أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن الشامي - ما أجملك أيها الحب ! .. قصة قصيرة















المزيد.....

ما أجملك أيها الحب ! .. قصة قصيرة


حسن الشامي

الحوار المتمدن-العدد: 6898 - 2021 / 5 / 14 - 00:40
المحور: الادب والفن
    


أدارت مفتاح المذياع، فتهادى إليها صوته ناعما، هامسا، يشدو بلحنه الجديد، تخيلته يرسل نغماته إليها وحدها، رغم أن هناك الكثيرين يسمعونه، منهم من ذهب إلى المسرح ليستمع إليه ويراه رؤى العيان، ومنهم من فضل سماعة ورؤيته على شاشات التليفزيون، ومنهم من لم يتح له أن يراه لا في المسرح ولا التليفزيون فقنع وظل قابعا في منزله يستمع له في المذياع.. وهى من هذا النوع الأخير.. ليس لأنها لا تملك ثمن دخول المسرح.. أو لأنها لا تملك جهاز تليفزيون.. ولكن لأنها لا تريد أن تراه وجها لوجه.. أو حتى مجرد رؤيته على شاشة التليفزيون.. لماذا ؟.. لأنها خاصمته.. وكرهته..
أجل.. إنها لا تحبه منذ أسبوعين.. عندما تركها.. وحيدة.. عندما جرح مشاعرها.. عندما أهانها.. عندما مضى في طريقه إلى غير رجعة..
............

وتململت "نجوى" في فراشها.. وهى تستمع إلى مقاطع أغنية حبيبها حاتم..
تقلبت في الفراش وهمست لوسائدها :
ـ إنني أكرهه.. أكرهه..
ثم تمتمت في همس :
ـ لا.. إنني أحبه.. أحبه..
ثم انتبهت فجأة وهمهمت :
ـ لا.. بل أبغضه.. أكرهه.. أتمنى لو أقابله الآن ثم أقتله..
............

ثم هبت من فراشها.. وجرت إلى جهاز التليفزيون وضغطت على مفتاحه بعصبية وجنون.. وجاء إليها الصوت متحشرجا.. بغيضا.. عدلت وضع الأريال.. وسرعان ما سمعت الصوت واضحا نقيا والصورة تتفتح شيئا فشيئا.. نظرت إليه وهى تفكر..
ـ إنه الآن هناك.. يا إلهي.. إنه ينظر إلى الفتيات اللاتي تجلسن في هذه المقصورة.. يا إلهي.. إنه يحول نظره إلى الفتيات في المقصورة الأخرى..
ـ ثم.. لا.. لا.. يا إلهي إنه يحول نظره إلى الفتيات في الصف الأول بالصالة كعادته دائما.. لا.. لا.. لا أطيق النظر إليه..
ثم أغلقت جهاز التليفزيون بعصبية وجنون.. وذهبت إلى فراشها.. وأدارت مفتاح المذياع.. وتهادى إليها الصوت هامسا.. ناعما.. يغني لها وحدها.. داعب جفونها النوم.. ولكن..
ـ لا.. لا أريد أن أنام.. صوته يهيج جفوني.. يحرق قلبي..
وتساءلت :
ـ لماذا أشعر الآن بأنني أكرهه من أعماقي ؟.. هل هذا الكره كان كامنا من زمن بعيد ثم ظهر الآن ؟.. لا أدري لا أدري..
............

