أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد المحسن - رسالة مفتوحة إلى فلسطيني شامخ















المزيد.....

رسالة مفتوحة إلى فلسطيني شامخ


محمد المحسن
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 6897 - 2021 / 5 / 13 - 11:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"..وفلسطين الجسورة..لا تكترث بالجبناء..ومهما الرصاص يجزّ رقابا..يظلّ على شفاه الفلسطينيين الغناء.." (مظفر النواب-بتصرف)

اقتادتك-فلسطين-من يد روحك إلى فردوس الطمأنينة بل ربّما إلى النقيض..وما عليك-بعد كل هذا الدّم،إلا أن تتأمل وتنتظر.
جرح مفتوح،وعدالة شائخة،وضمير إنسانيّ كسول وضرير..لا يفعل غير أن يعدّ حصيلة الخراب ويتأفّف من وفرة دماء الموتى!..وأيضا: ينتظر.
ضجرت ذاكرة التاريخ.ضجر الشهود.ضجرت الأسلحة والقوانين والمذاهب والسماوات،وضجرت أرواح الموتى..لكن-وحدها-شهوة القاتل إلى مزيد من الدم..لم تضجر! الدّم يشحذ شهية الدّم.
أنتَ الآن وحدك في عراء الخليقة الدّامي،تقذفك الرّياح الكونية من زنزانة..إلى معتقل..إلى هواء يتهدّم..إلى أرض تنتفض..إلى عدالة عمياء..إلى قاض أخرس..إلى ضمير أعزل وكفيف..وإلى أمل يضيق ولا يتهدّم..وعلى شاشة الملأ الكوني،تترقرق الدّمعة الأكثر إيلاما وسطوعا في تاريخ صناعة العذاب،وتعلو صيحة الضمير الأعزل المعطوب،دون أن تُسمَع..!
ودائما:ثمة شهداء يسقطون..ودائما خلف القاتل،ثمة حلفاء وقضاة وجيوش..وخلف الضحية..العماء والصّمت..وخلف العماء والصّمت..شعب يقيم أعراسه على حواف المقابر:أعراس مجلّلة بالسواد ومبلّلة بالنحيب..أعراس دم.
لكن..
ثمة أمل ينبثق من دفقات الدّم ووضوح الموت..أمل يتمطى عبر التخوم.
وإذن؟
إذن،وحدك بإمكانك أن تحمل بين ضلوعك أملا وضّاء ينير عتمات الدروب أمامك..
ووحدك بإمكانك أن تقايض سخط الجلاّد الحاقد بكلمة الأمل الغاضب..فقد علّمنا التاريخ-يا إبن فلسطين الصامدة-أنّه في أحيان كثيرة يمكن للأمل الأعزل أن ينتصر على جنون القوّة المدرّعة..
كما علّمنا كذلك،أنّ السفّاح-بما يريقه من دم-يحدّد الثمن النهائي لدمه.
لهذا يمكنك أن تذهب بأحلامك من حافة الموت إلى حافة الحياة حيث سترى خلف دخان الجنون وجلبة القوّة:علمَ فلسطين وشمسها ونخيلها وبساتينها وسماءها..
وتحت سمائها تلألأ الرنّة السخيّة لفرح الإنسان..
هناك،وعلى التخوم الفاصلة بين البسمة والدّمعة،ستعثر على-فلسطين الصامدة-وقد هيّأت لك مقعدا مريحا ونافذة مفتوحة وسماء صافية وظلا ظليلا..ورغيفا لذيذا..وأنشودة نصر يرقص على ايقاعها أبطال ينشدون الحرية بجسارة من لا يهاب الموت..
لتنزل ضيفا جليلا على مائدتها..مائدة الشهداء..والشهداء الأحياء: مائدة التاريخ.
ونحن!
نحن الذين نخبئ في عيوننا عتمات الأحزان..نحن من المحيط إلى الخليج أمام البحر المتوسط،تنتصب أمامنا حاجبات الوميض،نقرأ أوجاعنا ونردّد كلمات لم نعد نعرف أن نكتبها.
وأنتَ..أنت-أيّها الفلسطيني الجاسر-هل بوسعك منحنا قليلا من صبرك الرباني،فالرّوح محض عذاب؟..
لكن من أين سيجد الصّبر طريقه إلى قلوب الحزانى والمعطوبين؟!
ومن أين سيسلك-المريد-دربه إلى محراب فلسطين ؟
أيها الفلسطيني الشامخ : في غفلة من الزمن،أوقعتك القافلة سهوا عنك..سهوا عنهم..
وها أنت ترنو بصمت إلى وجه فلسطين ..هذه التي إتخذت منها قضية حياتك وموتك..لا لأنّها أصبحت أردت ذلك أو رغبت عنه مصيرك الشخصي دون زيادة أو مزايدة،ودون نقص أو مناقصة..أصبحت هذه القضية المقدّسة قضية وجودك كفرد ينتمي إلى ما يدعى بالنّوع البشري،لا كوطن فقط أو كأمة،هي سبب حزنك أكثر من ست عقود عجاف،لا بسبب أنّ-بلدك-مثخَن بالجراح،بل لأنّك مضطرّ كل يوم يمضي أن تجدّد لها البيعة ثانية علّها تخان.
