أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسن خليل - السباق على المركز العاشر- إيران والنادي النووي















المزيد.....

السباق على المركز العاشر- إيران والنادي النووي


محمد حسن خليل

الحوار المتمدن-العدد: 6838 - 2021 / 3 / 12 - 14:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


السباق على المركز العاشر
إيران والنادي النووي
يتخوف العالم مما يعتبرونه سعى إيران في الوقت الحاضر لتصبح الدولة النووية العاشرة في العالم بعد الدول التسع الموجودة حاليا. وبعيدا عن مبالغة بعض دوائر الغرب في وجود برنامج إنتاج أسلحة نووية سرية في إيران وتكرار نفى إيران لذلك، فإن تتبع تاريخ السباق النووي بين الدول يوضح لنا منطق انتشار السلاح النووي في العالم.
بدأت فكرة السلاح النووي أثناء الحرب العالمية الثانية، وكانت أقصى قوة للأسلحة التقليدية وقتها هو ما استخدمته أمريكا في قصفها لطوكيو بثلاثمائة طائرة ب 29 وألقت 3000 طن TNT قنابل. ولكن أول قنبلة نووية أمريكية تم تفجيرها على هيروشيما بلغت قوتها ما يعادل 20 ألف طن من مادة TNT.
وإذا كانت أمريكا تزعم في البداية بأن تلك القنبلة هي قنبلة السلام لأنها ستنهى الحرب وتمنع سقوط مزيد من الضحايا فإن غالبية المحللين يتفقون على أنه لم تكن هناك ضرورة عسكرية لاستخدام القنبلة الذرية حين أُلقيت في أغسطس 1945، فقد كانت إيطاليا قد سقطت، والمانيا استسلمت، ودخلت اليابان في أواخر معارك التراجع الاستراتيجي وأوشكت على الهزيمة. ولكن استخدام أمريكا لتلك القنبلة تم وعينها على عالم ما بعد الحرب وبالذات على العدو الإيديولوجي الاتحاد السوفيتي، لكي ترهب كل من الحلفاء والأعداء بأن الولايات المتحدة قوة لا تقهر ولها الحق في السيادة على العالم، خصوصا وأن نظام التبادل التجاري العالمي قد تم الاتفاق عليه في بريتون وودز في أمريكا عام 1944 ويجعل الدولار عملة التبادل الدولي ويقنن سيطرة أمريكا على الاقتصاد العالمي.
ولكن منطق الأمور يجعل من المحتم ألا يخضع العالم لمثل ذلك الابتزاز، فإن محاولة الهيمنة على الخصوم من خلال إنجاز علمي بشرى لابد وأن تدفع هؤلاء الخصوم إلى تطوير إنتاج مثل ذلك السلاح. ولكن تطوير هذا النوع من الأسلحة مكلف جدا، ولا تقدر عليه عادة سوى دول غنية، وعادة، مع بعض الاستثناءات التي سنوضحها، ذات ثقل جغرافي وديمغرافي (سكاني) كبير. ولهذا فجر الاتحاد السوفيتي قنبلته الذرية الأولى عام 1949.
ردا على هذا فجرت أمريكا قنبلتها الهيدروجينية الأولى عام 1952 بقوة 15 مليون طن TNT، ظنا بأن هذا قد يديم سيطرتها على سوق إمكانية التدمير الشامل عالميا، ولكن لحقتها روسيا في العام التالي مباشرة، عام 1953، بتفجير قنبلتها الهيدروجينية الأولى.
كانت الدولتان التاليتان في الانضمام إلى النادي النووي بتفجيرهما قنابل نووية هما إنجلترا عام 1952 وفرنسا عام 1960. لا يجب أن ننسى أن هاتين الدولتين هما الدولتان العظمتان قبل الحرب العالمية الثانية وصاحبتيّ أكبر مستعمرات، وهم يستهدفون من دخولهم إلى النادي النووي، ليس فقط مواجهة الخصم الإيديولوجي، الاتحاد السوفيتي وحلف وارسو، ولكن أيضا إلى تقوية وضعهم أمام أمريكا.
