|
اللفياثان .. العالم بين أسنان الوحوش !
وليد سلام جميل
كاتب
(Waleed Salam Jameel)
الحوار المتمدن-العدد: 6845 - 2021 / 3 / 19 - 01:06
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
من سوء حظ العراق أنه تحيطه ثلاثة دول توسعية ، ومن سوء حظه أيضا أنها غير متفقة في كل شيء ، متصارعة على جميع الصعد ؛ الإقتصادية ، السياسية والرؤى المستقبلية الإقليمية والدولية . إيران تحلم بإكمال الهلال الشيعي ، ولو تدمّرت المنطقة عن بكرة أبيها ، فيما تسعى تركيا السلطانية لإعادة عرش السلطان عبد الحميد الثاني المسروق ، وربما يرى الأتراك إن السارق قريب ، وعرش السلطان مسروق من قبل ما يُسمّى ( خادم الحرمين ) ، بينما السعودية تسعى للحفاظ على نظامها المتهالك ، الذي بدأ بلبس لباس غربيّ وخلع لباسه الإسلاميّ مع صعود محمد بن سلمان بأوامر أمريكية ، فأمريكا هي المحافظة على النظام السعودي القائم . أمريكا اللاعب الأكبر في العالم ، الذي يعتبر السعودية بقرته الحلوب وسلاحه في حرب النفط ضد روسيا ، التي تفككت بسبب التداعيات الإقتصادية في تسعينيات القرن المنصرم لعدة دول ، بعدما كانت دولة واحدة باسم الإتحاد السوفيتي . روسيا قوية عسكرياً إلّا أنها ضعيفة إقتصادياً ، أكبر مصادر دخلها القومي يأتي من تصديرها النفط والغاز ، بالتالي فإنّ أمريكا تضرب روسيا بيد السعودية تحت الحزام وفوقه ، وكلما استمرت أمريكا في هذه اللعبة ، إنتفعت تركيا والصين ، لترتب تركيا بيتاً لها في أفريقيا والقوقاز وسوريا والعراق ، فيما ينمو التنين الصيني شاعلاً النار في الكوكب ، مكمّلا طريق الحرير ، الطريق الإخطبوطي للسيطرة على العالم والكوكب . لم تكن الأزمة السورية ، أزمة معقدة بهذا الشكل ، لولا الإرادات الدولية والإقليمية ، التي أبت إلا أن تجعل سوريا بلدا مدمرا في حرب كونية لا رحمة فيها أبداً ، في نفس الوقت تستخدم كلّ هذه الدول سوريا كرقعة للمساومة في صراعات خارجها ، دافعا ثمنها شعب سوريا ، المثقل بالهموم والاوجاع والتشرد ، وهذه الإرادات الدولية هي المانعة من إيجاد حلّ لسوريا ، وهذا ما قاله كوفي عنان ، المبعوث الأول للأزمة السورية قبل أن يفشل ويرحل . من جانب آخر نشاهد الصراع في أفريقيا ، بالتحديد على الرقعة الليبية ، وهو صراع مشابه نوعاً ما للصراع في سوريا ، وأكثر اللاعبين المتواجدين يتواجدون في الساحة السورية . إستطاع الدّب الروسي الهيمنة على سوريا بالكامل والسيطرة على منابع الغاز ، ويعمل الآن على طرد اللاعبين الأساسين في سوريا وهما تركيا وإيران ، متحالفاً مع إسرائيل ، التي أوجعت نظام بشار الأسد والقوات الإيرانية بضربات نوعية مستمرة . تركيا المنتقلة من سياسة ( صفر مشاكل ) إلى سياسة ( الردع الإقليمي والدولي) ، فاتحة جبهات على جهاتها الأربع ، مع الجيران ومع العالم ، لم تقف مكتوفة الأيدي ، بل فتحت المعركة على الأرض الليبية ، داعمة لحكومة الوفاق ، بالضد من الجنرال حفتر المدعوم روسياً . كان حفتر محاصراً لمدينة طرابلس العاصمة ، آخر معاقل حكومة الوفاق حينما تدخلت تركيا عسكرياً ، لتقلب المعادلة لصالح حكومة الوفاق وتظهر طائراتها ( البيرقدار ) المسيرة المميزة كقوة جديدة مرعبة في السماء ، هازمة حفتر وجيشه شرّ هزيمة ، بالتالي فهذا إنتصار لتركيا على روسيا على الأرض الليبية . المفارقة أن جنود الحرب على الأرض في المعركة الليبية كانوا مرتزقة سوريين ، قسم جندته روسيا مع حفتر والقسم الآخر جندته تركيا مع حكومة الوفاق ، فأعادوها حرباً سورية على ملعب ليبية !. المفارقة الثانية ، أن المفتاح الليبي كان بيد أمريكا في النهاية ، لتعلن إيقاف الحرب وتشكيل مجلس حكم جديد إختارته السفيرة الأمريكية ، معلنين التسوية في ليبيا مع إحتفاظ كلّ طرف بمكاسبه طبعاً ، ويبدو أن تركيا هي المستفيد الأكبر ، فيما المتضررين كثر وعلى رأسهم فرنسا ، مستعمرة القارة الأفريقية ، التي تواجه تصاعداً للنفوذ التركي والصيني على بقاع متعددة من أرض القارة السوداء ، ولا حاجة لبيان العداء الشديد ما بين تركيا وفرنسا . يبقى السؤال عن سوريا ، متى ستضع الحرب أوزارها ؟ ما زالت نفس الدول التي أقامت التسوية في ليبيا ، ترفض إقامتها في سوريا ، وعكس ليبيا فإن المفتاح السوري ضائع إلى هذه اللحظة ، رغم ما يبدو أنه في جيب الدّبّ الروسي إلّا أن هذا غير مؤكد ، فلم تكن أمريكا بارزة على الساحة الليبية ، مثلما هي على الساحة السورية ، إلا أن مفتاح ليبيا الضائع قد وُجدَ في جيبها ، المليء بمفاتيح العالم ... في العراق يبدو الأمر مختلفاً نوعاً ما ، فمهما يكن ، لا يمكن أن يكون حال العراق سورياً ، لكنه يمكن أن يبقى مخطوفاً مغتالاً على حاله هذه ، وهذه أيضا متعلقة بإرادات دولية وإقليمية ، تسعى لإبقاء العراق كما هو ، لأن نهوضه قد يضرّ بكثيرين وينفع جهات على حساب أخرى ، إلّا أن ما يميز العراق أنّ مفتاحه ليس من الصعب العثور عليه ، لأنّ المتصارعين الأبرز اثنان ، يعرفان قواعد اللعبة جيداً ومتفقان على حدودها ، والمفتاح عند أحدهما أو ربما لمفتاح العراق نسختين في جيب كلّ منهما ... حينما كنتُ أكتب هذا الموضوع ، فتحتُ صفحة الفيس بوك فوجدتُ مقالاً منشوراً للأستاذ كامل عبد الرحيم ، على صفحته الشخصية ، ربما هناك تكاملاً بين المقالين ، يتحدث فيه عن ( القاتلَين ) ، يقصد بايدن وبوتين ، متحدثاً عن تصريحاتهما الأخيرة وتداعياتها ، باحثاً عن أراضي المعركة المرتقبة بينهما ، على رأسها سوريا المنكوبة . لا يفوتني هنا ، أن أدعوكم لمتابعة صفحة الأستاذ كامل ، صفحة مليئة بمقالاته الرائعة وطروحاته العميقة ، التي أستمتع بقراءتها والتعلم منها . لا يفوتني أخيراً ، بيان عنوان المقال وتوضيحه ، فاللفياثان : مصطلح وارد في سفر أيوب ، وتعني التنين أو كائن كبير مرعب غريب ، إستعاره الفيلسوف توماس هوبز ليطلقه على كتابه المهم كتاب « اللفياثان » ، الذي يتحدث فيه عن عقد إجتماعي وضرورة القوة ، ومن أشهر جُمل الكتاب ، مقولة « حرب الكل ضد الكل » .
#وليد_سلام_جميل (هاشتاغ)
Waleed_Salam_Jameel#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بطاريات ( باتريات ) آبائنا المعضوضة والسياسة العراقية !
-
زيارة البابا فرنسيس إلى العراق.. جعجعة بلا طحين!
-
الحراك الشعبي التشريني ... خطوط المعركة الثلاث
-
ديخ مقراطية عراقية من فرن العم سام !
-
أسباب ودوافع الأزمة بين أذربيجان وأرمينيا : قراءة عامة
-
الحركة الطلابية: من ثورة مايو الفرنسية إلى الحركة التشرينية
...
-
مصير قيادات الثورة بعد الوصول إلى السلطة: صدام حسين والخميني
...
-
الإنتخابات المبكرة في العراق: الواقع والتّحديات
-
البدايات والنّهايات المفتوحة!
-
تظاهرات الخريجين في العراق... شمس حارقة ودولة مارقة... ما هو
...
-
دولة -التغليس- والكشف العظيم!
-
اصرخ يا بائس... فليحيا العدل!
-
وماذا بعد إقرار قانون الإنتخابات؟!
-
إلى متى ستبقى المعركة مُؤجلة؟ ألم يحن الوقت؟!...
-
الحراك الشّعبي التّشريني في العراق... رؤية تنظيمية قبل فوات
...
-
الحملة الوطنية لإكمال قانون الإنتخابات... ناشطون يطلقون حملة
...
-
الإنتخابات البلدية في العراق: رؤية نحو بناء ديمقراطي تنافسيّ
المزيد.....
-
حفلات زفاف على شاطئ للعراة في جزيرة بإيطاليا لمحبي تبادل الن
...
-
مباحثات مهمة حول القضايا الدولية تجمع زعماء الصين وفرنسا وال
...
-
الخارجية الروسية تستدعي سفير بريطانيا في موسكو
-
الحمض النووي يكشف حقيقة جريمة ارتكبت قبل 58 عاما
-
مراسلون بلا حدود تحتج على زيارة الرئيس الصيني إلى باريس
-
ارتفاع عدد قتلى الفيضانات في البرازيل إلى 60 شخصًا
-
زابرينا فيتمان.. أول مدربة لفريق كرة قدم رجالي محترف في ألما
...
-
إياب الكلاسيكو الأوروبي ـ كبرياء بايرن يتحدى هالة الريال
-
ورشة فنية روسية تونسية
-
لوبان توضح خلفية تصريحات ماكرون حول إرسال قوات إلى أوكرانيا
...
المزيد.....
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
-
الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل
...
/ بشير النجاب
المزيد.....
|