أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - توقعات اقتصادية لما بعد الوباء















المزيد.....



توقعات اقتصادية لما بعد الوباء


الطاهر المعز

الحوار المتمدن-العدد: 6893 - 2021 / 5 / 9 - 18:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مؤشرات اقتصادية لمرحلة ما بعد "كوفيد – 19"

يُشكل هذا النّصّ ملخّصًا لمطالعات بحوث ودراسات ونُصُوص، أُحاول الإطلاع عليها واستخدام المعلومات الواردة بها في بعض ما أكتُبُ وأَنِشُرُ، ويمثل النص عَرْضًا لِبَعْض هذه المطالعات، وهي عمومًا مُفيدة لمن يريد متابعة ما يجري وما تُهيِّئُهُ الرأسمالية لنا ولجيل أبنائنا وأحفادنا، إن لم نتمكّن من التّخلُّص من نظام الإستغلال والإضطهاد والهيمنة، واستبداله بنظام عادل...

بعض ملامح الوضع العالمي، سنة 2020
وصلت النزاعات والوباء وتغير المناخ وانعدام الأمن الغذائي الحاد إلى أعلى مستوياتها خلال العام 2020، وفقًا لوكالة فرانس برس في الخامس من أيار/مايو 2021، فارتفع عدد سُكّان العالم الذين كانوا في حالة "أزمة مرتبطة بانعدام الأمن الغذائي"، من 135 مليون شخص سنة 2019، إلى 155 مليون شخص، سنة 2020، بالإضافة إلى أربعين مليون شخص، يُعانون من انعدام الأمن الغذائي، بسبب الأزمة الإقتصادية، لسنة 2020، وفقًا لبرنامج الأغذية العالمي (WFP) ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، التي صنفت أكثر من 28 مليون شخص في 38 دولة في حالة "طوارئ غذائية"، سنة 2020، خصوصًا في جمهورية الكونغو الديمقراطية واليمن وأفغانستان، فيما كان عشرات الآلاف من الأشخاص في حالة "كارثة أو مجاعة" في بوركينا فاسو وجنوب السودان واليمن، بالإضافة إلى ذلك ، ويعاني خمسة عشر مليون شخص من المجاعة الحادة بسبب المناخ والجفاف والفيضانات وما إلى ذلك، وعمومًا أدت جائحة "كوفيد -19" إلى تفاقم أزمة القطاع الزراعي ، واضطراب إنتاج وتوزيع المنتجات الغذائية ...
عند التّدقيق في تقارير منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي، نلاحظ أن ستة من الأزمات الغذائية الرئيسية، من أصل عشرة ، في العام 2020، هي نتيجة للصراعات التي تسببها أو تغذيها بشكل مباشر البلدان الإمبريالية وشركاتها متعددة الجنسيات: جمهورية الكونغو الديمقراطية واليمن وسوريا وأفغانستان ونيجيريا وجنوب السودان، حيث يعاني مائة مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي في هذه البلدان التي أشعلت الإمبريالية بها الحروب المستمرة لعدة سنوات.

عالم الغَد في نَظَر المُؤسّسات المُهَيْمِنَة:
العالم سنة 2040 ، كما تتوقّعُهُ وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية
تنشر وكالة المخابرات المركزية، كل أربع سنوات، عند تنصيب رئيس جديد، تقريرًا عن تنبؤاتها بمستقبل العالم، خلال العشرين عامًا القادمة، "لمساعدة الرئيس الجديد للولايات المتحدة على مواجهة مشاكل العالم، في مجالات الاقتصاد والدبلوماسية والصحة والتكنولوجيا وغير ذلك... "، وورد في التّقرير الأخير (2021): "من يتحكم في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي سيسيطر على الكوكب... لذلك من الضروري تشجيع الابتكار وتكَيُّف الإقتصاد وجميع مجالات الحياة مع هذه المُتغيرات... وألاَّ نسمح للصين بالتنافس مع الولايات المتحدة في مجالات التقدم التكنولوجي والاقتصاد والصحة والزراعة إلخ".
تقترح وكالة المخابرات المركزية (لمكافحة التقدم التكنولوجي في الصين ) تركيز الدعاية على استخدام الصين للتكنولوجيا بهدف انتهاك حُرّيّات وحقوق وخصوصية مليارات الأشخاص.
أدى تَطَوُّرُ الأَتْمَتَة (استخدام الآلة أو "أوتومات" أو "الرُّوبُو" للقيام بأعمال كان الإنسان يقوم بها) إلى زيادة عدد الوظائف غير المستقرة، وإلغاء مئات الآلاف من الوظائف، في المهن الشاقة كالمناجم ودُهن السيارات وغيرها، ثم تطور الأمر ليصل إلغاء وظائف الصّرّافين أو القابضين والقابضات في المحلات التجارية الكبرى في البلدان الصناعية وفي المصارف ووسائل النقل، وإلغاء العديد من الوظائف منخفضة المهارات التي يمكن أن تختفي بعد بضع سنوات في معظم بلدان العالم، كما تُبيِّنُ المُؤشّرات اختفاء المئات من الوظائف الأخرى التي تتطلب مهارات أعلى، واستبدال المُهندسين ومُصَمِّمِي برامج الحواسيب والآلات بخوارزميات، ينتجها عدد قليل من المهندسين، لتُستخدم في قطاع المصارف والتحليل المالي واستشراف المخاطر وما إلى ذلك، وعمومًا، تستنتج وكالة المخابرات المركزية أن انتشار الروبوتات يُشكّل انعكاسًا لثورة صناعية جديدة سوف تؤثر كثيرًا على الاقتصاد والديموغرافيا وجميع مجالات الحياة اليومية...
تقدر وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية أن الأمراض العقلية ستنتشر على مدى العقدين المقبلين بسبب البطالة والأزمات الاقتصادية وعواقب جائحة "كوفيد -19"، وتُقَدِّرُ لتتجاوز تكلفة تأثيراتها على الإقتصاد العالمي 16 تريليون دولار على مدى السنوات العشرين المقبلة.