فرغم كونهم لن يحاربوا أمريكا بالطبع، إلا إن تقسيم النفوذ العالمي يستند إلى ميزان القوى. ومن هنا سعيهم إلى معاظمة قوتهم. ولا يجب أن ننسى طموح فرنسا الديجولية إلى الاحتفاظ بقوتها النووية مستقلة عن حلف الأطلنطي. وبالطبع فلم تكن سوى مسألة وقت حتى تفجر كل من إنجلترا وفرنسا قنبلتيهما الهيدروجينية الأولى في عاميّ 1957 و1966 على التعاقب.
أما الصين فيبدوا أن الدافع إلى بناء قوة نووية مستقلة عن المعسكر الاشتراكي الذي تنتمي إليه بزعامة الاتحاد السوفيتي يرتبط بالخلاف الصيني-السوفيتي، والذي بدأ في أعقاب المؤتمر العشرين للحزب السوفيتي عام 1956، حيث كان اعتراض الصين الأساسي هو أن خروتشوف، من خلال نقده لستالين في هذا المؤتمر، مرر تحويل سياسة التعايش السلمي بين الدول ذات الأنظمة الاجتماعية المختلفة من تكتيك إلى استراتيجية. ونذكر بالطبع قول الصين، في سياق تحديها للغرب، أن العدو الإمبريالي هو نمر من ورق، ورد خروتشوف عليه بأنه يمتلك أسنانا ذرية! لهذا فجرت الصين قنبلتها الذرية الأولى عام 1964، وأتبعتها سريعا بقنبلتها الهيدروجينية الأولى عام 1967.
بهذا اكتمل تشكل نادي الدول الخمس الكبار، والذين ينفردون حتى الآن بتفجير قنابل هيدروجينية. انضمت أربع دول أخرى إلى النادي النووي: الهند وباكستان، وإسرائيل وكوريا الشمالية، ليكتمل نادي الدول النووية التسع الموجودة حاليا.
كل من الهند وباكستان دول متسعة جغرافيا وذات كثافة سكانية عالية، وتخصيص نسبة قليلة نسبيا من دخلهم القومي الإجمالي لصالح سعيهم لتكوين قوى نووية تجعل في إمكانهم دخول العصر النووي. كان دافع الهند لدخول النادي النووي، بتفجير قنبلتها الذرية الأولى عام 1974، هو صراعها مع الصين، خصوصا بعد الحرب الصينية الهندية الأولى عام 1962. وبنفس الطريقة قررت الباكستان امتلاك القنبلة النووية في أعقاب صراعها مع الهند بالذات بعد تدخل الهند تأييدا لاستقلال بنجلاديش عام 1971، فقامت باكستان بتفجير قنبلتها الذرية الأولى عام 1983.
هناك سمة مشتركة بين الدولتين الباقيتين المنضمتين إلى النادي الذرى، أعني إسرائيل وكوريا الشمالية، رغم أن هناك أيضا اختلافا شديدا. كلا من الدولتين صغيرة المساحة وقليلة السكان نسبيا، وبالتالي لا تمتلك عناصر القوة الاستراتيجية الجغرافية ولا الديمغرافية.
ولكن دافع إسرائيل الأساسي لامتلاك القنبلة الذرية ينبع من طبيعة كيانها ككيان مصطنع، معادي للتاريخ ولكل من حوله، ووجوده وسط محيط عربي واسع لا يتقبله، وبالتالي سعيه لامتلاك سلاح رادع. ساعده على ذلك انتماؤه للمعسكر الإمبريالي وتحالفه مع دوله الكبرى. ولما بدا عداء النظام الناصري لكل من فرنسا بتأييده لثورة الجزائر عام 1954 وبالطبع مع إسرائيل بالذات بعد عدوانها على غزة عام 1955، دفع هذا فرنسا وإسرائيل إلى التعاون النووي حتى أنشأت إسرائيل مفاعلها النووي الأول بمساعدة فرنسية، وذلك في ديمونة بصحراء النقب، عام 1955. وتمكنت إسرائيل من تفجير قنبلتها الذرية الأولى، وفق أرجح التوقعات، عام 1968.
