أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فهد المضحكي - الشيخ علي عبدالرزاق.. المفكر العقلاني















المزيد.....

الشيخ علي عبدالرزاق.. المفكر العقلاني


فهد المضحكي

الحوار المتمدن-العدد: 6807 - 2021 / 2 / 6 - 09:54
المحور: سيرة ذاتية
    


كان واحدًا من أعلام الفكر والأدب ممن تركوا بصمتهم التنويرية على مؤلفات قيل عنها: كانت بمثابة نوافذ مشرقة على عالم الأزهر الرحب، إنه صاحب كتاب «الإسلام وأصول الحكم» الشيخ علي عبدالرزاق (1888-1966).

على مدار سنوات عمره التي امتدت إلى 79 سنة نهل الشيخ من نهر الأزهر طالبًا العلم حتى وصل لشهادة العالمية، عام 1912، ثم سافر إلى اكسفورد البريطانية لدراسة السياسة والاقتصاد، وبعد عودته إلى مصر في أعقاب الحرب العالمية الأولى، اشتغل بالقضاء الشرعي، واختير عضو بمجلس النواب، ثم وزير للأوقاف، وعضو بالمجمع اللغوي.

في مطلع عشرينات القرن الماضي، كانت مصر على عتبة تحول الحرب العالمية الأولى الحرب الكبيرة التي شهدتها المنطقة غداة الحرب العالمية الأولى الحرب التي ازاحت الدولة العثمانية عن المشهد السياسي واستبدلتها بقوى استعمارية أوروبية الصاعدة (انجلترا وفرنسا وايطاليا).

لم تكن ثورة العام 1919 التي مهدت للقوى الوطنية المصرية ان تصنع واجهتها السياسية التي عرفت تاليًا بـ«حزب الوفد - وفق ما كتبه الباحث السياسي محمد عبدالوهاب الشيباني – إلا تعبيرًا عن عملية شاقة وطويلة لتفكيك الطبقة السياسية المهترئة وقوى الحكم التاريخية التي تتحكم في البلاد صاحبة الإرث السياسي والحضاري المتنوع، فارتدادات الحملة الفرنسية، وتاريخ حكم الأسر الألبانية والعثمانية الطويل، وصولاً إلى خبرات الاحتلال الانجليزي، وتاريخيًا مبذولات الحضارة الفرعونية وحقب الحكم الاسلامي الطويل، والتأثيرات اليونانية والرومانية القديمة.. كانت – مجتمعة – تقود نخب المجتمع إلى استبصارات جديدة.

لقد أشار الشيباني إلى المعوقات التي لم تكن هينة وسهلة التجاوز، خصوصًا ما يتصل بالمؤسسة الدينية التقليدية ودائرة الحكم الاسري، ففي الأولى كان»الأزهر«الثابت بتاريخه الطويل وسلطته الروحية المؤثرة، وفي الثانية كان الملك فؤاد الأول، بطموحه السياسي الذي يُرغبه في أن يكون خليفة للمسلمين بعد أن أسقط كمال أتاتورك بتوجهاته العلمانية، الخلافة ومركزها، فعدها المحافظون والتقليديون مؤامرة كبرى على الاسلام وشعوبه، ووجوب استعادتها.

في هذا الوضع الذي وصف بـ«الفوار» ظهر من يعيد قراءة الحالة الملتبسة بين الديني والسياسي، التي غذتها تنازعات السلطة في تاريخ الدولة الاسلامية في قرون طويلة، ووصلت إلى لحظة الانسداد مع الخلافة العثمانية (الدولة السلطانية)، من منطلق أن هناك أسئلة ملحة تفرضها متطلبات العصر من الديمقراطية وحقوق الانسان التي تضمنها الدولة المدنية، من جهة، ودولة دينية تعزز مقولات ومفاهيم دينية وثقافية تقليدية من جهة ثانية.

من أعاد مثل هذه القراءة هو الشيخ الأزهري علي عبدالرازق، صاحب كتاب «الإسلام وأصول الحكم» الكتاب حال صدوره في العام 1925 تعرض هو وصاحبه لهجمة شرسة واتهم بالدعوة إلى العلمانية وفصل الدين عن السياسة.

الأفكار الجوهرية للكتاب، حسبما يذهب المفكر محمود أمين العالم تتمثل في أنه يفصل بين الدين والحكم المدني الذي يستغل الدين للبطش والاستبداد، وهو يفضح الحكم الاستبدادي ويبين مفاسده وشروره، وهو يدعو إلى إقامة الحكومة المدنية على أساسي من العقل والخبرة لصالح البشر أجمعين.

والكتاب في إطاره التاريخي في نهاية الربع الأول من القرن العشرين يعد تعبيرًا بالغ الجدية والجسارة على الوعي العلمي والموضوعية الفكرية.

وما أكثر ما ثار حول هذا الكتاب من معارك فكرية، لقد انقسم المفكرون المصريون في ذلك الوقت بين مؤيد للكتاب، مدافع عنه وبين ساخط عليه رافض لحججه، وكان على رأس الساخطين الشيخ محمد الخضر حسين الذي كتب كتابًا في الرد عليه بعنوان «نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم»، على أن كتاب الشيخ محمد الخضر حسين كان يغلب عليه التملق للملك فؤاد والتأييد لحكمه، ولم تكن حجته في معارضة كتاب الشيخ علي عبدالرزاق، على مستوى لائق من التماسك والعمق، وكان الحزب الوطني وحزب الوفد من الساخطين الرافضين كذلك للكتاب، ولكن سخطهما وغضبهما كان جزءًا من صراعهما السياسي مع حزب الأحرار الدستوريين الذي كان ينتسب إليه الشيخ علي عبدالرزاق، والغريب أن يصدر هذا الكتاب من رجل من رجال حزب الأحرار الدستوريين الذي كان يشارك في الحكم في ذلك الوقت متحالفًا مع حزب الاتحاد في ظل حكومة يرأسها أحمد زيور باشا، توقف الدستور وتفرض على الشعب حكم الاستبداد والطغيان والبطش.

