أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد المحسن - حتى لا تسقط بلادي (تونس التحرير) في وهاد الترجرج..والنخلّف















المزيد.....

حتى لا تسقط بلادي (تونس التحرير) في وهاد الترجرج..والنخلّف


محمد المحسن
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 6879 - 2021 / 4 / 25 - 03:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قد لا أجانب الصواب إذا قلت إنّ تونس استثناء،إذا ما قيست ببقــــية البلــــدان العربية،لاسيما تلك التي استنشقت مثلــــنا نسيم الحرية،في ظل إشراقات ما ســـمي بالربيع العربي،لكن روائح البارود سرعان ما انتشرت في أجوائها ليرخي شــــتاء الخمول بظـــلاله عليها ثم يحجَب ربيعــــها وتتحوّل تبـــعا لذلك مدنها وقراها إلى مدافن ومداخن،حيث الموت طــــيف يُرى في الهواء،أو يتجـــوّل في هيئة قطيع من غربان.
قلت تونس استثناء،فهي ليست مصر ولا سورية ولا العراق،ولا هي اليمن،ولا ليبيا المتاخمة لحدودها شرقا،وعدم الانجرار إلى رغبة الإقصاء الكامنة في نفوس بعض المهوسين بالكراسي الوثيلة سيما ونحن على مشارف استحقاق إنتخابي تاريخي تفصلنا عنها سويعات قلائل، لأنه حينها سيكون رد الشارع التونسي عنيفاً،وربما يفضي إلى دخول البلاد في نوع من الفوضى، ليست قادرة على تحمل تبعاتها في ظل محيط إقليمي ملتهب،ووضع دولي تغلب عليه الحسابات والتجاذبات،فهذه الديمقراطية التونسية ولدت لتبقى وتتطور،وليست مما يمكن استغلاله للوصول إلى الحكم،والبقاء فيه بصورة نهائية،فعصر الاستبداد انتهى زمانه في تونس التحرير.
وعلى هذا الأساس،تحتاج تونس التحرير وهي تستشرف المستقبل بتفاؤل خلاّق إلى من يؤازرها ويدفع بها في الاتجاه الصحيح كي تستكمل مسارها الانتقالي، تبني مؤسساتها الديمقراطية المنتخبة، وتمضي بخطى ثابتة نحو بناء صرح الجمهورية الثانية بسواعد فذة، وفي إطار الهدوء والمحافظة على وحدتنا الوطنية والاجتماعية.
تونس البلد الصغير بحجمه،والكبير بمنجزاته،تحتاج -الآن..وهنا-،إلى الإستقرار كي-تهضم مكاسبها الديمقراطية –التي أنجزتها في زمن متخم بالمصاعب والمتاعب..
أنجزتها بخفقات القلوب ونور الأعين،وبدماء شهداء ما هادنوا الدهرَ يوما.. كما تحتاج أيضا إلى استعادة عافيتها، واستعادة ثقة المؤسسات المالية الكبرى،وكذلك الدول القادرة على المساعدة.
تونس اليوم،تصنع التاريخ..تصنع مجدها وحضارتها من جديد..ولا مكان فيها قطعا،للاستفزاز، التجييش،التشهير،التنابز والتراشق بالتهم.
أقول هذا،لأنّ الوقائع بدورها تقول إنه ليس من السهل الارتداد بحركة التاريخ التي انطلق قطارها من دون توقف. وعلى الرغم مما يعرض لها من تعطيل أو إرباك،فالشعوب ليست جمادات، وإنما هي كائنات فاعلة، طبقا لحرية أصلية فيهم، بحيث «إذا كان ممكناً أن نملي مسبقاً ماذا يجب عليهم أن يفعلوا،فإنه لا يمكن أن نتنبأ بما هم فاعلون،كما يقول كانط،وإن نار الثورة المقدسة التي أوقد جذوتها البوعزيزي، ذات يوم،لن تنطفئ حتى إن خفت نورها، لأن الأجيال العربية قد تسلمت مشعلها وستحافظ عليها مهما كانت الأثمان
إذن ستظل تونس الاستثناء،رغم الانتكاسات التي مرت بها الثورة التونسية، كاغتيال أحد مؤسسي تيار الجبهة الشعبية،الشهيد شكري بلعيد، والمنسق العام لحزب التيار الشعبي الشهيد محمد البراهمي،هذا بالإضافة إلى عديد المطالب الرئيسية،التي ثار من أجلها الشباب التونسي ولم تكتمل بعد،حيث لا تزال نسبة كبيرة من الشعب التونسي ترزح تحت نير الفقر،كما أنّ عددا كبيرا من الشباب لم تتح لهم فرص للعيش الكريم وغدوا بالتالي علامة قاتمة في تاريخ العملية الانتقالية في تونس.
من هنا،ندرك أن المهمة الجسيمة أمام القادة التونسيين هي تحقيق الرخاء والاستقرار في مجتمعهم، وأن يحافظوا،في الوقت نفسه،على المكاسب التي حققتها الثورة في الحرية والديمقراطية.
فمن أولى مسؤوليات الحُكم والحُكام حماية المواطنين، وتقوية شعورهم بالانتماء إلى وطن لهم فيه حقوق،وعليهم واجبات تجاهه،لا أن يتم استغلالهم لمصلحة الحاكم أو النظام.
وهنا أضيف، عند اندلاع ثورات الربيع العربي،نشأ أمل في الوطن العربي بأن التغيير القادم هو لمصلحة الشعوب،ولما فيه خيرها وتقدمها وازدهارها، فنالت تأييداً مبكراً،إلا أن تسلط بعض الحكام للبقاء في السلطة بأي ثمن،وانقلاب آخرين على العملية الديمقراطية،مهما كانت خسائر الوطن والمواطن،واستعداء شرائح واسعة من المواطنين الثائرين،فجّرت الشعور الفئوي والقبلي والطائفي والمذهبي،فتمزقت الأوطان وتشرذمت،وطغت أشكال الانتماءات على حساب الانتماء الوطني وخيّمت في الأجواء روائح البارود على حساب نسيم الحرية.