تأثير الوباء على الفُقراء:
عُمومًا، وبغض النّظر عن تقرير وكالة المخابرات المركزية، لا ينبغي التّقليل من عواقب الوباء الحالي التي لم تَظْهَرْ سوى بعض بوادِرِها، وهي عواقب كارثية على الشباب، وعلى العاملين بالوظائف غير المستقرة، والقاطنين بالمساكن غير الصّحّية، والذين فقدوا وظائفهم، والعديد من الفئات الأخرى التي تَسَبّبت الإجراءات الحُكُومية في عَزْلِها عن المجتمع.
أما موقع صندوق النقد الدّولي فقد نَشَر تقريرًا يوم الرابع من كانون الأول/ديسمبر 2020، عن الأضرار التي لحقت بالفقراء جراء انتشار وباء الفيروس التّاجي "كوفيد – 19"، ويُقدّم الصندوق "حُلُولاً" غير جِدّيّة، بل متناقضة مع شُرُوطه التي يفرضُها على الدّول المُقْتَرِضَة.
تتفق مجمل الدّراسات، التي نُشِرَتْ في أنحاء العالم، على مُساهمة انتشار الوباء في ارتفاع أعداد الفُقراء ونسبتهم من العدد الإجمالي للسّكّان، سنة 2020، وهم أكثر عُرْضَةً للإصابة، ويعملون برواتب منخفضة، قبل الجائحة، إن وجدوا عملاً، أو يعملون في القطاع غير النّظامي (الإقتصاد المُوازي)، ولا يمتلكون مُدَّخَرات ويضطرّون للبحث عن عمل، خلال فترة الحجر الصّحّي، رغم ارتفاع احتمالات الإصابة، لأن المِهَن التي يُمارسها الفُقراء لا يمكن تنفيذها عن بُعْد، ولأن الحكومات (باستثناء القليل) لم تُوَفِّر للفُقراء الكمامات والغذاء المجاني، ولم تتكفل بإيجار المسكن وبفواتير الكهرباء والماء وأقساط الدّيون، وغير ذلك من المصاريف القَارَّة، أثناء فترة الحجز المنزلي، في أحياء ومساكن ضَيِّقَة، مُكتظّة، من شأنها مُضاعَفَة احتمال الإصابة، ولهذه الأسباب، يُمثل عدد الأثرياء حوالي 10% من إجمالي المُصابين بفيروس "كوفيد"، فيما يزبد عدد الفُقراء عن 52%، ويُمثل مُعدّل عدد وفيات الفُقراء المُصابين بالوباء، أربعة أضعاف عدد الأثرياء المُصابين، إذ يمكن للأثرياء (خلافًا للفُقراء) الحصول على الأكسجين، والعلاج السّريع، لإنقاذ أرواحهم...
على صعيد الإقتصاد الشُّمُولي العالمي، تراجع الناتج الإجمالي العالمي بالأسعار الجارية (اطلع (ي) على تعريف بعض المُصْطَلَحات، في موضع آخر لاحِق) بنحو 2,5% من 86,6 تريليون دولارا سنة 2019، إلى 84,54 تريليون دولارا، سنة 2020، غير أن ثروة أثرى الأثرياء زادت، خاصة للمضاربين ومن يمتلكون شركات التكنولوجيا الدّقيقة...
في الوطن العربي، الذي يحطم الرقم القياسي العالمي (كإقليم، أو كَكُتْلَة) بعدد المُعَطّلين عن العمل والفُقراء، تسبّبت قرارات الإغلاق ومنع التجول والتباعد الاجتماعي والحَبْس المنزلي (في ظل غياب الظروف الصّحّية بالمَساكن، وغياب التّأمين الإجتماعي والصّحّي)، في فقدان سُبُل عيش عشرات الملايين من المواطنين، وبالأخص من كانوا في أسفل درجات السُّلَّم الإجتماعي والطّبَقِي، وتسببت هذه القرارات بإفلاس الشركات الصّغيرة، وصغار التُّجّار والمُزارعين، وغيرهم، فيما حصل الأثرياء على الدّعم...
قَدّرت تقارير البنك العالمي نسبة الفُقر المُدقع (أقل من 1,9 دولارا للفرد في اليوم) بالوطن العربي، ككُتلة تَضُم الأثرياء كالسعودية ودُويلات الخليج، إلى جانب مصر والمغرب والبلدان الفقيرة، ب2,4% سنة 2013 وبنسبة 3,8% سنة 2015، وبنسبة 7,2% سنة 2018، أي قبل انتشار الجائحة بحوالي سنة ونصف، وهي نِسَبٌ دون الواقع بكثير، إذ يعتمد البنك العالمي على البيانات التي تُقدّمها الحكومات، وقدّرت نفس التقارير أن عدد الفُقراء المُدقعين بالوطن العربي يتجاوز 26 مليون، سنة 2019، والتحق بهم حوالي 8,5 ملايين فقير جديد، بسبب وباء "كوفيد 19"، بنهاية 2020، فيما انخفض دخل حوالي 18 مليون مواطن إضافي إلى أقل من 5,5 دولارات للفرد يوميا، مع الإحتراز الشديد من هذه البيانات التي لا تُشكّل سوى مُؤشِّر، ولا تعكس الصورة الحقيقية للوضع.
إن ارتفاع عدد الفُقراء والمُعَطّلين عن العمل وعدد الأُمِّيِّين يعود إلى تبديد المال العام من خلال دَعْم الشركات الكُبرى والأثرياء، في مقابل غياب أو ضُعف الإنفاق الحكومي في شبكات الحماية والتّأمين الإجتماعي والصّحّي، فيما يفرض الدّائنون (خاصة صندوق النقد الدّولي والبنك العالمي) خصخصة كافة المَرافق، وفرض قُيُود صارمة على النفقات الحكومية، ما يُفقِد البلدان المُقْتَرِضة استقلالها، وهامش حُرّيّة اتخاذ القرارات، وتقييد الخيارات الإقتصادية والإجتماعية، لتُصبح حكومات الدّول المُقْتَرضة أداةً لتنفيذ سياسات نيوليبرالية تستفيد منها الشركات العابرة للقارات، باسم "التّكَيُّف والمُرُونة" و "تحسين مناخ الأعمال، لاجتذاب الإستثمارات الأجنبية"، وقَدّر البنك العالمي قيمة متوسّط التحويلات النّقدية لحكومات البلدان العربية لصالح الشركات والأثرياء بما يعادل إيراداتهم المُعتادة لأكثر من أربعة أشهر، سنة 2020، وأهملت هذه الحكومات الفئات الأشد فقرا والأكثر احتياجا.
قَدّر البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، بداية شهر نيسان/ابريل 2021، أن جائحة "كوفيد - 19 " أثّرت في فقراء العالم بشكل خاص، ودفعت بنحو مائة مليون شخص إلى هوة الفقر المدقع سنة 2020، وتتوقع منظمة الأمم المتحدة ارتفاع الفقر في بعض مناطق العالم، ومنها الوطن العربي، إلى مستويات غير مسبوقة، منذ ثلاثة عُقُود، مع عجز الدّول الفقيرة عن حماية البشر من المرض والموت (لا يَتَعَرّضُ تقرير الأمم المتحدة للأسباب كالنّهب الإمبريالي، وعَمالة الحُكومات المَحَلِّية)، وعن الإنفاق على الصحة والتعليم والبنية التحتية والمسكن اللائق وتوفير المرافق والإحتياجات الضّرورية، لتخفيض انتشار الفقر ووفيات الأطفال، وأصابت جائحة كوفيد - 19 قرابة مائتي مليون شخص بالفيروس وراح ضحيتها أكثر من ثلاثة ملايين شخص (تقديرات يوم الرابع من نيسان/ابريل 2021)، بحسب الأمم المتحدة التي تُؤكِّدُ وثيقتها على ضرورة زيادة الإستثمار في قطاعات الصحة والتعليم والطرقات والكهرباء والمياه والمرافق الصحية، لتحقيق أهداف "التنمية المُستدامة" (ما يَتعارض مع شُرُوط صندوق النقد الدّولي والبنك العالمي)، ويُقدّر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن حكومات الدّول الأشد فقرًا تحتاج لتمويل إضافي يعادل 14% من الناتج المَحَلِّي الإجمالي لهذه الدّول، لتحقيق أهداف التنمية المُستدامة، بحلول 2030، وهو ما أصبح مُسْتَبْعدًا، على ضوء مُخلّفات أزمة جائحة "كوفيد – 19".

