أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - شيري باترك - فَصل العطاء














المزيد.....

فَصل العطاء


شيري باترك
كاتبة / باحثة نفسية ( مسجلة دكتوراه بعلم النفس )


الحوار المتمدن-العدد: 6839 - 2021 / 3 / 13 - 21:32
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


قبلَ الساعةِ السابعةِ استيقظتُ من نومِي على صوتِ أُمي المغمورُ بالنشاطِ والقوةِ، فهي تَعلمُ جيدًا أن يومي ممتلئ الأحداثِ والتنقلاتِ ، تَعلمُ أنني أُحاولُ إتمامَ جزءًا ليس سهلًا في رسالةِ الدكتوراةِ الخاصةِ بي،رغم أن أُمي سيدةٌ قرويةٌ مُنغمسةٌ في البساطةِ لكنها منحتني قوةً لا تُوصفُ بالمفرداتِ..
وفي نداءِ أُمي لأستيقظَ مُنحتَ القوةَ، النشاطَ، المحاولة، قتلَ اليأسِ.. استيقظتُ كعادتي واستمعتُ إلى الموسيقى وأنا أرتدي ملابسِي الثقيلةِ جدًا من أجلِ التنقلاتِ.. أَحتسيتُ قهوتي دونَ سُكرٍ، من دونِ طَعامٍ قبلها كعادَتي أيضًا..
ثُمَّ جاءَت إحدى الجميلاتِ لِتُصفِفَ شَعَرِي وتَضعُ بعضَ أدواتِ التجميلِ لي فأنا لا أُجيدُ ذلكَ الفنَ، وأَصبحتُ جميلةٌ بسببِ ما صَنعَت بي، ثُمَّ جاءَت صغيرتُها ذلك العصفورُ الذي يشدو بأَجملِ الألحانِ، ولكن العصفورَ يبدو أنَّهُ أَهملَ في واجباتِهِ فهوَ يهوَى الألعابَ على هاتفِ أَبيهِ..
فقُمتُ بالمساعدةِ لهُ في المَهامِ ..
ولكن ما أَثارَ دهشَتِي هو محتوى المَهامِ التي يَنبَغِي القيامُ بها..
ففي مادةِ الحسابِ كان المحتوَى يتحدثُ عن شهورِ السنةِ الميلاديةِ وفصولِ السنةِ..
ذلك المحتوَى للصغيرة التي لم تَصلَ بعدُ إلى عامِها السادسِ..
بعدها رَحَلتُ من المنزلِ لكن لا يزالُ النشاطُ يغمرُنِي.. وحينما رأيتُ الطلبةَ والطالباتِ والإبتساماتِ تُرسَمُ على وجوهِهم أَدركتُ أنه يومًا مميزًا.. وبعدَ عشرونَ دقيقةٍ وَصلَت السيارةُ إلى مكانٍ جيدٍ يعالجُ مَن تَملكَت النيرانُ أجسادَهم أمثالي.. ذهبتُ إلي تلكَ الجميلةِ التي تُعَالِجُنِي وحينَما تلاقَت عينانا قالَت والبهجةُ تَغمِرُ وجهَها: إنني أَشعرُ بالأملِ كُلَّمَا رأيتُكِ..
لماذا قالَت ذلكَ؟
رغمَ أنني لم أفعلُ شيئًا، ولم أتَفوَهُ بكلمةٍ..
أعتقدُ أنها تَنشرُ الحُبَ والتفائُلَ في النفوسِ قبلَ أن تِعالجَ حُرقَ أجسادَهم..
أَعتقدُ أنها أَيقونةً تسيلُ منها كلماتٍ تُشفِي الأرواحَ المُتعبةَ قبل الأجسادِ المُحترقةِ ..
ثم ذهبتُ إلي محطةِ القطارِ، ولا جديدٍ هناكَ..
فالناسُ كعادَتِهم يتحدثونَ..
أو يَنظرونَ على المَارةِ كأنَّهم كائناتٍ فضائيةٍ..
كعادَتِي لم أُبالِي ..
جلستُ أستمعُ إلى الموسيقَي ..
وأَلتقطُ بعضَ الصورِ وأنا مُبتسمةٌ..
ثم أَرسلتُ رسالةً إلي صديقتِي أخبرتُها أنني أَنتظرُ القطارَ ..
حدث شيئًا ليسَ مُختلفًا ولكنني انتبهتُ لهُ..
سيدةٌ في عقدِها الرابعِ ومعها طفلةٌ لم تتجاوزَ الخمسَ سنواتٍ قالت للمسافرينَ عبارةً من ثلاثةِ كلماتٍ جعلَت الكُلُّ يُعطِيها المالَ والإبتسامةُ تملأُ وجوهَهُم.. قالَت السيدةُ: إنها طَفلةٌ يتيمةٌ.. لا أَعلمُ لماذا شَعرتُ بالفرحِ من أَجلِ ذلكَ، رغم أنني أشعرُ بالحزنِ والكآبةِ حينما أرى الصغارَ يتسوَلونَ..
الصغار يَنبغي أن يلعبونَ،يمرحونَ، يعزفونَ، يشدونَ، يتعلمونَ..
قُلتُ لنفسِي : حقًا الحياةُ قاسيةٌ على من لا يَملِكُ إلا إحسانَ البعضِ..
عُدتُ إلى استماعِ الموسيقَى وبينما أنا أَفعلُ ذلكَ تذكرتُ فصولَ السنةِ واجبَ الحسابِ الذي كانَ من مَهامِ صغيرتِنا..
وقلت لنفسي مرةً أُخرى: ينبَغِي أن يكونَ هناكَ فَصلٌ يُسمَى فَصلَ العطاءِ..
فأُمي أَعطَتني القوةَ والنشاطَ، وزوجةُ أَخي الأكبرِ أَعطتني بريشتِها بعضَ لمساتِ الجمالِ، وأنا أَعطيتُ إلى الصغيرةِ بعضَ العلمِ، وأعطيتُ البعضَ ابتساماتٍ خلالَ تلكَ الساعاتِ، والممرضةُ أَعطَتني كلماتٍ مُشجعةٍ تُساعِدُنِي هي ورفاقها على التعافِي، والمسافرون أعطوا الطفلةَ المالَ، وأنا قُمتُ باستبدالِ مقعَدِي ليجلسَ الشريكينِ معًا وجلستُ أنا في مقعدٍ منفردٍ أُحاولُ الكتابةَ وأَعطَتني صديقَتي صورةً تُناسبُ كلماتي..
حقًا إننا بحاجةٍ لفصلِ العطاءِ يكونَ للجميعِ دونَ تمييزٍ، دونَ انتظارِ شهرًا معينًا أو أيامًا بعينِها فكلما كانت أعضاءُ الجسدِ الواحدِ تعُينُ بعضَها ينبغي علينا أَن نفعلَ ذلك . فالعطاءُ قِطارًا سيصلُ بنا إلى النعيمِ .. وفَصلُ العطاءَ يُفترضُ أن يكونَ طِيلةَ العامِ .