في كل مجريات الربيع العربي،تقدّم الهمّ الاجتماعي على الهم الوطني،وكان القاسم المشترك بين الأنظمة التي شملتها هذه الثورات هو القمع وتجاوز القانون وإذلال الناس والمعاملة التمييزية بينهم،على أسس العشيرة أو الطائفة أو الولاء أو الثروة.واللافت ترافق ضعف الحساسية الوطنية تجاه إسرائيل وأمريكا مع اندلاع الثورات العربية،ما يؤكد أن الاستبداد العربي المترافق بشتى أصناف الفساد وانعدام المحاسبة حليف موضوعي للاحتلال.
وتونس اليوم :
هذا البلد الصغير-بحجمه-والكبير بأبنائه الذين ما هادنوا الدهرََ يوما،يموج بموجة اضطرابات متواترة،تمثلت في مظاهرات مستمرة في فترات زمنية متقاربة في العاصمة ومدن أخرى احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع معدلات البطالة والتهميش.
وهذا واقع يحذر مراقبون من تفاقمه في ظل نفاد صبر التونسيين الذين تعاقب عليهم 5 رؤساء و9 رؤساء حكومات بعد ثورة 2011،دون أن يتمكن أحدهم من إقناع السواد الأعظم من الشعب أنه يعمل على ضبط بوصلة البلاد في الاتجاه الذي يرتقي لتحقيق تطلعات التونسيين، فالوضع يزداد تدهورا والأفق يزداد انسدادا،بحسب الكثير من المراقبين.
وترى الباحثة في الشؤون المغاربية د. سهام عزوز،أن جميع الحكومات المتوالية على تونس مسؤولة عن الوضع المتردي الذي أسفر عن الاحتجاجات الشعبية؛ لأنها اختارت “سياسات خاطئة” لحل الأزمات المتراكمة.
الاتحاد العام التونسي للشغل حذّر من “انفجار اجتماعي مرتقب نتيجة انشغال الائتلافات الحاكمة منذ 2011 بالتموقع وتقاسم الغنائم وفي مواصلة اتباع الخيارات السياسية اللاشعبية التي أثقلت كاهل الشعب وعمقت فقر غالبيته”.
في المقابل،حذّر محللون سياسيون تونسيون من خطورة أن يفقد المواطنون الثقة في “السياسة والسياسيين”، في ظل خلافات وتنازعات بين السلطات حول الصلاحيات،دون أن يشعر المواطنون بسعي حقيقي من النخبة الحاكمة لتحقيق طموحاتهم.
من جهته،يرى المحلل السياسي التونسي بلحسن اليحياوي أن “عدوى” مشاهد العنف انتقلت إلى الشارع بعدما وجدت طريقها أولا داخل البرلمان (!)،حيث احتدمت الخلافات بين الأحزاب مؤخرا ووصلت إلى حد الاعتداء الجسدي،في مشهد استدعى تدخل الرئيس قيس سعيد الذي حذر من أن بلاده على شفا “أزمة نظام”.وهو توصيف فتح أبواب الجدل حول إخفاق النظام البرلماني وإمكانية العودة للنظام الرئاسي، لا سيما في ظل حديث عن خلافات حول الصلاحيات بين رئيس الدولة ورئيس الحكومة.
إذ كان أهم شعار في الثورة التونسية هو "الشغل" لكن البطالة ارتفعت من 13% في 2010
إلى 16.2% عام 2020. وارتفعت بين الشباب الذين وفروا الطاقة للتظاهرات إلى 35.7%.
وتضاعف عدد العاطلين عن العمل بين المتخرجين من الجامعات من 130.000 عام 2010 إلى 300.000 عاطل في الوقت الحالي.
والسؤال الذي ينبت على حواشي الواقع :
كيف يمكن أن نتفادى -اللحظة الصفر-وبالتالي عدم قدرة الدولة على الإيفاء بالتزاماتها .
وفي رأيي فإن الخروج من تداعيات هذا السيناريو وإن كانت صعبة فهي ليست مستحيلة .وعملية الإنقاذ يجب أن ترتكز على تحقيق مهمتين أساسيتين ومتكاملتين وهما الخروج من الأزمة السياسية وضبط برنامج متوسط المدى لحماية المالية العمومية من الانهيار .
ومن هنا،فإن الحوار الاقتصادي والاجتماعي يعطي الإطار والفرصة لبدء عملية الإنقاذ وإعادة الأمل للتونسيين.
ختاما،يمكن القول إنّ العديد من الدول العربية التي زارها «الربيع» العربي فجأة ثم توارى خلف الغيوم الداكنة،لا تزال غارقة في حروب عبثية، أنتجت قتلا ودمارا وخرابا. ولكن على الرغم من هذه الأجواء الرمادية التي ترخي بظلالها على المنطقة العربية، نرى شعاع أمل يضيء في الأفق التونسي خصوصا-كما أسلفت بعد الإستحقاقات الإنتخابية التي تعيش على وقعها تونس التحرير اليوم،يحدونا أمل في أن تستمر الحال على هذا المنوال،لعل القادة العرب يستيقظون من سباتهم ويحققون لشعوبهم الأمن والاستقرار اللذين تصبو هذه الشعوب إليهما.
هل بقي لدي ما أضيف..؟!
سؤال فقط :
أمام تفاقم الصراعات السياسية المتزامنة مع تأجج الاحتقان الاجتماعي وتأزم الوضع الاقتصادي جراء جائحة كورونا،هل من مبادرات نبيلة تقطع مه النهم الإنتهازي والجشع المصلحي، وتفتح بالتالي حوارا وطنيا واعدا،يطفئ فتيل التجاذبات الحزبية ويفتح المجال لإنقاذ البلاد والعباد والالتفات إلى مشاغل الشعب،ومن ثمة انتشال تونس من هوة الترجرج والتخلف التي غدت منها على الشفير..؟!
أرجو..ذلك