تاثيرات الوباء على القطاعات الإقتصادية:
أضَرّ وباء "كوفيد 19" بالقطاعات المنتجة، كالزراعة والعديد من الصناعات، وقطاعات خدمات النقل والأسفار والسياحة، واستفادت الشركات غَيْر المُنْتِجة، مثل منصات أو شركات البيع عن بُعد (التجارة الإلكترونية)، بحسب تقرير صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، اعتمدَ إحصاءات عدد من الدّول الفقيرة والمتوسطة، وكذلك بيانات سبع دول غنية ( أستراليا وكندا والصين وكوريا الجنوبية وسنغافورة وبريطانيا والولايات المتحدة)، وتمثل هذه الدول الغنية نحو ثلثي الصفقات الإلكترونية لمواقع البيع من الشركات إلى المستهلكين مباشرة (بي تو سي)، دون المرور بتجار التجزئة التقليديين، حيث ارتفعت قيمة مبيعات التجزئة عبر الإنترنت بنسبة 22,4% بهذه البلدان، سنة 2020، لتبلغ قرابة 2,5 تريليون دولارا، كما سجلت التجارة الإلكترونية ارتفاعًا كبيرًا في أمريكا الجنوبية وفي إفريقيا، ويُشير تقرير "أونكتاد" أن الدّول الفقيرة لا تمتلك التكنولوجيا ولا المعلومات الضرورية للتحكم في التجارة الإلكترونية التي تُسيطر عليها الشركات الكبرى العابرة للقارات، ما يزيد من تبعية الدّول الفقيرة، التي تشتري أنظمتها أيضًا، أجهزة اتصالات ومراقبة وتجسس متطورة، لتجميع المعلومات عن المواطنين وممارسة الرقابة المُسْتَمِرّة، بهدف لَجْم حرية التعبير والعمل النقابي والسياسي، ورغم تقلص الحجم إجمالي لمبيعات شركات الخدمات، ارتفع الحجم الإجمالي لمبيعات شركات التجارة الإلكترونية الكُبرى بنسبة 20,5% سنة 2020، مقارنة بسنة 2019، وكانت الشركات الأمريكية، مثل "شوبيفاي" و"وولمارت" من أكبر المستفيدين، وهي شركات اشتهرت بحَظْر النّشاط النّقابي وبالتّضْييق على العاملين (ومعظمهن عاملات)، وبانخفاض الرواتب وعدم خلاص العمل الإضافي المفروض، وقَضْم وقت الرّاحة وما إلى ذلك.
كما أدّى الوباء إلى انخفاض مستوى التبادل التجاري العالمي، وذكر تقرير نشرته مؤسسة "موديز" للتصنيف الائتماني، يوم السابع من أيار/مايو 2021، أن التجارة العالمية لن تعود إلى مستوى ما قبل أزمة كورونا، سنة 2021، لكن يتوقّعُ مُعِدُّو التقرير نموها بنسبة تتراوح ما بين 7% و9%، بعد انكماش بنسبة - 9% (سالبة) سنة 2020، بسبب الجائحة، وإغلاق كامل أو جُزْئِي لمعظم القطاعات الاقتصادية، مع تباين في درجات الإنكماش، كما في دَرَجات التّعافي المُحتَمَل، إذ أظْهرت البيانات التي نشرتها مختلف المؤسسات المالية انتعاش الصناعة، وحركة التجارة في الدّول الرأسمالية المتطورة كاليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا والولايات المتحدة وإيطاليا وفرنسا وبريطانيا، رغم الإغلاق الجُزْئي، سنة 2020 وبداية سنة 2021، كما في "الإقتصادات الصاعدة"، كما تُسمّيها المؤسسات المالية الدّولية، منها البرازيل والمكسيك وجنوب إفريقيا وروسيا والصين والهند، فيما تُعاني الدول "النامية" والفقيرة من ضُعْف حركة التّجارة ومن نتائج غلق الحدود والإجراءات الحِمائية في الدول الرأسمالية المتقدمة، منها فرض الرسوم الأمريكية الإضافية (خلال فترة رئاسة "جو بايدن") على الحديد والصّلْب، وتأثيرات تشديد الحصار الإقتصادي الأمريكي والأوروبي على الصّين وعلى روسيا وإيران وفنزويلا، وغيرها، بدلَ رَفْع "العُقوبات"، بعد إبعاد "دونالد ترامب"، ويَتوقّع خُبراء نشرت وكالة الصحافة الفرنسية آراءهم (يوم 08 أيار/مايو 2021) استمرار الحرب التّجارية، عبر فرض الرسوم الجمركية على دخول السلع إلى الولايات المتحدة وأوروبا، في ظل انحياز منظمة التجارة العالمية لصف الإمبريالية الأمريكية والأوروبية...
في أوروبا، وفي الأشهُر الأولى من سنة 2021، أظهر مسح لمؤسسة الإحصاء بالإتحاد الأوروبي (يوروستات يوم الرابع من أيار/مايو 2021) أن أنشطة المصانع في منطقة العُمْلَة المُوَحَّدَة "اليورو" (19 دولة) نمت إلى مستوى قياسي، خلال شهر نيسان/أبريل 2021، بفضل الدّعم الحكومي، وزيادة الطلب، والإبقاء على نشاط المصانع (زَمَنَ الإغلاق)، رغم تعطيل حركة التجارة الدّولية والتّوريد والتّصدير، وكذلك رغم الموجة الثالثة لانتشار فيروس "كورونا" الذي عَطّل نشاط بعض قطاعات الخدمات، وسبق أن أضرب العاملون في عدد من مصانع إيطاليا وبريطانيا، ومخازن "آمازون" للتجارة الإلكترونية، بسبب ظروف العمل التي تُعرّض العاملين للخطر القاتل، ويتوقّع الباحثون بمؤسسة "يوروستات" ارتفاع مستوى إنتاج المَصانع، ومُشتريات الشركات والمُستهلكين، خلال الربع الثاني من سنة 2021، لكن ارتفعت أسعار المنتجات، بذريعة ارتفاع تكلفة المواد الخام، بحسب وكالة "رويترز" (04 أيار/مايو 2021)، واستغلّت شركات البيْع انخفاض العرض، والنقص في أنواع معينة من المنتجات ، مثل أشباه الموصلات أو مواد البناء لرفع مجمل الأسعار، وخاصة أسعار العقارات ورُسُوم التّعليم والرعاية الصحية ومجمل السّلع سواء "المُعَمِّرَة" أو للإستهلاك السريع، بشكل غير متناسب مع سعر التّكلفة، وذلك عمَلاً بقاعدة "ترتفع الأسعار آليا، إذا كان الطّلب يفوق العَرْض"، وأظهرت العديد من الدّراسات إن شركات كُبرى مثل "علي بابا" أو "آمازون" أو "وولمارت"، رَفَعَت الأسعار، رغم تواصل تَدفُّق السلع إلى مُستودعاتها، ورغم عدم معاناتها من نقص السلع، وعلى سبيل المثال أيضًا، ارتفعت تكلفة بعض فُرُوع التعليم الجامعي في الولايات المتحدة (جامعات "هارفارد"، و "برينستون"، على سبيل الذِّكْر) بنسبة 55% خلال سنتَيْ 2019 و 2020 (وبنسبة 170% خلال عشرين سنة) وارتفعت رسوم رعاية الأطفال ودور الحضانة بنسبة 106%، بحسب معهد "أمريكان إنتربرايز"، كما ارتفعت أسعار السّلع التي بقي عمّال الدول الفقيرة يصنعونها أثناء فترة الحجر الصحي، مثل الملابس والأحذية، والتي بقيت تتدفّق، بأسعار رخيصة، نحو الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وغيرها، فيما استقرت، أو انخفضت رواتب العاملين بهذه الصناعات في بنغلادش أو فيتنام أو جزيرة موريشيوس وغيرها.
استفادت شركات الإلكترونيات والإتصالات وتصنيع الهواتف المحمولة، مثل "سامسونغ" التي سجلت زيادةً في أرباحها من مبيعات الإلكترونيات، بنسبة 45% خلال الربع الأول من سنة 2021، بفعل الطلب القوي على الهواتف المحمولة، أثناء فترة الحبس المنزلي، وتعطيل حركة العديد من الأنشطة الإقتصادية، كما ارتفعت أرباح شركات تصنيع رقائق الحواسيب والهواتف المحمولة، والبلاستيك والألمنيوم والفولاذ والأخشاب، في حين لم ترتفع أسعار السلع الفاخرة، أو الخدمات التي تستهدف الأثرياء، مثل التعليم الخاص والرعاية الصحية، سوى بنسب ضئيلة.
يؤدّي ارتفاع أسعار السلع الضرورية إلى إرهاق ميزانيات الفقراء والعاملين من ذوي الدخل المنخفض، وكذلك الفئات الوُسْطى التي تضررت من أزمة 2008، ثم من الأزمة الناتجة عن جائحة "كوفيد 19"، مع ارتفاع نسبة بطالة المُتعلّمين وخرّيجي الجامعات، في معظم دول العالم، ما يؤدّي إلى هشاشة وضع الجيل الذي وُلِد مع القرن الحادي والعشرين (أو بعد انهيار الإتحاد السوفييتي، الذي تزامن مع انتشار النيوليبيرالية في العالم)، وخصوصًا من الفئات التي لا تمتلك أُسَرها ثروةً، أو علاقات تُمكّنهم من وظيفة مُستَقِرّة وبراتب مُجْزي، في زمن ارتفاع أسعار الأصول مقارنة بالرواتب، لأن الميراث، وليس العَمَل هو مَصْدَر الجزء الأهم من الثروة المتراكمة في العالم، بحسب "توماس بيكيتي" (كتاب "رأس المال في القرن الحادي والعشرين") وبيكيتي ليس شيوعيًّا، بل مُعادٍ للماركسية، وينتمي إلى المدرسة الإقتصادية النيوكينيزية، ولا يرمي سوى إلى إصلاح الرأسمالية، لتفادي ثورة الكادحين والفُقَراء...

