أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حزب الكادحين - كرّاس نصف السّماء : نصوص حول المرأة الكادحة















المزيد.....



كرّاس نصف السّماء : نصوص حول المرأة الكادحة


حزب الكادحين

الحوار المتمدن-العدد: 6836 - 2021 / 3 / 10 - 02:44
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


"إنّ النساء نصف السماء وعليهن انتزاع النصف الآخر" ماوتسي تونغ

طريـــــــــــــق الثّـــــــورة، مـــــــــــــــــــــــارس 2020‏
-----------------------------------------------------
مصدر اضطهاد المرأة وسبيل تحررها
‏ يردّ العديد أسباب الاضطهاد الذي تعيشه المرأة إلى التفاوتات البيولوجية بين الجنسين، والواقع ان ‏الأسباب الكأمنة وراء هذا الاضطهاد ترتبط بالمعطيات التاريخية وبالواقع الاجتماعي عبر تطورهما لا ‏بغيرهما من الأسباب. وإن كل إنكار لهذه الاسباب مقابل التأكيد على السبب البيولوجي هو إنكار للعلم ‏وتجاهل للمادية التاريخية وانتصار للأسطورة وللمثالية. وهذا الضلال الذي يقع فيه العديد يؤدي حتما إلى ‏الاستنتاج بأن الرجل هو العدو الرئيسي للمرأة وهو المسؤول عن واقع الاضطهاد الذي تعيشه في حين تتم ‏بالمقابل تبرئة الواقع الاجتماعي الطبقي وبالتحديد الطبقات السائدة من هذه المسؤولية. ويقود هذا الضلال ‏بالتالي إلى عدم الإمساك بالطرق الصحيحة الكفيلة بتحقيق التحرر من كل أشكال الاستغلال والاضطهاد ‏ومن بينها اضطهاد المرأة.‏
‏ لقد اثبتت الدراسات الأنتروبولوجية والتاريخ أن النساء لم تكن مضطهدات في كل العصور، ففي ‏مرحلة ما قبل التاريخ وجد المجتمع الأمومي وهو مجتمع كان فيه تأثير النساء في الإنتاج أكبر بكثير من تأثير ‏الرجال.ومن هذا الموقع الهام في عملية الإنتاج داخل مجتمع العشيرة انبثقت مكانة المرأة. وقد اعترف ‏الرجال للنساء بهذه المكانة.‏
‏ ويثبت التاريخ والواقع أيضا أن النساء لسن الجنس الوحيد المضطهد، ذلك ان الرجال هم أيضا ‏يتعرضون إلى الاضطهاد في ظل المجتمعات الطبقية وهم يتعرضون إلى الاضطهاد لا من قبل الرجال ‏فحسب وإنما أيضا من قبل النساء.‏
‏ كما يؤكد واقع المجتمعات الطبقية أن النساء يمارسن الاضطهاد لا على الرجال فحسب وإنما أيضا ‏على الرجال.‏
‏ إن المرأة لم تكن عرضة للاضطهاد منذ وجودها، وإنما فعل الاضطهاد هذا هو لاحق لوجودها. لقد ‏واكبت عملية ظهور الطبقات في التاريخ البشري تحولات مست مكانة المرأة داخل المجتمع. فمع الانتقال من ‏الاقتصاد القائم على الصيد وقطف الثمار إلى الاقتصاد القائم على الزراعة وتدجين الحيوانات وظهور ‏الأنشطة الحرفية بدأت النساء تفقدن تدريجيا مكانتهن لصالح الرجال الذين أصبحوا يتمتعون بأدوار أكثر ‏أهمية خاصة في مجال الزراعة. وهكذا فإنه مع عملية تقسيم العمل هذه انقلب وضع المرأة من الريادة إلى ‏الانحطاط، وظهرت الملكية الخاصة وكنتيجة لذلك أقيمت مؤسسة الزواج والأسرة على هيمنة الذكر ‏وهذه الاوضاع الجديدة فرضت على المرأة الانزواء في البيت والاهتمام بتربية الأبناء الذين صاروا ينسبون ‏إلى الآباء بعد ان كانوا ينسبون إلى الأمهات والاهتمام بالزوج. ثم ظهرت مؤسسة الدولة لتكرس تفوق ‏الرجل. ومن هذه التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ستولد الأفكار المثالية والأساطير القائلة ‏بدونية المرأة وبانحطاطها من أجل تشريع وتأبيد اضطهادها.‏
‏ ومنذ ظهور المجتمع الطبقي وتطوره أصبحت المرأة أمام أمرين أحدهما أمر من الآخر، فإما الانزواء ‏بالبيت من أجل الانجاب والطبخ ... وإما العمل والتعرض لأشكال الاضطهاد في مواقع العمل زيادة عما ‏تعانيه في البيت. لكن هذا لا يعني أن الرجال هم العدو الرئيسي للمرأة، بل إن النظام الاقتصادي ‏والاجتماعي القائم هو العدو المركزي للنساء سواءً كان رأسماليا أو إقطاعيا. وتعاني المرأة في ظل هذه ‏المجتمعات الطبقية من اضطهاد مزدوج. الاضطهاد الاول تشترك فيه مع الرجل، فالنساء تتعرضن لما ‏يتعرض له الرجال من استغلال واستعباد من قبل الطبقات السائدة في الحقول وفي المصانع وفي الوظائف ‏‏.. بل إنهن يعانين من استغلال أكبر مقارنة بالرجال نظرا للنظرة الدونية التي ألحقت بهن. أما الشكل الثاني ‏من الاضطهاد فهو يرتبط بالاضطهاد الجندري الذي يمارسه الرجل ضدها. وهنا تتوحد قضية المرأة مع ‏قضية جموع غفيرة من الرجال في إطار قضية التحرر من النظام الطبقي الجاثم على صدور هذه الجماهير ‏الشعبية الواسعة من الرجال والنساء التي تعاني من اضطهاد الطبقات المالكة لوسائل الإنتاج والماسكة ‏بالسلطة السياسية، وما على النساء إلا أن تشق طريق التحرر الوطني والطبقي اولا عبر الاتحاد مع الرجال ‏في النضال اليومي لأنه لا مكان لتحرر المرأة خارج وطن حر وشعب سيد على نفسه ومالك لثروته.‏
‏ ولئن حققت المرأة بعض المكاسب عبر نضالها المرير، إلا أن ما حققته يظل بعيدا عن حقوقها الكاملة، ‏وهي في الغالب ترتبط ببعض التشريعات التي تساوي بينها وبين الرجل في بعض المسائل, بينما يظل الواقع ‏الذي تعيشه النساء في عصرنا واقعا مليئا بأشكال متنوعة من الاستغلال المادي والمعنوي الذي يجد ‏مبرراته في الثقافة السائدة. وحتى في المجتمعات البرجوازية / الرأسمالية التي تتباهى بالمساواة بين الجنسين ‏فإن المرأة مازالت وستظل مادام هذا المجتمع قائما في مرتبة دون مرتبة الرجل. أما في المجتمعات المتخلفة ‏التي لا تزال تعيش بقايا العلاقات الإقطاعية والواقعة تحت الاستعمار بشكليه المباشر وغير المباشر، فإن ‏معاناة النساء فيها أكثر خطورة وحقوقها لا تزال بعيدة المنال. ولا تختلف اوضاع المرأة من مجتمع إلى آخر، ‏بل ومن وسط إلى آخر، إذ تشتد معاناة المرأة الريفية مقارنة بالنساء في الوسط الحضري. ومادامت هذه ‏المجتمعات الطبقية القائمة على الاستغلال والاضطهاد، فإن معاناة المرأة ستتواصل, ولن تمحى هذه ‏المعاناة إلا ببلوغ المرحلة الاشتراكية والقضاء على مختلف أشكال الاضطهاد القومي والطبقي والجنسي. ولن ‏تحقق النساء المساواة مع الرجال إلا بوقوفها إلى جانب الكادحين وكل المضطهدين في النضال الدؤوب من ‏أجل التحرر الوطني والاشتراكية، فلا اشتراكية دون مشاركة النساء في النضال ولا حرية للمرأة دون تحقيق ‏الاشتراكية.‏
طريــق الثّــورة، فيفري-مــارس 2014‏
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
المــــــــرأة العربيّــــــة والثّــــــــــــــــــــــــورة
‏1- هل سيكون للمرأة في الدول العربية نصيب من التغيرات المحدودة التي طرأت حتى الآن على مجتمعات ‏هذه الدول كأحد نتائج الربيع العربي؟
‏ يمكن حصر المكسب الأكبر الذي حققته الانتفاضات العربية في توفر هامش أوسع من الحريات ‏السياسية، وهذا الهامش مهدد الآن من قبل اليمين الديني، و يمكن أن يشهد تراجعا متى أحس ذلك ‏اليمين بالضيق و الحرج إزاء المطالب الشعبية، و كلما قوى نفوذه و ثبت أقدامه عبر السيطرة على ‏السلطة السياسية إلا و تزايدت لديه الحاجة إلى التخلص من تلك الحريات، و لن يكون مجبرا على تقديم ‏تبريرات كثيرة للقيام بذلك، إذ يكفيه القول أنها تتعارض مع الشريعة.‏
‏ و على الصعيد الحقوقي للمسألة النسوية، يبرز على السطح مجددا الخطاب المعادي للمرأة التي تبدو ‏حقوقها المدنية مهددة بمخاطر شتى، أما على الصعيد الاجتماعي فإن أوضاعها تزداد سوءً، ففي تونس ‏مثلا امتد الانتحار حرقا بشكل لافت لكي يشمل النساء بعد أن ذهب ضحيته العديد من الرجال، وذلك ‏بعد مرور أكثر من عام على حرق البوعزيزي نفسه، و قد بينت أحدث دراسة تم القيام بها حول العنف ‏الذي يمارس ضد النساء معاناة حوالي نصفهن من ذلك.‏
‏ و اليوم كما بالأمس يتفاقم الفقر و البطالة و البؤس و الشقاء، و تنتشر بين النساء ظواهر مثل ‏البطالة والبغاء و العمل بأجور بخسة في المدن و الأرياف، و تتعرض فتيات صغيرات يعملن في بيوت ‏الأثرياء إلى معاملة اقرب إلى العبودية، و من لا تعمل بالمعنى المتداول للكلمة فإنها تنوء تحت عبء الأعمال ‏المنزلية ومن النساء من ترعى الماشية و تجمع الحطب و تجلب الماء الخ.‏
