أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خلدون جاويد - ذكرى الجواهري وعرائش لبنان















المزيد.....

ذكرى الجواهري وعرائش لبنان


خلدون جاويد

الحوار المتمدن-العدد: 1628 - 2006 / 7 / 31 - 11:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مر الشاعر المُدَوّي من هناك ، خطاه لاتطئ البراعم بل الأرض من خطاه تتبرعم ! انه محمد مهدي الجواهري شاعر الفراتين ، والعراقين أي الجبل والسهل ، انه نهرهما الثالث ، مر على ثرى قرية لبنانية هي قطعة من جنان سموات الابريزعلى أرض السندس ، هناك حيث الغدران المترعة بالعبق والسهول المضمخة بالنور ومراقي الحسن والجلال ، نزل الشاعر الى الساحة الغنّاء في قرية اسمها وادي العرائش ، وهناك كان عناق عبقر سومر بأولمب زحلة حيث متنزهات الاصطياف وشذى عمر لبنان الأول وصباه الندي حيث عام 1934 :

يوم من العمر في واديك معدود ُ
مستوحشات ٌ به أيامي َ السود ُ
نزلت ُ ساحتك الغناء فانبعثت
بالذكريات الشجيات الأناشيد ُ
واجتزت رغم الليالي باب ساحرة
مرّ الشباب عليه وهو مسدود ُ
قامت قيامته بالحسن وانتشرت
فيه الأهازيج والأضواء والغيد ُ
ماوحده غرد الشادي ليرقصه
الماءُ والشجر المهتز غرّيدُ
واد ٍ هو الجنة المحسود داخلها
أو انه من جنان الخلد محسود ُ

*******

نعم انه وطن الحسن ، منذ الازل وحتى يومنا ، منذ زجل الحمائم على يد الشاعر (الشحرور) ومنذ غرّدَ علي الحاج والسيد محمد مصطفى ، وهالات المحبة على يد ايليا ابو ماضي والروح الجبرانية والغزل لدى فوزي معلوف والفلسفة عند ميخائيل نعيمة وعشتروت فؤآد الخشن وأقواس قزح محمد شمس الدين ومحمد عيتاني ، ورؤى جوزيف حرب واخيلة الشاعر الكبير سعيد عقل ، وحنين شكري غانم وحنان نجيب عازوري وابداعات فؤآد ابي زيد وفؤآد غبريال نفاع وجماليات ناديا تويني وفينوس خوري غاتا واندره شديد ، وعشق صلاح ستيتيه وجاد حاتم وعشرات غيرهم من عباد شمس لبنان ، كله ينطق بفضاء الزرقة ويلثغ بأجمل الرومانس من شفاه طلال حيدر والرحباني وكل من غنى ورتل وعانق لبنان وضحك وبكى لنورها الناعس العطير . طوبى لمن عشق لبنان وكتب كلمة حب للبنان :

ثقي " زحيلة ُ " ان الحسن اجمعه
في الكون من حسنك المطبوع تقليد ُ
ان الحياة وعمر في سواك مضى
فانما هو تبذير وتبديد
أقسمت اعطي شبابي حق قيمته
لو ان مافات منه اليوم مردود ُ
وكيف بي ونصيب المرء مرتهن ٌ
به ومغنمه في العمر محدود ُ
لم يأت ِ للجبلين العاطفين على
واديك أبهى وأنقى منه مولود ُ
زفت له متع الدنيا بشائرها
واستقبلته من الطير الأغاريد ُ
أوفى عليه يقيه حر هاجرة ٍ
سرادق ٌ من لطيف الظل موصود ُ
تناول الافق معتزا بقامته
لاينثني فنن ٌ منه ولاعود ُ
يقول للعاصفات النازلات به
اليك عني فغير " الحور " رعديد ُ
صنع الطبيعة بالاشجار وارفة ٌ
له ُ ، وبالنهر الرقراق ، تحديد ُ
خصته باللطف منها فهو منبعث ٌ
وربّ واد ٍ جفته فهو موؤود ُ
طاف الخيال على شتى مظاهره
واستوقفتني به حتى الجلاميد ُ
تفجر الحجر القاسي به وبدا
في الجنة الصخرة الصماء توريد ُ
تجري المياه اعاليه مبعثرة
لها هنالك تصويب ٌ وتصعيد ُ
حتى اذا انحدرت تبغي قرارته
تضيق ذرعا بمجراها الأخاديد ُ
استقبلتها المجاري يستحم بها
زاهي الحصى فله فيهن تمهيد ُ
فهن ّ في السفح عتب ٌ رق جانبه
وهن يزفرن فوق الصخر تهديد ُ
مابين عين ٍ واخرى فاض ريّقها
ان تلفت العين او ان يعطف الجيد ُ
هذي " المسيحية " الحسناء تم على
شرع "المسيح " لها بالماء تعميد
كأنها وعيون الماء تغمرها
مستنزف الدم من عرقيه مفصود ُ