مُستقبل العَمل والتّوظيف:
قدّرت منظمة العمل الدّولية عدد القوة العاملة العالمية، عند انتشار وياء الفيروس التاجي (كوفيد – 19) بنحو 3,5 مليارات عاملة وعامل، وأدّى الحجر الصحي، بعد انتشار الفيروس وإغلاق المؤسسات، إلى فقدان العالم، خلال الربع الثاني من سنة 2020، نحو 14% من ساعات العمل، أو ما يعادل 480 مليون وظيفة، وبالخصوص في قطاع الخدمات الذي يُشغّل نحو نصف العاملين في العالم.
تأثّرت الطبقة العاملة والكادحون ( صغار المُزارِعِين والحِرَفِيِّين...) بالأزمتَيْن الهامّتَيْن اللَّتَيْن حدثتا خلال القرن الواحد والعشرين، أزمة 2008/2009، ثم أزمة انتشار وباء "كوفيد 19"، بنهاية سنة 2019، وبداية سنة 2020، وأنفقت الحكومات المال العام "لإنقاذ" النظام الرأسمالي من الإنهيار (رغم عدم تهديده من قِبَل قُوى اشتراكية جاهزة)، عبر ضخ مبالغ طائلة للشركات الكُبرى.
نشر "روبرت برينر" منذ سنة 2002 بحثًا بعنوان "الطّفرة والفُقاعة- مكانة الولايات المتحدة في الإقتصاد العالمي"، ثم نَشَر بحثًا آخر سنة 2006، بعنوان "اقتصاديات الإضطراب العالمي – الإقتصادات الرأسمالية المُتَقَدِّمَة من الإزدهار الطّويل إلى الإنكماش الطّويل 1945 – 2005 "، وأسَّسَ سنة 2017، مع "فيفيك شيبر"، بمساعدةٍ من مجلة "جاكوبين"، مجلة "المُحَفِّز"، وهي مجلة أكاديمية تهتم بالقضايا النّظرية والإستراتيجية، ويُعتبر "روبرت برينر" مُؤسس ومُطَوِّر مفاهيم مثل "الكساد الطّويل" (أو الرّكود المُزمن، بحسب البعض الآخر)، ويلاحظ نمو الاقتصادات الرأسمالية المتقدّمة بوتيرة بطيئة، منذ حوالي خمسة عُقُود، ما أدّى إلى انخفاض إنتاجية القطاعات (وليس إنتاجية العاملين)، وعالجت حكومات الدّول الرأسمالية المتقدّمة الكساد بإطلاق سياسات تقشفية، عانت من جرائها الشُّعُوب والطبقات الكادحة، وفرضت هذه الدّول نفس السياسة (عبر صندوق النقد الدّولي والبنك العالمي ومنظمة التجارة العالمية...) على البلدان الفقيرة (النامية)، لينخفض الإنفاق على قطاعات حيوية كالتعليم والصحة والنقل العمومي وشبكات المواصلات، وجميع المرافق والخدمات العمومية، وأدّى الكساد إلى ترحيل العديد من الصناعات غير الأساسية إلى البلدان الفقيرة، حيث المواد الخام والعمالة الرخيصة، ما دَمّر البيئة الصناعية في المناطق التي كان اقتصادها يعتمد على استخراج المعادن، والنسيج والأحذية والصّيد البحري والمِلْكِيّة الزراعية الصّغيرة، في مقابل نُمُوّ قطاعات البحث العلمي والتكنولوجيا المتطورة (عالية الإنتاجية)، وكذلك قطاع الخدمات، والأنشطة ذات النّمو البطيء والإنتاجية المنخفضة.
أدى تباطؤ النّمو الإقتصادي والرّكود الطّويل، في الدّول الرأسمالية المتطورة، بشكل متواصل منذ حوالي خمسة عقود، إلى ارتفاع الطلب على بعض التقنيات (التكنولوجيا) وإلى انخفاض الطلب على العُمّال، في الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي، وكذلك في البلدان متوسّطة الدّخل، وأدت السياسات التقشفية للحكومات إلى تخريب القطاع العام، ووَضْع حدٍّ لدَوْر الدّولة (المال العام) في الإنفاق على القطاعات الحيوية الأساسية، وإنهاء دور الدّولة كَمُشرف (على) أو كمَعَدِّلٍ للإقتصاد (مراقبة الأسعار والأُجُور، على سبيل المثال) فساءت ظروف العمل وانخفض مستوى الرواتب، فيما اتجه رأس المال نحو المُضاربة، بسبب انحسار فُرَص الإستثمار في مجالات أُخْرَى تُوفِّرُ هوامش رِبْح مُرتفعة...
في هذه الظّروف، وبعد حوالي عقد واحد من أزمة 2008/2009، انتشر وباء "كوفيد – 19"، وزاد من حِدّة الركود العالمي، بسبب إغلاق المدارس والعديد من القطاعات الإقتصادية، ولم تنجح حكومات أوروبا وأمريكا الشمالية في وقف انتشار الوباء، بسبب انهيار قطاع الصحة الذي أهملته الحكومات، بل خَرّبَتْه منذ عُقُود، وعالجت حكومات الدّول الغنية هذه الأزمة (كما الأزمة السابقة) بمَنْح الشركات الرأسمالية الكبيرة مُحَفِّزات مالية واقتصادية وضريبية تُنْقِذُ رأس المال، ولكنها لن تُؤَدِّيَ إلى "تعافي الإقتصاد"، ولا إلى خلق وظائف، بل تُبيِّنُ المُؤشِّرات ارتفاعًا كبيرًا لمعدّلات البطالة خلال السنوات القادمة...
عَرَفَ بَعْضُنا مِهنًا اندثَرتْ تمامًا كالحَدّاد التقليدي ونّجّار أو خَيّاط الحَي أو القَرْية، وعاملات الرّبط الهاتفي، ثم بدأت العديد من المؤسسات، الخاصة والعمومية، تستبدل عاملي وعاملات الإستقبال بآلات تسجيل وآلات صرف الأموال وإيداع الوثائق واستخراجها، وشراء تذاكر السّفر وغير ذلك من قضاء الشؤون اليومية، وكان التقدّم التكنولوجي يقضي على وظائف العمل اليَدَوِي، منذ الثورة الصناعية، ليخلق وظائف أخرى، لكن في الوقت الحالي تسارعت عملية إلغاء الوظائف وتضخيم أرباح رأس المال، على حساب حصّة العَمل، لتصبح المُضاربة أسرع طريقة لزيادة أرباح الأثرياء، ويُتوقّعُ أن يستغل الرأسماليون أزمة انتشار وباء "كوفيد"، وتعميم العمل عن بُعْد (في منزل العاملين) لخفض إنفاق الشركات والمصارف على حجم الأجور، وعلى إيجار المباني، ومصاريف الطاقة وتنظيف المحلاّت وغير ذلك، ولن يستفيد الأُجَراء من زيادة الإيرادات، بل بالعكس، سوف يقع إلغاء المزيد من الوظائف، وتشتيت العاملين، لكي يعمل معظمهم عن بُعْد، كُلّما كان ذلك ممكنًا، مع زيادة الإبتزاز وخفض الرواتب، فالعملُ عن بُعْد يُلْغِي بعضَ أَوْجُهِ الطابع الإجتماعي للعمل، فلا لقاءات أو نقاشات حول ظُرُوف العمل، ما يُضْعِفُ العمل النقابي، وإمكانية الإضراب. أما المِهن التي لا يزال بها عُمّال في مواقع العمل (البناء، التنظيف، رعاية الأطفال والمُسِنِّين...)، فتُنَفِّذُها شركات فَرْعِية، متعاقدة من الباطن، تُمارس أبشع أنواع الإستغلال...
كتبت صحيفة "فايننانشال تايمز" (30 نيسان/ابريل 2021)، بشأن فئة الشباب، أنها أجْرَتْ مَسْحًا عالميًّا ( في لبنان وجنوب إفريقيا ونرويج ودنمارك والبرتغال والبرازيل والولايات المتحدة وأستراليا وماليزيا وكمبوديا والهند والصين...) حول توقعات الشباب ممن لم يبلغوا 35 سنة عاما حول حياتهم في أعقاب وباء "كوفيد – 19"، وعبّرَ معظمهم عن عدم ثقتهم بالمنظومة القائمة التي يعيشون داخلها، "لانفِراط العقد الإجتماعي" الذي سادَ بعد الحرب العالمية الثانية، حتّى العقد الأخير من القرن العشرين، فهم يشعُرُون بأن "الجَدارَة" واكتساب الخبرة والمهارات لم تَعُدْ وسيلة لكسب الرّزق، وأنهم يفتقدون إلى النفوذ الإقتصادي والسياسي، بَلْ فقدوا استقلاليتهم، حيث يعيش العديد منهم في مَسْكن الوالِدَيْن، ويجدون صعوبات مُرْهِقة للمحافظة على وضعهم الإقتصادي والإجتماعي، بسبب عدم الإستقرار، وارتفاع الأسعار، خصوصًا ارتفاع تكاليف الإسكان، وأقساط التّأمين الصّحّي، وعبّرت أغلبيتهم عن قلقها بشأن مستقبل جيل أبنائهم، في ظل ارتفاع تكاليف الصحة والتعليم والإسكان، مع صعوبة التّوظيف، خصوصًا مع انتشار العمل عن بُعد، الذي يُخَفّض من عدد العاملين، ويزيد من أرباح الشركات، التي يمكنها توفير الإيجار والخدمات (كهرباء، مكيفات، مياه...)، وأصبحت الوظائف القليلة المتوفرة أقل أمانًا، ولا تضمن الحصول على الرعاية الصحية أو حتى جراية التّقاعد... لذلك أصبحت ثروة العائلة (أي التّمَوْقع الطّبَقي) أكثر أهمّيّةً من درجة التّعليم ومن الإجتهاد أو الجُهود الخاصّة، أو الخبرة والمهارات الفردية، بحسب بحث أجراه "معهد الدراسات المالية" البريطاني في نيسان/ابريل 2021.
أصبح العمل القارّ استثناءً، وعقود "التدريب" الطويلة، لفترة سنَتَيْن في المتوسط، والعقود المُؤقّتَة، بدون تحديد ساعات العمل، وانعدام الأمن الوظيفي، شائعًا، ويشمل حوالي 50% من الشباب الذين يعملون في دول منطقة اليورو، وتقل أعمارهم عن 25 سنة، قبل انتشار وباء "كوفيد 19"، ثم فقدت نسبة كبيرة منهم (أكثر من 30% بحسب تقديرات "يوروستات") هذه الوظائف الهَشّة، ووجد البعض (حوالي 12% ) عملا هشًّا بدوام جُزْئي وبنصف الراتب السابق، في المتوسّط، مع تعميم تدهور ظروف العمل (بالنسبة للعاملين بدوام كامل أيضًا، وفي وظائف تقتضي مهارات وخبرات ودرجة تعليم مرتفعة)، وتجميد الرواتب وانعدام الأمل في زيادتها، رغم ساعات العمل الطويلة (المساء وعُطلة نهاية الأسبوع، في البيت)، والاجتماعات، قبل أو بَعْدَ وقت الدوام، ما يخفض ثمن ساعة العمل، إلى أقل من الحَدّ الأدنى للرواتب، لأن البعض يعمل في اليابان أو الصين أو الولايات المتحدة أو غيرها، أكثر من خمسين ساعة أسبوعيا، في شركات الإستشارات والمُحاسبة ومكاتب المُحاماة وتصميم البرامج التكنولوجية...
يحدث هذا في الدّول الرأسمالية المتطورة. أما في الدّول الفقيرة، أو "النّامية" التي يعُمُّها الفساد المَفْضُوح وقَمع الحريات العامة والفردية، فقد غاب التّفاؤل، وأصبح الأطباء والمُهندسون والفَنِّيُّون الذي أنفق الشعب على تعليمهم، لا يجدون عملاً في بلدانهم التي تُعاني من الحُروب والرّكود الإقتصادي، حتى قبل الوباء، سواء في آسيا أو إفريقيا والوطن العربي، أو غيرها من الأماكن والبُلدان، فيهاجرون بحثًا عن عُقُود هشّة وبرواتب أقل من رواتب زُملائهم الأوروبّيّين والأمريكيين...
تُؤَدِّي إجراءات الحجر الصّحّي والعمل عن بُعْد، وانتشار العمل الهش، وغيرها، إلى تكْدِير مستوى العلاقات الإجتماعية، وإلى صعوبة التقاء المواطنين للنقاش والتّشاور والتّحالف من أجل الدّفاع عن مصالح الكادحين والأُجَراء، والفُقراء، كما تؤدِّي إلى إضعاف العمل النّقابي، والحراك الإجتماعي، ما يفرض على الأحزاب والمنظمات المُدافعة عن حقوق المواطنين، وعلى المنظمات الإشتراكية إقرار خطط تتماشى مع هذا الوضع، لمكافحة الفوارق الطبقية وعدم المساواة، والعمل على بناء مجتمع مبني على أُسُس المساواة والعدالة...
مارست مختلف حكومات العالم، خلال فترة انتشار وباء "كوفيد 19"، التقَشُّف وخفض الإنفاق الحكومي، وتبديد المال العام الذي وَفَّرَتْه من التّقَشُّف، لإنقاذ للقطاع الخاص، وقد يكون انتشار الوباء فرصة لتنفيذ "إعادة هيكلة" الإقتصاد الرأسمالي بِرُمّتِه، وتَغْيِير علاقات العمل إلى ما أسوأ، وتسريع وتيرة العمل للعُمّال الذين لم يقع تَسْرِيحُهم، وتغيير العلاقات الإجتماعية، وتعجيل نشر الآلات (الروبوتات) التي تقوم بالأعمال المنزلية وبِلَفّ الإنتاج في أكياس، وأعمال أخرى، لتتزايد أعداد المُعَطّلين عن العمل، خاصة من العاملات في قطاعات تجارة التجزئة والقطاع الصحي، ورعاية المرضى والمُسنّين، بالإضافة إلى عمل النساء، غير مدفوع الأَجْر، والمتمثل في رعاية أكثر من مليار طفل أُغْلِقَت مدارسُهُم سنة 2020...
دفعت القرارات الحكومية، التي رافقت انتشار الوباء، العُمّال المُعَطّلين إلى البحث عن عمل يحصلون منه على قليل من المال، بغض النظر عن ظروف العمل السّيّئة وعن الرواتب المنخفضة، واضطر عشرات الملايين من العاملين إلى دخول الإقتصاد الموازي ( القطاع غير الرّسمي)، وخصوصًا في المشاريع الصغيرة (والعائلية أحيانًا) بقطاع الخدمات المعروف بإنتاجيته المنخفضة (خلافًا للقطاع الصناعي) وبالرواتب المنخفضة أيضًا، وتُساهم معظم هذه العوامل في انعدام الأمان الوظيفي، وفي زيادة انتشار الفجوة الطبقية واللامُساواة، وانخفاض حصة العَمل مقابل ارتفاع حصة رأس المال، والتحاق جزء هام من العاملين بصفوف الفَقْر المُدْقَع.

