أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - حين تنبجس القصائد والقصص والروايات..من رحم المعاناة الإنسانية















المزيد.....

حين تنبجس القصائد والقصص والروايات..من رحم المعاناة الإنسانية


محمد المحسن
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 6886 - 2021 / 5 / 2 - 04:52
المحور: الادب والفن
    


بدأ فيروس كورونا مؤثرًا قويًا في كل نواحي الحياة، وفاعلًا رئيسًا على الساحة العالمية، منذ ظهوره في ووهان الصينية وامتداده إلى بلاد العالم، فحصد كثيرًا من الأرواح، ونشر الرعب والخوف في الناس، وألزمهم بيوتهم في حالة لم يعرف التاريخ البشري لها مثيلًا، فلا غرابة أن يكون لكل إنسان وسيلته في التصدي لهذا الفيروس اللعين.
ولعل من أهم هذه الوسائل لجوء كثيرين إلى الشعر دون غيره من الأجناس الإبداعية.
ولم يكن هذا اللجوء خاصًا بالشعراء وحدهم بل بغيرهم أيضًا من سياسيين واقتصاديين ومفكرين وعلماء نفس واجتماع...
وإذن؟
ليس الشاعر إذا،مجرد فرد في المجتمع يحس بمشكلاته وقضاياه، بل المفترض فيه أن يكون أرهف حسا ممن سواه، وهو بعد ذلك صاحب قدرة خاصة على التعبير تميزه عن غيره،وهذا ما ذهب إليه الشاعر والطبيب المصري أحمد زكي أبو شادي،مؤسس مدرسة أبولو للشعر الرومانسي، في كتابه “الشاعر النموذجي” إذ عرّف الشاعرية بقوله “هي القدرة على الإحساس بالحياة والنفاذ إلى أعماقها عن طريق المنطق والعقل، وصياغة هذا الإحساس”.
نحتاج للعمق المسالم والقديم لكي نشمّ جذورنانحتاج أن ننسى ثواني أو عصورا..
ما الذي نحتاجه في مثل زمن كهذا مثقَل بالوباء..؟
نحتاج أن يصحو الضميرفلربما نجد الحياة كما يناسب عمرنا ،عمرا ومهما طال في أحلامنا يبقى قصيرا،هكذا رأينا تأثر الشاعر في الأردن بما بعثه فيروس كورونا من آلام في نفوس الناس،وأجساد بعضهم،وبما جره من تضييق على حرية الإنسان،وإجباره-أحيانا-على البقاء في البيت،فسال قلبه شعرًا يعانق الإنسان،ويعبر عن آلامه وأحزانه،ويدعم صموده في معركة الحياة،ويدعوه إلى مواجهة هذا الفيروس الذي وصفته منظمة الصحة العالمية بعدو الإنسانية.
ولكن..
سيبقى فيروس كورونا يلهب مخيلة الشعراء والفنانين لا في جميع أقطارالعالم،وننتظر في المستقبل ظهور روايات وأغان ومسرحيات ولوحات تشكيلية تتغنى بانتصار الإنسان على هذا الوباء اللعين.
ويحضرنا في هذا المقام ما جرى في مقر المفوضية الأوروبية حين أنهى ايريك مامير المتحدث باسم الجهاز التنفيذي الأوروبي مؤتمره في خضم الاحتفال بيوم الشعر العالمي،بمقطع باللغة الإنكليزية من قصيدة للشاعرة الأمريكية ايميلي ديكنسن يتحدث عن المقاومة وذلك لرفع معنويات الذين أصيبوا بجائحة كورونا أو عانوا من آلامها.وكان مامير نفسه قد أنهى مؤتمرًا سابقًا بمقطع من قصيدة” الربيع” للشاعر الفرنسي فيكتور هيغو،يتحدث عما يوحيه الربيع من الحب والفرح والأمل؛ليخفف أيضًا من الأوجاع النفسية التي استبدت بالناس في ظل إجراءات العزل التي نفذت في معظم الدول الأوروبية للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد.ولعل هذه التحولات التي شهدتها الحياة الإنسانية بفعل فيروس كورونا المستجد،أعادت إلى الشعر أهميته،وأظهرت دوره في المحافظة على الروح الإنسانية من الانكسار في معركة الصمود أمام الكوارث التي أحدثها هذا الفيروس اللعين.
لزمن طويل قبل انتشار فيروس كورونا كان موضوع الوباء تقليدا أدبيا مبثوثا في التاريخ الأدبي، وتناول عدد من الروائيين والشعراء قصصا إنسانية تتراوح بين الألفة والفراق، ومشاعر من فقد حبيبه بالوباء، وكذلك المحاصرين في الحجر الصحي أو الخائفين من العدوى أو الفارين من الموت.
متنوعة هي موضوعات الأدب،ولأنها كذلك لم تخل مما لا نحب،وكثيرا ما خرجت القصائد والقصص والروايات من رحم المعاناة الإنسانية،وأيقظ تفشي جائحة كورونا ذكريات العالم حول الأوبئة القديمة،وعلى مرّ التاريخ البشري، ضربت الأوبئة الحضارات والمجتمعات القديمة منذ أول تفش معروف عام 430 قبل الميلاد خلال الحرب البيلوبونيسية (بين حلفاء أثينا وحلفاء إسبرطة).
