أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عذري مازغ - كازا بلانكا















المزيد.....

كازا بلانكا


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 6842 - 2021 / 3 / 16 - 23:54
المحور: الادب والفن
    


ــ منين انتم؟ (من أي مدينة انتم)
ــ من كازا بلانكا، يحكي لي صديقي المتغرب في بلباو حول جيرانه الجدد من المغرب ثم يسترسل: "كازا بلانكا لا تعني تلك الهالة الحضارية التي لأصحاب المدن، في البداية، فرحت كثيرا ان أسكن مع أبناء بلدي، سنتقاسم الملح والنكت وسنشترك حتى في الاكل الجماعي ونعيش اجواء مبارات كرة القدم في الصالون جماعة وسنكسر جدار الوحدة والفردانية تجنبا لهذه العزلة اللئيمة، في البداية بدوا طيبين وهم كذلك حتى الآن، احدهم يتجنب الحديث كثيرا والآخر يستحسن الحديث، لكن بالجلوس معهم بدت الأمور تتغير في قناعاتي وبدأت تتأكد تلك الخلفيات التي لي حول أبناء كازا، يقول لي صديقي، كانت كازا عنده معلمة من العنف المتدفق، أصحاب فوضى وتنمر، وتظهر خصوصا في جمهورهم الكروي المتفرق في المساندة الكروية: كازاوي رجاوي وكازاوي ودادي وهي عبارتان تلبس ملامحهم المحروقة بالهم والبطالة اليومية... كان حين ينقل لنا المذياع مبارات كرة القدم التي تجري بين الرجاء والوداد ينقلها وكأن هناك بركان يتهيأ للإنفجار، يتحول كل شيء فيها إلى مجرد مبارة، يعني تلك الحياة المعقد في الدار البيضاء من البطالة وازمة المواصلات وازمة الصحة وازمة السكن وغلاء المعيشة.. كل هذا الغضب الدفين في أعماق الناس يتفجر فقط في تمريرة كرة قدم، يا للعبث! ...
" في يومهما الأول كانا مترددان ولا يعرفان ما ذا يقدمان وماذا يؤخران برغم أن السيدة التي اكترت لهم البيت شرحت لهم كل شيء حول المطبخ والنظافة واستعمال الحمام، كنت تركت عنقودين من العنب فوق مائدة المطبخ، احدهما كامل بحباته العنبية والثاني بقي منه شيء قليل، لكن عندما تنبهت إليه وجدته "طار" فخمنت في نفسي: هذه علامة سيئة ذكرتني بأبناء معلم من مدينة مكناس نقل ليعلم أطفالنا التربية والتعليم في إحدى ضواحي ميدلت، وكان اطفاله حالة عجيبة للسكان، يدخلون بساتين الجيران وينزعون كل ثمار الأشجار وهي غير ناضجة، وذات يوم، عندما بدأت براعم التين تظهر، غزا هؤلاء الأطفال عليها كالجراد، حاول احد الجيران تنبيه المعلم المتمدن بخطورة أكل التين وهو غير ناضج، لكن جاره الآخر نهره من ذلك، قال لصديقه: "دعهم يأكلونه اخضر وسيتعلم أبوهم ان يمنعهم بعد ذلك عندما تتقطع شفاههم وتتورم أصابعهم بحليب التين، سيتعلمون قليلا من قانون طبيعة البادية".
" وجدت جيراني حائرين، فسألتهم عن حاجتهم في المطبخ، بدوا مترددين فقطعت عليهم ترددهم: أواني الطبخ توجد بهذا الصندوق، الأطباق هنا، والكؤوس هنالك، الملاعق والفرشاة هنا في درج مائدة الاكل، هذا الصندوق خاص بي وهذا لجارنا الإفريقي وهذا الفارغ لكم تضعون فيه أشياءكم، ثم توجهت إلى الثلاجة أخبرتهم ان المكان الفارغ مخصص لهم كجيران جدد ثم أخبرتهم كيف يشتغل المطبخ، لاحظت انهم يتركون مصباح الحمام دن إطفاء، ولما ولجت إلى داخله كانت المفاجأة اكبر: شعرت باندفاع أهوج يدفعني نحو المطبخ، إنه في حالة قابلة للإنفجار، مليء بغازات بطونهم بشكل لو دخلت والسجارة معي سينفجر بدون شك، اخبرتهم ان يطفؤوا المصابيح ويتركوا الباب مفتوحا حتى إذا أراد احد أن يقضي حاجته سيعرف ان لا احد بالداخل فالناس تخجل أن تطرق باب الحمام إذا كان أحد بالداخل، تفهموا الأمر وأكدوا أن ملاحظتي حق، لكن مع ذلك لم يتخلصوا من عادتهم، لا زالوا يغلقون الباب، ولا زالو يتركون المصباح وعلي أنا أن احضر في كل مرة معقما كيميائيا لتعقيم الحمام كلما أردت الدخول لقضاء حاجتي... في المكان الذي نضع فيه المنشفة في الحمام كان هناك عش معلق تركت فيه خصيتي صاحبه أثارها التي لا تمحى حتى ولو بالمواد الكيميائية القاطعة ...