ارتفاع مُستوى الدّيُون:
تعهّد صندوق النقد الدّولي بإقراض 280 مليار دولارا، "بشروط مُيسّرة" (لم تُحدّدها وثائق الصندوق المنشورة للعموم) منها 110 مليارات دولارا للدُّوَل التي يُسمّيها "نامية"، لكنه يشترط أو يَفْرِضُ "تعبئة الموارد الضرورية لتحقيق أهداف التنمية، عبر تحفيز واجتذاب الاستثمارات الخاصة، وتنفيذ الإصلاحات التشريعية والإقتصادية..."، وتَخَصَّصَ "خُبراءُ" ومُستشارو صندوق النقد الدّولي بتغليف الشروط القاسية بعبارات مُلَطّفة ولكنها غامضة وكاذبة، مثل "إن الإصلاحات الهيكلية ضرورية لدعم النّمو، ولتعزيز الاستقرار الاقتصادي، وجودة المؤسسات، والشفافية، والحوكمة، والشمول المالي..."
تَدْخُل الدّول المُقترِضة في حَلَقَة مُفْرَغَة، تتميز بارتفاع حجم الدّيون وفوائدها، من سنة إلى أخرى، ما يجعلها عاجزة عن تحقيق التوازن بين تمويل الإنفاق على التنمية وعلى الإحتياجات العاجلة، مع تسديد الدّيون وفوائدها، وتطبيق شُرُوط الدّائنين التي تتعارض مع مصلحة الشعوب والدّول الواقعة تحت الهيمنة، وعلى سبيل المثال يرفض صندوق النقد الدّولي والبنك العالمي (والدّائنون الآخرون) مبدأ مجانية الخَدَمات العامة الأساسية، عملاً بالمَبْدَأ الرأسمالي "لكل شيء ثَمَن مادّي" (أو مُقابل مالي)، ويَفرض بالتالي، في مرحلة أولى، زيادة الضرائب غير المباشرة، كالقيمة المُضافَة، بما لا يقل عن 5%، لتصل نسبتها تدريجيا، خلال عشر سنوات في المتوسّط، إلى 25% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، وهي أكثر الضرائب إجحافًا لأنها تُساوي بين الغني والفقير، وتمكّن الصندوق من فَرْض مثل هذه "الحُلُول" على بلدان مثل كمبوديا وباكستان والأرجنتين ونيجيريا ورواندا، ما أدّى إلى كوارث اقتصادية واجتماعية، وإلى رَهْن مستقبل الأجيال الجديدة...
أشار تقرير أصدرته وكالة "ستاندارد أند بورز" للتصنيف الإئتماني، بداية آذار/مارس 2021، إلى ارتفاع الدّيْن السيادي (راجع التّعريف في آخر المقال)، خلال سنة 2020، ووصل حجم الإقتراض بواسطة سَنَدات الدَّيْن السيادية مستوى قياسي، فيما يحتاج الإقتصاد العالمي، لمواجهة تبعات وباء كورونا، إلى مبالغ إضافية، تقارب 11 تريليون دولارا، سنتَيْ 2020 و 2021، أو ما يُعادل 13% من الناتج الإجمالي العالمي، ما يرفع حجم الدَّيْن التجاري إلى حوالي 68 تريليون دولارا، أو ما يُعادل ثلاثة أرْباع الناتج الإجمالي العالمي، وقَدَّرَت أن ينخفض حجم هذا الصنف من التّدايُن (إصدار سندات الدَّيْن السيادية) بنسبة 20% سنة 2021، لكنه سوف يبقى مُرتفعا بنسبة حوالي 50% عن مستوى سنة 2019، ليبلغ 12,6 تريليون دولارا، وبنَتْ الوكالة توقعات الإنتعاش الإقتصادي، على حجم الدّعم والتحفيز النّقدي الذي ضَخّتْهُ حكومات الدّول الرأسمالية المتقدمة، وعلى احتمال تعميم التطعيم ضد فيرون "كوفيد – 19"، وعلى فتح الاقتصاد العالمي في النصف الثاني من العام 2021، لكن لا تتوقع المؤسسات المالية العالمية عودة الإقتصاد العالمي إلى مستوى سنة 2019، قبل سنتيْن أو ثلاثة، وتَعْنِي بذلك الدّوَل المُصَنَّفَة "اقتصادات متقدّمة أو صاعدة"، ولا تعني الدول التي تُسمّيها "نامية" أو فقيرة، لأن المؤسسات المالية والدُّيُون لم تترك أي هامش للمناورة لدى هذا الصنف الأخير من الدّول التي لا تتحكّم بقرارها الإقتصادي وبقرارها السياسي، وبالتالي فهي منقوصَة (أو مَعْدُومة) السيادة، وتُخصّص في مجملها نحو 40% من إيرادات الدّولة لتسديد "خدمة الدّيْن" (الأَصْل والفوائد و"الخَدمات"، مثل إقامة بعثات الدّائنين وتقاريرهم...)، وخلافًا لمعدّلات الفائدة التي تميل نحو الصّفر في الدّول الرأسمالية المتقدمة، ترتفع معدّلات الفائدة على اقتراض هذه الدّول، حيث تبلغ نحو 11,5%، في المتوسّط، لأن مؤسسات التصنيف الإئتماني، وأغلبيتها الساحقة أمريكية، صنّفتها "عالية المَخاطر"، منها دول إفريقية نفطية، مثل نيجيريا وأنغولا، ما يرفع نسبة الفوائد على المبالغ التي تقترضها...