أما دافع كوريا الشمالية فيبدو أنه مرتبط بفترة التساقط السريع لروسيا ودول شرق أوروبا حول عام 1990، وتوقع انهيار كل الدول الشيوعية، بالذات صغيرة الحجم مثل كوريا، حيث كان الحل الذي ارتأته كوريا هو امتلاك سلاح ردع استراتيجي، القنبلة النووية، لمنع أي دولة تفكر في اجتياحها. نجحت كوريا في تفجير قنبلتها النوية الأولى بالفعل عام 1994، وتحقق لها ما أرادته من التحذير من أي محاولة لغزوها، رغم أن هذا جاء في ظل قدراتها الاقتصادية المتواضعة وعلى حساب مستوى حياة شعبها.
وبهذا اكتمل نادي الدول النووية التسع حاليا. هناك أربع دول، ثلاث منها من دول الاتحاد السوفيتي السابق، أوكرانيا وبيلاروسيا وكازاخستان، ثم جنوب أفريقيا، ولكنها تخلت عن امتلاك الأسلحة النووية. من الواضح طبعا سبب التخلي في دول الاتحاد السوفيتي السابق، أما خصوصية حالة جنوب أفريقيا، التي نجحت في امتلاك 6 قنابل نووية باعتبارها دولة حليفة للإمبريالية العالمية، فهو نذر تغير نظام الدولة نظرا لثورة السود على نظام الفصل العنصري، مما فرض على الدولة العنصرية التخلي عن قنابلها الذرية عام 1989، وقبل الوصول إلى تقاسم السلطة بين السود والبيض خلال أوائل العقد التالي.
وبالطبع تختلف الدول في عدد الأسلحة النووية التي تمتلكها حيث تمتلك كل من أمريكا وروسيا أكثر من 90% من القنابل النووية، بواقع 5800 قنبلة لأمريكا و6375 لروسيا. أما بقية الدول فتمتلك الصين 320 قنبلة، وانجلترا 215 وفرنسا 290 قنبلة. تأتي بعدهما كل من الهند (150 قنبلة) وباكستان (260 قنبلة). أما إسرائيل فتمتلك تقديرا 90 قنبلة نووية، بينما تمتلك كوريا الشمالية 30-40 قنبلة.
يبلغ إجمالي ما تمتلكه دول النادي النووي التسع حاليا، في سنة 2020، وفق تقديرات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، (وهو من أكثر الجهات العالمية مصداقية في تقديراته)، يبلغ 13400 قنبلة نووية تكفي لتدمير العالم مرات كثيرة. ومن الجدير بالذكر أن هذا ينخفض عن العام الذي سبقه، والذي بلغ عدد القنابل فيه 13865 قنبلة. يأتي هذا نتيجة لتخفيض دول في عدد أسلحتها، وهي أمريكا وروسيا وفرنسا، بينما زادت جميع الدول الأخرى من عدد القنابل النووية التي تحوزها.
وبالطبع كان لابد وأن يثير امتلاك إسرائيل للقنبلة الذرية تحديا للدول المجاورة لها. لم تهتم كل من إيران الشاه أو تركيا بهذا التحدي، حيث كانوا جميعا حلفاء للغرب، بل إن تركيا بها نحو 90 قنبلة نووية ولكن تحت سيطرة حلف الناتو. كما إن خطة الإمبريالية العالمية للهيمنة على المنطقة العربية كان يعتمد على مثلث إيران الشاه وتركيا وإسرائيل. ولكن هذا مثل تحديا قاسيا أمام مصر الناصرية.
لهذا لم يكن من الغريب أن تشرع مصر في محاولة دخول النادي النووي في عام 1955، نفس عام امتلاك إسرائيل لمفاعل ديمونة، حيث شكلت مصر في هذا العام تحديدا هيئة الطاقة الذرية التي اتفقت وقتها مع روسيا على شراء مفاعل نووي، وأرسلت في نفس التوقيت بعثات من العلماء والمهندسين للدراسة في القنبلة الذرية، حيث أنهوا دراستهم وتدريبهم خلال السنوات الخمس التي استغرقها تصنيع المفاعل، ليعودوا مع المفاعل سويا عام 1960.