******

ان الجواهري في قصيدة وادي العرائش مثله في كثير من القصائد المدوية ، يكتب عن الحسن والجمال ، وما أحوجنا الى علم هو بمصاف علم التربية والتاريخ والمكان ، الى علم الجمال الذي يدرس في كل بقاع العالم ، كيف نعشق الطبيعة وكيف نتغزل بالمرأة - الوردة وما معنى الصباح وشعاع الشمس والخضرة والنهر ، وكيف ننادي على الطير بنثار الدقيق ونربي اطفالنا بحبهم لبعض لا بتعلم امتشاق السيوف ، نعلمهم مسكة القلم لا السيف ، لبنان العشق العذري الأول هو منار الفكر والأدب هو لذعة الروح بلثغة شفاه الحسن والفتنة ، انه رمز الفتنة هو المهد الأول للغرام :

بشرى بأيلول شهر الخمرة اجتمعت
على العرائش تلتم العناقيد ُ
لله در العشيات الحسان بها
يسرجن ظلمتها الغيد الأماليد ُ
لطف الطبيعة محشود ٌ يتممه
جمع لطيف ٌ من الجنسين محشود ُ
في كل مقهى عشيقات ٌ نزلن على
" وادي الغرام " وعشاق ٌ معاميد ُ
تدور بينهم الأقداح لاكدر ٌ
يعلو الحديث ولا في العيش تنكيد ُ
الرشفة النزر من فرط ارتياحهم ُ
كأسٌ مفايضة ٌ والكأس راقود ُ
خود البقاع لقد ضيعت في بلد ٍ
تناثرت فوقه امثالك الخود ُ
اسلوب حسنك ممتاز ٌ فلاعنت ٌ
في الروح منه ، ولا في السبك ِ تعقيد ُ
نهداك والصدر " ثالوث " أقدسه
لو كان يجمع تثليث ٌ وتوحيدُ
الخمر ممزوجة بالريق راقصة ٌ
والكأس مرّت ْ بثغر ٍ منك عربيد ُ
لو يستجاب رجائي مارجوت سوى
أني وشاح ٌ على كشحيك مردود ُ

********

لقد ضيع الجواهري في بلده نثارا من الخود والنساء الرائعات الحسن تحت ضغوط التزمت واسباب شتى وجاء ليحنو على المشهد السحري ويتألم للفتنة المغتالة في بلده ، وما أدراك ما آل اليه بلده من دفن للأحياء في سجون ومقابر الاحتراب والجمود السياسي فأحال اغلب الرجال الى محاربين قدماء وجدد ، والنساء الى سجينات الرعب الفكري والارهاب العقائدي، ولكان يدري الجواهري ماالمحاورة اشتكى ، وكما قال عنترة في مقام آخر يجل عنه الجواهري " ولكان يعلم ماالكلام مكلمي " فلبنان هو الآخر المبتلى بعد حمرة الجورية بلون الجراح . لقد سحقت الحرب الرومانس :

جار النطاق عليها في حكومته
فالردف منتعش ٌ والخصر مجهود ُ
وأعلنت خير ُ ما فيها ملابسها
منمقات ٌ عليهن التجاعيد ُ
وكشّفت ْ جهد ما اسطاعت محاسنها
ولم تدع خافيا لولا التقاليد ُ
ماخصرها وهو عريا ن ٌ تتيه به
أرق منه اذا الزنار ُ مشدود ُ
أما البديعان من عال ٍ ومنخفض ٍ
فداهما كل حسن ٍ اعطي الغيد ُ
فقد تجسم هذا غير محتشم ٍ
من فرط ماضيقته فهو مشهود ُ
ونط ذياك مرتجا تقول : به
ريش النعام على الوركين منضود
اياك والفتنة الكبرى فنظرتها
مسحورة ، كلها هم ٌ وتسهيد ُ
اذا رمتك بعينيها فلبّهما
واعلم بأنك مأخوذ ٌ فمصفود ُ
وانما الحب زحلي ٌ فلا صلة
ولا صدود ٌ ، ولا بخل ٌ ولا جود ُ