دُيُون الوطن العربي:
أشرْنا في فقرةٍ سابقة إلى إعلان صندوق النقد الدّولي "تقديم مُساعدات" (أي قُرُوض قصيرة المَدَى، مَشْرُوطة وبفوائد ) للعديد من الدّول، ومنها الدّول العربية "لمجابهة بعض أعراض الوَضْع الصّحّي الناجم عن انتشار وباء كوفيد – 19"، ما يُضيف دُيُونا وفوائد (خدمات الدَّيْن) جديدة، إلى المبالغ القديمة.
تضاعف حجم الدين الخارجي لعشر دول عربية غير نفطية، بين سَنَتَيْ 2000 و 2019، ما جعل خدمة الدّين تصل إلى ما بين 10,6% و 41,2% من عائدات الدولة، في هذه البلدان العَشْر، خصوصًا بعدما فَرَضَ صندوق النقد الدولي والبنك العالمي ، اعتبارًا من العام 2016 ، زيادة حادة في خدمة الدين (الفائدة) على القروض الممنوحة لمصر وجيبوتي والأردن ولبنان والمغرب وتونس، لتتجاوز خدمة الدَّيْن، مدموع المبالغ المُقْتَرَضَة، بين العامين 2000 و 2006، قبل أن ترتفع بشكل كبير، بين سَنَتَيْ 2008 و 2019.
اقترضت 13 دولة عربية، من صندوق النقد الدولي 35 مليار دولار، خلال الفترة من 2001 إلى 2019، وسددت بالفعل (حتى 2019) 13 مليار دولار، منها 15% رسومًا وفوائد فقط، وتضاعف الدَّيْن الخارجي للدول العربية بمقدار 2,5 مرات خلال هذه السنوات العشرين، حتى سنة 2019، ليصل مجموع حجمه إلى 236 مليار دولار، وتميزت هذه الفترة بارتفاع حجم السندات التي طرحتها الحكومات العربية للبيع، في حين ارتفعت أسعار فائدة الدُّيُون، مع انخفاض قيمة العملات المحلية مقابل الدولار، لتأتي جائحة "كوفيد 19" فتُضِيف مشاكل أخرى جديدة، في بلدان يعتمد اقتصادها على المواد الخام (منخفضة الأسعار)، وأدّى انخفاض أسعار صادرات المواد الخام إلى انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي، مع زيادة أقساط سداد الديون، لتكتمل دَوْرَةُ الأزمة في الدّول العربية التي يقوم اقتصادها وصادراتها على استخراج وبيع المواد الخام غير المصنعة، كالوقود الخام والمنتجات الزراعية والمنتجات المصنعة ذات القيمة المضافة المنخفضة ، كالمنسوجات والجلود، وتستورد هذه البلدان الحبوب والمواد المُصنّعة التي لا ينخفض سعرها أبدًا، بل يرتفع باستمرار.
بعد الإنتفاضات العربية، أي منذ العام 2011، اقترضت عدة دول عربية مبالغ جديدة من صندوق النقد الدولي لسداد ديون أخرى، بشرط تطبيق سياسات وخطط نيوليبرالية، ما أدى إلى ارتفاع ديون تونس (+ 168%) ومصر (+ 270%) والأردن (+ 176%) ولبنان (+ 378%) وجيبوتي (+ 801%)، فيما يتحمل السكان (خصوصًا في مصر ولبنان وتونس) وطأة إجراءات التقشف التي يفرضها صندوق النقد الدولي، وخفض قيمة العملات المَحَلِّيّة، التي فَقَدَتْ، بين 1 آذار/مارس 2020 و 1 كانون الثاني/يناير 2021 ، ما بين 9% و 28%من قيمتها مقابل الدولار واليورو، وهي العُملات التي تم بها تقويم المبالغ المُقْتَرَضَة.
كانت انتفاضات 2010-2011 مُوَجّهة ضد نتائج السياسات النيوليبرالية لأنظمة الكومبرادور الاستبدادية، المدعومة من الإمبريالية ومؤسساتها المالية الدّولية، لكن الحكومات الجديدة اتبعت نفس السياسات، لتسوء الحال، فارتفعت المديونية التي عزّزت إجراءات التقشف وتَدَهْوَرَ الإقتصاد، ما أدّى بدوره إلى تدهور أوضاع الطبقات العاملة، وأغلبية السّكّان (النساء والأطفال والشباب المُعَطّل عن العمل وكبار السّن، والنازحين واللاجئين، بسبب الحُروب العدوانية بليبيا واليمن وسوريا والعراق، ناهيك عن الشعب الفلسطيني)، وتمت إضافة 8,3 ملايين فقير جديد بسبب التباطؤ الاقتصادي الناجم عن وباء كورونا.
تمتلك الدول العربية الرقم القياسي لأعلى معدل بطالة بين الشباب في العالم (أكثر من 27% في المتوسط) والشباب هم أكثر عرضة للبطالة بخمس مرات من البالغين، ويعمل 80% من شباب المنطقة في القطاع غير الرسمي، وبالتالي يعانون من انخفاض كبير في الدخل، ومن الحرمان من الحماية الإجتماعية والصّحّية، وفي تونس، ما انفَكَّ مُعدّل بطالة الشباب يرتفع، سنة 2021، ليصل إلى نحو 40% في المناطق الداخلية، البعيدة عن سواحل البحر الأبيض المتوسّط، مع التذكير بأن معدل بطالة الشباب كان أحد أسباب احتجاجات كانون الأول/ديسمبر 2010 – كانون الثاني/يناير 2011، وتظاهرت هذه الفئة من الشاب في شوارع تونس في كانون الثاني/يناير 2021، في الذكرى العاشرة لانتفاضة 2010-2011.
تُعْتَبَرُ المنطقة العربية (كإقليم ) الأكثر تفاوتًا في العالم، إذ يمتلك 37 مليارديراً نفس القدر من الثروة التي يمتلكها النصف الأفقر من السكان البالغين، ويحتكر أغنى 10% نحو 64% من الثروة، مقارنة بـ 37% في أوروبا الغربية، و 47% في الولايات المتحدة، و 55% في البرازيل، ويستحوذ أغنى 1% من العرب على 30% من الدخل السنوي الفردي، مقابل 12% في أوروبا الغربية، و 20% في الولايات المتحدة، و 28% في البرازيل، و 18% في جنوب إفريقيا، و 14% في الصين، و 21% في الهند بحسب البيانات الواردة بموقع البنك العالمي، بنهاية آذار/مارس 2021.
أما صندوق النقد الدولي، الأخ التَّوْأَم للبنك العالمي، فقد أشار إلى أن تعزيز النمو قد يتطلب تمويلًا يتجاوز 170 مليار دولارا للعام 2021، لتدخل المنطقة العربية في موجة جديدة من الديون وتطبيق السياسات النيوليبرالية التي تضر بمصالح أغلبية أفراد الشعب وفئاته الكادحة، لأن الدّيُون لا تُوجّهُ نحو القطاعات المُنتجة، ولا تستفيد منها الفئات الكادحة والفُقراء والأُجَراء، وعمومًا، أدت أزمة جائحة "كوفيد – 19" إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية، وتسببت في ارتفاع أعداد العاطلين عن العمل والفقراء، ما جعل العديد من الحركات الاجتماعية العربية تُطالب بإلغاء الدين العام، فضلاً عن التخلي عن ما يسمى باتفاقيات التجارة الحرة، خاصة مع أوروبا.