وبرغم صغر حجم المفاعل المصري، مما يستغرق وقتا طويلا لتخصيب كمية كافية من اليورانيوم لتصنيع قنبلة ذرية، إلا أنه ليس هناك شك في أن البرنامج النووي المصري كان برنامجا طموحا وشاملا يشتمل، بالإضافة إلى هيئة المفاعل النووي، يشتمل على برنامج مسح جغرافي لاكتشاف المعادن النووية في مصر لتأمين استقلالها في مجال توفير الاستقلالية في تأمين الوقود، مع برنامج للاستخدامات السلمية للطاقة النووية، وبرنامج رابع للأمان النووي.
يعتقد البعض أن أحد أسباب الخطة الأمريكية الإسرائيلية لضرب مصر عام 1967 هو خشيتهم من امتلاك مصر لقنبلة نووية مع تحسين دقة صواريخها خلال مدة تتراوح بين خمس وعشر سنوات! وبالطبع كان هذا الاحتمال قائما، خصوصا في ظل امتلاك مصر لطرازين من الصواريخ ذات المرحلة الواحدة، القاهر والظافر، بالإضافة إلى صاروخ ذو مرحلتين، هو الرائد، ويصل مداها إلى إسرائيل، ولكن يعيبها عدم دقة الإصابة.
بالفعل أدت هزيمة 1967 إلى التخلي عن كل من برنامج الصواريخ وما يقال عن تخصيب اليورانيوم للتكلفة العالية في ظل الاقتصاد المرهق من آثار الهزيمة. ولكن جاءت النهاية الحاسمة بعد عام 1974 حيث تم التخلي عن سياسة العداء لإسرائيل والغرب، والتخلي عن كل طموح نووي أو صاروخي، مع الاستقرار على تبعية النظام لأمريكا.
ولكن إسرائيل رغم ذلك تسعى لأن تكون قوة إقليمية نووية متفردة ومهيمنة مما حدا بها إلى العدوان السافر بتدمير المفاعل الذرى العراقي عام 1981، وتدمير ما قيل عن إنه محاولة لإنشاء مفاعل نووي سوري، وذلك من خلال غارة عام 2007. كما حاولت إسرائيل تدمير المفاعل الذرى الباكستاني بالاشتراك مع الهند عام 1983، ولكن تمكنت المخابرات الباكستانية من التعرف على الخطة وإفشالها.
جاء التحدي التالي للنفوذ الإمبريالي في المنطقة بعد انطلاق الثورة الإيرانية عام 1979. كان الشاه قد بدأ برنامجا نوويا سلميا منذ منتصف الخمسينات. أدى تصاعد العداء المتبادل بين الثورة الإيرانية والغرب إلى دفع النظام الإيراني للتطور في اتجاه خلق برجوازية قومية معادية للاستعمار، رغم تدثرها برداء ديني. لجأت إيران إلى الإجراءات التي لجأ إليها عبد الناصر من قبل من حيث سيطرة الدولة على قطاع عام إنتاجي قوى (حيث يمتلك الحرس الثوري الإيراني حوالي 40% من الهيكل الإنتاجي في البلاد) وكذلك من تأميم البنوك وفرض الرقابة الشديدة على الصرف وعلى التجارة الخارجية.
كذلك تشابهت إيران مع النظم القومية الناصرية والبعثية بالمنطقة في الجمع بين العداء للاستعمار ومحاولة تحديث البنية الصناعية، وبين الاستبداد في الداخل، وإن ارتدى هذا الاستبداد ثوب حكم الفقيه والإطار الديني بدلا من الشعارات القومية، رغم وجود النزوع الفارسي الواضح بالطبع. ولكن نجاح إيران الذي فاق الأنظمة القومية والبعثية في المنطقة يعود إلى تمتعها بثروة عقارية بترولية ضخمة، وكذلك للفترة الطويلة التي أتيحت لها من أجل بناء هيكلها الصناعي.
