أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد مهدي - ((طبيعة الجسد الإنساني إمتداد لطبيعة الكون))















المزيد.....

((طبيعة الجسد الإنساني إمتداد لطبيعة الكون))


رائد مهدي
(Raed Mahdi)


الحوار المتمدن-العدد: 6855 - 2021 / 3 / 31 - 02:05
المحور: الادب والفن
    


موضوع نقدي كتبته عن النص القصصي (جموح شهوة) للأديبة القاصة العراقية ليلى المراني.

النص القصصي:
جموح شهوة. قصة قصيرة.

إعصارٌ يغلي داخلها، يقتلعُ كلّ دفاعاتها وحصونها. سنين حرمانٍ عجاف مرّت منذ توفيّ زوجها، أخمدت شهوتها إلى رجل، وتفجّر بركان رغبتها فجأةً، عارماً، مكتسحاً عفّةً تلفّعت بها طويلًا، فخنقتها، وابنٌ في العاشرةِ يقفُ سدّاً منيعاً، سرعان ما انهار أمام طوفانها.
أنيابُ ذئبٍ جائعٍ تنهش في جسدها، حاولت اقتلاعها ولم تفلح. كوابيسٌ، ليالٍ قاسيةٍ عذّبتها وأنهكتها، مستنزفةً قواها، ونهارٌ طويل تقضيه، ترقبُ من نافذتها الصغيرة، المطلّة على الشارع طوابير سيّاراتٍ مسرعة تسابقُ الزمن، تحصي منها الحمراء فقط، ومارّة بثيابٍ داكنة تحاكي لون السماء المعتم، وبيوت مستنسخة عن بعضها، ليستلمها ليلٌ أطول يضجّ بصرخاتِ شهوةٍ جامحة، جهاراً تعلن عن نفسها.
جميلةً ما تزال، رغم آلام الركبتين التي تركتها شبه مقعدة، ورأس يحملُ عواصف من ذكريات، تضحك مرارةً من بعضها، ويستنزف دموعها البعض الآخر. اغتصاب، نعم، كان اغتصاباً ما يحدث كلّ ليلةٍ، فكرهته. زوجٌ مخمور يأتيها نهايةَ يومٍ مكلّلٍ بالتعب، ترفضه، فينقلبُ وحشاً يفترسها بسرعةٍ وعنف، ويديرُ ظهره، تاركاً لها تصارعُ سكاكين رغبةٍ لم تصل ذروتها يوماً، تستنفد كلّ قواها، فتنام مندحرةً، تغالب رغبةً في التقيًّؤ.
لم تحزن حين رحل، تاركاً لها خزيناً هائلاً من ذكرياتٍ كسيحة، ووحشاً جائعاً، حبيس أحشائها، ينتظر فرصةً للانقضاض على كلّ ما ورثته من قيم .
" بركانُ جنسٍ وشهوة كنت أظنّ نفسي. " قالت لصاحبتها يوماً
" أخمده، وبقيت حممه مستعرةً، في داخلي تغلي. ضعفت مقاومتي، وإلى دفء أحضانِ رجلٍ عذّبني اشتياقي، أسرابُ نملٍ أخذت تغزو جسدي، فأستعر، وهو فقط مَن وجدته أمامي، لن يجذب انتباه أحد، ولن يصدّق أيّ مجنونٍ أو عاقل أنني أفكّر بمثله عشيقاً. بلهفةٍ محمومة انتظرتُ مجيئه. حملت كيس النفاياتِ، زاحفةً إلى الباب، وليس كعادتي، بقيتُ أنتظره حتى اقترب. في الخمسينات هو، غضضتُ بصري عن ثيابه تحملُ كمّاً هائلاً من الأوساخ، ويديه اللتين تآكلتا من جروحٍ وتقرّحات.
متجاهلاً نظراتي المستعرة تدعوه، تناول الكيس من يدي، وابتعد. أيّامٌ وأسابيع وأنا أواصل اللعبة بصبرٍ كاد أن ينفد، أخيراً أدركَ ما أريد بعد دعواتٍ مفتوحةٍ، عديدة، ورجاءٍ صامتٍ يقطرُ من عينيّ ومن ارتعاش شفتيّ شهوةً. مسرعاً، تلفّت يميناً ويساراً، اقتحم بابي نصف المفتوح، وبيدٍ ترتجفُ شبقاً أم خوفاً، لا أعرف، سحبته إلى غرفتي وأوصدتُ الباب. زكمتني رائحةٌ كريهةّ نفّاذة، واستنفرت غريزتي أكثر.
حائراً وقف، ربّما يرتجف وأنا استعجله قبل عودةِ ابني من المدرسة، وفهِم. بجوعِ رجلٍ لم يذق غير خبزٍ جافٍّ وماءٍ عكِر، اتّسعت عيناه أمام طبقٍ ساخنٍ شهيّ، ارتمى فوقي، مزّق قميص نومي. ارتجفتُ، وضممته إليّ بقوّة، مطلقةً كلّ حممي، حارقةً مدوّية، وقبل أن يطفئها، فُتحت البابُ بعنف، وولدي مذعوراً ينتصبُ أمامي.. سقطتُ أرضاً، وهرب هو، تاركاً رائحته، مزيجَ خوفٍ .. وعفن ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الموضوع النقدي:

