أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - عيسى أبن الله ح2















المزيد.....

عيسى أبن الله ح2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6885 - 2021 / 5 / 1 - 19:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أعتراف عيسى بأنه رسول الله إلى الناس يخرجه بالضرورة أن يكون إله من إله ونور من نور بمعنى المماثلة والمساواة، فالرسول ليس المرسل ولا هو عين وجوده ووظيفته، فلكل من الراسل والرسول وجود خاص مختلف بالتأكيد بدليل أن المسيحيون عموما يؤمنون بوجود رسل قبل عيسى عليه السلام، فلو كانت الرسالة بحد ذاتها هي رابط وعنوان توحيد بين الله والرسول، كان المنطق يقول أنها تطبق على الجميع وحتى الشياطين بمفهوم الرسالة هم أيضا رسل الله إلى الناس كي يفحص أعمالهم، فالقضية ليست تفريدا لعيسى أنه رسول الله فهو أبنه بمعنى الابوة الكامل وليس الأعتباري الذي يعني أن كل متبع لله ومؤمن به ومصدق هو ابن على وجه المثال وليس على وجه الحقيقة.
في إنجيل يوحنا 5: 21-27 هناك نص ملتبس وقد يفصح عن حقيقة ربما اراد كاتب النص أن يغير بها المراد فيقول (مَنْ لاَ يُكْرِمُ الابْنَ لاَ يُكْرِمُ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَهُ) هنا الآب هو صاحب الرسالة والرسول أداة التوصيل والتكريم المقصود أن من لا يؤمن بالرسول بالتأكيد لا يؤمن بمن أرسله، لذا جاءت التكملة في نفس السياق على لسان يسوع عليه السلام (اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كَلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ) هنا الإيمان ليس بعيسى أبدا بل بالرسالة التي يحملها وبالرب الله الذي أرسله، فالحياة الأبدية الموعودة لم تكن نتيجة وجود عيسى ابن بل بتصديق الرسل والإيمان بالله الذي هو ربهم وهو صاحب مشروع الرسالة، هذا الالتفاف على المعنى هو الذي وضع البلبلة في أفهام وعقول الناس حينما تم تحوير المعنى بدل أن تكون الجنة وهي الحياة الأبدية جزاء ايمان وتصديق بالله وبالرسالة وبالرسل، إلى معنى جزئي مضلل هو الإيمان بالمسيح بمعزل عن الإيمان بأصل القضية، الدليل هنا هو معنى الأنتقال الأخير من الموت للحياة الأبدية التي فيها الخلود في الجنة والنار وهذا عين ما جاء في القرآن الكريم من أن الحساب في ساعة وفي يوم محدد حين يعلم من أمن وصدق أنه في حياة أبدية لا تنتهي، واخرون كذبوا الرسل وقالوا على الله وعلى رسله ما يشاؤون دون سلطان ولا كتاب منير، السبب كما يقول الإنجيل لأن هناك فرق بين حياة الله في ذاته ويعني وجود وماهية الله، وبين حياة الإنسان الذي هو بشكل أو بأخر ابن الله بالمعنى الأعتباري أو بالزعم (لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ، كَذلِكَ أَعْطَى الابْنَ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ) فالحياة المسئولة عن رسالة غير منفصلة عن قدرة وقوة الله ومضمون الرسالة، لذلك منح الله الانبياء المعجزات حتى تكون سلطانهم الذي يثبت قوة الله لا قوتهم وسلطان الله لا سلطانهم كأشخاص مجردين (وَأَعْطَاهُ سُلْطَانًا أَنْ يَدِينَ أَيْضًا، لأَنَّهُ ابْنُ الإِنْسَانِ).
هذا الفهم مستمر في الإنجيل ومتكرر بنفي القدرة الذاتية عن يسوع المسيح وأنه لم يأت بشيء منه ولا يعمل ذلك لأجل مجده، إنه الإقرار بالربوبية لله وحده وتنزيه يسوع لنفسه عما يقول الناس (وَقَالَ: {تَعْلِيمِي لَيْسَ لِي بَلْ لِلَّذِي أَرْسَلَنِي}) نعم يقولها بصراحة أنه ليس بمتعلم ذاتي وليس بعالم ما لم يعلمه الله ما يريد، فكيف يكون له مساويا بالجوهر وهو محتاج له ومعتمد عليه ولا يتصرف إلا من خلال إرادة الله، لذا أجاب عن سؤال اليهود ومذكرا لهم حقيقة التعليم أنه بالعمل بمشيئة الله، (إِنْ شَاءَ أَحَدٌ أَنْ يَعْمَلَ مَشِيئَتَهُ يَعْرِفُ التَّعْلِيمَ، هَلْ هُوَ مِنَ اللهِ، أَمْ أَتَكَلَّمُ أَنَا مِنْ نَفْسِي. مَنْ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ يَطْلُبُ مَجْدَ نَفْسِهِ، وَأَمَّا مَنْ يَطْلُبُ مَجْدَ الَّذِي أَرْسَلَهُ فَهُوَ صَادِقٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمٌ) إذا ما يدعيه البعض من المسيحيين على مر التأريخ أن فعل يسوع كان هو فعل الله المتجسد به لا يصمد مع هذا النص (وَأَمَّا مَنْ يَطْلُبُ مَجْدَ الَّذِي أَرْسَلَهُ فَهُوَ صَادِقٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمٌ).
