أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسن خليل - الحديد والصلب بين التخطيط ومنطق المقاولين















المزيد.....

الحديد والصلب بين التخطيط ومنطق المقاولين


محمد حسن خليل

الحوار المتمدن-العدد: 6808 - 2021 / 2 / 7 - 18:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اللغة السائدة في الحديث عن تصفية الحديد والصلب من قِبَل الحكومة وأنصارها هي لغة مقاولي المكسب والخسارة المادية المباشرة متجاهلين كل الحقائق الرئيسية بدءا من أننا لسنا بصدد خسائر ولكن بصدد مخطط تصفية يشتمل على التخسير المتعمد منذ عقود، وانتهاءً بأهمية الحديد والصلب في تخطيط مستقبل التنمية والصناعة في مصر والعالم.
لم يَدُر الحديث عن أن العناصر الأساسية في التخسير المتعمد، والكثير منها شملت القطاع العام كله، تتضمن العديد من الإجراءات مثل إلغاء الحكومة لضمان تقديم القروض للقطاع العام من البنوك الحكومية، وحرمانه من تيسيرات التمويل ضمن مخطط التصفية، في مقابل إتاحتها للمشاريع الأجنبية التي تشترى مصانعنا بقروض بنوكنا بضمان ما لم تمتلكه بعد من أصولنا، كما تتيحها بسهولة لكل اللذين حازوا المليارات مجانا من خلال أخذ مساحات شاسعة من أراضي الدولة بقروش من خلال فساد تزاوج المال والسلطة وأخذوا بضمانه قروض بنوك القطاع العام!!
كما تشتمل مخططات التخسير على تقليص العمالة بوقف التعيينات مع تناقص العمالة ببلوغ سن المعاش، وتنشيط الإحالة للمعاش المبكر، والاعتماد على هجرة قسم من العمالة، مما قلص العمالة من 26 ألف عامل إلى نحو سبعة آلاف، بوهم العمالة الزائدة جريا وراء توصيات مؤسسات التمويل الدولية، بما تضمنه من قرار وقف تعيين الخريجين عام 1984، مغفلين أننا كنا وما زلنا حتى الآن نعانى من نقص شديد في كل مجالات العمالة الفنية من الأطباء والمهندسين والمعلمين والمهندسين الزراعيين والبيطريين والتمريض وفنيي الصناعة، بينما نعانى من تضخم الوظائف الإدارية! لقد دمَّر وقف التعيينات قطاعات بأكملها مثل الإرشاد الزراعي مثلا حيث لم يضف أي عمالة جديدة له منذ ذلك التاريخ بينما تتقلص العمالة به بحكم الإحالة إلى المعاش حتى تصل الآن للصفر تقريبا!!
ومن أهم التدخلات السلبية لمؤسسات التمويل الدولية على إنتاجنا هو فتح الأسواق بحجة التخصيص الأمثل للموارد والإنتاج دون استخدام أدوات مثل الجمارك لحماية الصناعات المحلية، وهو ما يؤثر على صناعة الحديد حتى بالقطاع الخاص حتى الوقت الراهن.
نأتي لخرافة رفع دعم الطاقة وتأثيرها في التخسير. وليس الدعم الفرق بين تكلفة الإنتاج وبين سعر بيعه كما هو في كل مكان في العالم، ولكن الحكومة ومؤسسات التمويل الدولية تجعله الفرق بين السعر المحلى والسعر العالمي، لجعل جميع الأسعار المحلية أسعارا عالمية! ولكن عالمية الأسعار بالداخل في ظل أن الحد الأدنى للأجور في مصر أقل من 5% من الحد الأدنى للأجور العالمية المتقدمة لا يعنى سوى مضاعفات متتالية لأعداد الفقراء بنسب رهيبة وصلت حتى الآن لثلث الشعب وفقا للإحصاءات الحكومية!
وينهض الحديد والصلب مثالا صارخا على ذلك، حيث كانت تكلفة كيلو وات الكهرباء للمصنع عام 2005 عشرة قروش، علما بأن الكهرباء تشكل 40% من تكلفة الإنتاج، بينما وصل سعر كيلو الكهرباء بعد رفع الدعم عنه عام 2020 إلى 112 قرشا! بالطبع فالمسألة ليست مجرد أن خسائر فرق سعر بيع الطاقة للحديد والصلب هو مكسب لقطاع الكهرباء، وبالتالي فالدولة لم تخسر شيئا، ولكنه جزء من خطة مضاعفة تكلفة الإنتاج كجزء من مخطط التخسير والتصفية.
كما تأتى توصيات مؤسسات التمويل الدولية بتقليص دور الدولة في الإنتاج ودعم القطاع الخاص، تأتى دمارا على الحديد والصلب، فقد ظلت الحكومة لسنوات طويلة تبيع الطاقة "مدعومة" وفق منطقها لمصانع الحديد الخاصة بسعر أقل بنسبة الثلث من سعر بيعها لمصنع الحديد والصلب الحكومي، وهو من أسباب تراكم الخسائر!
كما قال مرة الاقتصادي الإنجليزي المشهور كينز أن خير وسيلة لتدمير اقتصاد دولة ما هو تخفيض سعر العملة! ونحن نرى ما أصبح يبدو خيالا اقتصاديا كيف تحرك سعر الدولار من نحو 40 قرشا مصريا حتى عام 1973 ليخفض ويصل إلى 70 قرشا عام 1977، ويتزايد ليبلغ نحو ثلاث جنيهات عام 1991بعد اتفاقية التثبيت والتكيف الهيكلي، ثم نحو ست جنيهات بعد قرار لجنة السياسات بالتعويم المحكوم للجنيه في يناير 2003، ثم مع رفعه خلال عام 2016 مرتين ليصل سعر الدولار لنحو عشرين جنيها لينخفض انخفاضا محدودا ليصل الآن إلى أقل قليلا من ستة عشر جنيها، أو إلى نحو 4% من قيمته خلال أقل من خمسين عاما! وتعمدت ذكر كل تلك المراحل المختلفة لأن كل مرحلة منها لم تزل تمثل في وعى شعبنا بمرحلة جديدة في تفاقم الغلاء والفقر، ومن تعسر القطاعات الإنتاجية في الاقتصاد، وليس الحديد والصلب وحده.
كما أن تقليل عمالة الحديد والصلب لنحو الربع وما يدعى أنه ما زال به عمالة زائدة يتجاهل أن المصنع لا يعمل سوى ب 11% من طاقته، وأنه تم إغلاق الوحدة المتقدمة تكنولوجيا لتصنيع الصلب، وهناك فقط فرن واحد يعمل بنصف طاقته بين أربعة أفران، وأن حجة التخلف التكنولوجي للأفران ليست عائقا إطلاقا أمام التحديث بإعادة بناء الأفران تدريجيا من طرز حديثة.
نشأت صناعة الحديد والصلب في مصر بعد الحرب العالمية الثانية لأول مرة بالحصول على الحديد عن طريق تسييح الخردة. ولكن الصناعة الحقيقية للحديد والصلب بدءا من الخامات الأساسية، والتي نشأت لأول مرة بعد الثورة عام 1953 بالتعاون مع شركة ديماج لم يكن في المحل الأول لإضافة مصنع مربح جديد، كما كان توسيع المصنع عام 1969 بمساعدة روسية بدافع الدخول في التصنيع الثقيل أو المصانع التي تصنع الآلات والأدوات، وليس لمجرد الربح.
ولا يختلف هذا عما في العالم، وتجربة أوروبا في إعادة بناء صناعتها بعد تدميرها في الحرب العالمية الثانية اعتمد على تصنيع الحديد والصلب لأهميته بالنسبة لبقية الصناعات، ونظرا لأنها صناعة تحقق الخسارة في ذاتها في أحيان كثيرة، تأسس اتحاد الفحم والصلب الأوروبي منذ عام 1951، وهو أول نواه لإنشاء السوق الأوروبية المشتركة.
إن أخطر ما في تصفية مصنع الحديد والصلب هو إجهاض محاولة التنمية المستقلة، ومفاقمة تبعيتنا للخارج بعدم السيطرة على شروط تجدد الإنتاج حيث إن تلك الصناعة أساسية في تصنيع الماكينات والسيارات والأثاث المعدني والأدوات والكثير غيرها. وبهذا تفقد بلدنا شرطا هاما ومقوما هاما من مقومات السيطرة على تجدد الإنتاج في بلادنا لنعطي ذلك الدور الخطير للدول الكبرى ومؤسسات التمويل الدولية! فلندافع ضد تصفية الحديد والصلب لأنه أحد أهم جوانب الدفاع عن حقنا في مستقبل التنمية في مصر.
دكتور محمد حسن خليل
7 فبراير 2021



