أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد سلام جميل - وماذا بعد إقرار قانون الإنتخابات؟!















المزيد.....

وماذا بعد إقرار قانون الإنتخابات؟!


وليد سلام جميل
كاتب

(Waleed Salam Jameel)


الحوار المتمدن-العدد: 6607 - 2020 / 7 / 1 - 20:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما الذي ينبغي علينا فعله حينما نسلك طريقاً معيناً يا تُرى؟ أنسير مغمضين عيوننا ونترك سفينة القدر هي التي توجّهنا أم ماذا؟ أوليس النّظر إلى النّهايات مهماً كما البدايات؟ وما الخلل الذي أصاب المركب العراقي؟ وهل يمكن إصلاحه؟
لو أتينا بشخص أعمى يتكأ على عكازته وأنزلناه من السيارة وتركناه يسير من دون مساعدة ، فما هو سلوكه المتوقع؟.
بالطبع فإنه سيضع عكازته على الشارع ليتفحصه لألّا يسقط في حفرة أو يتعثر بشيء ما في الطريق ، وأثناء مسيره لا يتفحص مساره الذي أمامه فقط بل يتفحص الجوانب أيضاً وتتحرك عكازته معه في كل إتجاه. هذا السلوك هو السلوك السّوي لمَن يريد المسير دون تعثّر أو تعثّر يمكن تلافيه.
منذ سقوط النّظام السابق سنة 2003 ، انتهجت القوى السياسية في العراق منهج الديمقراطية التوافقية ، رغم أنّ الدستور مبنيّ على مبدأ النّظام البرلماني الذي يقتضي وجود سلطة ومعارضة ، وفي ظل خلاف بين المكونات الرئيسة في الحكومات المتتالية والمبنية على المحاصصة وتقاسم الحصص من دون النّظر إلى المصلحة العليا للدولة تآكل النّظام سريعاً وكلّ حكومة جديدة تلعن أختها حتى استشرى الفساد والمحسوبية في كلّ مؤسسات الدولة ولم ينل الشعب حقوقه البسيطة. هذا الأداء المتردي والمبني على منهج تحطيم الدولة لا بنائها ، ولّد يأساً شعبياً من إمكانية الإصلاح ونقمة على كلّ الطبقة السياسية ، مما أنتج مفهوما سلبيا وسيئاً عن السياسة والسياسيين في الضمير المجتمعي العام ، ونتيجة حتمية لذلك ، توالت الإحتجاجات المطالبة بالحقوق والخدمات وخاصة بعد سنة 2011. كان يحرّك تلك الإحتجاجات مجموعة من النّخب والنّاشطين بدافع "الإستياء" إلّا أنّ نظرتها كانت مقتصرة فقط على الحقوق والخدمات من دون النّظر إلى جوهر المشكلات ، لكنّها أنضجت الحراك الشّعبي ورسخت أركانه شيئاً فشيئاً حتى وصلنا للإحتجاجات التشرينية وهي الأقوى على الإطلاق. هنا انتقل الشعب من مرحلة المطالبة التحتية بالخدمات إلى المطالبة بالإصلاحات الفوقية وبنية النّظام من دون إسقاطه كما حدث في ثورات "الرّبيع العربي" وإنّما بنفس آلاياته الدستورية. في هذه المرحلة وجّهت النّخب المجتمع إلى ضرورة التغيير السلمي من خلال إنتخابات حرّة نزيهة ووضعت العكازة في الطريق الصحيح لتتوجه الجماهير نحو الإصلاح الجذري وليس الترقيعي.
كانت أهم مطالب الحراك الشعبي -وما زالت الحملات الوطنية مستمرة- هو المطالبة بإقرار قانون إنتخابات عادل ومنصف مع مفوضية مستقلة للإنتخابات ليكون منتجاً ويمنع التزوير والمنهج التّوافقي المعتاد الذي هدّم فرص بناء دولة المؤسسات رغم كل الإمكانيات الكبيرة المتاحة. تفحّصت النّخب طريقها بشكل جيد ودفعت الحراك الشعبي للمطالبة بقانون إنتخابات يعتمد نظام الإنتخاب الفردي بدوائر صغيرة متعددة لمنع حيتان الفساد من الأحزاب المتسلطة من ممارسة ألاعيبها من جديد. نعم فقد انطلق الحراك الشعبي في طريق صحيح مستقيم يسير إلى هدف واضح وهو بناء الدولة المؤسساتية الحديثة.