" في الجمعة زارتني حبيتي الإسبانية لنقضي سويا أيام العطلة ، كانت تحمل في حقيبتها شيئا ثقيلا فاعتقدت انها أتت بقنينة نبيذها المفضل حيث سنقضي ليلة حمراء، سألتها هل سنخرج لتناول شيء ما في المقهى ام انها حسمت الأمر بشراء النبيذ، ابتسمت في وجهي ثم قالت:
ــ سنخرج بالفعلن فنحن لم نهيء شيئا للعشاء، أما مايبدو لك نبيذا في حقيبتي فهو سائل معقم سنستعمله حين نأخذ لنا حماما ، لقد أخبرتني بأن جيرانك يضعون سراويلهم الداخلية مكان المنشفة، إنه امر مقزز حقا ! كان صديقي يتكلم وفي كل مرة يقف يفكر ثم يعود مرة أخرى إلى البدايات:
"أخبرتهم أن المطبخ يجب استعماله بشكل مرتب ونظيف بشكل يسمح للآخرين استعماله دون حاجة إلى ترتيب فوضاهم، قلت لهم: نحن المغاربة يجب أن لا نمنح للإفريقي ولن نعطيه الفرصة في ان يتكلم عنا أو ينتقدنا...يجب غسل الأواني ووضعها لتنشف وحين تنشف أعيدوها إلى مكانها لكي تتركوا المكان لجيرانكم ... مع مرور الوقت بدت كل هذه النصائح ثرثرة عادية، في ذات مساء، كانا يهيئان عشاءهما، انتظرت حتى طبخ أكلهم لكي أهيأ كأس شاي صحراوي، سألتهما عما إذا كانا يريدان كأسا من الشاي بعد العشاء، اجاب أحدهم بالإيجاب، ولكن قبل أن يأخذه، دخل بيته ليأخذ فرشاة الأسنان وتوجه مباشرة إلى حيث نغسل الأواني وبدأ ينظف أسنانه، هزتني قشعريرة غاضبة ولم اتمالك نفسي: إذهب إلى الحمام يا صديق لغسل أسنانك فهذا المكان لغسل الاواني وليس للنظافة الذاتية وكلنا يضع الأطباق والاواني هناك قبل غسلها، اعتذر ثم توجه للحمام، لكن لم تمضي لحظة حتى فعلها رفيقه أيضا، كأنه لم يسمع توبيخي، راودتني الشكوك ـ يقول صديقي ــ حول ما إذا كانا بالفعل من سكان الدار البيضاء، فسألهم للمرة الثانية :أين تسكنون بالدار البيضاء؟
ــ نحن في الأصل من آسفي حيث ولدنا بها، لكن عشنا طفولتنا ودراستنا بالدار البيضاء
ــ تعرفون جمعة اسحيم، قضيت فيها بعض الشهور
ــ آه نعم، هي قريبة جدا من المنطقة التي ولدنا فيها، ثم سألتهم عن باب مراكش بالدار البيضاء فبدا من ردة فعلهم انهم لا يعرفونه ليتداركو أنه حي شعبي بالدار البيضاء.. ثم التفا حول باب مراكش بتعميمات تلاقفوها مني حين تكلمت عن الحي الذي أعرفه أكثر برغم أني لم أسكن ولم اقضي حتى عطلة قصيرة بالدار البيضاء
"في اليوم الموالي، عند استيقاظي من النوم، وجدت المطبخ فوضى من الفتاة والأواني "المغسولة" وغير المغسولة وضعت بشكل عشوائي لأبدأ يومي بميزاج سيء، اعدت ترتيب المطبخ من جديد، واعدت غسل بعض الاطباق والاواني من جديد وتركت المطبخ نقيا لعلهم سيتداركون الأمر ، لكن دون جدوى وبعد توالي الأيام وقرب شهر رمضان فكرت في الهروب .."
انتهت رواية صديقي.



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لوسيور كريسطال في المحك الإجتماعي المغربي
- ثرثرة على الخاص
- تجربتي في العمل النقابي بالأندلس
- أخجل والخجل ليس عيب
- من وحي الهجرة السرية
- اليسار بين الهوية المخزنية والهوية المجالية
- الموت لأحمد عصيد!؟
- سنة سعيدة أيها الامازيغ!
- لقد نسوا كتابات الاطفال على الحائط
- جديد ملف مناجم جبل عوام
- ياعمال مناجم جبل عوام اتحدوا
- إسرائيل والمغرب: هل انتصرت أطروحة الدغرني في المغرب؟
- من ذكريات الطفولة
- حانت ساعتك (ارصوظن إصنال إينو)
- إدريس الازمي وخرافة المعاشات
- نعي بدون مذبح إلهي لتقديم القرابين
- المسألة القومية بالمغرب
- كورونا وأشياء عن المكر الديني
- هل هناك احزاب شيوعية قائمة؟
- من وحي الثرثرة!


المزيد.....




- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عذري مازغ - كازا بلانكا