|
قصة الغرانيق والرسول والشيطان
يوسف يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 6877 - 2021 / 4 / 23 - 18:24
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أستهلال : ملخص المقال أن رسول الأسلام - أثناء صلاته بمكة ، لقنه الشيطان آية / أو تكملة آية ، من سورة النجم 20 ( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى* مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ، أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ " تلك الغرانيق العلى ، وإن شفاعتهنّ لترجى "). الموضوع : بادئ ذا بدأ ، من الضروري أن نعرف كلمة " الغرانيق " ( الغرانيق جمع غُرْنَيْق ـ بضم الغين وفتح النون ـ هو طائر أبيض طويل العُنق من طيور الماء ، كما قال الجوهري والزمخشري .. / نقل من موقع أسلام أو لاين ) . وحول هذه الرواية ، فقد جاء في / موقع أسلام ويب ، التالي (( أن تلك القصة التي أوردها الكثير من المفسرين عند تفسير آية " وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ / سورة الحج :52 " . والقصة رواها الطبري وابن أبي حاتم والبزار وابن مردويه وملخصها - كما في الفتح - أن النبي ، قرأ بمكة "والنجم" فلما بلغ أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى* وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى [النجم:20] ، ألقى الشيطان على لسانه : " تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترجى " ، فقال المشركون : ما ذكر آلهتنا بخير قبل اليوم ، فسجد النبي ومن معه من المسلمين ، وسجد معهم المشركون ، فكان هذا سبب نزول قوله تعالى: " وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نبي .. / سورة الحج 52 " . وقال الحافظ في الفتح بعد ما ذكر مبحثا طويلا في هذا الموضوع والأقوال الواردة فيه عن أهل العلم : وكثرة الطرق تدل على أن للرواية أصلاً .. وقيل: كان النبي يرتل القرآن فارتصده الشيطان في سكتة من السكتات ، ونطق بتلك الكلمات محاكياً نغمته بحيث يظن من سمعه أنها من قوله وأشاعها ..)) هذا ملخص ما ورد عن قصة الغرانيق . القراءة : أولا - تأكيد القصة ، الغرانيق قد ذكرها الكثير من الفقهاء والمفسرين ، منهم : الطبري وابن أبي حاتم والبزار وابن مردويه ، كما وردت في صحيح البخاري / أصح كتاب بعد القرآن ، وغيرهم ، وذكرت في الكثير من المواقع الأسلامية ، منها : أسلام ويب ، أبن باز ، مركز الشعاع الأسلامي وغيرها . ولا يمكن أن يكون كل المفسرين على خطأ ، وبذات الأمر لا يمكن لتلك المواقع التي أوردتها بين ذاكريها لها أو منتقدين لها .. ولا يمكن ان يكون واقع القصة قد ذكر دون سند صحيح ! ، ولا يمكن أن يتفق هذا الجمع من فقهاء ومفسري ومحدثي المسلمين على باطل ، وفق الحديث النبوي ( عَنْ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ لَا يَجْمَعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ ، وَيَدُ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ / رواه الترمذي وحسنه الألباني ) . ثانيا - شخصيا لا أهتم كثيرا بما قاله المفسرين ، الفقهاء والمحدثين وغيرهم ، ولكني أركز على بنية الحديث ، الرواية ، السردية أو القصة : فكيف لنبي مرسل أن يكون له تخاطر او أتصال ، قناة معلوماتية أو مصدر ألهي ، من قبل " الشيطان " بما يتفق وبنية وفحوى وسرد آيات من النص القرآني ! . فكيف أن يخطأ الرسول بذكر آيات وفق تلقين الشيطان له وهو " معصوم " ، فقد جاء في موقع الأسلام سؤال وجواب ، التالي ( إن القول بأن الأنبياء معصومون عن الكبائر دون الصغائر : هو قول أكثر علماء الإسلام ، وجميع الطوائف ... وهو أيضاً قول أكثر أهل التفسير والحديث والفقهاء ، بل لم يُنقل عن السلف والأئمة والصحابة والتابعين وتابعيهم إلا ما يوافق هذا القول . " مجموع الفتاوى " ( 4 / 319 ) . .
ثالثا - وفق التحليل المنطقي ومبدأ " الشك الديكارتي " ، من يقول أو يؤكد عدم تكرار فحوى هذه القصة مع باقي الآيات ! ، فليس من العقلانية ، أن يكون هذا الأمر حدث مرة واحدة في سورة واحدة ! ، علما أن ( عدد سور القران الكريم 114 سورة . عدد آيات القران الكريم 6236 آية / نقل موقع موضوع . كوم ) . فتخيل كم من الآيات التي من المكن أن يكون بها مس شيطاني .