أجبنا ضمناً عن السؤال الأول والثاني يبقى السؤال الثالث والأهم والمتعلق بالنّهايات. إذ اتضح أن الحراك الشعبي يسير في مسار ديمقراطي صحيح وهدفه النّهائي متمثل بدولة مؤسساتية عادلة إلّا أنّ هذه النّهاية بقيت مفتوحة ولم تولِها النّخب الأهمية التي تستحقها.
كانت نتائج إنتخابات 2010 قد مثّلت رصاصة الرّحمة في مفهوم الإنتخابات والوثوق به من قبل الشعب العراقي. في ذلك الوقت ؛ أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات فى العراق أن نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية في عموم البلاد بلغت 62.40 في المائة. وهي نسبة عالية مقارنة بالإنتخابات التي سبقتها كما أنّها تعدّ ممتازة في ظل ديمقراطية جديدة لم يعتد الشعب العراقي عليها من قبل. أسفرت النتائج عن فوز القائمة العراقية التي كان يقودها رئيس الوزراء الاسبق إياد علاوي ، حيث حصلت على 91 مقعداً مما جعلها أكبر القوائم في مجلس النواب. تلتها قائمة ائتلاف دولة القانون ، بقيادة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ب 89 مقعداً. وبعد الجدل الذي حصل حينها ، أكد رئيس المحكمة الإتحادية مدحت المحمود في بيان أن الكتلة الأكبر هي التي تتشكل داخل البرلمان، وليس التي تفوز في الانتخابات ، وبهذا التفسير الغريب أُقصي أياد علاوي وقائمته الأكبر من منصب رئاسة الوزراء. هذا التفسير أنتج تذمّراً شعبياً كانت نتيجته إضافة للفشل المتراكم بعدها وإحتلال داعش للعراق أن يفقد الشعب ثقته بالنظام السياسي وبالإنتخابات على وجه التحديد حتى جاءت إنتخابات 2018 لتؤشر الإنتكاسة الكبيرة والعزوف الشعبي الكبير عن المشاركة بالإنتخابات والتي لم تتجاوز نسبة المشاركة فيها حاجز ال20 بالمئة حسب مصادر عدية وكذلك شابها تزوير فضيع.
الآن يسعى الحراك الشعبي لإعادة الثقة بالإنتخابات وتدفع النّخب نحو التوجه الكبير للإنتخابات المقبلة بعد تغيير قانون الإنتخابات والمفوضية ، لإيمانه بأن أفضل وسيلة للتغير السلمي الديمقراطي هو عبر صناديق الإقتراع وليس العنف. وكانت الأحداث المتسارعة والقمع الذي قوبلت به الإحتجاجات التشرينية قد دفعت إلى إستقالة الحكومة والدعوة لإنتخابات مبكرة. لكنّ النّخب لم تشكل كياناً سياسياً جماهيرياً له أهداف وبرامج واضحة ليعمل على تعبئة الجماهير وإقناعهم به ممثلاً لهم ، وهذا يحتاج وقتاً طويلاً لترسيخه إجتماعياً وهو الذي يدعوننا للقول بأن النّهايات بقيت مفتوحة وسائبة. فماذا لو تمّ تحديد الإنتخابات المبكرة –فرضاً- في بداية السنة الجديدة؟ ما الذي يمكن أن تفعله النّخب في 5 شهور فقط؟ متى تنتظم ومتى تقنع الجماهير للإلتفاف حولها بعد وضع خططها وبرامجها طبعاً؟ هل سيتوجه الشعب للإنتخابات إذا ما كانت الأحزاب السابقة هي نفسها التي ستدخل من جديد للمنافسة الإنتخابية؟
