أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نساء الانتفاضة - حول اختيار جنس الجنين واجهاض الاناث















المزيد.....

حول اختيار جنس الجنين واجهاض الاناث


نساء الانتفاضة

الحوار المتمدن-العدد: 6885 - 2021 / 5 / 1 - 14:41
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


يبدأ العنف ضد المراة طويلا قبل ولادتها. يعير المجتمع الذكوري المعاصر اهتماما اكبر بالجنين الذكر عوضا عن الانثى. تواجه الانثى منذ اليوم الاول لتكوينها معركة البقاء او الموت، واحيانا يتم اجهاضها مبكرا، لا لسبب سوى لكونها انثى. تشهد الطفلة الانثى بعد ولادتها وفي كل يوم من حياتها هذه المآساة وتعيش دونيتها، وترى طوال حياتها ظواهر العنف والتمييز الجنسي ضدها وضد مثيلاتها. العنف ضد الاناث، وان لم يكن باشكال بارزة ومرئية، يتخذ عدة اشكال مخفية بحيث ان هذه الانتهاكات تعبر كظواهر طبيعية معمول بها بالرغم من كونها من ابشع الانتهاكات لابسط حقوقهن كانسان..

(سنويا، تموت 240 ألف فتاة تحت عمر الخمس سنوات بسبب "اللامساواة المخفية"). كان هذا الاستنتاج الذي توصلت اليه دراسة اجرتها مجلة الـ "لانسيت" الطبية البريطانية في 2018. اغلبية هذه الوفيات هي بسبب اهمال احتياجاتهم الضرورية مثل الغذاء والصحة والتعليم.. الخ. هذه الدراسة والعديد من الابحاث الأخرى، تظهر في العديد من المجتمعات، بان الصبيان يُعطونَ الافضلية على البنات في كمية ونوعية الغذاء المتاح لهم، وكذلك في مجال العناية الصحية وزيارة الطبيب وفرص التعليم والنمو كأطفال، يحظى الاولاد بالنصيب الاكبر من تلبية هذه الاحتياجات الاولية.
ان تفضيل الذكور على الاناث من قبل ذويهم ظاهرة أكثر شيوعا في بلدان شرق اسيا وجنوبها والشرق الاوسط والصين والهند وشمال افريقيا. تعود اسباب هذا التمييز الى قدرة الدخل الاعلى للذكور (وخاصة في المجتمعات الزراعية)، في هذه المجتمعات يحفظ الذكر "اسم" العائلة ويأخذ على عاتقه رعاية الوالدين في الكبر والمرض. تعتبر الفتاة " عالة" على الوالدين كونها لا تحظى مثل الولد بفرص العمل ذو الدخل العالي، بالإضافة الى ان نفقات الزواج والمهر والجهاز وغيرها تشكل ثقلا على العائلة، خاصة وأنها بعد زواجها تتنقل الى عائلة زوجها، لذا فأنها في كبرها لا تنفع الوالدين اقتصاديا. وبهذا، وفي نظر هذه المجتمعات، فان الانفاق على الفتيات هو بدون مردود بل ويُحسب كضرر مادي للعائلة. وبالتالي فمن مصلحة العائلة ان تقوم بتزويجها منذ سن مبكرة. ثم تتورط الفتاة وهي لازالت طفلة في ضغوطات الحياة الزوجية وإنجاب وتربية الاطفال وادارة المنزل ووحشية المجتمع الذكوري الذي لا يضع اية قيمة لحياتها هي ورفاهيتها.
تمر على مسامع الطفلة البنت كلام ودعوات الاقارب والمخلصين، يقال لوالديها مثلا "الله يرزقكم بأولاد"، "الله يقر عينچ بولد"، " الله يحفظ اولادچ".. وغيرها وكأنما مجيؤها هي للدنيا كان خطأ لابد من تصحيحه!
ان عدم الترحيب بالجنين الانثى واجهاضها، هي من العادات القديمة في العديد من المجتمعات وترتبط مباشرة بالذكورية. فلا تتعرض الفتاة فقط للنظرة الدونية، بل تصبح الام ايضا عرضة لضغوطات نفسية هائلة في سبيل إنجاب الولد. تتهم المرأة بكونها غير قادرة على إنجاب الأولاد، في حين لا يوجد اي اساس علمي لذلك، حيث انها كروموسومات الرجل (ايكس- واي) هي التي تحدد جنس الجنين وليست كروموسومات المرأة (ايكس ايكس). احيانا تجبر المرأة على اجهاض جنينها البنت وغالبا بطرق غير صحية وباستخدام اساليب وعلاجات شعبية قد تعرض حياتها وصحتها للخطر. تتعرض هذه النساء للتعنيف، غالبا ما تنفك العائلة ويقوم الرجل بالزواج ثانية وثالثة فقط لانجاب الولد! لا تتحطم حياة وامن تلكم النساء فقط بل ينظر اليهن المجتمع نظرة دونية وكانهن ارتكبن جريمة كبرى.
بالرغم من عدم وجود او شحة الدراسات والاحصائيات عن نسب اختيار جنس الجنين او اعداد الاجهاض من كلا الجنسين والزواج بثانية او ثالثة واسبابها ودواعيها، الا ان الحياة الواقعية مليئة بأمثلة لرجال تزوجوا على زوجاتهم لا لسبب الا من اجل انجاب الولد، ولكني لا اعتقد بوجود اي مثال على العكس.
في العراق وكوردستان، وفي ضل الاسلام السياسي وذكورية القوى القومية وعقود من الحروب وانعدام الاستقرار في المنطقة، والتي ادت الى تفاقم اضطهاد النساء والاطفال بشكل رهيب، وخاصة منذ 2003، حيث اصبحت الطفلة البنت الضحية غير المرئية وغير مسموعة الصوت لهذه الاوضاع. فاحياء اكثر التقاليد رجعية كتزويج الصغيرات، ختان البنات، فرض الحجاب على الفتيات والقتل غسلا للعار..الخ، ناهيك عما يحدث في المناطق الواقعة تحت سيطرة داعش من اختطاف وقتل واغتصاب وتجارة بالبنات وعرضهن كسبايا في الاسواق.. وغيرها من الجرائم المروعة، حولت حياة البنات الى جحيم وزادت من تهميشهن.