رابعا - في كتاب نفحات القرآن ، للشيخ ناصر مكارم الشيرازي / نقل من موقع https://almerja.com ، يقول قولا خطيرا ، فيما يخص " قصة الغرانيق " ، من الضروري التوقف عنده - تحليلا وتفحيصا ! ، حيث أنه يضع شبهة على موضوعة " عصمة الانبياء " ، حيث يبين ، التالي ( مع هذا الحديث تكون " عصمة الأنبياء " حتّى في تلقّي الوحي ، معرّضة للخطر والإعتماد عليها غير ثابت ) . وأرى أن الشيرازي يفتح الباب على مصراعيه في قضية ثنائية " الوحي والرسول " ، وأحتمال تدخل مصدر آخر ، وهو " الشيطان " ، كما حدث و" قصة الغرانيق " ! . خامسا - سؤال يطرح في خضم قصة الغرانيق ، وهو : لم لم يذكر الرواة ما هو رد فعل صحابة الرسول على هذا التجاوز في النص القرآني ! - أي أضافة الشيطان لمقطع " تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترجى " ! .
الختام : 1 . الأشكال لم رب القرآن ، ينزل آية ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ ..ٌ / سورة الحج :52 ) بعد فوات الأوان - أي بعد واقعة الغرانيق ، أما كان من المنطق أن يحمي الله رسوله من الشيطان في بادئ الأمر . 2 . هناك آية تنص على ( قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا / سورة الأسراء ) ، والتساؤل هنا : لو وافقنا جدلا على " الأنس " ، ولكن المنطق لا يتفق مع دور الجن في كتابة كتاب بمثل القرآن ! ، وهل للجن أو للشياطين هيئة تحرير للكتابة ! ، وما دور الجن والشيطان مع نصوص القرآن ! . 3 . يظهر من كل ما سبق أن رسول الأسلام له صلة بمفاهيم منها " الجن والشيطان والسحر " / حديث رواه البخاري عن عائشة ( سُحِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ .. ) . أن كل ماذكر من ترقيع المفسرين والفقهاء والمحدثين لقصة الغرانيق غير مقنع ! ، ويبقى الأبهام كيف للشيطان أن يكلم محمدا وهو : ( وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى" / سورة الحج 3 ) .
#يوسف_يوسف (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التاريخ الأسلامي .. الحقيقة الضائعة
-
الأسلام من أول الدهر الى زمن القهر !!
-
الأخوان المسلمين .. الوجه الأخر
-
أضاءة في المناطق المحظورة
-
الأخوان المسلمين بعد مرحلة تركيا
-
قراءة حداثوية لمحنة القرآن
-
تنويه .. حول المنظمات الأرهابية
-
الجماعات الأسلامية الأرهابية الوجه الأخر للأسلام
-
الموروث الأسلامي بين الأنهزام والأنسلاخ !!
-
محنة المسلم
-
حول سطوة التأثير الديني على النزاعات
-
ضيعة ضائعة .. يا سيادة الرئيس - بشار الأسد
-
قراءة نقدية للقراءأت القرآنية
-
قراءة في تدويل أن - الأنجيل - محرف !
-
الخلافة الراشدة بين الوهم و الحقيقة
-
أضاءة أستباقية ل - زيارة البابا للعراق -
-
أزمة التراث الأسلامي والتعايش الأنساني
-
قراءة لتقاطع القرآن لظرفي الزمان والمكان الجزء الثاني
-
قراءة لتقاطع القرآن لظرفي الزمان والمكان - الجزء الثاني
-
قراءة لتقاطع القرآن لظرفي الزمان والمكان - الجزء الأول
...
المزيد.....
-
حماس: دعوات اقتحام الأقصى في -عيد العُرش- اليهودي إمعان بالح
...
-
الاحتلال يهدم ثلاثة منازل مأهولة في بروقين غرب سلفيت
-
مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى و
-
الشرطة الصربية توقف متورطين بأعمال تخريب مساجد ومواقع يهودية
...
-
صحيفة أميركية تتعقب مطلق النار على الكنيسة بتقنيات الذكاء ال
...
-
لا يصله سوى الرهبان.. ما قصة عمود -كاتسخي- الشاهق بجورجيا؟
-
مرايا الروح.. حين يتشظى الحب في منفى الذاكرة وتظل فلسطين الم
...
-
عشرات الطلاب محاصرون تحت أنقاض مدرسة إسلامية بإندونيسيا
-
بيان مشترك لوزراء خارجية 8 دول عربية وإسلامية حول خطة ترامب
...
-
دول عربية وإسلامية: مستعدون لدعم تنفيذ -خطة ترامب- للسلام
المزيد.....
-
القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق
...
/ مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
-
علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب
/ حسين العراقي
-
المثقف العربي بين النظام و بنية النظام
/ أحمد التاوتي
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
المزيد.....
|