أعتقد أنه صار من الضروري على النّخب والأكاديميين المستقلين الوطنيين أن يتوجهوا لإعلان جبهة سياسية واضحة المعالم ؛ والعمل لصياغة برامج عملية هادفة لإستقطاب الجماهير من خلالها ؛ والأهم أن تتغلب على مخاوفها من الفشل المحتمل. إنّ أكثر أزمة يعانيها من يريد الدّخول إلى مجال العمل السياسي هي "الخوف" و"التردد" وهذا لم يعد مبرراً ، بعدما أصبحت هناك قناعة شعبية بأنّ صناديق الإقتراع هي الحل الأفضل. وهنا لا يفوتنا التأكيد على أهمية أن تدعم النّخب التي لا تودّ الدخول إلى عالم السياسة المرشحين المستقلين عن الأحزاب القائمة بصراحة ووضوح لأنّ عموم النّاس تنتظر التقييم من نخبها لتتحرك وفق ذلك ؛ فلا يمكن أن تبقى النّخب تخشى الإعلان عن عمل سياسي لها أو دعم مرشحين يمثلونهم إن كانت تثق بنزاهتم وإخلاصهم وكفاءتهم بدعوى إمكانية إنحرافهم عن مبادئهم مستقبلاً ؛ فإحتمالية ذلك غير مبررة للوقوف على التّل لتعود الأحزاب المسيطرة والتي تقاسمت العراق حصصاً بينها للحكم من جديد وتذهب كلّ التضحيات أدراج الرّياح!.
أعتقد إنّ عدم ظهور كيان سياسي جديد عابر للطائفية سينهي كلّ طموحات الإصلاح والتغيير ، لأن الشعب سيعزف عن الإنتخابات من جديد ، وإن لم ينشغل الحراك الشعبي لتوليد حراك سياسيّ موازٍ فلا مستقبل طموح لإصلاح العملية الدّيمقراطية في العراق.
إنّ الأزمة التي تعانيها الدولة العراقية هي أزمة تطبيقية تحتاج مراجعة جديّة ، فلم تراعي القوى السياسية الحاكمة القواعد المعيارية والسلوكية للأنظمة الديمقراطية والبرلمانية على وجه التحديد. فمن جانب أنها لم تلتزم بدستور البلاد ، ومن جانب آخر ؛ لم تولّد حراكًا سياسيًا ناضجًا يمكنه أن يبني دولة مؤسسات رصينة تواجه التحديات والأزمات التي تمرّ بالبلد ، بالرغم مما يمتلكه من موارد بشرية وعقول علمية بارزة وثروات كبيرة تؤهله للنهوض السّريع وبناء دولة ترقى لمستوى العراق التّاريخيّ والحضاريّ.
في تقديري أن جوهر الأزمة ابتدأت من قصّ جناح من أجنحة النّظام البرلماني وأعني به المعارضة ، من يوم ولادة النّظام السّياسيّ الجديد ، فهو وُلد مريضًا وهجينًا لا شكل له في الواقع التطبيقي! ولو وُلدت المعارضة السّياسية حينها بدلًا عن التوافقات لما تآكل بهذا الشكل الفضيع ، حتى بدأنا نتكلم عن نظام ميت سريريًا!. ولإصلاح الخلل البنيوي في النّظام السياسي القائم فإنّ الركن الأساسي الذي يجب بناءه هو ركن المعارضة السياسية كما نعتقد.
الخلاصة ؛ أنّ الإصلاح والتغيير يرتكز على ركنين متينين ؛ يتمثلان بالحركة السياسية الموازية للحركة الإجتماعية المطالبة بالتغيير. فكما أنّ النّظام الديمقراطي يطير بجناحي السلطة والمعارضة فإنّ الإصلاح والتغيير يطير بجناحي الحركة الإجتماعية والسياسية ، ونقص أيّ منهما نتيجته عدم إمكانية التحليق بعيداً...
على قوى الحراك الشعبي والمستقلين الوطنيين أن يلتفتوا لهذه المسائل كيلا يبقى عموم الشعب بلا ممثل جديد له مما يفقده الحماس والدّافعية للتغيير الديمقراطي السّلمي عن طريق صناديق الإقتراع ، ويفقده الأمل بأي حركة تصحيحية مستقبلية.



#وليد_سلام_جميل (هاشتاغ)       Waleed_Salam_Jameel#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى متى ستبقى المعركة مُؤجلة؟ ألم يحن الوقت؟!...
- الحراك الشّعبي التّشريني في العراق... رؤية تنظيمية قبل فوات ...
- الحملة الوطنية لإكمال قانون الإنتخابات... ناشطون يطلقون حملة ...
- الإنتخابات البلدية في العراق: رؤية نحو بناء ديمقراطي تنافسيّ


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد سلام جميل - وماذا بعد إقرار قانون الإنتخابات؟!