‏ و في أقطار عربية عديدة لا تزال جرائم الشرف و زواج القاصرات و تعدد الزوجات والطلاق العشوائي ‏و رجم النساء و ختان البنات و زواج المتعة و زواج المسيار ... و حرمان الفتيات من الدراسة ظواهر ‏رائجة، لا يخفى طابعها الإقطاعي.‏
‏ إن وضع المرأة يزداد صعوبة مع مرور الوقت، وينضاف هذا إلى ظواهر كثيرة أخرى لكي يكشف ‏أسطورة الربيع العربي، فالانتفاضات العربية جرى قطع الطريق أمامها مبكرا للحيلولة دون تحولها إلى ‏ثورات حقيقية، واليوم تمسك الامبريالية بخيوط الوضع، وقد نجحت إلى حد بعيد في تقسيم صفوف ‏الشعب، موظفة في ذلك اليمين الديني حتى يسهل عليها السيطرة على الثروة العربية.‏
‏ و في المجال موضوع حديثنا فإن الهدف الذي كافح من أجله المنتفضون هو الحرية و بالتالي الاتجاه ‏ناحية المساواة بين المرأة و الرجل في شتى المجالات، و لكن ذلك ظل إلى حد الآن دون تحقيق و أصبح ‏الانتباه مصوبا نحو النقاب و الحجاب و ختان الإناث و الزواج بأربع وما شابه ذلك، ومن هنا فإن ‏التغيرات حاصلة لا محالة و لكن في أي اتجاه ؟؟ هنا السؤال، فما نشهده واقعيا هو السير في الاتجاه ‏المعاكس لذلك الكفاح.‏
‏2- هل ستحصل تغيرات على الصعيدين الاجتماعي والثقافي في منظومة القيم المتعلقة بالسلطة الذكورية ‏والعقلية التسلطية التي تعاني منها نساء الشرق ؟ وإلى أي مدى يمكن أن تحصل تغيرات جوهرية في ضوء ‏الحراك الشعبي الواسع والخلاص من رأس النظام وبعض أعوانه في أكثر من دولة عربية ؟
‏ طالما ليست هناك ثورة بالمعنى السياسي والاجتماعي فإن البنيان القيمي لن يتغير فالوجود الاجتماعي هو ‏الذي يحدد الوعي لاجتماعي، و فيما يخص التسلط الذكوري فإنه سوف يظل على حاله جوهريا ‏فالذهنية التسلطية و ما يقترن بها من ممارسات تضرب بجذورها عميقا في المجتمع، و لن تتبدل لأن ‏رئيسا هرب أو سحل أو سجن، إنها تستمد وجودها من طبيعة التركيبة لطبقية للمجتمع، هذه التركيبة ‏التي ظلت على حالها رغم نبل التضحيات التي قدمها المنتفضون ، فما حدث لا يتعدى إلى حد الآن في ‏سائر الأقطار العربية التي شهدت الفعل الانتفاضي تعويض رؤوس قديمة برؤوس جديدة و هذه ‏الرؤوس مهما اختلفت أسماؤها فإنها من طينة طبقية واحدة، و لا ينبغي أن نغتر هنا باختلاف الأسماء و ‏العناوين و الخطابات والشعارات، فقد وجدت تلك الترسانة الإيديولوجية على الدوام لإخفاء القمع و ‏الاستغلال، والمهم هو المحتوى السياسي والاقتصادي، حيث يمكننا أن نلاحظ بيسر أن وضع كل طبقة ‏ضمن علاقات الإنتاج قد ظل على حاله، فالأغنياء ظلوا أغنياء و الفقراء ظلوا فقراء و هكذا فإنه سواء ‏كانت السلطة السياسية في يد اليمين الديني أو اليمين الليبرالي، في يد سلطة ملكية آو جمهورية ، فإن ‏ذلك لا يغير من جوهر الأمر شيئا، و هو ما ينعكس على وضع المرأة العربية التي تجد نفسها مكبلة ‏بالقيود اليوم كما بالأمس .‏
‏3- ما هو الأسلوب الأمثل لنضال المرأة لفرض وجودها ودورها ومشاركتها النشيطة في الحياة السياسية ‏والاجتماعية والثقافية في تلك الدول العربية التي وصلت فيها الأحزاب الإسلامية السياسية إلى الحكم ؟
‏ بناءً على ما ذكرته قبل حين ليس هناك من سبيل أمام المرأة العربية غير مواصلة الكفاح من أجل ‏الحرية، والتصميم على النصر، إذا أرادت كسر قيودها، و هو ما لا يمكنها إدراكه دون تنظيم، التنظيم و ‏التنظيم ثم التنظيم تلك هي الحلقة المفقودة ليس في كفاح النساء العربيات فقط و إنما في كفاح الشعب ‏العربي بأسره، فالرجعية بمشاربها المختلفة منظمة الصفوف و هو ما مكنها إلى حد الآن من ترميم نظمها ‏السياسية بعد الزلزال الذي سببته الانتفاضات، أما الشعب فقد قاوم دون سلاح غير عزيمته و عليه ‏الآن تحويل تلك العزيمة إلى عمل كفاحي منظم، و المرأة المناضلة التي كانت بين المنتفضين، و قدمت ‏عددا من الشهيدات و الجريحات، يمكنها أن تتقدم الصفوف أيضا على مستوى التنظيم استعدادا ‏لقيادة المعارك الطبقية القادمة لا محالة.‏
‏ إن إبقاء جذوة الانتفاضة مشتعلة، وتحويلها إلى ثورة حقيقية لن يكون ممكنا دون تنظيم صفوف ‏الشعب ومن ضمنه جمهور النساء، و من هنا فإن انخراط المرأة في العمل المنظم ضمن الأحزاب لثورية و ‏الجمعيات و النقابات المهنية مهم جدا، في لحظة تاريخية عاصفة تواجه فيها قضيتها هجوما تتركز نيرانه ‏على النساء باعتبارهن متاعا و ملكا للرجال، يجب حجبه و إرجاعه صاغرا إلى البيت قبل أن يستفحل ‏شره.‏
‏4- تدعي الأحزاب الإسلامية السياسية بأنها تطرح إسلاماً ليبرالياً جديداً وحديثاً يتناسب مع فكرة الدولة ‏المدنية. هل ترى-ين أي احتمال للتفاؤل بإمكانية شمول حقوق وحريات المرأة ضمن البرنامج السياسي ‏الإصلاحي الاحتمالي لقوى الإسلام السياسي، وهي التي تحمل شعار "الإسلام هو الحل" ؟
‏ اليمين الديني بارع في المناورة والمخاتلة، انه يريد العودة بالمجتمع إلى الوراء، ليس فقط بسبب وفائه ‏لمرجعية إيديولوجية فات زمانها، وإنما أيضا وهذا هو الأهم خدمة لقوى طبقية تجد في المقدس حصنا ‏إيديولوجيا يحمىيمصالحها.‏
‏ و عندما يتحدث ذلك اليمين عن برامجه و يطرح شعاراته في أشكل زاهية لا يجب تصديقه بل يجب ‏النظر إلى ما يمارسه، حيث نعاين نكوصه بل إنه حتى على مستوى الخطاب مستعد في الوضعيات ‏القصوى إلى التنصل من تلك الشعارات، مفصحا عن رغبته في قطع الأطراف و جز الرقاب، و أحيانا ‏تتمرد عليه الكلمات فتعبّر زلات لسانه عن رغبته الدفينة في إقامة إمارة إسلامية يتحكم فيها سلطان ‏الوحي كما أوّله هو .‏
‏ لأجل ذلك على الثوريين ومن ضمنهم الجمعيات النسائية المناضلة أن يحذروا من تصديق أكذوبة ‏استنارة اليمين الديني وإدانة تلك الممارسات في الإبان ومقاومتها وأن لا يكرروا ذلك الخطأ الذي جعل ‏البعض يتحالف معه بدعوى توقيعه على مواثيق حقوقية وسياسية تحمى الحريات الأساسية، فاليمين ‏الديني عندما يكون ضعيفا يرتدي ثوب الحمل، و عندما يقوى يكشف عن أنيابه، و من هنا فإن من ‏ينتظر إصلاح وضع المرأة في ظل سلطة اليمين الديني سيخيب مسعاه.‏
‏5- هل تتحمل المرأة في الدول العربية مسؤولية استمرار تبعيتها وضعفها أيضاً؟ أين تكمن هذه المسؤولية ‏وكيف يمكن تغيير هذه الحالة ؟
‏ نعم تتحمل المرأة تلك مسؤولية ذلك، ولا أتحدث هنا عن جمهور النساء، وإنما رئيسيا عن حركة ‏النضال النسوي، التي بقيت حبيسة المدن ومتجهة بشكل خاص إلى البرجوازية الصغيرة والمتوسطة ‏مستنسخة غالبا الحلول من المجتمعات الأوروبية، فطغى على أساليب نضالها وخطاباتها الطابع ‏الجنساني، وقد حضرت قبل مدة ندوة نظمتها جمعية نسوية تونسية فاسترعى انتباهي تركيز إحدى ‏ناشطاتها على رفض "هيمنة الرجال و هيمنة الأحزاب" و غني عن البيان أن هذا الخطاب يتجاهل أن ‏معركة الكادحين نساءً ورجالا واحدة و أن تحرّر المرأة جزء من تحرر المجتمع، فضلا عن أن تلك المعركة ‏تحتاج أدوات مثل الحزب الثوري و أن الجمعية النسوية لا يمكن بأي حال أن تكون بديلا عنه.‏
‏ أما إذا تحدثنا عن جمهور النساء فإن المسؤولية أقل شأنا، فليس مستغربا أن يكون انخراط المرأة في ‏النضال ضعيفا، فآلة الاضطهاد التي طحنت النساء طيلة آلاف السنين جعلت المرأة في الغالب خزانا ‏صامتا للقمع، فهي مستعبدة خارجيا و داخليا في نفس الوقت، و الجلاد لا يتحكم بها من خارجها فقط و ‏إنما من داخلها أيضا، فتتحول هي نفسها إلى ضحية و جلاد و عندما تستبطن قمعها نراها تبرر لجلادها ‏جرائمه، فنفوذ التقاليد الدينية و الأسطورية و السحرية نجده أقوى لدى النساء منه لدى الرجال و لا ‏يفسر ذلك بغباء النساء و نقص عقولهن و جبنهن، و إنما بعشرات القرون من الإخضاع الذي مارسته ‏المجتمعات الباطرياركية على المرأة، و هو ما نبهنا إليه، وقد أصاب ابن رشد كبد الحقيقة عندما أكّد على ‏أن استبعاد المرأة من المشاركة في الحياة الاجتماعية عملا و إنتاجا و ثقافة يحولها إلى ما يشبه الأعشاب ‏الطفيلية التي تلحق الأذى بالزرع، و هو ما يؤدي إلى خراب العمران بتعبير ابن خلدون .‏