الوصية التي قالها يسوع المسيح لليهود لا بد أن تكون جزأ من قانون الإيمان الذي يجب أن يتمسك به المؤمنون أولا، هذه الوصية التي لم تجد أحتراما كافيا من كل الناس وأنحازوا للعواطف وأنحازوا للشيطان قبل أن يفهموا حقيقة السيد المسيح (لاَ تَحْكُمُوا حَسَبَ الظَّاهِرِ بَلِ احْكُمُوا حُكْمًا عَادِلاً)، فقد قالها أمامهم وفي وجههم ما زال صدى كلماته تهز الوجود لكن البعض لم تهتز نواياهم الميتة ابدا لأنهم لا يعرفون الله ولا يعرفون السيد المسيح (فَنَادَى يَسُوعُ وَهُوَ يُعَلِّمُ فِي الْهَيْكَلِ قِائِلاً: تَعْرِفُونَنِي وَتَعْرِفُونَ مِنْ أَيْنَ أَنَا)، هاكم هويتي وماهيتي وأنا أقر بها ولكن لا تقولوا على الله ما لا تعلمون (وَمِنْ نَفْسِي لَمْ آتِ، بَلِ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ حَقٌّ، الَّذِي أَنْتُمْ لَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ. أَنَا أَعْرِفُهُ لأَنِّي مِنْهُ، وَهُوَ أَرْسَلَنِي)، اليس هذا توضيحا كافيا أنه ليس الله وليس ابن الله بل رسوله وكلمته للناس وكما قلنا الكلمة شيء منفصل عن المتكلم لتؤدي وظيفتها فقط دون أن تكون أي علاقة أخرى خارج كونها الذاتي.
أخيرا أعود لقضية موت السيد المسيح الذي كما يقول الإنجيل قدم أبنه ليحمل خطايانا، السؤال هنا هل كان الله رحيما عندما قدم أبنه ليصلب من قبل الأشرار أبناء الأفاعي ليحمل خطاياهم ويطهرهم؟ هل هذا الأب بمقاييس الإنسان الطبيعي سوي عندما يكتب الموت على أبنه ونه يعلم أن الإنسان لا ينتهي من أرتكاب الخطيئة، سؤال أخر هل أنتهت الخطيئة من عالم الوجود عندما صلب المسيح وعاش الإنسان سعيدا؟ بالتأكيد كل هذا لم يحصل بل زادت شرور الإنسان وذهبت تضحية الأبن من قبل أبيه عبثا وبلا معنى، فمن يكون هذا الذي يصف نفسه بالحكمة والرحمة والعقل المطلق أن يتصرف كهمجي يؤمن بأن الدم يطهر الخطيئة ولا يؤمن بأن الكلمة هي مفتاح الصلاح والإصلاح (لأن أجرة الخطية هي موت…رومية 23:6)، إذا وفق هذا القانون موت موسى كان أجر خطيئته، وإلا لا يمكن أن يكون أجر خطيئة الأخر، فالأجر هو جزاء العمل الذي يقوم به شخص مريدا ومختارا وواعيا، فكيف يحمل البريء أجر المخطئ وبأي قانون ومنطق.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيسى أبن الله ح1
- وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ
- بين رائحة النرجس والطين
- إلى الشهيدة الشاعرة سميرة الأشقر
- إنها الحرب يا أمي.....
- الحساب والمحاسبة كمفهوم ودلالات في النص القرآني
- إشكالية الخمس والمخمس في الفقه الإسلامي بعد الرسول
- وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ
- فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا
- نداء من فوق
- نحن والملح والموت
- رسالة إلى صاحب السعادة (حمار) أفندي
- الله عند سبينوزا والله في الأديان
- راقصة في مأتم
- حكاية القن
- َفأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ
- لماذا نكنب في النقد الديني؟ ولماذا نعيد قراءة الدين؟
- رسالة أحتجاج
- قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّه
- عشق طائر حر


المزيد.....




- “سلى أطفالك واتخلص من زنهم” استقبل دلوقتي تردد قناة طيور الج ...
- جونسون يتعهد بـ-حماية الطلاب اليهود- ويتهم بايدن بالتهرب من ...
- كيف أصبحت شوارع الولايات المتحدة مليئة بكارهي اليهود؟
- عملية -الوعد الصادق- رسالة اقتدار وردع من الجمهورية الإسلامي ...
- تردد قنوات الأطفال علي جميع الاقمار “توم وجيري + وناسة + طيو ...
- -بالعربي والتركي-.. تمزيق 400 ملصق للحزب الديمقراطي المسيحي ...
- اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية تصدر بيان ...
- حدثها اليوم وشاهدوا أغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- السعودية.. فيديو تساقط أمطار غزيرة على المسجد النبوي وهكذا ع ...
- فرنسا تعزز الإجراءات الأمنية أمام أماكن العبادة المسيحية


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - عيسى أبن الله ح2