أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فهد المضحكي - يعقوب صرّوف.. العالم والأديب















المزيد.....

يعقوب صرّوف.. العالم والأديب


فهد المضحكي

الحوار المتمدن-العدد: 6846 - 2021 / 3 / 20 - 10:28
المحور: سيرة ذاتية
    


من يتقصى ويفحص تاريخ بواكير النهضة الفكرية المصرية والعربية، في القرن التاسع عشر، لابد أن يلحظ - بعرفان وامتنان - البصمات القوية الواضحة لرواد التنوير من الشوام «السوريين واللبنانيين» وفي المقدمة من هؤلاء اللبناني «يعقوب صرّوف» أستاذ الرياضات والكيمياء، والحائز ايضًا على الدكتوراه في الفلسفة من نيويورك.

كان «يعقوب صروف» (1852-1927) موسوعي التكوين الثقافي، ألّف وترجم في العديد من المجالات المعرفية العلمية والانسانية والتاريخية، ينتقل بين الحقول المعرفية بيسر وعمق، وبأسلوب لا يستعصي على عموم القراء، يكتب عن تشابهات بين «أبي العلاء المعري» والشاعر الانجليزي «ميلتون» وبين «ابن خلدون» و«هربرت سبنسر» وغير ذلك من مقارنات ومقاربات مبنية على هضم التراث العربي والغربي، وعمق معرفته اللغوية بكليهما.

للباحث المصري المستنير وجيه وهبه بحثًا أشار فيه إلى أنه في العام 1876 في بيروت أسس صروف مع صديقه ونظيره فارس نمر، أسس مجلة «المقتطف» (واستمرت حتى عام 1952) كانت المجلة في أول الأمر، تعنى بشؤون العلم والصناعة والزراعة، ثم اتسعت مجالاتها تدريجيًا لتشمل معارف عديدة، كان هدف المجلة - كما يذكر المؤسسان هو «أن تقطف ثمار المعارف والمباحث العلمية شهرًا فشهرًا وتذيعها في الأقطار العربية»؛ لأن العلوم الحديثة تتسارع وما يؤلف منه اليوم يصبح بعضه قديمًا غدًا، عرضت المجلة لقراء العربية أحدث النظريات العلمية، ومنها - ولأول مرة - نظرية «دارون» في «أصل الأنواع». وتعرضت المجلة للنقد والهجوم من رجال الدين، في بلد يعاني من احتقان طائفي، أسفرت معاركه، قبل سنوات قليلة عن مقتل الآلاف من المسيحيين وحرق المئات من الكنائس. قررت أصحاب «المقتطف» الهجرة بمجلتها - وكانت قد بلغت شهرتها الآفاق - قرّرا الهجرة إلى مصر «بلد التسامح والتعايش والفرص للجميع، بعيدًا عن الجنسية والدين.

وحينما علم اثنان من رؤساء وزراء مصر مصطفى رياض باشا ومحمد شريف باشا وهما المختلفان سياسيًا عن اعتزام هجرة «المقتطف» إلى مصر، كتب كل منهما إلى أصحاب المجلة، مرحبين ومعبرين عن تقديرهم الشديد للمجلة ودورها المهم.

ينتقل «صروف» و«نمر» إلى مصر وتصدر «المقتطف» (1885) وبعد عدة أعوام يصدران جريدة «المقطم». ثم ينشغل نمر بالمقطم ويتفرغ صروف «للمقتطف» ويحرر معظم موضوعاتها.

أما عن فضل وتأثير صروف و«المقتطف» على النخبة المصرية، فقد أقر به العديدون من أمثال هيكل، وسلامة موسى، والعقاد، ويذكر أن العقاد في كتابه «رجال عرفتهم» كيف كان متيمًا بمتابعة «المقتطف» وكيف سعى في شبابه المبكر لرؤية صاحبها فيلسوف العصر على حد وصفه - الدكتور يعقوب صروف. تم اللقاء في العام 1905 ثم عاد معه عدة أعداد من «المقتطف» وكيف كاد البعض لا يصدقون أنه قد رأى «صروف» ويصف العقاد «صروف»: مثلاً للطيبة الأبوية والوداعة الحكيمة فلم يختلف شعوري بلقاه الأول بعد أن لقيته مرات في مكتبه وفي داره وفي بعض المجالس الأدبية، ولم أرَه بعد ذلك على غير تلك الصورة التي شهدتها منه أول مرة! بساطة لا تخلو من تحفظ السمت والوقارن وعاطفة أبوية يشمل بها كل من عرفوه من ناشئة الكتاب والدارسين، عتب على أول الأمر أنني فاجأته بالدخول إلى مكتبه بغير استئذان، ولكنه عاد يستسمحني حين أكدت له أنني طرقت الباب طرقًا خفيفًا لعله لم يسمعه وهو مستغرق في القراءة، فقال مبتسمًا: «بل هو ثقل السمع يعتريني من حين إلى حين، فلا تؤاخذني اذا عتبت عليك».

تعددت لقاءات «العقاد» بيعقوب صروف، وحينما كان عاطلاً عن العمل توسط صروف فأوجد له وظيفة مدرس في مدرسة الفيوم، كان يملكها صديقه عبدالله وهبي باشا والد الفنان يوسف وهبي، وكان لصروف أطيان في الغيوم يرعاها عبدالله وهبي يقول صروف العقاد الشاب مازحًا: إياك أن تكون من شعراء شكوى الزمان ومعاتبة الاخوان، وحذارِ أن تحسب البؤس زينة للأديب وقسمة مقدورة للأذكياء «اجمع الدراهم والدنانير تجمع نفسها».