#شيري_باترك (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أُحبكَ
- الصلاة معكَ
- ماء و خمر
- في البدء
- الشِعَر نَص مُقدس
- المسكوت عنه .. أُنثى
- مَن تكون هذه الفتاة ؟
- النساء الآلهة
- كيف ستعرفينه ؟
- ملاجيء
- أكفان الروح والعقل والقلب
- حافيات القلوب
- النساء زجاجات مولوتوف
- تَزوجي كتابًا
- كيف يزهر / يتوقف ( القلب / العقل ) ؟
- مَفرمة النساء
- صلاة النَهد
- الإفراط إحتراق
- الزريبة
- كيف تُلد الثورة ؟


المزيد.....




- سحر دليجاني المعارضة الإيرانية: الحرب على إيران ليست دفاعًا ...
- أهم تدخلات وزارة شؤون المرأة خلال العام الأول لتولي حكومة د ...
- النساء لا يتملّكن.. مصريات محرومات من حيازة الأراضي الزراعية ...
- فارسين أغابكيان.. أول امرأة تقود الدبلوماسية الفلسطينية
- دراسة: تدمير آثار الملكة حتشبسوت لم يكن بسبب كونها امرأة
- الناشطتان الإيرانيتان نرجس محمدي وشيرين عبادي تطالبان بوقف ف ...
- بليز ميتروويلي أول امرأة تقود جهاز الاستخبارات الخارجية البر ...
- جلسة نقاش عن حلقة بنلف في دواير من بودكاست راقات
- أول امرأة وأفريقية تتولى المنصب.. كيرستي كوفنتري تتسلم المفت ...
- “بالخطوات” التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالجزائر 2025 عبر ...


المزيد.....

- المرأة والفلسفة.. هل منعت المجتمعات الذكورية عبر تاريخها الن ... / رسلان جادالله عامر
- كتاب تطور المرأة السودانية وخصوصيتها / تاج السر عثمان
- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - شيري باترك - فَصل العطاء