ولعل-في تقديري-من ومن أشهر القصائد التي كان الوباء موضوعها قصيدة "الكوليرا" للشاعرة العراقية الراحلة نازك الملائكة،والتي اعتبرت بداية "الشعر الحر"،مما جعل شهرة هذه القصيدة تفوق قصيدة الشاعر المصري علي الجارم التي كتبها عندما ضربت الكوليرا مسقط رأسه "مدينة رشيد" بمصر عام 1895.
وقد توقف الكثيرون عند هذه الجائحة معولين عليها في رد الإنسان إلى إنسانيته بعد أن أخذته الحياة الحديثة في لهاث وحركة تخلو من المشاعر،وهذا مما عالجه الشاعر السوداني بحر الدين عبد الله في قصيدة له يقول في مطلعها:
هذا الإنسان الآليُ/سيقتل حُلْمَ الفيروساتِ/ويهزمُ بالحُبِّ/سُلالاتِ الكوفيدْ
ويكمل بحر الدين قصيدته قائلا:
هذا الإنسان/الآليُّ/سيكفر بالكمامات/ويُؤمنُ/بالنغمِ النورانيِّ/وأمصال التوحيدْ/هذا الإنسان الآلي/سيشربُ من كفِّ الله وحُبِّ اللهِ/نشيدا نورانيّاً/ بعد نشيدْ
أما غاريت -التي يلقبها الأميركيون بـ"كاساندرا" التي تقول الميثولوجيا الأغريقية إنها منحت القدرة على التنبؤ بأحداث المستقبل وحكم عليها بعدم تصديق الناس لنبوءاتها- حذرت في كتابها "الطاعون القادم" الصادر عام 1994 من وباء مثل الوباء الحالي سيجتاح العالم، وما فتئت تكرر تحذيراتها بشأنه في محاضراتها وكتاباتها خلال السنوات الماضية.
أما الصحفية الأميركية لوري غاريت فقد تنبأت بوباء كورونا قبل ما يزيد على عقدين من الزمن وتوقعت خلالها أن يطول أمد الجائحة،وأن تتسبب تداعياتها الاقتصادية في غضب جماعي واضطرابات سياسية.
غاريت -التي يلقبها الأميركيون بـ"كاساندرا" التي تقول الميثولوجيا الأغريقية إنها منحت القدرة على التنبؤ بأحداث المستقبل وحكم عليها بعدم تصديق الناس لنبوءاتها-حذرت في كتابها "الطاعون القادم" الصادر عام 1994 من وباء مثل الوباء الحالي سيجتاح العالم،وما فتئت تكرر تحذيراتها بشأنه في محاضراتها وكتاباتها خلال السنوات الماضية.
ورجحت غاريت في المقابلة التي أجراها معها الصحفي فرانك بروني وركزت على تنبؤاتها بشأن الأحداث المقبلة،ألا يكون العقار الجديد "رمديسيفير" ناجعا في علاج المصابين بفيروس كورونا،مشيرة إلى أن أقوى الادعاءات بشأن فعاليته حتى الآن هي أنه يقلص مدة تعافي المصابين بالوباء.!!
وقد باتت الحاجة ماسة إلى علاج أو لقاح فعّال ضد الفيروس،لكن غاريت لا ترى أن ذلك اللقاح سيكون متاحا قريبا،كما ترى أن أمد أزمة تفشي وباء كورونا سيكون طويلا.
وقالت غاريت "لقد أخبرت الجميع أن أفق رؤيتي للحدث هو حوالي 36 شهرا، وهذا هو أفضل الاحتمالات،أنا متأكدة تماما من أن ذلك (تفشي الفيروس) سيكون في موجات، ولن يكون هناك تسونامي يجتاح أميركا ثم يتراجع في الوقت نفسه".
وأنا أقول:
أظن من الصعب الحديث الآن عن أي كتابة شعرية تتناول جائحة كورونا وترصد انعكاساتها على حياتنا وذواتنا المهزومة أمامها،هذا ببساطة لأننا ما زلنا واقعين تحت أسرها وما زالت تخيم علينا بظلمتها التي ربما قد تمتد لسنوات ونحن نعاني من آثارها النفسية. ولأنني أرى أيضاً أن الكتابة بحاجة دوماً إلى مسافة زمنية ودرجة من درجات التأمل في التجربة الإنسانية، أما الكتابة عن الوباء الآن،فلا تعدو في أفضل الحالات أن تكون مجرد تعبير عن أفكار مشوشة وغير مكتملة لا تتسم بالعمق،وقد تسقط في فخ المباشرة الذي لا أحب للشعر أن ينزلق إليه.
وتبقى في الأخير..القراءة،كما الكتابة،محاولة لكسر العزلة،باستدعاء أصوات تنتمي إلى أزمنة وأمكنة مختلفة.
والقراءة،كما الكتابة،تبديد لظلمات المغارة،عن طريق أرواح الشعراء المشتعلة على الدوام. والقراءة أيضاً محاولة لتأثيث وحدتنا وبحث ممضّ من أجل الظفر بصداقات جديدة وإن كانت في عصور بعيدة وأماكن قصية،سفر إلى أماكن بات من الصعب الوصول إليها.
من هنا تكون الكتابة في مثل هذا الظرف شكلاً من أشكال المقاومة اجتيازاً للجحيم،أي تكون انتصاراً على قطبَي الألم والضجر اللذين تحدث عنهما شوبنهاور.