#محمد_حسن_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية الأمريكية وخطر الترامبية؟!
- موجة الخصخصة والإفقار والمقاومة
- حقوق الإنسان والحريات والتمويل الأجنبي
- حرب أكتوبر والمفارقة الكبرى
- الثورة اللبنانية بين المخاطر والتحديات
- مجلس الشيوخ فى مصر ردة عن الدستور
- لبنان بين المطرقة والسندان
- تهديد استراتيجى على حدود مصر الغربية
- كوفيد 19 من أين وإلى أين
- أمريكا وإيران والعراق
- تعليق على كتاب سلافوى جيجيك -بداية كماساه وأخرى كمهزلة-
- الثورة الصينية بين الآمال والمآل
- موقف الحزب الاشتراكى المصرى من الانتخابات الرئاسية عام 2018
- محمد حسن خليل - عضو السكرتارية المركزية للحزب الاشتراكي المص ...
- ثورة أكتوبر بين الأمل والفشل
- الخلاف الأمريكى العربى - الإيرانى القطرى التوقيت والدوافع
- الشرق الأوسط: زمن الواقعية الجديدة تقرير صادر عن مجلس اللورد ...
- خصخصة القصر العينى
- عبئ المراضة فى مصر
- القطاع الصحى المصرى ومشاكل التطوير


المزيد.....




- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسن خليل - الحديد والصلب بين التخطيط ومنطق المقاولين