أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الغربي عمران - قراءة في رواية أسكندرانية















المزيد.....

قراءة في رواية أسكندرانية


الغربي عمران

الحوار المتمدن-العدد: 6896 - 2021 / 5 / 12 - 14:11
المحور: الادب والفن
    


دمية افروديت رواية ثلاثية الأبعاد
متاهات الأسطورة والواقع


الغربي عمران
أدب الأسطورة
شريف عابدين طبيب أبدان.. وطبيب أرواح.. فمن يعرفه لدقائق سيسكن حناياه ما بقي من العمر.. ومن يلتقون بعابدين يدركوا مكانة ذلك الكائن الودود.
إسكندراني بامتياز.. وأعني بالإسكندرانية تلك القيم الإنسانية التي يتميز بها إنسان هذه المدينة.. عن بقية سكان مدن مصر.
أزور مصر بمعدل مرة في السنة.. ولي أصدقاء ومعاريف.. في الوسط الأدبي والإعلامي.. أعتز بتلك العلاقات وأزهو بها دوما.
حين أصل إلى القاهرة التي أحبها.. أجدني بحاجة إلى المزيد من دفء مصر. ولذلك زرت الأقصر وأسوان قادما من حلفا وعطبرة بالسودان مرافقا للمبدع الكبير وجدي الأهدل. زرت واحة سيوة .. والسويس والإسماعيلية وبور سعيد وبور فؤاد مرافقا للأدب الجميل فائز البخاري.. وزرت أماكن أخرى برفقة أصدقاء. لكن أي زيارة لمصر لا تكتمل أبدا إلا بزيارة الإسكندرية.. ولا يمكن أحسبها زيارة إلا إذا اقتصيت من أيامي ايام خاصة بالإسكندرية.. إن لم تكن أسابيع أقضيها في مدينة تبادلني العشق والمودة.. وبطبيعتي أحب الصعلكة.. أنزل في فنادق وسط المدينة.. محطة الرمل.. أكرر التجوال في أحياء واسواق بعينها في كل مرة.. أجول معالمها وشواطئها.. وكأنها المرة الأولى.. حيث أجد روح الإنسان فيها تتسم مع نفسي. في آخر زيارة كنت برفقة الصديق الأديب رياض حمادي.. وكانت زيارة ممتعة وجميلة.. جلنا فيه أهمل المعالم.
ودوما أسعى لألتقي بالأصدقاء مع حفظ الألقاب: عابدين.. وعتيبة.. الركابي.. منى منصور.. محمد عطية.. سعيد سالم..رشاد بلال.. شوقي بدر.. منى عارف.. أحمد سماحة.. الزغبي.. د.سميرة..عبير يحيى.. أيفن الطبلاوي..سهير النحاس..هناء عبدالهادي.. نهى عاصي.. أمل رفعت.. الشرنوبي..حجاج أدول..عبير درويش..نهى بلال.. والقائمة تطول.. فالإسكندرية ليست مكتبتها.. ولا قلعة قيتاباي.. مزاراتها.. أو كورنيشها وأسواقها أو بقية معالمها.. وما أكثرها وأجملها.. بل هي إنسانها.. هناك حيث تلتقيه في منتدياتها الثقافية.. مقاهيها.. شواطئها.. أسواقها.. محطاتها.. إسكندرية التي تمثل بوتقة إنسانية فريدة.. تجمع إنسان هذا الكوكب بجميع أعراقه.. مدينة عالمية في نبض قلبها .. وبهاء روحها.
حين تصفحت رواية "دمية أفروديت". للأديب الجميل عابدين وجدت روحي تذهب للحديث عن كاتبها.. ثم عن مدينته وأصدقائه.. الذين عدد منهم اصدقائي.. حين أكتب بمحبة فأني لا أفرق بين العمل وصاحبه.. بين الكاتب وبيئته.. وبينه وبين مجتمعه.
عابدين.. حين نقرأ له.. نشعر بأنه يجالسنا يتكلم إلينا.. لأنه يخط عمله بماء قلبه.. شعرا.. ونثرا.. ومن يقرأ له ما يزيد عن عشرة اصدارات متنوعة بين الشعر والقصة والقصيرة.. والقصيرة جدا.. والرواية.. يدرك مدى ثقافة هذا الأديب.. وسعة اطلاعه.
ما أتناوله في هذه السطور القليلة.. أحدث اصداراته الروائية "دمية أفروديت" الصادرة عن دار المفكر العربي 2021، وأجد تصنيفها بالروائية الأسطورية.. إذ أن عابدين سبق هذا العمل بروايتين: زلاتيا وزينا برطه.. وهما أيضا يبحران بالقارئ في عوالم أسطورية.. ما يذكرنا ذلك بعدد من الروائيين العرب.. حنا مينا ورواياته عن البحر.. واسيني الأعرج وأعماله عن المورسكيين.. ابراهيم الكوني وعوالم الصحراء.. سيد نجم وأدب المقاومة. وهكذا نجد الأدباء الكبار يخطون مشاريعهم الأدبية بامتياز في عوالم مدهشة. هي بصمة يتميزون بها.. عن وعي بمشروع يختطونه روائيا.. وهنا نجد عابدين بتميز استدعاء الماضي الأسطوري.. ليعري واقع حياتي مصاب بأعطاب كثيرة.. بل وتدني أوضاع المجتمع ذوقيا وحياتيا.
ولذلك أتوقع من عابدين أن يمضي في هذا النهج الأسطوري.. مشروع المزج بين الأسطوري والمعاصر.. بين ما يدور اليوم باستدعاء واستخدام الشخصيات الأسطورية وعوالمها المثيرة.