ابن فلسطين -الرابض على تخوم الجرح-لا تخف،فالمعركة ستجئ،لكن قبل الموعد أو بعده،ولأنّها مستمرة فأنتَ مطالب بأن تكون حاضرا متى تُطلَب وأينما طُلبت:إلى السجن،المعتقل،القبو الجهنمي،المستشفى الأكثر بياضا من العدم،المنافي المتحركة الأرصفة إلى المجهول..وعليك الإستبسال أردت ذلك أو رغبت عنه،لأنّ فلسطين قضية مقدّسة،من أجلها تؤمّم الديمقراطية،فلا صوت يعلو فوق صوت المعركة،وفلسطين هي المعركة،لذلك عليك أن تجيد سماع الصّوت وأن تبدع في صداه.
أنت تشيخ وليس الزمن.الزمن يشيخ وليس أنت.ولكن الأرضَ تدور كما تعلّمت في الطفولة.وإذا بك تدور معها وأنت تدري.ظللت ترفض وترفض وترفض سنوات طوالا،كان حزنك أثناءها يتلوّن أحيانا بألوان الطيف أو ألوان الورد.
بعد صبر جميل على القهر والظلم وجنون القوة،طفح الكيل وانفجر البركان فلم تجفل.
قاومت وصمدت،وكنت في المرآة عملاقا.لقد قلت”لا”بملء الفم والعقل والقلب والدّم،ظلّت دمشق قضيتك.دمشق العربية كلّها.
رأسك يدور،ولكن لا تتعب،قد تنسى قليلا ما يجري أمام عينيك لكنّك لن تهزَم..بعد قليل سيوقفك “صهيوني من حفاة الضمير”عند الحاجز بسؤال:حريتك أم حرية فلسطين ؟
وسيوقفك ثانية عند الأسلاك ويسألك:العدل لك أم لفلسطين ؟
أجبه بجسارة من لا يهاب الموت:فلسطين .وها هي فلسطين العربية كلّها تقول لك لم يفقد عظماء التاريخ إيمانهم بالنصر وهم يعانقون حبال المشانق.فهل تفقد أنتَ إيمانك به في لحظة منفلتة من عقال الزمن؟!
أيها الشامخ في نضالك:أنا-كاتب هذه السطور-المقيم في الشمال الإفريقي،أنا الملتحف بمخمل الليل الجريح..أنا المتورّط بوجودي في زمن ملتهب..
أعرف أنّ الوجعَ في فلسطين ربانيّ،كما أعرف أيضا أنّ الفعل هناك رسوليّ،لكنّي لا أملك سوى الحبر،وما من حبر يرقى إلى منصة الدّم.
وحتى حين يمور الدّم في جسدي باحثا عن مخرج،فإنّي لا أجد سوى الكتابة.
الكتابة عن الشيء تعادل حضوره في الزمن،ووجوده واستمراره في الحياة.ولأنّ الأمر كذلك فإنّي أصوغ هذه الكلمات علّها تصلك عبر شيفرات الحرية،أو لعلّها تصل إلى كل زنزانة محكمة الإغلاق،وإلى كل معتقل عالي الأسوار،وإلى كل منفى داخل الوطن أو وراء البحار.
وما عليك -أيّها الشامخ في نضالك-بل أيها الواقف على التخوم الفاصلة بين البسمة والدمعة إلا أن تحييّ-الثورة التونسية-التي ألهمت الشعوب العربية المعنى الحقيقي للحرية،ورسمت بحبر الروح على صفحات التاريخ دربا مضيئا يعرف آفاقه جيدا عظماء التاريخ وكل الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل أوطانهم من الأبطال والشهداء منذ فجر الإنسانية: صدام حسين،سبارتكوس،عمار بن ياسر،ياسر عرفات،عمر المختار،يوسف العظمة،شهدي عطية،الأيندي،غيفارا وديمتروف..وقد تجلّت في -ثورتنا الخالدة-كما في رفضنا الصارخ بطولة الإستشهاد وتجسّدت في مواقفنا الجاسرة آسمى أشكال الفعل الإنساني النبيل..
واليوم..
ها نحن اليوم نعزف للشعوب العربية لحنا مطرزا بالحرية والإنعتاق:
..هناك كثيرون أمثالنا
أعلوا وشادوا
وفي كل حال أجادوا..
ونحن كذلك ضحينا بما كان عزيزا علينا
عظيما..جليلا..
وما عرف المستحيل الطريق إلينا..
لأننا نؤمن أنّ القلوب إن فاضت قليلا..
ستصبح رفضا..ونصرا نبيلا..
تمنينا أن يعيش شعبنا عزيزا كريما..
تمنينا أن يرفع الظلم عنا..
لذا..
فعلنا الذي كان حتما علينا..
وما كان قدرا على المستضعفين جيلا..فجيلا..