*******
نعم انه موطن السحر والهدأة السرمدية ، لغة ابنائه من سكر وشبابيكه من سوسن ودروبه اسيجة نرجس وشفاه اماليده من الزنبق ، واعناقهن من النور والبلور ، والروح الروح في لبنان هدأة فراديس الابد :

ياموطن السحر ان الشعر ينعشه
فيضٌ من الحسن في واديك معهود ُ
خياله ُ من خيال ٍ فيك مأخذه
ولطف معناه من معناك توليد ُ
اهتاجني موعد ٌ لي فيك يجمعني
كأنني بالشباب الطلق موعود ُ
وريع قلبي َ من ذكرى مفارقة ٍ
كأنني من جنان الخلد مطرود ُ
لا أبعد الله طيفا ً منك يؤنسني
اذا احتوتني َ في أحضانها البيد ُ

من أخذ لبنان من المهد الى الحرب ؟ من ايقظه من وثير وعطير فراشه ليرمي به في قارعة النار؟ شلت يداه انه من أعتى مجرمي التاريخ ، لبنان المحبة لابد من عودته للمحبة ، وأول مفتاح لتويج وردته نسمة السلام لا دخان الحرب .
ان الجواهري العظيم ينشد اغنيته اليوم " لبنان ياخمري وطيبي " و " وادي العرائش " وقصيدة " لبنان " و" شاغور حمانا " وعشرات سواها ، ويطالب بوقف نار الحرب ومعه كل قلوب العراقيين المنتصرين لا للأشخاص والأحزاب والحكومات بل للجمال وعودة الروح . كل الكوكب ينادي اوقفوا الحرب انه لبنان الإرز والماء والشمس ، انه بلد الطيبين ، انه روضة كنائس وجوامع ومعابد السلام وأبناء السلام .
طوبى للجواهري في ذكراه ، ان ديوانه لايصلح للقرن العشرين فحسب بل يمتد بظله الوارف الشذي على سنوات بل قرون قادمة ، انه ملك العراق ولبنان لا بل كل ابناء الكوكب المعنيين بإنسانية الانسان وسعادته .



#خلدون_جاويد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نازك الملائكة تقارع الموت والحرب والشرور
- جبران خليل جبران ومض التسامي وعودة الروح
- وردة ادونيس ولألاء ايليا أبي ماضي
- لبنان المحبة والسلام
- الاعتزال موت ذاتي وسقوط حضاري
- - حتى أنت َ يابروتس - ؟ !
- الانسان لؤلؤة المكان وجوهرة الازمان
- لاتنسَ اسمك َ
- ثقافة الموت عزلة سوداء وقتل ابرياء
- مرحبا ً ياعراق
- بابل في القلب
- عبق الفلسفة في زهرة الشِعر
- كلنا في الهوى سوا ياعراق ُ
- وطني جلجلتي ... والمنافي صليبي
- الحياة عصفور من فضة
- كآبات ماثلة وومضات آملة
- ياعراقاً -ياأخا البدر سناء ً وسنى -
- رياض البكري في مذكرة
- نعم ياعراق السنى والأماني
- طروحات فلسفية في رؤى شعرية


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد ما فعلته دببة عندما شاهدت دمى تطفو في مسب ...
- شاهد: خامنئي يدلي بصوته في الجولة الثانية من انتخابات مجلس ا ...
- علاج جيني ينجح في إعادة السمع لطفلة مصابة بـ-صمم وراثي عميق- ...
- رحيل الكاتب العراقي باسم عبد الحميد حمودي
- حجب الأسلحة الذي فرضه بايدن على إسرائيل -قرار لا يمكن تفسيره ...
- أكسيوس: تقرير بلينكن إلى الكونغرس لن يتهم إسرائيل بانتهاك شر ...
- احتجاجات جامعات ألمانيا ضد حرب غزة.. نقد الاعتصامات وتحذير م ...
- ما حقيقة انتشار عصابات لتجارة الأعضاء تضم أطباء في مصر؟
- فوائد ومضار التعرض للشمس
- -نتائج ساحرة-.. -كوكب مدفون- في أعماق الأرض يكشف أسرار القمر ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خلدون جاويد - ذكرى الجواهري وعرائش لبنان