والغريب أن يتصدى للدفاع عن هذا الكتاب كوكبة من كتاب جريدة السياسة الأسبوعية جريدة حزب الأحرار، ولعل من أبرز هؤلاء الكتاب طه حسين ومحمد حسنين هيكل ومنصور فهمي وابراهيم عبدالقادر المازني.

لقد انفجرت بسبب مصادرة هذا الكتاب أزمة في التآلف الوزاري نفسه، طلب الملك فؤاد الأول من عبدالعزيز فهمي وزير الحقانية في تلك الوزارة أن يفصل الأستاذ علي عبدالرازق من القضاء بعد أن صدر قرار هيئة كبار العلماء بإدانته، فتلكأ الأستاذ عبدالعزيز فهمي في تنفيذ ذلك، فأقيل عبدالعزيز فهمي من الوزارة، وتأزم الموقف في حزبه، ولقد كشفت هذه الأزمة عن صراع حاد داخل حزب الأحرار الدستوريين نفسه، بين مؤيد للكتاب وساخط عليه.

ولعل هذه المعركة تثير موضوعًا من أخصب الموضوعات واعقدها في تاريخنا الحديث، فكيف نفسر صدور هذا الكتاب الذي يدعو إلى حرية الفكر من رجال حزب الأحرار الدستوريين، بل كيف نفسر كذلك موقف هذه الكوكبة من الكتاب الأحرار الذين تصدوا للدفاع عن الكتاب في مجلة هذا الحزب.

تناول هذا الموضوع الكاتب أحمد بهاء الدين في مقال انتهى فيه إلى تفسير موضوعي سديد لهذه الظاهرة الغريبة، لقد فرَّق بين الحرية كعقيدة اجتماعية والحرية كمنهج فكري، أما الحرية كعقيدة اجتماعية فهي أساس لتحديد النظم والحقوق والواجبات، ويختلف باختلافها أشكال الحكم ونظم الحياة الاجتماعية والسياسية عامة، أما الحرية كمنهج فكري فهي موقف فلسفي عام يؤمن به أفراد قليلون ممن حصلوا قسطًا عاليًا من الثقافة الرفيعة والحرية بهذا المعنى عندهم حق إنساني يتمتع به السادة والممتازون.

سيظل كتاب الشيخ علي عبدالرزاق في رأي د. جابر عصفور: «علامة ناصعة من علامات التنوير» في مصر وفي كافة بلدان العالم العربي والإسلامي، ولا تزال القوى الأصولية تحاربه بعنف، وعلى مؤلفه تشن هجومات متتالية لما عرضه من أفكار عقلانية تدعو المسلمين إلى إصلاح أوضاعهم انطلاقًا من الواقع، داعيًا إياهم إلى أن يسابقوا الأمم الأخرى في علوم الاجتماع والسياسة، وأن يبنوا قواعد ملكهم، ونظام حكومتهم على أحدث ما أنتجته العقول البشرية.

كان كتاب «الإسلام وأصول الحكم» مساهمة رفيعة وجليلية في معارك القوى الجديدة من أجل تنوير العقول وتحرير الفكر من القيود الذي كلّبته بها عصور التخلف وهو استكمال لكتب أخرى تميز بها عصر النهضة، وكان لها نفس الهدف مثل «طبائع الاستبداد» لعبدالرحمن الكواكبي و«الإسلام والنصرانية بين العلم والمدنية» للشيخ محمد عبده، وغير ذلك من الكتب التي لا تزال مراجع أساسية في مجال التحرر الفكري والعقلي في الثقافة العربية.



#فهد_المضحكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعليم في ظل جائحة كورونا!
- وداعًا.. شاعر العراق الكبير الفريد سمعان
- حديث عن التقدم
- الدول الفقيرة ولقاحات كورونا!
- زكي نجيب محمود الفيلسوف والأديب
- رحل اسحاق الشيخ ولم يرحل
- السياسة الخارجية التركية بين الفشل وافتعال الأزمات
- وعود بايدن الاقتصادية!
- الصين ومكافحة الفقر
- العقل النقدي
- «المرأة ميراث من القهر»
- سامي الدروبي علامة فارقة في سيرة الترجمة إلى العربية
- انحسار الأحادية القطبية
- بحر الصين الجنوبي والصراع الأمريكي - الصيني
- المفكر سمير أمين «مفكك الرأسمالية»
- تركيا ونوازع أرمينيا وأذربيجان!
- «كورونا» وتزايد فجوة الدخول!
- الليبرالية والليبرالية الجديدة
- السودان والعلمانية
- حالة حقوق الإنسان في تركيا!


المزيد.....




- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجار شمال غرب أصفهان
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وأنباء عن هجوم بالمسيرات ...
- انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول أمر ...
- وسائل إعلام: الدفاعات الجوية الإيرانية تتصدى لهجوم صاروخي وا ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع هجوم ...
- فرنسي يروي تجربة 3 سنوات في السجون الإيرانية
- اقتراب بدء أول محاكمة جنائية في التاريخ لرئيس أميركي سابق
- أنباء عن غارات إسرائيلية في إيران وسوريا والعراق
- ??مباشر: سماع دوي انفجارات في إيران وتعليق الرحلات الجوية فو ...
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية الرسمية نقلا عن تقارير: إسرائيل ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فهد المضحكي - الشيخ علي عبدالرزاق.. المفكر العقلاني