خاتمة:
هل تُساعد التكنولوجيا في تحرير الإنسان، والإنسان الكادح والعامل بشكل خاص؟ هل تُمكّن الإكتشافات العلمية من تحسين ظروف حياة البشر، وتيْسير الحصول على الحاجيات الأساسية كالمسكن اللائق والغذاء الصّحّي للجميع والرعاية الصحية والنّقل المريخ ورخيص الثمن...؟
هل يتسبّب انتشار استخدام التطور التكنولوجي في انتشار البطالة وركود الأجور، وتفشي انعدام الأمان الوظيفي؟ إنه خيار أو قرار سياسي واقتصادي، يرتكز على مبادئ التفاوت الطبقي وانعدام المساواة، والدّليل انخفاض معدلات الإستثمار، بالتوازي مع ارتفاع ثروة الأثرياء الذين لا يعملون، وراكموا ثرواتهم بالوِراثة، وتعميق الهوّة الطبقية بين الأثرياء والفُقراء...
إن التقدم العلمي والإبتكارات، وتطبيقاتها التكنولوجية، منحى تاريخي، لن يتوقّف، لكن استخدام التطور العلمي (بما في ذلك بمجالات الغذاء والدّواء) يتوقف على الشركات التي تحتكره بذريعة "حقوق المِلْكِية"، ولذلك فهو سلعة تباع لمن يستطيع تسديد ثمنها...
عَمّت الإضرابات والمُظاهرات والإحتجاجات العديد من مناطق العالم، خلال العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين، وكان المُحتجُّون مدفوعين بدوافع البطالة والفَقْر والعُنف المُؤسّساتي والمَيْز واللامُساواة، لكن هذه الحركات كانت عبارة عن ردود الفعل ضد وَضْعٍ سيّء، ولم تكُن مُنظّمة وذات أهداف بعيدة المدى مثل القضاء على أسباب الفَقْر والإستغلال والإضطهاد، لأن مهمة طرح بديل للمجتمع الحالي تقع على عاتق المنظمات والأحزاب التي تهدف تغيير نمط الإنتاج ونمط توزيعه، وتغيير المجتمع ككل، عبر العمل الجماعي والمُنَظّم والهادف، أي الذي يطرح بدائل، لتحويل ردّ الفعل الغاضب إلى ثورة واعية، ذات أهداف قريبة ومتوسطة وبعيدة المَدَى...
إن المطلوب هو تكثيف التحركات الإجتماعية، على أن يكون الهدف تغيير طبيعة علاقات الإنتاج، ليُصْبِحَ العمل الجماعي أداةً لتلبية حاجيات المجتمع ككل، بكافة فئاته، ومن الرضيع إلى الطاعن في السن، ولا توجد وسيلةٌ أُخْرى سوى النضال لنتوصّل إلى بناء المجتمع الذي يطلب من كل مواطن القيام بما يستطيع لمصلحة الجميع، ويُوَفّر (المجتمع) لكل إنسان ما يحتاجه من سلع وخدمات وترفيه، وغير ذلك، بغض النّظر عن وظيفة الإنسان ونوعية العمل الذي يُؤدّيه، ليصبح العمل قيمة اجتماعية، ولِيُصبح العاملون شُرَكاء في التّصميم و"البَرْمَجَة" وفي اتخاذ القرار وتنفيذه، ويسمح مثل هذا المجتمع للجميع بممارسة هواياتهم وصَقْل مواهبهم أو مهاراتهم الفَنِّيّة والثقافية والرياضية وغيرها.