#محمد_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حتى لا تطال نيران كورونا..كل بيت..
- حين يتناقض خط الإنكسار العربي بصورة مأساوية..مع صورة العالم ...
- على هامش الجنون الصهيوني المتدحرج : مساواة الصهيونية بالعنصر ...
- سؤال لجوج يقضّ مضجعي: هل كنا نحتاج إلى وباء مثل ال(كورونا) ل ...
- قراءة-متعجلة-في قصيدة مذهلة للشاعر التونسي الكبير جلال باباي
- حين ينتفض-الحجر الفلسطيني-على حالة الإستنفاع السياسي والإجتم ...
- استفحال ظاهرة العنف في زمن كورونا بتونس..ونواقيس الخطر تدَّق ...
- عود على بدء : العمد في تونس.. عين ساهرة على تنفيذ و دفع نسق ...
- على هامش المشهد-الغزاوي- الملتهب : حين يصوغ الدّ ...
- !!-بائع الملسوقة-..في زمن متخَم بالشدائد..نالت فيه المواجع م ...
- حتى لا تسقط بلادي (تونس التحرير) في وهاد الترجرج..والنخلّف
- رمضان في زمن كورونا :تداعيات دراماتيكية..على الفرد والمجموعة
- هنا تونس: تحية من خلف شغاف القلب لعمدة تطاوين الشمالية : محم ...
- (...)-حتى نؤسس لصحافة حرة ومستقلة..تكون بوق السلام وصوت الأم ...
- هل بإمكان العرب بناء النظام العربي وفق أسس تكفل التضامن والت ...
- الشعر -قرين العزلة وتوأمها الشقيق-..في مواجهة كورونا..!!
- تصبحون على ثورة اصدارات جديدة ل-رحاب الوجدان- تحت إشراف الشا ...
- جلال الشامخ..مترَع يالجلال
- ظاهرة نكراء تفاقمت في تونس.. ظاهرة التخلّي عن الأطفال الرضّع ...
- العنف بتونس ظاهرة مرَضية.. والمرأة أولى ضحاياه * (بحث)


المزيد.....




- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - حين تنبجس القصائد والقصص والروايات..من رحم المعاناة الإنسانية