وفي سياق ابتعاد صروف عن الخوض في أحاديث السياسة، إلا فيما ندر، يقول العقاد: رأيته يومًا وعلى وجهه مسحه الامتعاض الظاهر، بعد أن تعاقب إلقاء القذائف على طائفة من الوزراء ورؤساء الدولة، فقال بشيء من المرارة: إننا تقدمنا جدًا وأفرطنا غاية الإفراط في التقدم ولم لا؟ هذه مبادئ التطرف في الوطنية، ينتهي إلى التطرف الأقصى من مبادئ الفوضيين.

في كتابه «مرآة العصر» ينقل لنا إلياس خوري وهو رفيق رحلة صروف من بيروت إلى القاهرة - ينقل لنا عن صروف قوله: «إن على الحكومة أن تضع حدًا لمطامع الأغنياء ومالكي الأرض، كما تضع حدًا لأقوياء الأبدان والمهرة في استعمال السلاح، حتى لا يستعملوا أبدانهم وأسلحتهم للإضرار بالغير».

يقول سلامة موسى: عرفت «المقتطف» في عام 1903 وكان اهتدائي إليه من المصادفات البديعة التي أعانتني على التثقيف، الذاتي وكنت أشتري الأعداد القديمة - بل أحيانًا الاعداد الجديدة - من الإدارة، على غلاء ثمنها، والتهمها من الغلاف إلى الغلاف.. إني أعزو إلى «المقتطف» هذه النزعة العلمية التي لازمتني طوال حياتي الماضية، كما أعزو إليه هذا «الأسلوب التلغرافي» وكان الدكتور يعقوب صروف لا يعرف «التزاويق».

يُعد صروف كما نستخلصه من بعض الدراسات من أعلام النهضة العربية، وينتهي إلى التيار العلماني وهو يدعو إلى فصل الدين عن الدولة ويرى أن العلاقة صناعة دون أن يحدد لنا العلاقة التي يتصورها بين العلوم والصناعة ويقول إن الصناعة مؤسسة على العلم وهكذا أكد أهمية الصناعة بقيام النهضة العربية.

يعد صروف من أصحاب النظرية الدارونية في مستوها الاجتماعي، بالاضافة إلى المستوى العلمي، انفتح على المناهج وطلب تغيير الأسلوب التقليدي للتعلم.

اهتم صروف بتاريخ العلوم وأسباب نهوض الأمم، وسعى إلى تأصيل أسلوب علمي في التفكير عن طريق إصلاح اللغة وضبطها ضبطًا علميًا لتكون قادرة على حمل المصطلحات العلمية الحديثة.

له قصائد ومقطعات وردت ضمن مقالاته وافتتاحيات مجلة المقتطف التي بلغت مجلداتها 118 مجلدًا والقصائد منها: مقطع بعنوان «كوكب السماء» عام 1889 و«أسماء صور السماء» عام 1890، و«معرض باريس العام» عام 1900.

تنوعت أعماله الأخرى بين عدد كبير من المقالات والمؤلفات في العلوم والتربية والفلسفة والسير والتراجم والقصة والرواية واللغة والترجمة نشر أكثرها في مجلة «المقتطف» منها أميرة لبنان، أمينة، فتاة الغيوم، فتاة مصر.

جاء شعره تعبيرًا عن نزعته العلمية النهضوية وإعجابه الشديد بالحضارة الأوروبية.



#فهد_المضحكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قاسم أمين.. رائد تحرير المرأة
- بايدن والتحدي الذي تفرضه الصين
- الجائحة زادت من التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية
- عن احتجاجات تونس
- الشيخ علي عبدالرزاق.. المفكر العقلاني
- التعليم في ظل جائحة كورونا!
- وداعًا.. شاعر العراق الكبير الفريد سمعان
- حديث عن التقدم
- الدول الفقيرة ولقاحات كورونا!
- زكي نجيب محمود الفيلسوف والأديب
- رحل اسحاق الشيخ ولم يرحل
- السياسة الخارجية التركية بين الفشل وافتعال الأزمات
- وعود بايدن الاقتصادية!
- الصين ومكافحة الفقر
- العقل النقدي
- «المرأة ميراث من القهر»
- سامي الدروبي علامة فارقة في سيرة الترجمة إلى العربية
- انحسار الأحادية القطبية
- بحر الصين الجنوبي والصراع الأمريكي - الصيني
- المفكر سمير أمين «مفكك الرأسمالية»


المزيد.....




- لم يسعفها صراخها وبكاؤها.. شاهد لحظة اختطاف رجل لفتاة من أما ...
- الملك عبدالله الثاني يمنح أمير الكويت قلادة الحسين بن علي أر ...
- مصر: خلاف تجاري يتسبب في نقص لبن الأطفال.. ومسؤولان يكشفان ل ...
- مأساة تهز إيطاليا.. رضيع عمره سنة يلقى حتفه على يد كلبين بين ...
- تعويضات بالملايين لرياضيات ضحايا اعتداء جنسي بأمريكا
- البيت الأبيض: تطورات الأوضاع الميدانية ليست لصالح أوكرانيا
- مدفيديف: مواجهة العدوان الخارجي أولوية لروسيا
- أولى من نوعها.. مدمن يشكو تاجر مخدرات أمام الشرطة الكويتية
- أوكرانيا: مساعدة واشنطن وتأهب موسكو
- مجلس الشيوخ الأمريكي يوافق على حزمة من مشاريع القوانين لتقدي ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فهد المضحكي - يعقوب صرّوف.. العالم والأديب