرضة،من شأنها تشويه صورة العرب وتمجيد العنصرية الصهيونية،ولعلّ أبرز مثال لذلك الصورة الأميركية عن العرب التي تضعنا جميعاً في نمط جامد في أذهان الشعب الأميركي، تماهياً مع أهداف الصهيونية، وقد تجلّى هذا، بوضوح، إثر حرب 1973 حين صوّر العربي"بالنفطي" الذي يوظّف ماله "لابتزاز الغرب"، كما صوّر العربي الفلسطيني"بالإرهابي" الذي يزعج العالم بسلوكه العنيف!
نقاط الالتقاء والاتفاق بين الإعلام الأميركي ونظيره الغربي جدّ متشابهة،ولا اختلاف بينها،إلا من حيث اختيار نقاط الإساءة التي تصبّ جميعها في خانة التجريح لضمير هذه الأمّة،ودمغ السلوك العربي بالاهتمام المفرط بالجنس والتخلّف،والتعصّب والوحشية.
أما الإعلام الصهيوني فهو يقوم بمختلف مؤسساته بتلبيس الحق بالباطل وتصوير الضحية جلاداً والقتيل قاتلاً لتضليل الرأي العام وقلب الحقائق وطمسها، ويؤدي الإعلام الإسرائيلي من خلال الصحافة والإذاعة والدعاية والمؤثرات الدينية دوراً متقناً في تشويه صورة العربي وإظهار «الإسرائيلي» بصورة مثالية. فالدعاية الصهيونية تتميز بإيجابية شديدة عندما يتعلق الأمر بالكيان الصهيوني، فتبرز «إسرائيل» بدور إيجابي بنّاء،وبالمقابل تؤكد على سلبية الموقف العربي،فهي تكرر دائماً أن «إسرائيل» «تريد السلام»،وترغب في «إقامة علاقات طبية» مع جيرانها.!!
لقد اكتشفت الحركة الصهيونية أهمية الإعلام وتأثيره على الفلسطينيين أصحاب الأرض الأصليين عبر توظيف وسائل إعلام باللغة العربية. وأفردت عصابات «الهاغاناه»،الذراع العسكرية للحركة الصهيونية قبل قيام الكيان الإسرائيلي وقتاً من البثّ باللغة العربية عبر إذاعتها التي كانت تبثّ منذ أوائل الأربعينات من القرن الماضي،حيث كانت تنقل رسائل لدبّ الذعر في نفوس الفلسطينيين من أجل إجبارهم على ترك ديارهم، وكانت توظف فنون الحرب النفسية في هذه الرسائل، في حين نجد أن المنظمات الإرهابية اليهودية التي كانت قائمة قبل الكيان مثل «ليحي» و»اتسل» كانت لها إذاعاتها الخاصة،وتبثّ أيضاً لبعض الوقت باللغة العربية، وكان المذيعون يعددون الجرائم التي قام بها أعضاء المنظمتين ضد العرب من أجل دبّ الفزع في نفوس البقية الباقية من المواطنين الفلسطينيين وإجبارهم على الهرب والفرار، إلى جانب ذلك فقد اعتادت المؤسسات الصهيونية توزيع المنشورات باللغة العربية التي تدعو الفلسطينيين للرحيل فوراً.
ويبدو ـ من المؤسف ـأنه في المعركة الإعلامية المرافقة دائماً للعدوان على غزة أو الجنوب اللبناني يتم تجنيد المئات من الإعلاميين الصهاينة والأجانب ومنهم العرب، وهذا ما عكسه التشابه في الخطاب الإعلامي الصهيوني وبعض وسائل الإعلام العربية في التغطية لما جرى في غزة أو الجنوب اللبناني وبعضها دعمت رؤية إسرائيل بشكل كبير، بل رأينا من يشمت فيما كان يحدث، والأخطر من كل هذا أن كلمة «عدوان» غابت عن معظم وسائل الإعلام ليتم استبدالها بكلمة العنف،في تسويق لمفهوم يوازي بين القاتل والقتيل.
إضافة إلى كل ذلك نجد كماً هائلاً من النعيق والمهاترات التي صدحت من إعلاميين وسياسيين ومدونين من المفترض أنهم عرب ومسلمون نسوا أو تناسوا أن «إسرائيل» هي في النهاية «عدونا التاريخي» ونسوا جرائمها المفتوحة ضد الفلسطينيين والعرب… وذهبت هذه الأصوات لتبرر العدوان. وبالتالي تظهر كم الأحقاد التي باتت تصدح علناً دونما حاجة لتفسير.