الطبيعة البشرية جزء لايتجزء من طبيعة الأرض والكون، الأعاصير ليست حكرا للبحر، فلهذا الجسد نصيب منها وللنفس ذات النصيب.

لاعقل للطبيعة ولا منطق تسير على ثوابته إن هي إلا مجموعة شرائط أينما ومتى ما اجتمعت صارت الى شيء متحقق لايمكن إعدامه ولا إلغاؤه بل يظهر كحقيقة جديدة مولودة من حقائق أخرى.

لاجدوى من مقاومة الطبيعة وأقصى مايمكنك فعله أيها الأنسان هو الرضوخ للواقع الطبيعي او محاولة التخفيف من أثره قدر الإمكان، ومن الجنون أن نقول لامطر بينما البساتين والشوارع وأسطح البيوت مغرقة بالماء ولانكاد نستطيع فتح النوافذ لشدة رذاذ المطر وانتشاره بكل الأرجاء، هكذا يجري داخل الإنسان بالضبط وللعمر فصول كما للأرض تماما.

ومن العبث جدا عقلنة الطبيعة لأنها وكما قلنا سابقا أنها غير محكومة للعقل ولا تستأذنه عند تكوين حقائقها الطبيعية الجديدة، هي بالضبط تشابه حروف الكتابة الى حد ما بحيث متى مااجتمعت حروف (الميم والطاء والراء صارت مطر )ولن تصير شيئا غير كلمة (مطر) ولا جدوى من تحويلها الى لفظة اخرى غير (مطر) ومثلها أيضا متى مااجتمع البرق مع عمود حديدي مرتفع جدا وأعلى من كل السطوح تنزل الصاعقة نحوه، ولا مفر منها سوى تفريغ شحناتها الكهربية ولاجدوى من تجاهلها لأن الذي لايقوم بتفريغ تلك الشحنات سيعرض نفسه للهلاك وللعوق وللتشويه في ادنى الاحتمالات، هكذا أيضا طبائع البشر ، شروط تجتمع وحالات تعلن عن نفسها ولا مفر منها.

من روائع التشبيه بهذه القصة أن تقوم القاصة ليلى المراني بتمثيل شواهد من الطبيعة الكونية على طبيعة امرأة من البشر حاولت عبثا مقاومة طبيعتها الأنثوية وتجاهلت عمدا صوت متطلباتها ومطاليبها الملحة والماسة التي تجعل كل شيء في موضعه السليم والطبيعي والمخصص له بحسب قوانين الطبيعة الغير قابلة للتعديل ولا التبديل والتي لاتنفع معها احتيالات العقل لأن العقل إن هو إلا أداة ومن الجنون أن نثق بالأداة لأن الأداة قابلة للتحديث والتجديد والكسر بينما متطلبات الطبيعة واعلاناتها غير قابلة للكسر ولا التعديل ولا التحديث فمنذ الأزل والمطر هو المطر ولوازم ظهوره ثابتة الى مالا نهاية بينما العقل تجري به الطفرات ودون توقف ومن غير المقبول دحض الثابت بالمتغير.

لم تبالغ صاحبة القصة وهي تصف ألم كبت الشهوة بأنياب ذئب جائع تفترس ذلك الجسد الأنثوي وماذلك الافتراس سوى هجوم مباغت لمتطلبات غريزة تشابه البركان كلما أغلقت فوهته وقمت بكبت تلك الحمم كان الإنفجار أعظم وأدهى ومن حيث لايتوقع صاحبه وبمواقيت وبمواقع ومناسبات لاتخطر على البال.

لذا كان من المناسب توصيف فوران الشهوة اللاإرادي بهجوم ذئب على جسد إنسان والنيل منه ، ومهما يضع المرء على نفسه من أغطية وأحجبة من الفولاذ فلا جدوى من الشعور بذلك الألم المفجع والذي يجعل المرء يرمي بنفسه طوعا أو كرها طلبا لمن ولما يخلصه من هول ذلك الألم.

