أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - الفيدرالية، مخرجاً للطغمة الأسدية؟














المزيد.....

الفيدرالية، مخرجاً للطغمة الأسدية؟


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6877 - 2021 / 4 / 23 - 09:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعكس كثرة الحديث بين النخب السياسية السورية عن ضرورة الفيدرالية وإبراز حسناتها واعتبارها شرطاً للديموقراطية وحماسة الاستشهاد بالدول الفيدرالية الديموقراطية مثل الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وسويسرا ... الخ، للتدليل على أن الفيدرالية تترافق بالديموقراطية (تستبعد روسيا مثلاً من الاستشهاد وكذلك الاتحاد السوفييتي قبلها، وفنزويلا والسودان والصومال والعراق ... الخ)، نقول يعكس هذا الحماس "الفيدرالي" تحولاً في طبيعة الصراع في سورية، من كونه ثورة، أو صراع يحركه المطلب الديموقراطي بين شعب ونظام مستبد، إلى كونه صراعاً بين قوى أمر واقع ذات كيانات "دولتية" مستجدة ومستبدة، بطبيعة الحال، وبين نظام مركزي. مع هذا التحول، من الطبيعي أن يتفوق المطلب الفيدرالي على المطلب الديموقراطي الذي تبعثرت القوى صاحبة المصلحة فيه (الشعب السوري المشرد والمقموع في كل مكان)، فيما تحضر بكثافة القوى صاحبة المصلحة باللامركزية السياسية أو بالمطلب الفيدرالي، ليس لأن هذا المطلب مدخلاً إلى الديموقراطية، كما يمكن أن يقال للتشويش، بل لأنه يمكن أن يطوب لهذه القوى "غير الديموقراطية" سلطانها على مناطق سيطرتها.
لا يصب كلامنا هذا في رفض الفيدرالية أو قبولها، بل في محاولة تبيُّن دلالة غلبة هذه الفكرة وسخونة طرحها في المجال السياسي السوري، في حين أن الوجع الذي أخرج السوريين إلى الشوارع كان الاستبداد وغياب القانون والفساد أو، باختصار، سيطرة طغمة على جهاز الدولة. لماذا يجري اليوم التركيز على الفيدرالية التي لا تعني، بحد ذاتها، حلاً لأي من المشاكل والأوجاع التي خرج السوريون لمعالجتها؟ لماذا تتراجع عموم النخب السياسية المعارضة، وتستعد للقبول بمجلس عسكري يعني القبول به تجميد المطلب الديموقراطي، فيما يطفو على السطح المطلب الفيدرالي؟
مرة أخرى لا يعني كلامنا أننا لا نعي تعقيد الوضع السوري، ولا نعي أن المطلب الديموقراطي حلم يفصلنا عنه مستنقع سيتعين علينا الخوض فيه، مستنقع من الانقسامات السياسية والمجتمعية ومن الأزمات الاقتصادية وانتشار الفصائل والمجموعات المسلحة والخراب ... الخ، وأن عبور هذا المستنقع يحتاج إلى إرادة سياسية غير مشتتة وإلى حزم لاستعادة الشروط الأولية لمعنى بلد موحد. لا يصعب فهم هذا بالتأكيد، ولكن لماذا لا تنعكس هذه المقدمات نفسها على المطلب الفيدرالي؟ لماذا يبدو المطلب الديموقراطي معيقاً لاستعادة وحدة البلد الجغرافية والسياسية، فيما لا تبدو الفيدرالية كذلك؟
لا يقتصر الترويج للفكرة الفيدرالية على المحيط الإعلامي والسياسي والثقافي لقوى الأمر الواقع (ما عدا النظام السوري حتى الآن) التي تتقاسم الأرض السورية، وتطمح إلى ترسيخ وترسيم حدودها ووجودها، بل يشمل أوساطاً بعيدة أو مستقلة عن هذه القوى.
بالتدقيق نجد أن تصور الفيدرالية غير متفق عليه بين من يطرحونه. هناك من يريده حلاً لمشكلة "الأقليات"، فيقترح فيدرالية على أساس قومي ومذهبي، (هذا طرح المحيط السياسي للقوى المشار إليها)، وهناك من يطرح الفيدرالية (يفضلون تسميتها اتحادية) على أساس جغرافي، أي إعطاء المحافظات (مع تفضيل تسميتها ولايات) استقلالية كبيرة (هذا طرح أوساط مستقلة عن هذه القوى).