وجاء إليها صوت "حاتم" يعتب عليها في لين وعطف ويعدد مآثر حبهما معا.. وكيف كان يقضيا أيامهما في هناء وعز وسرور.. وكيف ترنمت لذلك الطيور ورقصت لهما الأشجار وزغردت العصافير.. وكيف سطعت النجوم وأصبح الليل نهارا والغيم تحول إلى صفاء.. و..
ثم همست في سرها :
ـ مخادع.. كذاب.. مضلل.. منافق..
ثم بصقت على الأرض بقوة وهمهمت :
ـ غشاش.. كذاب..
تململت في سريرها وقد احتقن وجهها، ودمعت عيناها وتحشرج صوتها.. وأصبح جسمها يرتعش كله.. إنها لا تدري لماذا ترتعش اليوم هكذا مع أن الجو كان ربيعيا.. والنسيم عليلا..
عاد إليها بعض هدوئها.. وتصنتت للصوت شيئا فشيئا.. وجاء إليها الصوت قويا يتوعدها جزاء ما غدرت ويقول لها :
ـ سأنتقم.. سأنتقم.. وإن طالت الأيام.. وبعدت الأزمان.. ونأت المسافات..
وصرخت بقوة وقالت :
ـ غشاش.. كذاب.. مخادع.. أناني..
ثم شهقت شهقة، وأنت أنينا عاليا.. وزفر قلبها أهات عميقة.. والتصفيق الحاد يأتي مسامعها من جهاز المذياع قويا.. هادرا.. اهتزت له أوتار قلبها.. فلم تملك قلبها إلا أن تغلق المذياع في وحشية وتمضي إلة دورة المياه والشرر يتطاير من عينيها..
............

غسلت وجهها وجففته.. وغيرت ملابسها بسرعة.. قم فتحت صندوقا ما في حجرة نومها.. وأخرجت منه شيئا أخفته بين طيات ملابسها.. ونزلت الدرج مسرعة وأخرجت سياراتها من الجراج واستقلتها مسرعة وهي في حالة يرثى لها..
............

وفي المسرح.. كان هناك يحيط يه حشد من المعجبات..
يتناثرن حوله، ويقذفنه بالورود والأزاهير، وهو يوزع عليهن ابتساماته بلا خجل.. وتظن كل من تراه أنه يبتسم لها وحدها.. فابتسامته تحرك قلوب العذارى.. وترفرف لها أرواحهن الغضة.. وتوقع في قلوب المتزوجات غيرة لا حد لها..
وهو.. هو لا يحس بذلك.. فلا هم له إلا أن يوزع ابتساماته على الجميع في سخاء وكرم.. وهو لا يدري.. لماذا اليوم ـ بالذات ـ لا يحس بما حوله.. فعيناه زائغتان.. وقلبه حيران.. لماذا ؟
ألانه قد خاصم "تجوى" ولم يقابلها منذ أسبوعين ؟؟..
أم لأنها لم تحضر حفلته اليوم ؟؟ رغم أنها كانت تحضر جميع حفلاته قبل أن يعرفها وبعد أن عرفها.. حتى الأيام التي كانا يتخاصمان فيها.. أم السببان معا ؟؟ أم لماذا ؟؟ وأخذ يفكر وحده ويبتسم للجميع..
تقدمت منه عدة فتيات يردن توقيعه.. فمنهن من قدمن مناديل ذات أطراف مزركشة للتوقيع عليها.. وأخريات قدمن له "أتوجرافات".. ابتسم لهن.. ثم وقع باسمه على كل ما يردن.. وبعد ذلك تدافعت عليه الجموع من العذارى يردن التصوير معه !!!
............

انتهى "حاتم" من التوقيع لهن والتصوير معهن.. ثم خرج من المسرح والجموع ما زالت ملتفة حوله.. ثم سرعان ما دلف إلى سيارته.. ومضى بالسيارة مسرعا رغم تدافع الجموع أمامه..
أصبحت الشوارع والطرقات ملئ بالورود والأزاهير وكذلك المسرح من الداخل والخارج.. كلها تحية للمطرب "حاتم" الذي يخطف قلوب العذارى.. وهو حائر ولا يدري بما حوله وقلبه مشغول !!
............