الخرافة والتكنولوجيا وتحقير الجنس الانثوي
لا توجد، الى الان، اية طريقة علمية موثوقة لتحديد جنس الجنين قبل الاخصاب. مع ذلك، وبغية تحقيق رغباتهم (والتي هي في الاصل رغبات وضغوطات المجتمع) تلجأ الزيجات الى طرق تقليدية وغير علمية مثل اتباع نظام غذائي معين او تحديد مواعيد الممارسة الجنسية او الجدول الصيني.. وغيرها. لا يوجد اي اساس علمي لأي من هذه الطرق ولم يتم اثباتها.
يروي لنا التاريخ تقاليد عجيبة وغريبة اتبعتها المجتمعات عبر العصور، فمثلا اعتقد اليونانيون بان الجنين الذكر مخزون في يمين الرجل والانثى في يساره، وبهذا لجا الرجل اليوناني القديم الى شد خصيته اليسرى لتجنب انجاب الاناث. في حين كان الرجل الهندي يمسك بخصيته اليسرى بشدة اثناء الممارسة الجنسية. اما في فرنسا فكان الرجال يستاصلون خصيتهم اليسرى بالكامل كي لايتسنى لهم انجاب البنات على الاطلاق. في تايوان كان هناك اعتقاد سائد بان زواج الرجل البدين من امراة نحيفة يخلف البنات وبالعكس. اخرون اعتقدوا بان الحمل بالبنت يحصل نتيجة الجماع في الايام الفردية والولد في الايام الزوجية!
منذ سبعينات القرن الماضي، اصبحت مسالة تحديد جنس الجنين محل البحث العلمي، وبهذا وخاصة في المجتمعات التي تسود فيها الذكورية مثل معظم بلدان شرق وجنوب اسيا والصين والهند.. الخ، اصبحت بضاعة وازدهرت المتاجرة بهذه العملية. ظهرت المئات من العيادات والمستشفيات الخاصة واتيح للاباء والامهات فرصة "الاختيار" وتحديد جنس المولود المرتقب قبل وبعد الاخصاب. وهكذا اصبح العلم والتكنولوجيا في خدمة الادامة بهذا التقليد الاجتماعي الرجعي والذي هو بالاساس يتناقض مع كل حقوق الطفل والمراة بالدرجة الاساس.
منذ بدء فحوصات تحديد جنس الجنين في السبعينات الى الان تناقصت اعداد البنات المولودات ب 63 مليون بنت.
حسب احصائات الامم المتحدة، يتم سنويا اجهاض مابين 1.2 الى 1.5 جنين انثى في العالم وان 90% منها هي في الهند والصين.
في المجتمع الراسمالي، كل شيء بامكانه ان يصبح سلعة ومصدر الربح حتى رغبات الأشخاص، ولايهم ما اذا كانت هذه الرغبات مناقضة للمعايير الانسانية، وبما انه كانت هناك ضغوطات مجتمعية و"حاجة" اجتماعية لتحديد جنس الجنين، لقف الراسماليون هذه الفرصة وتم تسخير التكنولوجيا الحديثة مثل ال (دي اين اي) في خدمتها.
سأورد في هذا المضمار مقطعا من مقالة لجريدة الرياض في صفحتها الالكترونية يوم 13.3.2013 بعنوان (النساء "مقتنعات" خوفا من الزواج عليهن.. والرجال "مستحين") التي تدعو بكل صراحة ولامبالاة الى الذكورية وتحقير المراة والطفلة الانثى، يأتي فيها:
"لم يعد تحديد جنس المولود امرا صعب المنال لمن يرغب ان يكون ضيفه القادم بنتا او ولدا، وتحديدا لمن يريد ان ينجب الولد بعد عدة بنات رزق بهن، حيث يجد هذا الموضوع اهتماما واسعا من النقاش بين الزوجين، خاصة الزوجة التي تخشى ان يرتبط شريك حياتها ب ((ضرة)) اخرى بحثا عن الولد."
ليس فقط تفضيل الولد على البنت تطرح وكأنها حاجة وظاهرة طبيعية جدا، بل حتى كون المرأة مهددة بان يرتبط زوجها بامرأة اخرى بحثا عن الولد! ايضا كأمر طبيعي جدا ولا بد منه!، ويعرض المقال "الحلول" الموجودة للعوائل لضمان إنجاب الاولاد وتجنب إنجاب البنات!