‏ و من هنا فإن تحرر المرأة يحمل طابعا مزدوجا، أي إنه ضد الذات و ضد الآخر، داخلي و خارجي في آن، ‏و نحن عندما نتحدث عن المرآة العربية فإننا نتحدث عما يزيد عن نصف المجتمع أي حوالي مائة و ‏خمسين مليون امرأة، إنهن بهذا المعنى نصف السماء العربية، و هن يعانين في أغلبهن من الاضطهاد، و ‏عندما تنطلق هذه الجموع الغفيرة من قيودها و تصمم على نيل الحرية فإنها سوف تحصل عليها دون ‏ريب.‏
‏6. ما هو الدور الذي يمكن أن يمارسه الرجل لتحرير نفسه والمجتمع الذكوري من عقلية التسلط على ‏المرأة ومصادرة حقوقها وحريتها ؟
‏ هذا الدور نظري و عملي، و بالنظري نعني الفلسفة و الحقوق و الأخلاق و الفنون و غيرها، فالرجل ‏يحتاج إلى نظرة ثورية للكون بأسره و موقع الإنسان فيه وقتها يمكنه إدراك ماهية المرأة ككائن بشري، و ‏بالعملي نعنى وجوب ألا يتوقف الأمر عند الأفكار الجميلة، وإنما يجب تجاوز ذلك إلى مستوى الممارسة، ‏أي تحويل تلك الأفكار إلى وقائع مادية ملموسة، فعادة ما نجد مسافة فاصلة بين المقول والممارس، و هنا ‏أريد التنبيه إلى أن هناك من له إحاطة بالمسألة من زاوية النظر غير أنه يوظفها في الاتجاه السالب، و إذا ‏أخذنا الأمر على مستوى الطبقة و جهاز الدولة و الحزب و الجمعية الخ، فهناك من يجمع الخبرات و ‏الأفكار لكي يضاعف من استغلال جمهور النساء، أود القول أن استغلال المرأة لا يعود فقط إلى الجهل ‏أو العلم بوضعها وإنما إلى الموقع ضمن الصراع بين الطبقات و السعي إلى التحرر من الاغتراب، ربما لهذا ‏الاعتبار يرى كارل ماركس "أن علاقة الرجل بالمرأة هي العلاقة الأكثر طبيعية بين الإنسان و الإنسان فيها ‏يظهر إلى أي حد أصبح السلوك الطبيعي للإنسان إنسانيا، أو إلى أي حد أصبحت الماهية الإنسانية له ‏هي الماهية الطبيعية" بمعنى أن تمثل تلك العلاقة نظريا و عمليا يصبح معيارا نقيس به إنسانية الإنسان.‏
فريد العليبي، الحوار المتمدن-العدد: 3655 – 2 مارس 2012 ‏
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
المــــــــــــــرأة الكـــــــــــــادحــة في تــــــــــــــــونس
‏ لا تمثّل المرأة في أيّ مجتمع من المجتمعات طبقة مستقلّة بذاتها، فهي إمّا جزء من الطبقات السّائدة أو ‏جزء من الطّبقات المُضطهَدة شأنها في ذلك شأن الرّجل، لذلك فإنّ وضع المرأة يختلف حسب الطبقة ‏الاجتماعيّة التي تنتمي إليها. وإذا كان الرّجل في المجتمعات الطّبقيّة يخضع إلى الاضطهاد الاجتماعي الذي ‏تفرضه الطّبقات السّائدة فإنّ المرأة في هذه المجتمعات تخضع إلى اضطهاد مضاعف إذ يُضاف إلى ‏الاضطهاد الطبقي ذلك الاضطهاد المنجرّ عن التمييز الجنسي الذي يفرضه المجتمع الباتريركي الذّكوري.‏
معطيات ديمغرافيّة عامّة:‏
‏ على الرّغم من وزنها العددي الجملي الذي يفوق عدد الرّجال إذ بلغت نسبة الإناث في تونس 50.2% في ‏جويلية 2011، وعلى الرّغم من التشريعات والقوانين التي حُبّرت لصالح المرأة التونسيّة منذ 1956، ‏والمؤشرات الإيجابيّة حول نسبة الملتحقات بالتعليم، و نسبتهنّ داخل المؤسسات الجامعيّة التي تجاوزت ‏بكثير نسبة الطّلبة الذّكور لتبلغ 61.5% خلال السنة الجامعيّة 2010/2011، على الرّغم من كلّ هذا فإنّ ‏الإحصائيّات وهذه المؤشّرات والتشريعات لا تعكس الصّورة الحقيقيّة لوضع المرأة في تـونس.‏
‏ فبلغة الأرقام ومن نفس المصدر يثبت أنّ هذه النّسب المرتفعة المذكورة سابقا تبقى أيضا مرتفعة في ‏علاقة بالمؤشرات السلبية المرتبطة بالمرأة التونسيّة. ذلك أنّ أكثر من ربع (1/4) الإناث في تونس هنّ أميّات ‏سنة 2011 مقابل 11.2% فقط في صفوف الذكور، كما تجاوزت نسبة البطالة ربع (1/4) من هنّ في سنّ ‏العمل في ماي 2012 مقابل 14.6% فقط في صفوف الذّكور، وتبدو الارقام مفزعة أكثر في إطار حاملي ‏الشهادات العليا إذ بلغت نسبة المعطلات عن العمل من بين حاملات الشهادات العليا 40.2% في ماي ‏‏2012 مقابل 15.8% في صفوف نفس الصنف من الذكور.‏
المرأة العاملة في تـونس:‏
‏ في تـونس، تقدّر نسبة النّساء الأجيرات بـأكثر من 75% من مجموع النّساء وهو رقم يدلّ على ارتفاع ‏نسبة المشتغلات داخل المجتمع التونسي لكنّه لا يدلّ على المساواة الفعليّة بين الجنسين في العمل. ‏
‏ فالمرأة العاملة وخصوصا خارج ميدان الوظيفة العموميّة تعاني من تواصل مظاهر التمييز على مستوى ‏الأجر مقارنة بالرّجل كما تبقى حظوظها في التّرفية أقلّ من حظوظ الرّجل. وتعاني من عدم تسوية وضعيتها ‏القانونيّة في الشغل فهي أكثر استهدافا بالطّرد إذا ما اعترضت على ظروف عملها القاسية لذلك فهي غالبا ‏ما ترضى بتلك الظّروف مقابل الإبقاء على أجر أدنى ومكانة دونيّة. ورغم انتشار النقابات العمّاليّة إلاّ أنّ ‏مشاركة النساء العاملات فيها تبقى ضعيفة وهذا ما يدلّل عليه ضعف مشاركتها في الأنشطة الجمعياتيّة ‏والنقابيّة وحضورها المحدود جدّا داخل الهياكل النقابيّة وخصوصا الوسطى منها والعليا.‏
‏ وعلى الرّغم من أنّها تشتغل وتقبض أجرة مقابل عملها، فإنّ المرأة العاملة في المجتمع التونسي لا تتمتّع ‏باستقلاليتها الاقتصاديّة أمام زوجها أو والدها أو إخوتها. وإذا كانت المرأة العاملة فاقدة لاستقلاليتها ‏الاقتصاديّة فحدّث ولا حرج عن النّساء العاطلات عن العمل.‏
‏ و إذا كان هذا حال المرأة في الوسط الحضري، فأيّ وضع تعيشه المرأة الكادحة في الرّيف التـونسي ؟
أوضاع المــــــرأة الرّيـــــفيّة
‏ تمثّل المرأة الرّيفيّة في تـونس أكثر من 35% من مجموع عدد النساء في القطر. لا تعرف هذه النسبة من ‏النساء تاريخ 8 مارس اليوم العالمي للمرأة ولا تسمع بتاريخ 15 أكتوبر المعروف باليوم العالمي للمرأة ‏الريفيّة، كما أنّهنّ لا يعلمن بوجود جمعيّات نسائيّة على غرار اتّحاد المرأة التونسيّة أو جمعيّة النساء ‏الدّيمقراطيّات ولا غيرها من الجمعيّات التي بدأت تنتشر منذ انتفاضة 17 ديسمبر 2010، غير أنّ ‏مشاركتهنّ في هذه الجمعيّات لا زالت شبه منعدمة، كما أنّ حضورهنّ في النقابات غائب تماما لأنّ لا ‏وجود للنقابات أصلا في الأوساط الرّيفيّة.‏
‏ في الرّيف التّونسي، الإناث هنّ أقلّ حظّا من الذّكور في الالتحاق بالمدرسة رغم إجباريّة التعليم، وهنّ ‏أقلّ حظّا في مواصلة تعليمهنّ حتّى وإنّ كُنّ أكثر حظّا منهم في الذّكاء والتحصيل العلمي.‏
‏ في الرّيف التّونسي، 99% من النّساء عاملات وهنّ يعملن في القطاع الفلاحي. ومع أنّه حين تتثبّت في ‏بطاقات الهويّة تجد لهنّ مهنة واحدة وهي شؤون المنزل، فإنّ الواقع اليومي للمرأة يثبت لك عكس ذلك. ‏فالمرأة الرّيفيّة تقضّي أغلب وقتها خارج المنزل سواءً كانت تعمل في حقل زوجها واسطبل حيواناته وهذا ‏شغل بدون مقابل طبعا أو في ضيعة "السيّد" الملاّك الكبير. تستيقظ هذه المرأة منذ الدّقائق الأولى للفجر ‏ليتواصل اغترابها عن المنزل إلى حدود غروب الشّمس أو ما بعده. وعلاوة على هذا الشغل الذي يستغرق ‏أغلب وقتها فإنّها لا تهمل شؤون المنزل من إعداد الوجبات الغذائيّة والغسيل والاهتمام بالأطفال ...إلخ، ‏لذلك فهي أوّل من يستفيق وآخر من ينام وهي الطبّاخ الوحيد ولكنّها آخر من يأكل.‏
تتعرّض المرأة الرّيفيّة التي تساهم بقسط كبير في تأمين غذاء العائلة وبقسط أكبر في تأمين الأمن ‏الغذائي الوطني لشتّى صنوف الاستغلال والاضطهاد في مجتمع لا يرى فيها إلاّ آلة للإنجاب والانتاج وتوفير ‏الحاجيات البيولوجيّة وذلك انطلاقا من سيطرة الجنس الذكوري الذي رسّخته قرون من سيادة المجتمع ‏الباتريركي. وفي مركز عملها تقوم المرأة بأداء أشقّ المهّام و"أوضعها" ويتمّ استغلالها في تأدية مهامّ أخرى حتّى ‏خارج الحقل فتُرسل مثلا إلى بيت "السيّد" لتنظيفه وترتيبه أو إعداد الطعام لأسرته وغيرها من المهامّ. ‏وتحصل المرأة على أجر أقلّ من أجر الرجل الذي يشتغل معها في نفس الحقل ويقوم بأعمال أقلّ شقاءً ‏منها. ‏