من نافل القول إن شكل الحكم والإدارة وتوزيع السلطات والموارد الطبيعية والعلاقات بين المركز والمحيط ... الخ، هي من القضايا التي تحتاج إلى نقاش وتوافق وحلول يكون للشعب السوري أو لممثليه المنتخبين دور في تقريرها، ولكن هذا غير ممكن إلا بعد تفكيك سيطرة الطغمة الأسدية على الدولة السورية. على هذا فإن الحديث عن فيدرالية (اتحادية) أو عن أي درجة من درجات اللامركزية على أساس جغرافي، سابق لأوانه ولا يحوز على أولوية، ولا يمكن التقرير فيه قبل تحرير الدولة السورية (جزئياً على الأقل) في سياق عملية إرساء نظام حكم ديموقراطي.
أما الكلام عن أساس قومي ومذهبي للفيدرالية، وهو برأينا الدينمو الأساسي الذي يحرك هذا المطلب، (يمكن الانتباه إلى أن الفيدرالية العراقية التي أقرها الدستور في 2005 لم تطبق سوى في إقليم كردستان العراق، ولم تعد بالخير المأمول على قاعدة الشعب العراقي ولم تكن مدخلاً لديموقراطية فعلية لا في العراق ولا في الإقليم الكردي) فإنه ينطوي على إمكانية أو احتمال تواطؤ مع الطغمة الأسدية وحماتها الخارجيين. أساس هذا التواطؤ هو إمكانية تعايش سلطات الأمر الواقع الحالية في سورية، وفق توزيع للسلطات يتم الاتفاق عليه بينها، ذلك أن هذه الفيدرالية لا تستدعي "إسقاط النظام" أو تفكيك قبضة الطغمة الأسدية عن الدولة السورية، إنها تستدعي فقط قبول هذه الطغمة بالتعايش مع السلطات المشابهة لها في الطبيعة، في شمال شرق وشمال غرب وجنوب سورية، بعد الاعتراف المتبادل فيما بينها.
الطرح الفيدرالي على أساس قومي ومذهبي مرشح أن يكون مخرجاً تسووياً احتياطياً لطغمة الأسد. فقد يكون في هذا الطرح فتح صفحة جديدة للطغمة الأسدية، على عكس التبشير الديموقراطي لدعاته. ومن غير المستغرب أن تتحول سلطات الأمر الواقع في إدلب والقامشلي ودرعا، إذا تلقت وعداً بترسيم وضعها الحالي في إطار دولة فيدرالية، إلى أعوان للطغمة الأسدية، يخرجونها من عنق الزجاجة، وتخرجهم من حالتهم غير الرسمية، ويشمرون عن زنودهم معاً للانتهاء من دفن المطلب الديموقراطي الذي حرك السوريين ذات يوم إلى الثورة.
عندما نرى مشكلة النظام السوري في مركزيته، سوف نرى الحل في المطلب الفيدرالي أو في درجة ما من اللامركزية. وإذا كان المطلب الديموقراطي يعني تفكيك النظام، بحكم الضرورة، فإن النظام يمكنه استيعاب المطلب اللامركزي وصولاً إلى مطلب الفيدرالية ويمكنه التكيف معه. على هذا، فإن تقديم المطلب الفيدرالي على الديموقراطي، كما نشهد اليوم، يضمر فتح نافذة نجاة للطغمة الأسدية.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفشل الوطني هو القاسم المشترك
- بيتنا القديم والإسفلت
- السطو على ضمير المتدينين
- بين لوحتين
- تعودت أن أحب كاسترو
- جنازة لا تحتاج إلى موتى
- ستيف جوبس وألان الكوردي
- المعارضون السوريون بين الداخل والخارج
- عن ذبح -غير الأبرياء-
- في القسوة
- عن استمرار الثورة السورية وحواجز الخوف
- قناع السلطة
- قناعات سورية مستترة
- أرض الظنون الشائكة
- بلا أسماء
- تونس، الانتقال الديموقراطي في خطر؟
- مهجع الصور
- عقد على اندلاع الثورة السورية، ماذا نستفيد؟
- كلام لا يقي من البرد
- سجين حاقد يقلع عين الرئيس


المزيد.....




- قطر تعلن عن -خطوة جديدة- بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة ...
- فرنسا: وفاة الإعلامي الشهير برنار بيفو عن 89 عاما في ضواحي ب ...
- تشاد: بدء الفرز في الانتخابات الرئاسية التي يتنافس فيها رئيس ...
- ?? مباشر: قتلى وجرحى في قصف إسرائيلي على رفح وقطر ترسل وفدا ...
- واشنطن تدرس رد حماس على مقترح الصفقة وشكوك بنوايا نتنياهو
- الجزيرة.. عمود الإنارة الوحيد الذي يريدون إطفاءه
- إرجاء إقلاع مركبة بوينغ الفضائية -ستايلاينر- بسبب عطل فني
- تسعة قتلى في قصف إسرائيل على رفح جنوبي غزة
- لماذا خسرت إسرائيل سردية الحرب في غزة؟ بلينكن يجيب
- قضاة أميركيون يقاطعون خريجي جامعة كولومبيا بسبب المظاهرات ال ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - الفيدرالية، مخرجاً للطغمة الأسدية؟