وتُتَّهَم إيران بالسعي لأن تكون قوة إقليمية مهيمنة، وتفخر بوصولها إلى أربع عواصم عربية، هي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء، ولكن هذا يحتوي على قسم صحيح وقسم خاطئ. تحاول الإمبريالية استخدام نفوذها في الدول المحيطة ضد أيّ دولة تحاول النفاذ من التبعية للغرب والخضوع لهيمنته. حدث هذا بالنسبة للنظام الناصري حيث عملت الإمبريالية بالتعاون مع السعودية وما عرف وقتها بالمعسكر الرجعى العربي لحصار النظام الناصري، ومن ثم لجأ عبد الناصر لعمل معسكر مضاد بالتحالف مع ثورة الجزائر وثورة اليمن والتعاون مع المشاريع الانقلابية العسكرية داخل الدول الملكية العربية التابعة في العراق وغيرها.
بالمثل حاولت إيران مقاومة محاولة الحصار الإمبريالي الخليجي عليها، بالذات بعد حربها الطويلة مع صدام حسين (1980- 1988) التي أيَّدها الغرب ومولتها دول الخليج التابعة التي تخشى من امتداد النفوذ الثوري داخل بلادها، حيث يتشابه نظامها مع نظام الشاه الرجعي الذي تم إسقاطه. ولكن إيران لم تكتفِ بالتحالف النديّ مع القوى المعادية للإمبريالية، ولكنها أيضا ورثت النزعة التوسعية لنظام الشاه، كما يتبدى في موضوع استمرار هيمنتها على جزر الخليج الثلاث الإماراتية التي احتلها الشاه، وتسعى أيضا إلى الخلط بين تكوين الحلفاء الثوريين وبين الإخضاع من أجل تبعية تلك التكوينات لأوامرها.
أصبحت إيران هي الدولة البترولية الوحيدة التي نجحت في تحويل ريع البترول إلى صناعة، واستخدمتها في بناء دولة متقدمة نجحت في مواجهة الحصار الإمبريالي عليها. ليس أدل على هذا من جواب رئيس إيران عام 2010 على أحد الصحفيين الذي سأله عن أثر الأزمة الاقتصادية العالمية على إيران فقال له أنها لم تؤثر لأن إيران تتمتع باكتفاء ذاتي غذائي بنسبة 96% واكتفاء ذاتي صناعي بنسبة 81%، وبالمحصلة تتمتع باكتفاء ذاتي 90%.
نجحت إيران كذلك في تصنيع الأسلحة المتقدمة، والدخول بقوة في الصناعات النووية، مما هدد بامتلاكها سلاحا نوويا، قدر الغرب قبل الاتفاق النووي الذي وقعه الرئيس الديمقراطي أوباما مع إيران عام 2015، بأن إيران وقتها يمكنها في حالة اتخاذ القرار السياسي بتصنيع السلاح النووي أنها تستطيع تحقيق ذلك خلال عامين. وكان هذا دافعا قويا لأوباما لتوقيع ذلك الاتفاق، الذي فرض رقابة على تطوير السلاح النووي الإيراني لمدة عشر سنوات حتى عام 2025.
تزعم الانتقاد لتوقيع تلك المعاهدة إسرائيل والسعودية. تم توجيه النقد لأوباما بأن الاتفاق لم ينص على تحجيم البرنامج الصاروخي الإيراني، كما لم يضع حدا لمحاولة إيران توسيع نفوذها الإقليمي. رغم اعتراف أوباما بصحة ذلك النقد، إلا أنه قال بأن الاتفاق ليس ضمانا يحيل إيران ملاكا، ولكنه الاتفاق الوحيد الممكن في ظل ميزان القوى القائم وقتها.
ولكن جاء الرئيس الجمهوري ترامب بقرار انسحاب أمريكا من الاتفاق عام 2018 مع تكثيف العقوبات الاقتصادية عليها إلى الحد الأقصى، بل وعلى أي مؤسسات أو بنوك تتعامل معها، مما جعل أوروبا، الرافضة للعقوبات، للامتثال من خلال بنوكها وشركاتها، بمقاطعة إيران خوفا من العقوبات الأمريكية. فشلت العقوبات الدولية في إسقاط النظام الإيراني كما كانت تأمل، ولم تقف معها في مواجهة العقوبات سوى روسيا والصين.