ثراء معرفي
حين نأتي على ما أورده الكاتب من أسماء عديدة لألهة.. ووظائفها.. وعلاقاتها.. وألاعيبها ... مركزا على العلاقات العاطفية.. كمحرك لدوافع كثيرة.. كان له هدف تقديم الواقع من خلالها.. ولذلك ترك فينا ذلك الأثر الناجز في تطور تلك الأحداث والعلاقات المتشعبة.. إضافة إلى تنامي الشخصيات.. ولم يكتف الكاتب في روايته بالمتن.. بل افسح مجالا ضافيا لهوامش من الثراء المعرفي بمكان ..إذ سلط الضوء على مسميات وأحداث وشخصيات بالتعريف والشروحات الباذخة.. قد يضيف إلى معارف القارئ الكثير والكثير.. وما يشير إلى أن عابدين قد أبحر بقراءة تلك العوالم المدهشة المتخمة بالحلم والخيال قبل أن يبدأ بكتابة رائعته دمية أفروديت.. وذلك يدل على سعة ثقافته واطلاعه .. ما يؤكد إلى أن فن السرد ليس حكيا مجرد.. بل معرفة مسبقة يجب أن يكتسبها الكاتب ليعكسها فنا مشوقا يترك أثرا في نفس المتلقي فنيا وموضوعيا كما لدى كاتبنا في هذا العمل الجميل .
وما يدهش أن نجد تلك الآلهة في علاقاتها تلك التي تماثل العلاقات الإنسانية بمشاعرها الجياشة واطماعها.. ومؤامرات.. وغيرتها وجموح يتخطى المعقول. ولم تأت تلك الخصائص غريبة على شخصيات الآلهة.. بل جاءت وفق أنساق منطقية.. حيث منطقها الكاتب ليمنح القارئ متعة مضاعفة.. فنية ومعرفية..لندرك أن مجتمع الآلهة يشابه مجتمعاتنا.. مضاف إليها تلك القدرات الخارقة التي تجعل منها آلهة كاملة أو أنصاف آلهة.
الكاتب يمنح المتلقي إحساس بأنه جزء من ذلك المجتمع الخيالي.. المفعم بالأحلام.. مشاركاً الآلهة ما تصنع.. ليتعاطف مع بعضها ويكره الآخر. دمية أفروديت جاءت في أكثر من أربعين ألف كلمة.. نثرها الكاتب على مائتين صفحة..وقسمها إلى عدة فصول.. جعل عناوينها مرتبظة بأسماء الدمى؛ ليطرزها بنوازع.. وطبائع.. ودوافع.. ما يجعل المتلقي يتساءل.. هل عنى الكاتب بالمزج بين قضايا ذلك العالم وأحوال عالمنا المعاصر.. أن يحاكم الواقع.
جانب آخر يزيد المتلقي إمتاعا.. صياغة تلك الألاعيب المتخيلة والمنتقاة بعناية .. بفن ليجعل من عوالم الأساطير الإغريقية.. وألاعيبها الفنية ملحمة سردية مشوقة.. إضافة إلى تلك اللغة الجميلة والمنسجمة مع عوالم الرواية.. تلك العوالم التي يمكننا مشاركة الكاتب في لحظات تشكلها في مخيلته.. والمختص في التاريخ.. سيدرك كم هو الجهد الذي بذله الكاتب متخيلا ليصنع حكايات لم تأتي قط .. حكايات خيالية لتلك الشخصيات الأسطورية .. يمكننا أن نقرأ كل حكاية منفصلة.. وفي الوقت نفسه هي متصلة ببقية الحكايات التي كونت هذا العمل الملحمي المدهش.. شخصيات تحاكي شخصيات العصر في نوازعها ودوافعها.. متخيلا كثير من الأحداث.. تلك التي تقود إلى جعل شخصيات العمل تندغم في صراعات توليدية لأحداث متلاحقة.. في تطور درامي مدهش.. هناك قدر كبير من التخييل يتكئ على مسميات الآلهة نعم لكن بمسارات جديدة ومصائر مختلفة
ثلاثية الأبعاد
وإذا عدنا إلى ما سطره الكاتب في تمهيده.. سنجد ذلك التمهيد مهم.. وليس زائدا عن حدة.. بل مكملا لما في المتن.. وكاشفا للكثير من شخصياته وأحداثه.. ثم يأتي بالهوامش.. وفي تقديري أن تلك الهوامش مادة هامة قائمة بذاتها.. يمكن للقارئ قراءتها بمعزل عن متن الرواية.. كمادة معرفية صرفة.. ويمكنه قراءتها القراءة العادية .. ترجمة وتعريف لكل إشارة في المتن هابطا إلى الهامش لتكمل لديه الصورة. المتن وكما ذكرانا سابقا.. أن الكاتب جعل المتلقي يصعد من الأرض إلى السماء ليشارك الآلهة صراعاتهم.. كما يهبط بالإلهة من السماء إلى الأرض ليشاركوا البشر ما يعانوه.
رواية مختلفة لروائي يخط يوما بعد يوم تميزه.. وتحديدا مشروعه الروائي الأسطوري.. واضعا نفسه بين من لهم بصماتهم وتميزهم.. فعابدين وأدبه يمكننا اطلاق صفة الرواية أو الأدب لأسطوري على تلك الأعمال. وهو ما يجعلنا في ترقب لعمله القادم.. متشوقين إلى شخصياته المتوهجة .. وعوالمه المدهشة.. في أدب يختلف عما ينسجون. فهل حجز عابدين مقعده.. بين المتميزين. من لهم بصمة تخص كل منهم.
هي تحية لعمل صحبني في شهر رمضان.. في قراءة ممتعة وشيقة.