قد يتعرض المرء للافتراس مرة في العمر فكيف بشهوة تفترس صاحبتها ليلا ونهارا إنها حقا قضية كتمانها من الجنون وتجاهلها من الحمق وعدم الكتابة عنها جريمة بحق الإنسانية.

إن الأديب هو جزء من منظومة الإنسانية وللأدب دور مقدس يحتم على العاملين به أمانة ومصداقية في عدم تجاهل آلام البشر ولذا من الفضيلة أن يكتب الأديب عن آلام البشر بكل صنوفها ومنها قضية الكبت الجنسي كبت متطلبات الجسد والتي من سوء حظ البشرية أن كل شرائعها وقوانينها وقيمها زادت من عذابات البشر وصعبت مهمة المرء في نيل حاجته كأي من كائنات الطبيعة الأخرى التي تتمتع بهذا الحق دون تدخل من العقل الذي يشرع ويقنن ويلزم ويتدخل في البت بقضية لاتنتمي الى محتوياته ولاتمت له بصلة حين تحدث وحين لاتحدث، فمنذ أن سلطنا العقل على الطبيعة وأعطيناه الإذن بتقرير كيفية التعامل مع لوازمها ومتطلباتها فإننا أقحمنا الإنسان في مصيبة أزلية وصراع لاينتهي مع جسده وهرموناته ومتطلباته ووصلت بنا الوقاحة أن نلوم الجسد على شهوته وحاجته ونبرء ساحة العقل من تدخل سافر في أمر لاعقلائي ولامنطقي ولا حل له سوى السماح بمروره وتصريف ذلك المحتوى الى الناحية التي خصصتها له الطبيعة سلفا ،ومن ذكاء الطبيعة أنها أعدت لكل حاجة إشباعها ومهما يبلغ ذكاء العقل فهو عاجز عن إيجاد إشباع حقيقي لحاجة طبيعية ماسة ومن خارج تلك الطبيعة ، فلو ملأت رأسك أيها الإنسان بملايين الحوريات من عالم آخر غير الطبيعة فأنك ستفقد صوابك في الحال حين تتعرى أمامك امرأة من هذا العالم وتفضل الاقتراب منها والفوز بها رافضا ملايين من النساء البدائل عنها من عالم آخر.
لذا أمام المرء خيارين أما الكينونة على جادة الواقع ليكون كل شيء بمكانه الطبيعي او الكينونة على جادة الوهم والإشباع الاحتيالي والذي لايتقبله سوى معتلي العقول، وأبشع أنواع الاحتيال هو احتيال المرء على نفسه وطبيعته ولومها على حقها ومعاداتها بدلا من التوافق معها والإنسجام معها في طريق الحياة.

تصف القاصة بطلة قصتها بأنها جميلة برغم تدهور صحتها وهذه الخصوصية تؤكد أن الجمال الشكلي مظهر طبيعي لامفر منه ولا يلغيه الإحساس بآلام الجسد المتمثل بآلام الركبتين ولا الألم النفسي المتمثل بعواصف الذكريات، هي تضحك مرارة وتنزل دموعها حين آخر هي بالضبط تحدث في نفسها وجسدها المتناقضات شأنها شأن الطبيعة التي تحدث بها المتناقضات والمتضادات من حراك ولا حراك ومن مطر ومن جفاف.
إن السبيل الأمثل هو ترك الطبيعة تسير الى حيث هي تعرف دون ألتصدي لها والوقوف بوجهها، فمن مهازل الدهر أن يقف المرء بوجه قطار مسرع أو الركوب على ظهر حصان جامح لأنه سيضع نفسه تحت عجلة الهلاك او تتكسر عظامه من وقعة عظيمة أو سحقة مؤلمة تحت أقدام فرس جموح.

أيها الإنسان لاتنفع الأقمشة على سطح حريق في غابة فلايطفئ نيران الاشجار إلا الماء.
متشابهون نحن والشجر فمن الماء كينونتنا ولا مفر من الحاجة للماء كل أيام حياتنا ، صم كما أحببت أيها الراغب بالعطش لامفر من ورود الماء.

تتطرق هذه القصة لمعاناة الملايين من النساء اللواتي وضعهن القدر بين أيادي أزواج لايقومون بواجبهم الطبيعي تجاههن ويسلموهن الى كهوف من الحرمان والخذلان والتعامل القاسي والاسلوب المرير وعدم الشعور بمسؤولية الحفاظ على سلام الاسرة واستقرارها وابشع انواع التعامل اللاإنساني ومن بين تلك الحقوق المهدورة هو عدم الاشباع الجنسي ومكابدة أولئك النسوة لآلام لاتوصف، لاسلوى لهن سوى الأنين داخل كهوف معتمة حين لايسمعن بشر ولايعلم بحالهن أحد وتلك من نفاقات هذا العالم المتمرد على الطبيعة والمعادي لإيقاعها ، فمنذ تدخل العقل في تقرير مايجوز ومالايجوز زادت آلام البشرية وامتلأت بالحرمان والمحرومين.

