أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فهد المضحكي - زكي نجيب محمود الفيلسوف والأديب















المزيد.....

زكي نجيب محمود الفيلسوف والأديب


فهد المضحكي

الحوار المتمدن-العدد: 6777 - 2021 / 1 / 2 - 11:47
المحور: سيرة ذاتية
    


وسط ازدحام الأحداث وإيقاع الحياة السريعة بعد ثورة الاتصالات الحديثة لا ينسى كل قارئ عربي العقل المصري الذي قلما أنعم علينا الزمان بمثله، صاحب الفضل الكبير على الثقافة العربية والعقل المصري الفيلسوف زكي نجيب محمود، الأديب الموسوعة الذي رحل عن دنيانا عام 1993.

هذا الرأي للكاتب المصري مصطفى طاهر، الذي يعتقد أن الفيلسوف زكي نجيب محمود المولود في عام 1905 نجح طيلة تسعة عقود في صناعة ملحمته الخاصة، ولا تبدو القيمة العظمى للفيلسوف كمجرد كاتب أكاديمي نابغ أو استاذ الفلسفة الكبير في كلية الآداب، لكن معجزة زكي نجيب محمود انه كان قنطرة حقيقية للفكر نجحت في تقديم أعسر الأفكار على الهضم العقلي للقارئ في عبارات أدبية جذابة، نجح من خلالها في فك المسائل الفلسفية وجعلها في متناول قارئ الصحيفة اليومية، واستطاع بكتاباته أن يخرج الفلسفة من بطون الكتب وأروقة المعاهد والجامعات لتؤدي دورها في حياة الناس بشكل عام.

عند قراءة مقالات زكي نجيب، كانت تبدو كأنها كتابات من المستقبل، فحتى الآن لا تستطيع أن تصدق أن تلك المقالات لكاتب رحل عن عالمنا ما يزيد على ربع قرن، ما ساعد على نضوج تجربة حياته المليئة بالزخم والترحال منذ سنوات الطفولة الأولى.

وصفه عباس العقاد قائلاً: «إنه فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة، فهو مفكر يصوغ فكره أدبًا، وأديب يجعل من أدبه فلسفة»، وربما تحمل كلمات العقاد مفتاحًا أساسيًا لفهم تركيبة عبقري الفلسفة المصري التي تصفها إحدى الدراسات الأكاديمية التي ناقشت حياته -والتي ارتكز عليها تعريفه على بوابة المعرفة- بأنها مرت بثلاث مراحل أساسية للتطور، وانشغل في أولها بنقد الحياة الاجتماعية في مصر وتقديم نماذج من الفلسفة القديمة والحديثة والآداب التي تعبر عن الجانب التنويري، تبدو ثمار تلك المرحلة واضحة في ثلاثة كتب اشترك في تأليفها مع الأستاذ أحمد أمين، قبل أن يدخل للمرحلة الثانية بعد العودة من أوروبا، وامتدت تلك المرحلة من حياته حتى الستينات عندما بلغ سن التقاعد الأكاديمي.

ودعا زكي نجيب في تلك الفترة إلى تغيير سلم القيم إلى النمط الأوروبي، والأخذ بحضارة الغرب بصفتها حضارة العصر، بخاصة مع اشتمالها على الجوانب الإيجابية في مجال العلوم التجريبية والرياضية، وتقدير قيمة العلم والجدية في العمل واحترام الإنسان، وهي القيم التي كانت مهدرة ومفتقرة نسبيًا ذلك الوقت في العالم العربي.

أما المرحلة الثالثة فهي شهدت عودته إلى التراث العربي قارئًا ومنبقًا عن الأفكار الجدية فيه، بعد أن كان رافضًا له من قبل، وبدأ في البحث عن سمات الهوية العربية التي تجمع بين الشرق والغرب وبين الحدس والعقل، وبين الروح والمادة.

هكذا تعبر مراحل زكي نجيب محمود الثلاث التي تصفها الدراسة عن شخصيته الرجل الذي كان يمتلك من الثقة القدر الكافي الذي لا يجعله يقع أسيرًا لأفكاره، فنجح في التطوير عبر السنوات والأفكار والمدارس الفكرية.

اتصل زكي نجيب محمود بالصحافة في فترة مبكرة من حياته، وكانت بدايته المنتظمة مع مجلة الرسالة التي أنشأها الأديب أحمد حسن الزيات منذ صدورها سنة 1932، وصار يواليها بمقالات ذات الطابع الفلسفي أسبوعًا بعد آخر.

وعن طريق اتصاله بمجلة الرسالة تعرف على الأستاذ أحمد أمين الذي ضمه معه إلى لجنة التأليف والترجمة والنشر التي كانت يترأسها، وتضم في عضويتها عددًا من أعلام العصر وكبار رجال الفكر، وقد توثقت العلاقة بين الرجلين، وأثمر ذلك كما أشرنا سلفًا اشتراكها في تأليف ثلاثة كتب، هي قصة الفلسفة اليونانية، وقصة الفلسفة الحديثة، وقصة الأدب والعالم.

وفي أثناء هذه الفترة ظهرت مجلة الثقافة برئاسة أحمد أمين وبمعاونه لجنة التأليف والترجمة، فاشترك في تحريرها زكي نجيب محمود ووالاها بمقالاته المتعددة.