أسئلة لا بدّ منها:‏
بعد هذا الجرد السّريع لبعض الأرقام والمؤشّرات والمعطيات الخاصّة بأوضاع المرأة في تونس، كان لا بدّ ‏من طرح بعض الأسئلة التي تبدو ضروريّة في علاقة بما قدّمنا وبما ترنو إليه النّساء وأنصارهنّ من تحقيق ‏شعارات المساواة بين الجنسين. هل حدث وهل سيحدث أيّ تغيير في وضع المرأة بمجرّد كتابة فصل في ‏الدّستور يقرّ بـ"المساواة بين الرّجل والمرأة" حتّى وإن كانت هذه المساواة تامّة ؟ هل أن وضع المرأة سيتغيّر ‏فعلا إذا أصبحت تقوم بنفس عدد ساعات العمل مثل الرّجل وتحصل على نفس الأجر مثل الرّجل وتحظى ‏بنفس الحظوظ في التّرقيات ؟ هل ستتحرّر المرأة بالفعل بمجرّد إقرار هذه الحقوق وحتّى لو تمّ تطبيقها ؟ ‏قد لا تكون الإجابة صعبة، ولكن طريق حلّ هذه الوضعيّات صعب بما انّ حريّة المرأة لا يمكنها أن تتحقّق ‏في مجتمع غير حرّ وحريّة المجتمع لا يمكنها أن تتحقّق دون تحرير طاقات المرأة فيه.‏
طريق الثّــورة، مـــارس 2013‏
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
الكادحات في الريف التونسي والمعاناة المتواصلة
‏"وحدهم الفقراء يستيقظون مبكرين حتى لا يسبقهم إلى العذاب أحد"‏
يتجمّعن في الصباح الباكر وهنّ يرتدين ثيابا رثّة وينتعلن أحذية مهترئة وبأيديهنّ وسائل عمـــل بدائيّة ‏‏(مسحاة أو منجل...) ويحملن معهنّ قفافا أغلبها من البلاستيك يضعن فيها في الغالب كسرة من الخبز ‏اليابس مع بعض الزيتون وقارورة من الماء في انتظار من سيتكرّم عليهنّ ويشتري منهنّ قوّة عملهنّ لتوفير ‏بعض النقود التي لا تفي بأبسط ضروريّات الحياة.‏
‏ يتجمعّن كلّ صباح في انتظار من سيتولّى شحنهنّ في الصناديق الخلفيّة للشّاحنات كما تشحن الخرفان ‏لإيصالهنّ لأماكن عملهنّ المتغيّرة باستمرار فهنّ ينتقلن من فلاّح لآخر ولكلّ من هو في حاجة لليد العاملة ‏لجني محاصيله الفلاحيّة خاصّة محاصيل الزراعات السقويّة والزيتون واللوز وغيره ...‏
يتجمّعن كل صباح بعد الانتهاء من أعمالهنّ المنزليّة من تنظيف وترتيب البيت وإعداد فطور الصباح ‏لأفراد عائلاتهنّ وكذلك وجبات الغداء وغيرها من الأعمال المضنية، فعملهنّ داخل البيت وخارجه غالبا ما ‏يبتدئ في حدود الرابعة صباحا لينتهي مع العاشرة أو الحادية عشر ليلا. ويخصّص كامل هذا الوقت ‏للأعمال المنزليّة ومتطلبات الأسرة، إلى جانب ثماني ساعات من العمل المضني في مزارع الفلاّحيـن إضافـة ‏للوقت الذي يستغرق في الوصول إلى أماكـن العمـل والرجـوع إلى محلاتـهنّ السكنيّـة.‏
إنّهنّ الكادحات في الرّيف التونسي اللاّتي يتعرّضن إلى استغلال مزدوج داخل أسرهنّ وفي أماكن عملهنّ ‏وطريقة نقلهنّ. لقد اضطرتهنّ ظروف العيش القاسية والفقر والخصاصة والبطالة التي طالت أزواجهنّ ‏وأبناءهنّ إلى العمل في مثل هذه الظروف البائسة لتوفير ما يمكن توفيره لأسرهنّ من ضروريّات الحياة ‏ولتمكين أبنائهنّ وبناتهنّ من مواصلة تعليمهـم في انتظار تخرّجهــم وحصــولهم على عمل من شأنه أن ‏يريحهنّ في يوم ما من هذه المعاناة. إنهنّ يحلمن بغد أفضل يتمتعّن فيه بقدر من الراحة ويقضين فيه أغلب ‏أوقاتهنّ بين أبنائهنّ وبناتهنّ وأزواجهنّ ويتغذّين بأطعمة ساخنة ويشعرن بلذّة الحياة. إنّهنّ يعملن في مزارع ‏الفلاّحين الكبار والمتوسّطين لمدّة ثماني ساعات متواصلة تتخلّلها نصف ساعة يقضينها في تناول وجبة ‏الغداء التي غالبا ما تكون بسيطة ولا تتناسب مع المجهود العضلي الذي تبذلنه في العمل سواء في البرد ‏القارص أو تحت أشعّة الشّمس المحرقة خاصّة داخل البيوت المكيّفة التي ترتفع فيها درجات الحرارة ‏فتقلّص فيها التهوئة فيؤثّر بذلك نقص الأكسيجين داخلها على صحّة العاملات إذ يصبن جرّاء ذلك بأوجاع ‏متواصلة في الرأس سرعان ما تؤثّر سلبا على البعض منهنّ فيصبحن غير قادرات على مواصلة العمل. إنّهنّ ‏يعملن في هذه الظروف البائسة مقابل أجرة يوميّة كانت في السابق خمس دينارات لتصبح الآن سبع ‏دينارات بينما يتقاضي صاحب الشاحنة الذي يتولّى بيع قوّة عملهنّ دينارين عن كلّ عاملة.‏
إنّهنّ يعملن دون تغطيّة اجتماعية ولا راحة أسبوعية ولا سنويّة خالصة الأجر ولا عطلة مرضيّة ومن ‏تتغبّ منهنّ دون ترخيص من صاحب الشّاحنة الذي هو في الواقع المشغّل الحقيقي أو السمسار يتمّ ‏الاستغناء عن خدماتها بصفة نهائيّة. فصاحب الشاحنة هو الذي يتولّى نقلهنّ لكلّ من هو في حاجة لليد ‏العاملة من الفلاّحين ويتولّى تكديسهنّ بمعدّل 40 عاملة في الصندوق الخلفي لشاحنته ويمضي بهنّ في ‏اتّجاه المزارع عبر المسالك الفلاحيّة والطرقات الرديئة وبسرعة جنونيّة ودون توفير أدنى ظروف السّلامة ‏لهنّ إذ لا يهمّه في الأمر سوى ما يحصل عليه يوميّا من مبالغ ماليّة متأتّية من مجهودهنّ وعرقهنّ. إنّه ‏يحملهنّ في الصندوق الخلفي لشّاحنته رغم أنّ القانون يمنعه فشركات التأمين لا تؤمّن الركاب بالصناديق ‏الخلفيّة للشاحنات لخطورتها. غير أن هؤلاء السّماسرة أي سماسرة اليد العاملة، غالبا ما يتمّ غضّ النظر ‏عنهم من قبل أعوان حرس المرور وشرطة المرور ممّا شجّعهم على ارتكاب المزيد من التجاوزات كانت ‏نتائجها كارثيّة في العديد من الأحيان. لقد كان العديد منهنّ ضحايا لحوادث مرور مريعة أدّت إلى وفاة ‏البعض منهنّ مثل الحادث الذي جدّ أخيرا في جندوبة وتوفّيت فيه المدعوّة المنسيّة الكحيلي مخلّفة 05 ‏أطفال بينما تضرّرت فيه العديد من العاملات واللاتي بحكم جهلهنّ للقوانين وطيبتهنّ المفرطة وخوفهنّ ‏من فقدان عملهنّ يتولين إسقاط حقوقهنّ في المطالبة بتعويض ما لحقهنّ من أضرار ممّا يساعد هؤلاء ‏السّماسرة على الاستمرار في ارتكاب جرائمهم واستخفافهم بحياة الكادحات.‏
لقد فقد العديد منهنّ العمل مثلما فقدن حقّهنّ في المطالبة بالتعويضات لأنّ أغلب الإصابات التي ‏يتعرضن لها نتيجة هذه الحوادث تطال الرأس. ورغم أن العوارض تبدو في بداياتها خفيفة إلاّ أنّها سرعان ‏ما تتفاقم بمرور الزمن فتتعكر حالة المصابة وتصبح غير قادرة على ممارسة أيّ نشاط عضلي وتفقد جرّاء ‏هذا الاستغلال الوحشي الذي تعرّضت له عملها وصحّتها.‏
إنّ الاستغلال المفرط الذي تتعرض له الكادحات في الرّيف يزداد حدّة بازدياد البؤس والفقر والتهميش ‏نتيجة لتأزّم الوضع الاقتصادي المتّسم بالارتفاع الحاد للأسعار وتدهــور المقدرة الشرائيّـة والوضـع ‏الاجتماعي المتسم بتفاقم البطالة وكثرة سّماسرة اليد العاملة وظهور المناولة في شكل جديد يتميّز ‏بالاستغلال المفرط للعمّال والعاملات.‏
إنّ المطروح على جدول أعمال الثوريين اليوم هو إيلاء الأهميّة اللازمة للريف والسعي إلى ربط الصلة ‏بهذه الفئة المهمشّة من العاملات في القطاع الفلاحي والسعي لتنظيم صفوفهنّ داخل هيكل نقابي للدّفاع ‏عن حقوقهنّ المغتصبة حتّى يتمكنّ من التمتّع بكلّ الحقوق التي اكتسبها العمّال عبر نضالاتهم مثل نظام ‏التأجير الشّهري والحق في العطلة الأسبوعية والراحة السنويّة خالصة الأجر والتغطية الاجتماعية ومنح ‏التنقل ولباس الشغل وغيرها من الحقوق ومساعدتهن بذلك على الالتحاق بساحات النضال حتى يكتسبن ‏التجربة الكافية ويمكن لهنّ المساهمة الفعّالة في المعارك القادمة التي تقتضيها المرحلة .‏
طريق الثّـــورة، جويـــلية 2013‏
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
اليميــن الدّيـــــــني و المـــــــــــــــــــــــــــــــــرأة ‏
‏ تعتبر قضيّة المرأة من المسائل الجوهريّة المرتبطة بالثورة الوطنيّة الديمقراطيّة لأن مهمّة تحرير المرأة ‏تعد جزءا لا يتجزّأ من مهام هذه الثورة في طابعها الديمقراطي المتصل بالقضاء على الإقطاع وتحرير ‏الفلاّحين. فالنضال ضدّ طبقة الإقطاع بوصفها الطبقة المحافظة على نمط الإنتاج الأكثر تخلّفا يرتبط ‏بالأساس بجوهر المسألة الديمقراطيّة التي من مهامّها تحرير الفلاحين من سيطرة الإقطاع وكذلك المرأة ‏التي تتعرض إلى استغلال مزدوج واضطهاد مضاعف، فإلى جانب تعرضها للاضطهاد الإمبريالي تخضع أيضا ‏إلى الاضطهاد الإقطاعي المقترن بالعديد من التشريعات المتصلة بها‎ .‎