والآن في ظل نجاح رئيس ديمقراطي أمريكي، جون بايدن، واعتزامه الرجوع المشروط إلى الاتفاق النووي، ليفجر المشاكل السياسية. تعارض إسرائيل علنا تلك الخطة، بل وتهدد بأنها سوف تتحرك عسكريا وحدها لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي. أما دول الخليج العربي التي شاركت نتنياهو موقفه في السابق، فتخضع مضطرة للضغط الأمريكي ولا تبدى اعتراضا. ويطالب الكثيرون داخل أمريكا وداخل الدول الغربية بأن يكون أي تراجع عن العقوبات مشروطا بتراجع إيران عن محاولة نشر نفوذها الإقليمي، وبالذات من خلال حزب الله، وشمول الاتفاق على الحد من برنامج الصواريخ الإيراني.
ولكن ميزان القوى الراهن، والذي تتمتع فيه إيران بقوة أكبر بكثير مما كانت تمتلكها عام 2015 الذي تم فيه توقيع الاتفاق، لا يسعها الخضوع لكل تلك المطالب. وتُدير إيران بكل كفاءة معركة دبلوماسية. ففي مقابل الحظر الأمريكي والعقوبات الاقتصادية التي يمتثل لها الاتحاد الأوروبي رغم رفضه لها حيث تتخوف الشركات من العقوبات الأوروبية حيث قامت بإجراءات فعلية كثيرة.
اتبعت إيران بدأب وعبر عديد من الإنذارات للغرب سياسة التحلل التدريجي من بعض الالتزامات من الاتفاق النووي. أعلنت إيران أنها غير مستعدة لتقديم التنازل المجاني بالالتزام بقواعد الاتفاق وحدها بينما يعاقبها الغرب بقسوة. ومن أهم الإجراءات التي اتخذتها، وأكثرها خطورة تدعيم مشروعها النووي بإنتاج عدد ضخم من آلات الطرد المركزي المستخدمة في تخصيب اليورانيوم، وتقدمت في صنعها حتى صنعت الجيل الثالث منها، سريعا وعالي الكفاءة. ويقدر البعض بأن إيران حاليا تمتلك القدرة على صنع قنبلة نووية خلال بضعة أشهر، إذا تم اتخاذ قرار سياسي بذلك.
وبين الشد والجذب بين إيران وأمريكا، وبوساطات روسية وأوروبية غربية، تدور معركة سياسية في منتهى الأهمية، ستكون نتائجها في كل الأحوال مؤثرة على مستقبل المنطقة، حيث تسعى إيران إلى طرح خيارين أمام الغرب: إما الرفع الكامل للعقوبات عنها، أو استمرار إيران في محاولات الحصول على السلاح النووي، رغم التغطية السياسية المناسبة. ويبقى من واجبنا متابعة نتائج تلك المعركة الهامة.



#محمد_حسن_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أولاد الناس- ثلاثية المماليك لريم بسيوني
- المأزق اللبناني وآفاق الحلول
- الحديد والصلب بين التخطيط ومنطق المقاولين
- الديمقراطية الأمريكية وخطر الترامبية؟!
- موجة الخصخصة والإفقار والمقاومة
- حقوق الإنسان والحريات والتمويل الأجنبي
- حرب أكتوبر والمفارقة الكبرى
- الثورة اللبنانية بين المخاطر والتحديات
- مجلس الشيوخ فى مصر ردة عن الدستور
- لبنان بين المطرقة والسندان
- تهديد استراتيجى على حدود مصر الغربية
- كوفيد 19 من أين وإلى أين
- أمريكا وإيران والعراق
- تعليق على كتاب سلافوى جيجيك -بداية كماساه وأخرى كمهزلة-
- الثورة الصينية بين الآمال والمآل
- موقف الحزب الاشتراكى المصرى من الانتخابات الرئاسية عام 2018
- محمد حسن خليل - عضو السكرتارية المركزية للحزب الاشتراكي المص ...
- ثورة أكتوبر بين الأمل والفشل
- الخلاف الأمريكى العربى - الإيرانى القطرى التوقيت والدوافع
- الشرق الأوسط: زمن الواقعية الجديدة تقرير صادر عن مجلس اللورد ...


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسن خليل - السباق على المركز العاشر- إيران والنادي النووي