#محمد_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رمضان في زمن كورونا :تداعيات دراماتيكية..على الفرد والمجموعة
- هنا تونس: تحية من خلف شغاف القلب لعمدة تطاوين الشمالية : محم ...
- (...)-حتى نؤسس لصحافة حرة ومستقلة..تكون بوق السلام وصوت الأم ...
- هل بإمكان العرب بناء النظام العربي وفق أسس تكفل التضامن والت ...
- الشعر -قرين العزلة وتوأمها الشقيق-..في مواجهة كورونا..!!
- تصبحون على ثورة اصدارات جديدة ل-رحاب الوجدان- تحت إشراف الشا ...
- جلال الشامخ..مترَع يالجلال
- ظاهرة نكراء تفاقمت في تونس.. ظاهرة التخلّي عن الأطفال الرضّع ...
- العنف بتونس ظاهرة مرَضية.. والمرأة أولى ضحاياه * (بحث)
- رمضان في زمن كورونا: “قسوة” الواقع وبوارق”الأمل”
- قصيدة رائعة بإمضاء الشاعر التونسي القدير جلال باباي تنتصر لل ...
- دمع سخي..منسَكب على خد نحاسي
- الشعرية الجمالية لدى الشاعر التونسي القدير د-طاهر مشي (حبكة ...
- هل وباء-كورونا اللعين-ملهم للإبداع ..؟
- حتى لا يقبع أسرانا خلف القضبان..تحت حراسة حفاة الضمير
- أما آن الأوان لوضع تخطيط إعلامي على المستوى العربي يتوافق مع ...
- الهلع من كورونا..أشدّ فتكا من الوباء نفسه
- حين يرسم الشاعر التونسي القدير جلال باباي بالكلمات..ويختصر ا ...
- معا لإحياء الذكرى 33 لإستشهاد القائد البطل خليل الوزير-أبو ج ...
- رحل إبني باكرًا..وتركني على ناصية الحزن ..


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد المحسن - حتى لا تسقط بلادي (تونس التحرير) في وهاد الترجرج..والنخلّف