إن الحرمان الجنسي هو مشكلة الملايين من البشر، وبدلا من أن تسهم قيم المجتمعات الشرقية ومعتقداتها في مؤاساة المحروم والتخفيف من آلامه زادت الطين بلة وراحت تضع القيود والخطوط الحمراء على كل ماله علاقة بالجنس وعالمه اللامتناهي ووقعت بفخ الحلول الغبية لمشكلة الكبت والحرمان فتصورت أن تشديد أغطية جسد الانسان تمنعه من الشعور بالحاجة للجنس وتمنع هرمونات جسده من اثارة الرغبة به. وتبجح قسم آخر من القيم باستخدام السياط والحجارة كحل ترهيبي يمنع المرء من الاحساس بالرغبة لممارسة الجنس ولم تجدي تلك الحلول البائسة في حل مشكلة جسد الانسان االذي تفور به الشهوة ولاسلطة له على هرمونات جسده المنتجة لتلك المظاهر، وتبجح آخرون بأن الحل هو ختان الإناث وفصل الذكور عن الإناث ولكن هذا الحل زاد الطين بلة وزاد من هوس الانسان للبحث عن شريكه الذي اوجدته الطبيعة ولم تمنع عزلة الجنسين من شعور الانسان بتلك الرغبة والحاجة التي لامهرب منها طالما الهرمونات تعمل بجسده، وطوال ملايين من السنين والعقل يبحث عن حلول ترقيعية لتلك المشكلة الازلية فابتكر الزواج كحل لتلبية تلك الحاجة لكن الملايين من البيوت يطرق فيها الحرمان ناقوس اجراسه كل ليلة وكل يوم وفوق تلك المأساة تضيف قيم المجتمعات المحافظة قيودا على من يتحدث عن تلك المواجع وتتهم كل من يتحدث عن هذا بالبذاءة وتصفه بالشخص اللاأخلاقي والمتمرد على قيم المجتمع التي عجزت عن حل تلك الأزمة، ولم يسلم الأدب من تلك القيود فالأدب له عمق مع واقع المجتمع وتسري إليه تلك التحفطات وتقمع حريته في التعامل مع تلك المشاهد الواقعية وتلك المآسي الانسانية المفجعة كمادة أدبية وموضوع غني بقضية تطال الملايين من البيوت والملايين من الغرف المظلمة التي يصول بها الحرمان ويلتهم اجسادها ويخنق صوتها وفوق هذا يكبل الاقلام عن الخوض بتلك الفجائع.
والذي يزيد الفجيعة أن المجتمع يكمم المرأة عن التعبير عن تفاصيل معاناتها بدعوى العيب والمحذور ويضع علامة استفهام على كل قلم نسوي يتجرء على الخوض العميق بمفاصل ذلك الألم والعالم الرهيب المدعو بالكبت الجنسي وحرمان الجسد من لوازمه ومتطلباته الطبيعية ورفض مساواته مع أي من كائنات الطبيعة والتي تتمتع بتلك الحريات والحقوق دون تدخل سافر من العقل الذي نجح بإظهار الأنسان سيدا على الطبيعة لكنه جعله من الداخل كتلة من جحيم او حجارة نارية من بركان أحكمت غلق فوهته وانفجر من فوهة أخرى وأحدث اضطرابا وخرابا ودمارا لم يكن بالحسبان.

حين يقع اختيار بطلة القصة لرجل اللحظة والذي كان حسب قولها لايخطر على بال أحد أنها تختار مثل ذلك الرجل صاحب الملابس الرثة والممزقة وبينما في يديه الاوساخ والقروح فضلا عن مهنته في جمع القمامة وسنه الخمسيني، هذه المعطيات كلها دوال على أن متطلبات الجسد غير معنية بتلك التفاصيل لاسيما إن كان فوران الشهوة على أوجه وفي ذروته ، إن ألألم حين يكون لايطاق فلايهم تفاصيل المخلص من ذلك الألم ولايكترث الانسان لتفاصيل ذلك الحل بقدر رغبته بالخلاص من الألم المضني ولهيب النار بجسده، إن العقل ومنذ وجد هو مهزوم أمام الشهوة ولذلك على مر الدهر يحاول جاهدا التحكم بها لكن دون جدوى لأن الشهوة من الطبيعة ولاجدوى من تحدي الطبيعة ولا من التحكم فيها.