هوامش:
نشر موقع مجلة "ديسينت" ( dissentmagazine ) مقالا مُقتَبَسًا من كتاب "الأتْمَتَة والعَمَل في المُستقبل"، أولُ كتابٍ نَشَرَهُ الباحث "آرون بناناف" (في تشرين الثاني/نوفمبر 2020 )، قبل أن ينشُر كتابه الثاني عن التاريخ العالمي للبطالة

تعريفات:
تعريف بعض المصطلحات
"صافي التحويل":
صافي تحويل الدين هو الفرق بين ما يحصل عليه بلد ما في شكل قروض وما يسدده (بما في ذلك أصل الدين والفائدة ، والمعروف أيضًا باسم خدمة الدين). إذا كان المبلغ سالبًا، فهذا يعني أنه في تلك السنة قامت الدولة بسداد قروض أكثر مما تلقته.
الناتج المحلي الإجمالي:
يحدد قيمة إجمالي الإنتاج والثروة المنتجة في منطقة مُعينة وفي فترة معينة، مع مجموع القيمة المضافة، ولكنه لا يحتسب المبادلات غير السوقية.
وردت في المقال عبارة "الناتج المحلي الاسمي، بالأسعار الجارية"، أي تقويم الناتج بأسعار السوق الحالية، لأن الأسعار تتغَيّر باستمرار. أما عبارة "الناتج المحلي الحقيقي، بالأسعار الثابتة" فيُقَوّم قيمة الإنتاج من السّلع والخدمات، بالأسعار الثابتة، لسنَةٍ مُعَيّنة، تصبح سنة القِياس.
"النمو الاقتصادي":
هو التغير في الناتج المحلي الإجمالي من فترة إلى أخرى داخل نفس المنطقة
السّندات السيادية:
هي أوراق قانونية، في شكل شهادة دَيْن بقيمة مُحَدّدة، تُصْدِرُها خزينة الدّولة، وتضمن قيمتها، بعائد مُتّفق عليه مُسبَقَا، خلال مُدّة مُعيّنة، ترتفع أو تنخفض بحسب تقدير المَخاطر، مثل التّخلّف عن السّداد، وهي حالات نادرة (الأرجنتين سنة 2002 واليونان سنة 2009...).
الديون السيادية هي السندات التي تقوم الدولة بإصدارها بالعملة الأجنبية، بالدولار أو اليورو لتمويل بعض المشاريع، أو لتسديد دُيون سابقة، أو لشراء مُعدّات من الخارج، بالعُملات الأجنبية، وقد تُصدِرُ الحكومات سندات بالعُملة المَحَلِّية (اقتراض داخلي)



#الطاهر_المعز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مخاطر الإستراتيجية الأمريكية بآسيا - الجزء الثالث والأخير
- مخاطر الإستراتيجية الأمريكية بآسيا - الجزء الثاني من ثلاثة أ ...
- مَخاطر المُخَطّطات الأمريكية في آسيا - دراسة من ثلاثة أجزاء
- تشاد- على هامش مقتل إدريس ديبي
- عيد بأية حال عُدْتَ ياعيد
- تونس بين إفلاس الإئتلاف الرجعي الحاكم، وغياب قوى الثورة
- رأسمالية القرن الواحد والعشرين، قطب واحد أم أقطاب متعددة؟
- أوروبا والعباءة الأمريكية
- لمن تُقْرَعُ الأجراس في أوروبا؟
- لماذا ولِمَنْ يُكَدَّسُ السلاح؟
- تونس، بأي حال عُدْتَ يارمضان
- الهند - متابعة لاحتجاجات صغار المزارعين
- تضامنا مع سوريا الشعب والوطن والدّولة
- جنين في الذّاكرة
- باريس وَكْر المُخابرات والإغتيالات
- فلسطين للتحرير وليست للتقسيم
- بعد سنة من إعلان الحجر الصحي آذار/مارس 2020/2021
- من تأثيرات الصّراع الصيني الامريكي
- معركة -الكرامة-
- ذكرى -كمونة باريس-


المزيد.....




- إنقاذ سلحفاة مائية ابتعدت عن البحر في السعودية (فيديو)
- القيادة الأمريكية الوسطى تعلن تدمير 7 صواريخ و3 طائرات مسيرة ...
- دراسة جدلية: لا وجود للمادة المظلمة في الكون
- المشاط مهنئا بوتين: فوزكم في الانتخابات الرئاسية يعتبر هزيمة ...
- ترامب: إن تم انتخابي -سأجمع الرئيسين الروسي الأوكراني وأخبر ...
- سيناتور أمريكي لنظام كييف: قريبا ستحصلون على سلاح فعال لتدمي ...
- 3 مشروبات شائعة تجعل بشرتك تبدو أكبر سنا
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /19.03.2024/ ...
- إفطارات الشوارع في الخرطوم عادة رمضانية تتحدى الحرب
- أكوام القمامة تهدد نازحي الخيام في رفح بالأوبئة


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - توقعات اقتصادية لما بعد الوباء