لمحت "نجوى" سيارته من بعيد فأدارت سيارتها نحوه واقتربت منه.. وألتفت السيارتان على كورنيش النيل.. نظرت أليه في حيرة واضطراب.. وتتابعت أنفاسها وصدرها يعلو ويهبط بسرعة..
هبط "حاتم" من سيارته.. وأقترب من سيارتها.. وفتح بابها.. ولم تتحرك هي.. تسمرت فوق مقعدها..
أقترب وجهه من وجهها.. لم تحرك ساكنا.. ولكن دقات قلبها كانت تتابع وتتلاحق في عنف واضطراب..
وأقترب وجهه من وجهها أكثر فأكثر.. ثم طبع قبلة رقيقة على جبينها.. فأحمر وجهها خجلا.. فأخذ يدها في يده بحنان وأخرجها برفق من السيارة..
سارا قليلا نحو الكورنيش.. وأخرج علبة قطيفة حمراء من جيب سترته وفتحها أمامها دون أن يتكلم.. نظرت إلى العلبة في ذهول وغير مصدقة.. أحمر وجهها.. تتابعت دقات قلبها.. ولكن في فرح..
............

سرعان ما ذاب جبل الجليد.. سرعان ما سقط حائط الغضب والكراهية أمامها.. وتحطم كل ما كانت تضمره من حفيظة.. أمسكت يده بحرارة وكأنها تضع فيها قلبها.. وديعة.. أمانة عنده.. وكأنها تهمس له "لا تخوني"..
وطوق يدها بيديه بسرعة وكأنه يقبلها قبلة خاطفة بعيدة عن أعين الرقباء.. ثم وضع يده فوق كتفها وكأنه يريد أن ينتشلها من هذا العالم.. إلى عالم بعيد.. بعيد ليس له وجود !!!
............

سارا بضع خطوات.. تحدثا قليلا.. نسيت كل ما كانت تفكر فيه.. نسى هو حزنه.. عاد إليه رشده.. سمعا البلابل تغرد لهما لحن الحب الوفي.. الشجي.. العذب من جديد!!
............

ـ أنت خبيث جدا..
قالتها له ثم سكتت كأنها تعاتب نفسها..
تساءل في استنكار :
ـ لماذا ؟!!
ـ لأنك لم تتصل منذ أسبوعين.. وكذلك لم تهنئني بعيد ميلادي.. وكذاك لم ترسل لي دعوة حفلتك الليلة..
ـ أنا أسف وأعتذر بشدة عن كل دقيقة كنا بعيدين.. وأنت تعرفين أن عيد ميلادك لا أنساه لأنه عيد ميلادي.. وهل لي غيرك ؟!!
تساءلت غير مصدقة :
ـ معقولة ؟!!
همس في حنان :
ـ نعم... أو لا يكفي كل هذا ؟!!
وأقترب منها.. فاقتربت منه.. والتقت عيونهما وتتابعت أنفاسهما..
............



#حسن_الشامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قلوب تحترق.. قصة قصيرة
- أشواك على الطريق.. قصة قصيرة
- النظرة الوحيدة.. قصة قصيرة
- ذكريات الحب الأول.. قصة قصيرة
- لحظة الوداع.. قصة قصيرة
- طالب دكتوراة.. قصة قصيرة
- زيارة منتصف الليل.. قصة قصيرة
- خطبة الجمعة.. قصة قصيرة
- مجرد إجراءات.. قصة قصيرة
- رؤية نقدية للمجموعة القصصية -مجرد إجراءات- للقاص / حسن الشام ...
- دور وسائل الإعلام والأسرة في تشكيل الوعي الاجتماعي
- رواية الضباب الجزء السادس والأخير
- رواية الضباب الجزء الخامس
- رواية الضباب الجزء الرابع
- رواية الضباب الجزء الثالث
- رواية الضباب الجزء الثاني
- رواية الضباب
- تقديم عبد العزيز شرف لرواية الضباب
- المشكلات التي تواجه العرب والمسلمين.. ما العمل؟
- زيادة التوعية المجتمعية بالديمقراطية في مصر


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن الشامي - ما أجملك أيها الحب ! .. قصة قصيرة