#محمد_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين ترقص فلسطين على ايقاع المواجع عارية..ليس في قدَمَيها حذا ...
- حين يلامس رذاذ الدم الفلسطيني..وجوهنا السافرة
- حتى نحقّق انتصارا..يكون نفياً لعصر الركود والانحطاط..والتعثّ ...
- حين يرسم الدم الفلسطيني..طريقَ التحرر والإنعتاق
- آراء بعض مثقفي تونس إزاء أزمة المثقف العربي..في ظل رأسمالية ...
- أفرغوا غدرَهم..ومضَوا ..إلى موضع في الجحيم
- ليس أفق الحرية وحده هو الذي يضيق بالحصار..فللحرية معنى يسبقه ...
- حين تقيم إسرائبا.. نظاما عسكريا أسوأ من نظام الفصل العنصري ا ...
- على هامش الإعتداءات الصهيونية السافرة على-حي الشيخ جراح*-بقل ...
- حتى بقوم-النقد-بدوره المتكامل في نحت ملامح المستقبل..والتأسي ...
- حوار مع الشاعرة والمربية التونسية هادية آمنة
- ..ألسنا مدعويين هنا..والآن إلى تفعيل واقعنا وعقلنة ملامح الم ...
- تحية من خلف شغاف القلب..إلى هذا الأمني التونسي الباسل
- بأي طريقة يعبر الشاعر عن مثل هذا الوباء اللعين..كورونا..!؟
- يستطيع العربي الفلسطيني أن يشعر بالفخر بهويته..ويعتز بإنتمائ ...
- حتى نؤسسَ لصحافة حرة..تكون بوق السلام وصوت الأمة..وملاذ المظ ...
- ها أنا واقف أمام الثورة التونسية الخالدة : مذهولا مبهوتا،أما ...
- حين تنبجس القصائد والقصص والروايات..من رحم المعاناة الإنساني ...
- حتى لا تطال نيران كورونا..كل بيت..
- حين يتناقض خط الإنكسار العربي بصورة مأساوية..مع صورة العالم ...


المزيد.....




- رد فعل المارة كان صادما.. شاهد لص يهاجم طالبة في وضح النهار ...
- شاهد.. عراك بين فيلة ضخمة أمام فريق CNN في غابات سيريلانكا
- وزارة الصحة في غزة: 37 شخصا قتلوا خلال الـ 24 ساعة الماضية.. ...
- الضربة الإسرائيلية على إيران.. صور أقمار صناعية حصرية تظهر ا ...
- الحرب على غزة في يومها الـ 197: قصف على رفح رغم التحذيرات ال ...
- غرسة -نيورالينك- الدماغية: هل تستولي الآلة على ما بقي لنا من ...
- وزارة الدفاع الروسية: أوكرانيا هاجمت أراضينا بـ 50 طائرة مسي ...
- العراق.. قتلى في قصف على قاعدة للجيش والحشد الشعبي
- فرقاطة ألمانية تنهي مهمتها ضد الحوثيين في البحر الأحمر
- وفاة رجل أضرم النار في نفسه وسط نيويورك.. ماذا قال في بيان م ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد المحسن - رسالة مفتوحة إلى فلسطيني شامخ