‏ وضمن هذا الإطار يتنزّل دور الثوريّين في إيلاء مسألة الدفاع عن حقوق المرأة المشروعة منها والمكتسبة ‏أهميّة كبرى خاصّة في ظلّ الهجمة الشّرسة التي يقودها حاليّا اليمين الديني في الوطن العربي والذي وفّرت ‏له الإمبرياليّة العالميّة والأنظمة العربيّة الرجعيّة إمكانيّات مالية هائلة ومنابر وقنوات إعلاميّة متعدّدة ، ‏إضافة لتوفير الظروف الملائمة له للاستيلاء على السّلطة السياسيّة في عدّة أقطار عربيّة لبثّ سمومه ‏والدعوة إلى التراجع عن بعض المكاسب التي حقّقتها المرأة عبر نضالها المرير جنبا إلى جنب مع الرّجل ، من ‏ذلك حقّها الطبيعي في احتيار الشريك والزواج المدني وطلب الطلاق ، حقّها في المساواة مع الرجل وفي ‏التعليم والعمل والمشاركة في الحياة العامة وحقّ التّرشح للمناصب الحكوميّة والتصويت ورفض مبدأ تعدّد ‏الزوجات وغيره‎...‎
‏ إنّ هدف اليمين الديني من خلال هذه الهجمة الشرسة هو إرجاع المرأة قسرا إلى سجنها السابق ‏باعتبارها عورة يجب إخفاؤها عن الأنظار وذلك بإلزامها بالبقاء في البيت وعدم التواصل مع المجتمع مع ‏حرمانها من التمتّع بأبسط متطلّبات حياتها العاديّة، إذ وصل الأمر ببعض الدعاة إلى تحريم استعمالها ‏للتلفزة والكمبيوتر، كما ذهب البعض الآخر إلى تحريم سياقتها للسيّارة‎ .‎
‏ لقد تعامل اليمين الديني مع المرأة كجسد فقط، جسد تنبعث منه رائحة الغواية ففرض عليها تغطيته ‏بالكامل مع إجبارها على حفظه داخل أسوار البيت لتتجنب السقوط في المحظور، فحواء وهي المرأة ‏ارتكبت خطيئة تسببت بواسطها في نزول آدم إلى الأرض وكانت وسيلتها في ذلك هي الغواية، والمرأة أيضا ‏كانت سببا في الصراع الدموي الذي جدّ بين هابيل وقابيل من أجل الاستئثار بها. على هذا الأساس اعتبر ‏الإسلاميون كل امرأة حوّاء، حواء رمز الغواية والفتنة لأن المرأة حسب تقديرهم هي مصدر اغراء الرجل ‏لذلك يجب إبعادها عن طريقه حتّى لا تدفعه الى الخطيئة، والحل بالنسبة لهم يكمن في فصلهما عن ‏بعضهما البعض تكريسا لمقولة "إذا اجتمع رجل وامرأة كان الشيطان ثالثهما" والشيطان هنا هو المحرّض ‏على الخطيئة‎ ‎‏.‏
‏ لقد سعى اليمين الديني إلى تطبيق هذه القاعدة بالقوّة عندما حاولوا التفريق بين الطلبة والطالبات ‏بالمطعم الجامعي بالمنستير غير أنّ مخططهم باء بالفشل نتيجة للتصدي الحازم لعموم الطلبة لهذا ‏المشروع المتخلّف، كما وصل الأمر بإحدى نائبات حركة النهضة بالمجلس التأسيسي المطالبة بتخصيص ‏وسائل نقل للرجال وأخرى للنساء.‏
‏ أمّا نظرتهم الدونيّة للمرأة فتنطلق من أرضيّة مفادها أنّ "المرأة ناقصة عقلا ودينا" وبالتالي تعتبر قاصرا ‏لا يمكن لها أن تتساوى مع الرجل ولا يمكن لها أن تتصرّف باستقلاليّة عنه فهي في حاجة ماسّة إلى من ‏يرافقها لمراقبتها والحفاظ عليها. إنها ذات بشريّة غير مكتملة النضج الأمر الذي دفع بحركة النهضة إلى ‏محاولة تمرير فصل في الدستور المرتقب ينص على أنّ المرأة مكمّل للرجل. كما أنكر عليها البعض الآخر ‏حقّها في السفر والتنقّل بكلّ حريّة بينما أنكر آخرون حقّها في العمل وغيره من الحقوق المشروعة الأخرى‎ .‎
‏ إنّ اليمين الديني لا ينظر إلى المرأة الا من الجانب الجنسي، إذ ارتفعت العديد من الاصوات المنادية ‏بحقّ الزواج بأربع نساء وعدم حرمان الرجال من ممارسة حقّهم "الشّرعي" مع التحريض على رفض الزواج ‏المدني والتشجيع على الزواج العرفي والزواج الشرعي الذي يخوّل لهم إمكانيّة الاقتران بأكثر من واحدة مع ‏المطالبة بحرمان المرأة من حقّها في الطلاق وقد حاول بعضهم ترهيب بعض النسوة اللاتي تقدّمن بقضايا ‏في الغرض‎.‎
‏ لقد ركّز الإسلاميّون في تناولهم لقضيّة المرأة بالأساس على الجانب الجنسي سعيا منهم لتجريدها من ‏مصادر قوّتها وتطويعها لإرادتهم حتّى تكون جاهزة لإشباع رغباتهم الجنسيّة، غير أنّ المرأة بنضالها اليومي ‏إلى جانب الرجل تتصدّى لهذه القوى الرجعيّة دفاعا عن حقوقها الطبيعيّة وهي تعلم أنّ تحرّرها الحقيقي ‏لن يتمّ إلاّ بتحطيم كل القيود التي تكبّل المجتمع بأسره، ولن يتمّ تحطيم هذه القيود إلاّ بتحرر العمال ‏والفلاحين وكل الكادحين من الاضطهاد والاستغلال الذي تفرضــه الرجعيّــة الحاكمــة. ‏
طريق الثّـــورة، مـــارس 2013‏
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
التّكفيريّــــــــــــون و المـــــــــــــــرأة
‏ في الوقت الذي تحيي فيه المرأة العاملة في جميع أنحاء العالم عيدها الموافق للثامن من شهر مارس من ‏كل سنة تخليدا لنضالات عاملات النسيج في الولايات المتحدة الأمريكية اللواتي رسمن بمظاهراتهن ‏واحتجاجاتهن التي اندلعت في 08 مارس 1856 وجابت شوارع نيويورك احتجاجا منهنّ على ظروف عملهنّ ‏القاسية ورفضا منهنّ للاستغلال الذي يتعرضن له يوميا سواء في العمل أو البيت مطالبات بتخفيض ‏ساعات العمل إلى 08 عوضا عن 12 ساعة يوميّا مع المساواة في الأجر أفقا جديدا للمرأة العاملة بصفة ‏خاصة.‏
‎ ‎‏ وفي الوقت الذي تحتفل فيه الكادحات في العالم بما حققته الحركة النسويّة عبر نضالاتها المستمرّة ‏من مكاسب جعلت من المرأة عنصرا أساسيا في المجتمع تتمتع مثلها مثل الرجل بالعديد من الحقوق مثل ‏الحق في التعليم والعمل والانتخاب والترشح للوظائف العليا، إلى جانب الحق في الطلاق وفي اختيار شريك ‏الحياة وغيرها من الحقوق.‏
‏ وفي الوقت الذي تسعى فيه المرأة المناضلة من خلال إحيائها لهذا اليوم، لتعزيز مكاسبها والعمل على ‏افتكاك المزيد من حقوقها خاصة السياسية منها والمساهمة في تحرير أرضها من الهيمنة الاستعمارية، يشنّ ‏اليمين الديني المتطرّف هجوما شرسا على المرأة بصفة عامّة لتجريدها من كلّ ما اكتسبته عبر نضالاتها ‏المتواصلة من حقوق سعيا منه لإرجاعها إلى البيت وسجنها داخل جدران مظلمة وانتزاع إنسانيتها والسطو ‏على إرادتها حتى تصبح طوع بنانه.‏
‏ إنّ أهميّة هذا الاحتفال بهذا اليوم العالمي للمرأة تكمن في دفع المدّ التضامني بين نساء العالم ليقفن ‏إلى جانب بعضهنّ البعض ويساهمن إلى جانب الرجل في التخفيف من معاناة آلاف النساء اللواتي يتعرضن ‏اليوم إلى أبشع صنوف الاستغلال خاصة في المناطق التي تسيطر عليها ما يسمّى بـ"الدولة الإسلاميّة في ‏الشام والعراق" والتي تعرف بداعش، فكيف تنظر هذه المنظمة اليمينيّة المتطرفة والإرهابيّة للمرأة وكيف ‏يتم التعامل معها ؟
‏ تعتبر الجماعات التكفيرية بصفة عامة المرأة عورة يجب إخفاؤها وحجبها عن الأنظار عبر ذلك اللباس ‏الأسود الذي يغطي كامل جسدها مع إلزامها بالبقاء في البيت وعدم مغادرته وإن اضطرت للمغادرة فيجب ‏عليها أن تكون في حضرة "محرم" وهو بمثابة الحارس وبالتالي تتم مصادرة حقها في حريّة التنقل أو السفر. ‏ولمزيد ترسيخ قوانينها الزجريّة أصدرت داعش ما سمّي بـ"دليل المرأة المسلمة في ظلّ تنظيم الدولة ‏الإسلاميّة" جاء فيه بالأساس ما يلي :‏
‏- إنّه لأمر شرعي أن تزوّج البنت في سنّ التاسعة .‏
‏- معظم الفتيات الطاهرات يتزوجن عند بلوغ سن 16- 17 . ويجب على الفتاة بدءا من هذه السنّ أن ‏تبقى مختفية عن الأنظار وأن تساند الخلافة من خلف الأبواب وبعد الزواج على المرأة أن تبقى محجوبة ‏ومحجبة وأن تحافظ على المجتمع من وراء حجابها.‏
‏- يجب على الفتيات أن لا يتخلفن عن التعليم، بل يجب أن يتعلمن خاصة كل ما يتصل بجميع جوانب ‏الدين الإسلامي لكن فيما بين السابعة والخامسة عشر.‏
‏ ويرتكز هذا التعليم على اللغة العربية فقط باعتبارها لغة القرآن مع تعلّـم قواعد الطهي الأساسية ‏والخياطة وبعض المهارات الأخرى قصد إعدادها كما يجب للقيام بدورها المحوري داخل الأسرة. ولا يمكن ‏للمرأة أن تنتقل هنا وهناك لتحصيل شهادات علمية محاولة منها أن تكون أكثر ذكاء من الرجل لضمان ‏تفوّق الرجل عليها في كل الميادين.‏
‏- دور النّـساء الرئيسي هو أن يبقين في البيوت ولا يقاتلن، ولكن يساندن المقاتلين من الرجال في البيوت ‏ومن ذلك حمل الأولاد وتربيتهنّ.‏