#الغربي_عمران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في مستوطنات تعليمية
- الفيل يفك ضفائر السرد في اصداره الجديد باختراق التابوهات
- دانة البطران تراوح بين المفارقة والترميز
- رياح محمد الشميري في قصاصة عنيدة المضامين ذاهبا بها لمناقشة ...
- واقعية سيرية .. ايدلوجية الطرح في رواية عبد الرحمن خضر -شرخ ...
- لابوانت.. رواية السخرية السوداء.. وتشظي الهوية.
- المرواني يمزج بين فنون الشعر والسرد في مجموعته- انبثاق ضوء-
- عادل سعيد في الأسايطة يكسر مسارات السرد.. ويعري التسلط....
- صلاح بن طوعري.. يلون نصوص بغموض السحر.. سحر جزيرة سقطرى...
- قراءة في مجموعة قصصية لسلوى بكر
- قراءة في رواية مغربية
- قراة في رواية سنوات الغروب
- قراءة في رواية رايات الموت
- قراءة لرواية سيدات الحواس الخمس
- مقاربة حول رواية سيدات الحواس الخمس


المزيد.....




- بثمن خيالي.. نجمة مصرية تبيع جلباب -حزمني يا- في مزاد علني ( ...
- مصر.. وفاة المخرج والسيناريست القدير عصام الشماع
- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الغربي عمران - قراءة في رواية أسكندرانية