وفي سنة 1964 عهدت إليه وزارة الثقافة في عهد وزيرها محمد عبدالقادر حاتم بإنشاء مجلة فكرية رصينة تعنى بالتيارات الفكرية والفلسفية المعاصرة، فأصدر مجلة «الفكر المعاصر» ورأس تحريرها، ودعا كبار رجال الفكر في مصر للكتابة فيها، وشارك هو فيها بمقال شهري ثابت تحت عنوان «تيارات فلسفية»، وظل يرأس تحريرها حتى سافر إلى الكويت للعمل في جامعتها.

تقول إحدى الدراسات: يعتبر المفكر زكي نجيب محمود من أول المساهمين وأثراهم في توليد المصطلح الفلسفي الحديث، فقد أمد اللغة العربية المعاصرة بعدد من المصطلحات الفلسفية المبتكرة.

ذلك ان هذه اللغة لم تعرف حركة نقل فلسفي منذ القرن التاسع الميلادي، حين ازدهرت حركة الترجمة الفلسفية في أروقة «بيت الحكمة» في بغداد زمن الأمين والمأمون بالخصوص.

فقد عرفت في عصريهما العديد من مفردات الفلسفة الاغريقية، ليدخل بعدها المصطلح الفلسفي العربي مرحلة ركود، امتدت ما يقارب إلى عشرة قرون.

لم يكن التوليد المصطلحي ليستعيد حركته إلا في أربعينات القرن العشرين، من خلال القفزة النوعية التي دشنتها كتابات محمود وفيه ترجم وابتكر عشرات المفردات المجردة، لا سيما في مصنفة «قصة الفلسفة الحديثة» (1936) كذلك في نقله لـ«محاورات افلاطون» وفيها برع في استخدام المفاهيم والمفردات التي اشتقها من العربية الاصلية، فاستعاد ما في تيارات الفلسفية الغربية الحديثة والوسطى من مبادئ ومقولات تغطي كل الحقول الدلالية،

على أن الإسهام الأكبر لهذا المفكر يكمن في محاولات الجريئة لتطبيق مفاهيم الفلسفة التحليلية التي حصرت مهمة الفلسفة في «التوضيح المنطقي للفكر» حسب عبارة كارناب، على التراث العربي وانجاز قراءة توضيحية لكل ما كتب طيلة قرون في مختلف ميادين المعرفة الانسانية من فلسفة وأدب وكلام وعلوم.

كما أسفرت هذه المسيرة الفكرية الدؤوبة عن ضخ جرعة كبيرة من أدوات المنطق الصوري - التحليلي في شرايين الثقافة العربية.

حمل زكي نجيب محمود مشروعًا نقديًا متكاملاً، ضم بين دفتيه رؤية نسقية لكل قضايا إنسان ما بعد الحرب العالمية الثانية حتى منتصف التسعينات، أي قبيل الثورة الاعلامية والرقمية حين كان العالم لا يزال يحلم بالمواءمة -ضمن الرؤية الفلسفية الواحدة- بين اقتضاءات الروح والعقل، الحرية والجبر.



#فهد_المضحكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحل اسحاق الشيخ ولم يرحل
- السياسة الخارجية التركية بين الفشل وافتعال الأزمات
- وعود بايدن الاقتصادية!
- الصين ومكافحة الفقر
- العقل النقدي
- «المرأة ميراث من القهر»
- سامي الدروبي علامة فارقة في سيرة الترجمة إلى العربية
- انحسار الأحادية القطبية
- بحر الصين الجنوبي والصراع الأمريكي - الصيني
- المفكر سمير أمين «مفكك الرأسمالية»
- تركيا ونوازع أرمينيا وأذربيجان!
- «كورونا» وتزايد فجوة الدخول!
- الليبرالية والليبرالية الجديدة
- السودان والعلمانية
- حالة حقوق الإنسان في تركيا!
- بريطانيا والإسلام السياسي!
- رحيل المناضلة السودانية زينب بدر الدين
- الأطماع التركية.. والموقف الأوروبي المتذبذب!
- «الطير الهيمان» وداعًا
- حديث عن البرلمانات العربية!


المزيد.....




- بايدن يرد على سؤال حول عزمه إجراء مناظرة مع ترامب قبل انتخاب ...
- نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق CNN في شو ...
- ليتوانيا تدعو حلفاء أوكرانيا إلى الاستعداد: حزمة المساعدات ا ...
- الشرطة تفصل بين مظاهرة طلابية مؤيدة للفلسطينيين وأخرى لإسرائ ...
- أوكرانيا - دعم عسكري غربي جديد وروسيا تستهدف شبكة القطارات
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- الشرطة تعتقل حاخامات إسرائيليين وأمريكيين طالبوا بوقف إطلاق ...
- وزير الدفاع الأمريكي يؤكد تخصيص ستة مليارات دولار لأسلحة جدي ...
- السفير الروسي يعتبر الاتهامات البريطانية بتورط روسيا في أعما ...
- وزير الدفاع الأمريكي: تحسن وضع قوات كييف يحتاج وقتا بعد المس ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فهد المضحكي - زكي نجيب محمود الفيلسوف والأديب