‏- تمنع منعا باتا عمليات التجميل وكذلك الثقوب في الجسم ووضع بعض الأشياء المتدليّة في الأذنين، ‏كما يمنع حلق الشعر، أما متاجر الأزياء وصالونات التجميل فهي من عمل إبليس.‏
‏ كما تمّ أيضا إجبار آلاف النساء على الختان ممّا عرضنهنّ إلى تشوهات في أعضائهنّ التناسليّة.‏
‏ و لتطبيق هذه الأوامر، يقوم قسم خاص داخل هذا التنظيم باستقطاب النساء وتدريبهنّ وتأهيلهنّ حتّى ‏يصبحن زوجات أو يكنّ مؤهّلات لمعاشرة المقاتلين ويكنّ في الوقت نفسه قادرات على كتم الأسرار حتّى لا ‏يكنّ فريسة أو مدخلا لتجنيد البعض منهنّ من طرف قوى الأمن والمخابرات. إلى جانب اعتبارها عورة، ‏ينظر التكفيريون للمرأة نظرة مهينة إذ ليس لها الحق في أن تكون في المواقع التنظيمية ولا يمكن لها أن ‏تكون صاحبة قرار داخل هياكلهم التنظيميّة باعتبارها مجرد أداة للمتعة الجنسية ويقتصر دورها في إنجاز ‏أعمال مساعدة لقيادات التنظيم الذي يعتمد في ذلك على بعض الفتاوى الداخليّة الشاذّة في أغلبها لأنهم ‏يفتون لبعضهم البعض بدعوى أنّ الفتوى تتحدّد زمانا ومكانا وشخصا وأنّهم يعيشون لحظات استثنائيّة ‏تبيح لهم فعل كلّ شيء. فالمرأة لديهم يتم استخدامها في تفريغ الطاقة الجنسية للمقاتلين محاولين صبغ ‏هذه العلاقة بألوان "شرعيّة" من خلال هذه الفتاوى. وبذلك تصبح المرأة لدى هذه الجماعات أقلّ ‏المخلوقات وأحقرها ويتمّ توظيفها بما يخدم أفكارهم وأهدافهم، فهي لا تعدو أن تكون سوى جسد يطأه ‏الرجال أو "المجاهدين" متى شاءوا.‏
‏ إنّ الهدف من تجريد المرأة من حقوقها هو استعبادها جنسيا، فالجنس يحتلّ حيّزا كبيرا من اهتمامات ‏الجماعات التكفيريّة بسبب الحالة النفسيّة التي يعيشونها والحصار الذي يحيط بهم وانشغالهم يوميا ‏بالقتل والتدمير وارتكاب أبشع الجرائم، وهو ما يجعل من الجنس وسيلتهم الوحيدة للترفيه. وعلى هذا ‏الأساس، تقوم هذه الجماعات بتسهيل العلاقات الجنسيّة في مواقع الحرب حتى يستطيع المقاتلون ‏مواصلة مهامهم من خلال عقود زواج يحررها الأمير بنفسه مع إقناع النساء بأنّهنّ يقمن بمهمة حور العين ‏في الجنة الموعودة وأنّهنّ سيتمّ اختيارهنّ مستقبلا لهذه المهمة المقدّسة المتمثلة في استقبال زوار الجنة ‏وتلبية رغباتهم وهي فكرة جهنّميّة ابتكرها التكفيريون لإقناع الفتيات على إقامة علاقات جنسيّة مع رجال ‏أغراب بدعوى نصرة الإسلام وإقامة الجهاد "جهاد النكاح" في سبيل الله وبالتالي إجبار الفتيات والنساء إمّا ‏على الزنا المقنّع أو البغاء العلني.‏
‏ ولهذا الغرض يتولّى مركز الخدمات الملحق بكل تنظيم تكفيري توفير النساء والفتيات لعناصره خاصة ‏من السبايا وفي صورة عدم توفر العدد الكافي يتمّ اللجوء إلى ما يسمّى لديهم بالوطء الجماعي بمعنى تداول ‏عدّة رجال على ممارسة الجنس مع امرأة واحدة وتتحايل هذه التنظيمات على المرأة التي تجبر على المرور ‏على أكثر من مقاتل بالعقد عليها شفاهيّا لمدّة زمنية محددة بساعة أو ساعتين والتطليق بمجرّد انتهاء تلك ‏العلاقة الجنسيّة لتتفرغ لعلاقة أخرى وهكذا دواليك، وهنا يتغاضى التكفيريون عن فكرة "براءة الرحم" ‏والعدّة من خلال فتاوى "شرعيّة" تبيح لهم ذلك. وفي هذا الإطار أيضا يتمّ إقناع الفتيات أنّ مهمتهنّ (تلبية ‏الرغبات الجنسيّة للمقاتلين) لا تقلّ أهميّة بحال من الأحوال عن مهمّة المقاتل وأنّها مهمّة مقدّسة فربما ‏تكون العلاقة الجنسيّة آخر ما يفعله "المجاهد" قبل "استشهاده" وهذه العلاقة تروّح عن نفسه وتدفعه ‏إلى المزيد من البذل والعطاء في صفوف المقاتلين وبالتالي فهي وسيلة لنتيجة أهمّ وهي ثبات "المجاهد" على ‏جهاده وتقوية عزيمته. ‏
‏ تستعمل المرأة إذن كطعم لاستقطاب العناصر الشاذة والتي تعاني من الكبت الجنسي أو التي فشلت في ‏إقامة علاقات عاطفية في حياتها اليومية أو المتعطشة لممارسة الجنس، فصفوف التكفيريين ضمّت العديد ‏من نزلاء السجون في الأقطار الراعية للإرهاب خاصة دول الخليج العربي وكذلك أصحاب السوابق وذوي ‏السجلات الإجراميّة وبالأخص المحكوم عليهم بالإعدام، فالعربية السعوديّة مثلا تخلصت من المساجين ‏الخطرين والمحكوم عليهم بالإعدام عبر إرسالهم إلى سوريا "للجهاد"، كما يعتبر الجنس الذي يتوفر لهم في ‏فترات معيّنة بمثابة الدافع الرئيسي لإقدامهم على الموت بغية ملاقاة حور العين اللواتي سيضمن لهم ‏استمرارية التمتع به تصديقا منهم لبعض الأكاذيب التي يبثها بعض التكفيريين من "أنّ كل رجل له زوجة ‏سيجدها في الجنة في انتظاره صحبة 70 حورية وكل حورية مصحوبة بـ 70 جارية وكلهم ملك يمينه وأن ‏مدّة العلاقة الجنسية الواحدة تدوم 70 سنة". فالجنس إذن هو الغاية المنشودة لهؤلاء التكفيريين وأحد ‏الدوافع لانضمامهم لهذه المجموعات الإرهابية.‏
‏ لقد استغلت داعش مثلا الجنس لاجتذاب المقاتلين الذين ينحدرون في الغالب من بيئة اجتماعية مكبوتة ‏جنسيا ومهمشة اقتصاديا فأعدّت لهم عدّة بيوت واستراحات في سوريّة والعراق وضعت فيها النساء ‏اللواتي لا يتمّ بيعهنّ ليتعرضن فيها للاغتصاب المتكرر والجماعي من طرف المقاتلين العائدين من ميدان ‏المعركة.‏
‏ لقد مثل الإغواء بتوفير الجنس وإتاحته للجميع ذكورا وإناثا الاستراتيجية الناجحة لتجنيد الشباب ‏الذي يعيش ظروفا اقتصادية صعبة لا تمكّنه من بناء أسرة توفر له الاستقرار الجنسي والنفسي. والسؤال ‏الذي يطرح نفسه هنا، كيف لمجموعات تكفيرية تعامل المرأة المناصرة لها بمثل هذه المعاملة أن تتصرف مع ‏النساء المعاديات لأفكارها وتوجهاتها ؟
‏ إن الجواب عن هذا السؤال يجرنا إلى البحث في وضعية ما يعرف لدى هؤلاء بالسبايا أو بأسرى الحرب ‏خاصة الإيزيديات منهن .‏
‏ لقد اعتبرت داعش أنّ فقه الجهاد يبيح العنف الجنسي في أوقات الحرب حيث اعتبرت النساء جزءا ‏من غنائم الحرب وأصبح اغتصابهن واستعبادهنّ وسيلة معتمدة لإذلال العدو وهزيمته نفسيا.‏
‏ وقد سعت هذه المنظمة الإرهابية التكفيريّة لإحياء هذه الممارسة التي تتعارض مع أبسط حقوق ‏الإنسان بدعوى أنّ استعبادها الواسع "للمشركين" هو إحياء لأحكام الشريعة الإسلاميّة بعد أن تمّ ‏التخلي عن تطبيقها من طرف المسلمين لمدّة طويلة، زاعمة بأنّ التوقّف عن الاستعباد هو أحد أسباب ‏انتشار الفاحشة والفتن بين شباب المسلمين. وضمن هذا السياق اعتبرت فتاوى داعش أنّ الطائفة ‏الإيزيدية بصفتها طائفة "تعبد الشيطان" ومشركة يطبّق عليها ما يطبّق على المشركين، ففي الوقت الذي ‏يتمتّع فيه الأسرى ذوي الديانة المسيحيّة واليهوديّة بفرصة دفع الجزية أو الدخول في الإسلام، لا تمنح هذه ‏الفرصة للإيزيديات ويتمّ معاملتهن كالرقيق فور وقوعهنّ في الأسر أو اختطافهنّ وتقسم النساء والأطفال ‏والبنات وفقا للشريعة الإسلاميّة بين المقاتلين الذين شاركوا في عمليات الخطف أو السبي على أن يتمّ ‏إرسال الخمس (1/5) منهنّ لسلطات الدولة الإسلاميّة. وإمعانا منها في هذا التمشي، نشرت داعش على ‏موقعها على الأنترنات دليلا يضمّ 32 سؤالا وجوابا حول كيفيّة معاملة السبايا أطلق عليه "دليل نكاح ‏السبايا" سمح من خلاله باغتصاب الأسيرات مع إمكانيّة مضاجعة البكر منهن مباشرة بعد تملكها وإن لم ‏تكن بكرا فينبغي الانتظار للتأكّد من كونها غير حامل وحتّى وإن كانت حاملا يتمّ إجبارها على الإجهاض ‏بتدخل جراحي من أطباء منتمين لها، كما يبيح هذا الدليل للرجال ممارسة الجنس مع السبايا اللواتي لم ‏يبلغن بعد (الفتيات الصغيرات) إذا كنّ صالحات للجماع وفي حال لم يكنّ صالحات يتمّ الاستمتاع بهنّ ‏بطرق أخرى. ‏
‏ وتكريسا للعبوديّة، ضبطت داعش أسعار السبايا وفق أعمارهن في خطوة لا يمكن وصفها إلاّ بأنّها أبشع ‏وصمة عار على جبين البشرية في القرن الواحد والعشرين. وجاءت عملية الضبط في مرسوم أصدره بتاريخ ‏‏21 ذي الحجة 1435 هجري تضمن ما يلي :"وردنا أنّ سوق بيع النساء والغنائم قد شهد انخفاضا وهو ما ‏يؤثّر على إيرادات الدولة الإسلاميّة وتمويل عمولات المهاجرين فيها، ولذلك ارتأت هيئة بيت المال وضع ‏الضوابط والأسعار بخصوص بيع النساء والغنائم ويلزم جميع المزاولين لهذا العمل بالالتزام بها وبخلافه ‏سيتمّ إعدام كل مخالف" . وقد حدّد هذا المرسوم الأسعار كالآتي :‏