تطرقت كاتبة القصة لموضوع الرائحة في قصتها بموضعين حين زكمت بطلة القصة من رائحة نفاذة من جسد رجل اللحظة وكذلك في نهاية القصة فأن آخر مايعلق بذهن السيدة رائحة الخوف ورائحة علقت بها من جسد ذلك الرجل الذي رغم هروب جسده من مشهد الاشباع الا إن رائحته متمسكة بضالتها ضاربة عرض الحائط كل محذور وفي تلك رؤية ووجهة نظر ذكية بربط الطبيعة الانسانية بطبيعة بقية الكائنات الأخرى ولايمكن فصل الطبيعة الإنسانية عن محيطها الأشمل مهما يضع العقل من عراقيل وقيود وترتيبات لاتغني من جوع.

إن كتابة هذه القصة بقلم نسوي يجعل منها أكثر واقعية وأقرب لتصوير مقدار الألم الانساني الذي تكابده امرأة مكبوتة محرومة مظلومة مضطهدة، فالمرأة أدرى بما تشعر به النساء وتبقى هي الأعلم بضرورة ماتراه مستحق للكتابة والاظهار للعلن وتحت الضوء.

إن المجتمع الذكوري هو مجتمع أحادي الرؤية يحتكر كل شيء على السطح لذا فهو يقف بوجه كل قلم أنثوي يعبر بجرأة وشجاعة عن قضايا المرأة وهمومها المكبوتة تحت السطح ويقوم بإخراجها للسطح بل ويتصدى لها بكل مااوتي من قوة لأن المرأة حين تمتلك القوة ستحظى بشراكة حقيقية فاعلة بصنع القرار وهذا مالا يطيقه الذكور في مجتمع الذكور .

لم تكن هذه القصة مجرد عبارات حافلة بمشاعر الرغبة الجنسية بل هي قصة تعبر عن نموذج واحد من ملايين من السيدات اللواتي لايعلم بحالهن احد بسبب القوانين الذكورية الغاشمة التي تمنع ذلك الحديث بذريعة العيب والحرام ومالايجوز وترمي كل صارخة من وجعها بعدم احترام قوانين المجتمع التي لاتحترم المرأة اصلا وتقصيها من سطح الحياة.

إن تطرق الكاتبة ليلى المراني لمثل هذا النمط من الكتابة هو بمثابة خطوة الى الأمام لتسليط الاضواء على ملايين من نساء يرزحن تحت عبودية التقاليد وصراع غير مجد مع الطبيعة البشرية الخالدة في أجسادهن.
ومن حسن حظ الكاتبة أنها تعيش في الدنمارك بعيدا عن مكممي الأفواه ومدعي الفضيلة وإلا لكانت على أهون الأحوال تمنع من طباعة هكذا نوع من النتاج القصصي بذريعة مخالفة قيم المجتمع والتمرد عليها.

لم يسلم الأدب بمجتمعاتنا من الاضطهاد بإسم القيم والمعتقدات والتقاليد ولذا تعد الكتابة من هذا النمط حافز للأخريات للكتابة عن معاناة المرأة تحت السطح وفي كهوف العتمة بذات المستوى الذي يكتبن عنه فوق السطح في العلن، ولا بد للضوء أن ينير العتمة وكل شيء سيبدو تحت الضوء
على حقيقته سائرا الى مصيره ووجهته دون اصطدام.



#رائد_مهدي (هاشتاغ)       Raed_Mahdi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ((الزمن لاينتظر أحدا ))
- (( طقوس محتواها الحب ))
- //الٲزمة والٳنفراج في قصة (موعد)//
- (مَخرَج وحيد لمعاناة ثنائية الطرف)
- ألإنتظار الشهي
- ((الخيال .. الكفة الثانية لميزان المعنى))
- // لا منطق للحياة بتوقيت بغداد // الواقع في حيز الفنتازيا
- // لامنطق للحياة بتوقيت بغداد // الواقع في حيز الفنتازيا
- لاسبيل الى السبيل
- لاحياة لجسد بلا رأس
- الوجع مادة للإبداع
- راغدة
- ماهذا الجنون !!!!
- ((أحزان الحضارة..رؤية مرحلية بجذور تاريخية))
- ضوء
- الوثنية..تقديس الحجر لإخضاع البشر
- خَيال
- سعادة
- مسافرون
- (( الله خارج العقل والحس ))


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد مهدي - ((طبيعة الجسد الإنساني إمتداد لطبيعة الكون))