من اجل ايجاد حلول واقعية لهذه القضية وهذه اللامساواة، ينادي البعض بسن القوانين ومتابعة مدى تطبيقها وتدوين الحالات وتقديم التقارير والاحصائيات حولها. هذه كلها مهمة وواجب اجرائها، ولكنها لا توفر اجابة على الاسس والاسباب الاجتماعية لهذه الظاهرة البغيضة والتي هي الذكورية والمجتمع اللامتساوي والطبقي الذي يشكل أكبر تهديد لحياة ومصير الجنس الانثوي في العالم.



#نساء_الانتفاضة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وداعاً نوال السعداوي
- بيان -نساء الانتفاضة- بمناسبة يوم المرأة العالمي- الثامن من ...
- جسد المرأة.. مستعمرة للرجل
- جعلوني مجرمة
- مكانة المرأة في الثورات وتحقيقها للأهداف المنشودة
- كردستان تنتفض وتلتحق بالوسط والجنوب
- اهم مكاسب انتفاضة أكتوبر
- صور من الانحطاط الأخلاقي للبعثيين والاسلاميين هيفاء زنكنة وم ...
- القتل هو الحلقة الاخيرة، العنف هو البداية
- تحية للمرأة المنتفضة
- حول المرأة الاصل والمجتمع الامومي
- هل الاغتيالات والخطف خرق أمني؟ عن سجاد العراقي والاف المغيبي ...
- وتستمر الهجمة المسعورة على منظمة حرية المرأة
- تظاهرة الممرضات وعمال الخدمات الصحية في بريطانيا
- المرأة ومشاركتها في الحياة العامة
- -مراتي مدير عام-
- الوجه الثاني لداعش
- مشهد متكرر- الميليشيات تختطف هيلا ميوس
- بيان استنكار نساء الانتفاضة لجريمة اغتصاب الطفلة في الموصل
- التحرش الجنسي


المزيد.....




- شاهد.. أرجنتينية بالغة من العمر 60 عاما تتوج ملكة جمال بوينس ...
- إلغاء حكم يدين هارفي واينستين في قضايا اغتصاب
- تشييع جنازة امرأة وطفلة عمرها 10 سنوات في جنوب لبنان بعد مقت ...
- محكمة في نيويورك تسقط حكما يدين المنتج السينمائي هارفي واينس ...
- محكمة أميركية تلغي حكما يدين -المنتج المتحرش- في قضايا اغتصا ...
- بي بي سي عربي تزور عائلة الطفلة السودانية التي اغتصبت في مصر ...
- هذه الدول العربية تتصدر نسبة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوي ...
- “لولو العيوطة” تردد قناة وناسة نايل سات الجديد 2024 للاستماع ...
- شرطة الكويت تضبط امرأة هندية بعد سنوات من التخفي
- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نساء الانتفاضة - حول اختيار جنس الجنين واجهاض الاناث