‏- الأطفال ما بين 1 و9 سنوات : 200 ألف دينار عراقي .‏
‏- المراهقات ما بين 10 و19 سنة : 150 ألف دينار عراقي .‏
‏- الفتيات والنساء ما بين 20 و29 سنة : 100 ألف دينار عراقي .‏
‏- النساء ما بين 30 و 39 سنة : 75 ألف دينار عراقي .‏
‏- النساء ما بين 40 و50 سنة : 50 أل دينار عراقي .‏
‏ ولا يجوز لأيّ شخص شراء أكثر من 03 باستثناء الأجانب أي الأتراك والسوريين والخليجيين. لقد ‏أكدت منظمة الأمم المتحدة صحة قائمة أسعار بيع الإماء لدى داعش فمثلا سعر الأطفال ما بين 01 و09 ‏سنوات يصل 165 دولارا بينما الفتيات المراهقات أي أقل من 20 سنة تباع الواحدة ب124 دولارا، في حين ‏يصل سعر المرأة التي يفوق سنها الأربعون سنة 41 دولارا.‏
‏ ويمكن أن تباع الفتاة لأهلها بآلاف الدولارات، كما يمكن للمقاتلين إقامة مزاد علني فيما بينهم لبيع ما ‏اشتروه من نساء وفتيات لغرض المشاركة في المزاد القادم والتمتع بسبايا جدد يمكن أن يكنّ أجمل وأصغر ‏سنّا ممّا لديهم. ويتم بيع النساء بالمزاد العلني، وتستند المزايدة على التسلسل الهرمي داخل التنظيم إذ ‏يشارك فيه في البداية قادة التنظيم والمليشيات، ثم يأتي الأثرياء من المدنيين في المرتبة الثانية وبقيّة ‏المقاتلين في المرتبة الثالثة والأخيرة وبالأسعار المنصوص عليها في لائحة الرقيق وبالتالي يفوز القادة بأجمل ‏النساء وأصغرهنّ ثم يليهم أثرياء الجهة والبقية تترك للمقاتلين العاديين. ‏
‏ وضمن هذا السياق أصبح الاغتصاب الممنهج للنساء والفتيات سمة بارزة في سلوك التكفيريين خاصة ‏منذ أن أعلن ديوان البحوث والإفتاء في الدولة الإسلامية عن قراره إحياء العبوديّة كمؤسّسة في مرسومه ‏الصادر بتاريخ ديسمبر 2015 تحت عنوان " أفضل الممارسات الخاصة بمعاملة العبيد " الذي أكّد فيه أنّ ‏العبيد ينتمون إلى أملاك المقاتل الذي جلبهم، ثم يمكن بعد ذلك أن يهبهم لشخص آخر أو يورّثهم مثل أيّ ‏ممتلكات أخرى بعد موته. فوضع العبيد مسجل بعقود، وعندما يريد المالك البيع لمشتر آخر تتم كتابة عقد ‏جديد مثل صكّ التنازل عن الملكيّة، وفي الوقت نفسه يمكن تحرير العبيد ويوعد المقاتلون بمكافأة سماويّة ‏إذا فعلوا ذلك، والوثيقة المروسيّة أي شهادة عتق رقبة تكون موقّـعة من طرف قاض من المحافظة الغربية ‏للدولة الإسلامية ". كما أقرّ أيضا أنّ ممارسة الجنس مع النساء المسيحيات واليهوديات اللواتي يتمّ أسرهنّ ‏في المعركة مسموح أيضا. إنّ ممارسة التكفيريين للجنس مع الأسيرات لن يكون برغبة منهنّ بل بإجبارهنّ ‏على ذلك أي اغتصابهنّ بالقوّة، فهذا التنظيم التكفيري أي داعش أقنع منظوريه بتقديس عمليّة ‏الاغتصاب.‏
‏ ولمزيد إلقاء الضوء على ما يتعرضن له الأسيرات من تعذيب وإذلال نورد بعض الشهادات لفتيات اغتنمن ‏فرصة فرار بعض التكفيريين من عدّة أماكن كانوا يسيطرون عليها وخسروها نتيجة المعارك الدائرة وتمكنّ ‏من الهروب، إذ تروي إحدى الفتيات وعمرها 12 سنة مأساتها كما يلي ضمن شهادتها على الفظائع التي ‏تتعرض لها الأسيرات لدى الدولة الإسلاميّة :"في اللحظات التي تسبق عمليّة الاغتصاب أخذ المقاتل وقته ‏محاولا إقناعي أنّ ما كان على وشك القيام به ليس خطيئة ولأنّ الفتاة المراهقة تنتمي إلى دين آخر غير دين ‏الإسلام، فإنّ الإسلام لا يمنحه الحقّ في اغتصابها فحسب، بل إنّه يتغاضى عن ذلك ويغفره ويشجعه. ثمّ ‏أوثق يديها وكمّم فمها ثمّ ركع بجوار السرير وسجد وصلّى قبل أن يغتصبها وعندما أنهى الأمر ركع وصلّى ‏مرّة أخرى منهيا عمليّة الاغتصاب بعمل من أعمال الورع والتقوى" وتضيف المغتصبة: "كنت أقول له إنّ ‏ذلك مؤلم فيقول لي إنّه مسموح به، وأنّه باغتصابي يتقرّب إلى الله". كما تحدثت إحدى الإيزيديات عن ‏مأساة طفلة عمرها 12 سنة تمّ شراؤها صحبتها من سعودي قائلة :"لقد جرى اغتصابها على مدى أيام ‏على الرغم من معاناتها من نزيف حاد، لقد دمّر حياتها فقد كانت مصابة بشدّة وكان يسألني لماذا رائحتها ‏كريهة جدا فأجبته لديها عدوى والتهاب في الداخل، يجب أن تعتني بها غير أنّه لم يتأثر بذلك ولم يبالي ‏بمعاناة الصغيرة واستمرّ في صلواته الطقوسيّة قبل وبعد اغتصابها، فقلت له إنها مجرّد طفلة صغيرة فكان ‏يجيب لا إنّها ليست بنتا صغيرة، إنّها عبدة وهي تعرف بالضبط كيف تمارس الجنس وقال ممارسة الجنس ‏معها مرضاة لله".‏
‏ كما تذكر إحدى الفتيات التي تمكنت من الفرار من قبضة التكفيريين في شهادتها أيضا بأنّه تمّ اغتصابها ‏من أحد التكفيريين بعد شرائها بيومين وأنّه أطلعها على فحوى رسالة تقول بأنّ "كلّ امرأة يتمّ اختطافها ‏تصير مسلمة في حال قام عشرة جهاديين باغتصابها" مؤكّدة أنّ الذي اشتراها بادر بتقديمها لأحد عشر ‏جهاديا آخر تناوبوا على اغتصابها. فيما أفادت مراهقة إيزيدية عمرها 17 سنة أسرت صحبة شقيقتها ‏البالغة من العمر 10 سنوات ونقلتا من سنجار إلى الرقّة عاصمة تنظيم داعش أنّه تمّ فحصها هناك مع ‏عشرات النسوة والفتيات للتأكّد من عذريتهنّ ثم تمّ إدخالها مع العذارى الأخريات إلى غرفة يتواجد فيها 40 ‏رجلا ليختاروا منهنّ فيما يبدو مزادا من نوع خاصّ، وهناك اعتبرت أنّها ربّما تكون محظوظة لأنّها لم تكن ‏جميلة بقدر الأخريات لكن في ظرف 10 دقائق تمّ شراؤها هي وأختها الصغيرة وفتاتيْن أخريين من مقاتل ‏داعشي من أصل شيشاني. وتضيف أنّ هذا المقاتل كان يقوم يوميّا بتعريتهنّ وشمّهنّ ليقرّر أيّ واحدة منهنّ ‏سيقوم بممارسة الجنس معها، فيما يحصل الحرّاس على البقيّة. وتعتبر الفتاة التي يختارها المقاتل ‏الرئيسي محظوظة لكونها ستتعرض لضرب أقلّ، وتضيف أنّهم يجبرونهنّ على تلاوة أشياء من القرآن أثناء ‏ما يفعلونه بهنّ وإلا فإنّهن يتعرضن للجلد.‏
‏ كما تذكر أنّ الفتيات يقمن بإعداد الطعام والتنظيف وفعل أيّ شيء يطلبه المقاتلون منهن بالإضافة إلى ‏الرقص والغناء في بعض الأحيان، وأنّها من كثرة العذاب الذي تعرضت له، أرادت قتل نفسها إذ لم يكن ‏لديها أيّ أمل في المقاومة لأنّ المرّة الوحيدة التي حاولت فيها المقاومة، قام أحد الحرّاس بسكب الماء المغلّى ‏على فخذيها. إيزيديّة أخرى تذكر أنّ النساء يتمّ تجميعهنّ في غرف ويتمّ اغتصابهنّ من قبل جماعات ‏مختلفة ثلاث مرّات في اليوم وأنّه كان بينهنّ طفلات لم يبلغن الثالثة عشر من العمر، إضافة لعمليات ‏الجلد التي لم تسلم منها حتّى الصغيرات وأنّ بعضهنّ فقدن القدرة على النطق وقد وصل بها الأمر هي ‏والبعض منهنّ مطالبة حراسهنّ بإطلاق النار عليهنّ وقتلهنّ لإراحتهنّ من هذا العذاب المستمرّ لكن ‏السجانين يخبروهنّ بأنّهنّ "غنائم حرب" وأنّهنّ مثل الماعز الذي يشترى من السوق.‏
‏ لقد أجمعت كل الشهادات على السلوك العدائي والعنيف الذي يعامل به التكفيريون المرأة دون مراعاة ‏لكونها إنسانة لها مشاعرها ورغباتها الخاصة، فهم يعتبرونها مجرّد متاع يباع ويشترى في أسواق النخاسة ‏التي أحدثوها في العديد من المناطق التي سيطروا عليها في العراق وسوريّة ووفروا لها بناها التحتية. فالمرأة ‏بالنسبة لهؤلاء الوحوش البشريّة لا تصلح إلاّ لممارسة الجنس وهو الدافع الرئيسي لاستعبادها واضطهادها ‏حتى تنفّذ ما تؤتمر به من أوامر وتستجيب بدون تردّد لما يطلبه منها مالكها من طلبات حتّى وإن كانت شاذّة ‏حتى لا تتعرض للعنف والتعذيب، وكذلك الاعتداء على براءة الطفولة من خلال اغتصابهم للقاصرات ‏وإرغامهنّ على الزواج وهنّ في سنّ التاسعة. والغريب في الأمر أنّهم يصبغون أعمالهم الدنيئة هذه بصبغة ‏دينيّة لإقناع ضحاياهم بصحة ممارساتهم الحيوانيّة. ‏