إن ما جرى ويجري من تصهين بعض الإعلام العربي يفرض علينا تساؤلات جمّة عن طبيعة وسائل الإعلام العربي… هذا الإعلام الذي يعيش على جميع الموائد الدسمة.
وعليه،فنحن مطالبون،الآن،وهنا،بوضع خطط مرحلية،وأخرى طويلة المدى،للتصدي للحملة الغربية الموجّهة ضدنا،والتي لا يمكن تفسيرها إلا كونها صدى للصراع الحضاري والتاريخي بين الشرق والغرب،وهي تهدف، بالأساس،إلى حسر المد الإسلامي المتنامي،علاوة على الرغبة في تكريس التخلّف العربي،وكل مظاهر الانكسار والتصدّع. وحتى لا يسوء حالنا أكثر مما نحن فيه،بات لزاماً علينا اعتماد تخطيط إعلامي، يتبرأ من الارتجال، ويتلاءم مع التنمية العربية،والإعلام المحلي والإقليمي الرامي إلى تغيير الصورة،ولن يتأتى ما نرومه إلا بالتخلّص من التبعية الحضارية التكنولوجية التي تطبع التكوين الإعلامي،والنجاح في إيجاد فكر إعلامي عربي،لا يرتهن لنفوذ الخطاب الغربي،وبالإضافة إلى هذا وذاك، أصبح من الضروري التفكير في إنشاء محطة فضائية عربية تتجه إلى الغرب،وتخاطبه بالأسلوب المقنع والمناسب، وتردّ، في الوقت نفسه، على الافتراءات،بما من شأنه أن يظهر الحقائق،بإيصال الصّوت العربي إلى الأجهزة الإعلامية المباشرة،ولا سيما وأنّ أصواتاً إعلامية عربية عديدة تعالت،في المدة الأخيرة،منادية بتجسيد هذا الطموح.
ختاما أقول : إن التحديات الكبيرة التي تواجه الإعلام العربي تحديات حضارية،وتكنولوجية ومعلوماتية..
ومن هنا،يمكن القول إن قوة المواجهة الإعلامية العربية للمتغيرات المستجدة في العالم تتوقف على عاملين متفاعلين في الوطن العربي : أنماط القدرة الذاتية المتجلية في سلوك قومي موحد،وإنماء التنظيم الإعلامي الذي يعبر عن هذا السلوك.
والأهم،كما نرى،تحقيق المزيد من التطور في وعي الإنسان العربي،وتعميق ثقافته وممارسته للديموقراطية لكي يكون قادرا على استيعاب التطور الحضاري والثورة الإعلامية الكبيرة،ومشاركا فعّلا في تقدّم العصر.



#محمد_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين ينحت الشاعر التونسي القدير د-طاهر مشي لوحاته الشعرية بحب ...
- على هامش الذكرى الثالثة والسبعين للنكبة *: ثلاثة وسبعون نكبة ...
- إسرائيل..إحتلال توسعي..وهي «دولة» لا عمل لها غير ميدان القتا ...
- سلام..هي فلسطين
- لماذا يخافون على إسرائيل ولا ينادون بتصفية الإستعمار في فلسط ...
- حين يسقط القناع...عن «قتلة» تل أبيب
- رسالة مفتوحة إلى فلسطيني شامخ
- حين ترقص فلسطين على ايقاع المواجع عارية..ليس في قدَمَيها حذا ...
- حين يلامس رذاذ الدم الفلسطيني..وجوهنا السافرة
- حتى نحقّق انتصارا..يكون نفياً لعصر الركود والانحطاط..والتعثّ ...
- حين يرسم الدم الفلسطيني..طريقَ التحرر والإنعتاق
- آراء بعض مثقفي تونس إزاء أزمة المثقف العربي..في ظل رأسمالية ...
- أفرغوا غدرَهم..ومضَوا ..إلى موضع في الجحيم
- ليس أفق الحرية وحده هو الذي يضيق بالحصار..فللحرية معنى يسبقه ...
- حين تقيم إسرائبا.. نظاما عسكريا أسوأ من نظام الفصل العنصري ا ...
- على هامش الإعتداءات الصهيونية السافرة على-حي الشيخ جراح*-بقل ...
- حتى بقوم-النقد-بدوره المتكامل في نحت ملامح المستقبل..والتأسي ...
- حوار مع الشاعرة والمربية التونسية هادية آمنة
- ..ألسنا مدعويين هنا..والآن إلى تفعيل واقعنا وعقلنة ملامح الم ...
- تحية من خلف شغاف القلب..إلى هذا الأمني التونسي الباسل


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد المحسن - حين تحاربنا-إسرائيل-بجيش إعلامي يستهدف اقتلاع جذور الهوية القومية العربية من أعماق النّفس البشرية..