‏ إنّ التركيز على نقل مثل هذه الشهادات المتنوّعة حتّى وإن كانت صادمة يهدف من ناحية إلى تقديم ‏صور حقيقيّة وواقعيّة عن المعاناة اليوميّة للمرأة الأسيرة وعن حقيقة استعبادها واستغلالها من طرف ‏التكفيريين الأمر الذي يجعلها تتمنى الموت أو تسعى إليه كحلّ للتخلّص من التعذيب الوحشي المستمرّ ‏الذي تتعرض له يوميّا. ومن جانب آخر إلى دقّ ناقوس الخطر لكي تتجنّد الكادحات والعاملات وكل ‏المناضلات في العالم وهنّ يحيين عيدهن العالمي للتصدي لهؤلاء الإرهابيين الذين يعملون على إعادة إحياء ‏العبوديّة من جديد والعمل على تحرير آلاف النساء اللواتي هنّ تحت سيطرتهم الآن .‏
‏ إنّ وضع المرأة تحت حكم داعش الذي تطرقنا اليه يمكّننا من تحديد الطبيعة الرجعية التي يحاول ‏التكفيريون فرضها على المجتمع العربي بالخصوص من خلال تجريد المرأة من حقوقها المكتسبة وتركيز ‏أسس العبوديّة من جديد في الوقت الذي يطرح فيه الثوريون مسألة تحرير المرأة بوصفه جزءً لا يتجزأ من ‏المسألة الديمقراطية المرتبطة شديد الترابط بالمسألة الوطنيّة أي بالمهام المطروحة على الثورة الوطنية ‏الديمقراطيّة.‏
‏ إنّ هذا الزحف التكفيري الذي أصبح يهدّد الشعب العربي بالأساس من شأنه أن يدفع الثوريين في الوطن ‏العربي إلى أن يضعوا على جدول أعمالهم وبصفة ملحّـة مهمّـة توحيد صفوفهم ورسم خطط موحدة ‏للتصدي لهؤلاء التكفيريين بوصفهم عملاء للاستعمار وأصحاب مشاريع اجتماعية معادية للشعب ‏والوطن. ‏
‏-----------------------------------------------------------------------------------------------------------‏
جهاد النّكــاح أو الدّعـــارة المقنّعة ‏
يعمد بعض الظلاميين الذين أوكلت لهم مهمّة تسويق المؤامرات التي تنسج خيوطها الإمبرياليّة ‏العالميّة ضدّ الشعب العربي خاصّة في سوريا إلى إصدار بعض "الفتاوي" الغريبة والتي تسيء بقدر كبير ‏للمرأة التي لا ينظر لها كإنسانة لها أحاسيسها ومشاعرها الخاصّة بل تعتبرها مجرد وسيلة للمتعة ‏الجنسيّة، مسخّرة لتلبيّة رغبات من يطلبها. إنّها فتاوي أقلّ ما يقال عنها أنّها تفتح الباب على مصراعيه ‏للتّشجيع على الزّنا والدّعارة وتوفير غطاء "شرعي" للعصابات المنظمّة للمتاجرة العلنيّة بالقاصرات. ومن ‏ضمن هذه الفتاوي ما يجيز سبي السّوريّات واغتصابهنّ في إطار الحرب الرجعيّة الدّائرة هناك، وكذلك ‏فتوى جهاد النّكاح التي تبيح للنّساء والفتيات الصّغيرات (سنّ الرابعة عشر فما فوق) بالتوجّه إلى سوريا، ‏وبالتحديد إلى جبهات القتال لتلبيّة الرّغبات الجنسيّة للمقاتلين المرتزقة. فقد أفتى محمد العريفي "بأنّ ‏زواج المناكحة الذي تقوم به المسلمة المحتشمة (محتشمة وتمارس الزنا والدّعارة) البالغة لأربعة عشر ‏عاما فما فوق أو مطلّقة أو أرملة جائز شرعا مع المجاهدين في سوريّة وهو زواج محدود الأجل بساعات ‏كي يفسح المجال لمجاهدين آخرين بالزّواج كذلك وهو يشدّ عزيمة المجاهدين وكذلك هو من موجبات ‏دخول الجنّة لمن تجاهد به".‏
وقد تمّ دعم هذه الفتوى بأخرى سمّيت "بفتوى جهاد الاصطحاب" لحلّ المشاكل النّاتجة عن الفتوى ‏الأولى أي فتوى جهاد النّكاح التي كانت السبب في كثرة النّزاعات والخلافات والمشادّات والشّجار بيـن ‏المرتزقة حـول الاستئثار بالنّساء وتقسيم الوقت فيـما بينهم لمناكحة "المجاهدات".‏
‏ لقد كانت الضرورة تستدعي إصدار هـذه الفتوى التي أباحت "للمجاهدين" المتزوجين اصطحاب إحدى ‏زوجاتهم (لأنّهم يطبقون نظام تعدّد الزوجات) معهم للجهاد إذ يتمّ الطّلاق الشرعي (لا المدني) الاستثنائي ‏وتصبح بمقتضى ذلك الزّوجة من مجاهدات المناكحة مع زوجها السّابق وبقيّة المجـاهدين (بمعنى أدقّ أنّ ‏الزّوج يقتسم زوجته مع مجموعة من الرّجال=تعدّد الأزواج) وذلك لمدّة معيّنة يتمّ الإتّفاق عليها مسبقا ‏وتنتهي بإعادة إبرام القران ومغادرة الزّوجين أو الزّوجة وحدها ساحة الجهاد كما جاء في نصّ الفتوى .‏
كما تبيح هذه الفتوى أيضا إمكانيّة اصطحاب "المجاهد" لأخته التي تتوفّر فيها شروط جهاد المناكحة ‏ليتسنّى لها ممارسة هذا الصنف من الجهاد مع بقيّة "المجاهدين" الذين لا موانع شرعيّة لها معهم (إباحة ‏متاجرة الأخ بأخته جنسيّا).‏
وفي نفس هذا السياق، دعا أيضا محمّد العريفي النّساء الخليجيّات إلى دفع أزواجهنّ للجهاد في سوريا ‏قائلا "على النّساء الخليجيات أن يدفعن أزواجهنّ للجهاد في سوريا وأن لا يخشين فقرا بغيابهم حيث ‏تتكفّل حكوماتهم بدفع المبالغ المطلوبة لسدّ غياب الزّوج، كما سيسمح للجاليات السّوريّة من الذّكور ‏بمناكحة هؤلاء النسوة لحين عودة أزواجهنّ". وهي دعوة صريحة للخيانة الزّوجيّة والزّنا والحال أنّ عقاب ‏هذه الجريمة حسب الشّريعة التي يطالب بتطبيقها هؤلاء الظّلاميين هي الرجم حتّى الموت فهل طبّقوا ذلك ‏على أنفسهم ؟ ‏
لقد تمادى هؤلاء الرجعيين في فتاويهم المثيرة للجدل والتي يصبّ جلّها في التشجيع على ممارسة الدّعارة ‏بأشكالها المختلفة وعلى الخيانة الزوجيّة والاتجار بالنساء دون الأخذ بعين الاعتبار ما يمكن أن ينشأ عن ‏مثل هذه العلاقات من أمراض جنسيّة مثل مرض الإيدز والسّرطان وكذلك نشأة العديد من الأطفال خارج ‏إطار الزّواج . إلى جانب ما يمكن أن تتعرّض له خاصّة الفتيات الصغيرات من آثار نفسيّة وجسديّة ضارّة ‏جرّاء استغلالهنّ الجنسي المفرط باعتبار أنّ الفتاة يتمّ التّداول عليها يوميّا من العديد من الأشخاص وهي ‏عرضة للحمل ممّا دفـع بهؤلاء "الدّعاة" إلى إصدار فتوى تجيز الإجهاض رغم أنّ الدّين الإسلامي يحرّم ذلك، ‏غير أن أصحاب الفتاوى حسب الطلب يحاولون تطويع القرآن واستخدامه في تسويق المشاريع الإمبرياليّة ‏المعادية لمصالح الشعب العربي ولحقوق المرأة بصفة خاصّة. فهدف هذه الفتاوى هو توفير الظروف ‏الملائمة للمرتزقة الذين يقاتلون في سوريّة لضمان بقائهم هناك أطول مدّة ممكنة لإطالة أمد تلك الحرب ‏الرجعيّة وتدمير القطر العربي السّوري وضرب بنيته التحتيّة ونهب ثرواته وتقسيمه إلى طوائف .‏
لقد اعتبر هؤلاء الدّعاة المأجورين أنّ نقطة الضعف الوحيدة التي بالإمكان أن تعجّل برحيل المرتزق ‏ومغادرته لساحة القتال هي حاجيّاته الجنسيّة، فعملوا على توفيرها له عبر هذه الفتاوي التي وفّرت أيضا ‏وفي المقابل لزوجات المقاتلين في الجبهات وسيلة لإشباع رغباتهنّ الجنسيّة لا عن طريق أزواجهنّ بل عبر ‏الخيانة الزّوجيّة فوضعوا على ذمّتهنّ الجاليّة السوريّة من الذّكور والعاملة بالخليج كما ذكرنا. وبهذه ‏الطريقة حصر هؤلاء الدّعاة علاقة الزّوج بالزوجة في المسائل الجنسيّة فقط بمعنى أنّ مجرّد توفّر ‏الجنس للزّوجة يغنيها عن حاجتها الماسّة لزوجها وكذلك الشأن بالنسبة للزّوج، بينما لم يعيروا أيّ اهتمام ‏لحاجة الأطفال لآبائهم وأمّهاتهم ومدى التأثير السّلبي لهذا الغياب المطوّل عليهم.‏
إنّ الهدف الحقيقي لهذه الفتاوي هو خدمة المشروع الامبريالي الذي يقضي بعودة الاستعمار المباشر ‏للوطن العربي وحشد كلّ الأسباب المساعدة على ذلك حتى لو تطلب الامر الإغراءات الجنسية وما يترتب ‏عنها من إلحاق الضرر بالعديد من العائلات والرّجوع بالمجتمع العربي إلى تلك العصور الغابرة. ‏
ولعلّ ما يجري حاليّا على السّاحة السوريّة يذكّرنا ببعض العلاقات التي كانت سائدة في المشاعيّة ‏البدائيّة فالمرأة في أجزاء من القطر السوري الذي تسيطر عليه جبهة النصرة الظلاميّة أو جند الشّام هي ‏زوجة لكلّ المرتزقة الموجودين هناك بمـا فيهم زوجهـا والرجل هو زوج لكل النّساء اللاتي التحقن بهذه ‏الجبهات (مشاعيّة المرأة) والسوّريّات اللاّتي تـمّ سبيهنّ يعتبرن مـلكا من أملاك المرتزقـة (وما ملكت أيمانكم). ‏كما أنّ الهدف من هذا هو محاولة لفرض بعض الأنماط الاجتماعية القائمة على تعدّد الزّوجات وعلى ‏تشويه صورة المرأة وحرمانها من حقوقها وضرب العلاقات الأسريّة وخاصّة الزوجيّة منها عبر القضاء على ‏العلاقات الحميميّة بين الزوج والزوجة واختزالها في المسائل الجنسيّة فقط حتّى تصبح المرأة مستعدّة ‏لممارسة الجنس مع أيّ رجل كان وكذلك الشأن للرجل وبالتّالي تهيئة الظروف الملائمة للمرأة لممارسة ‏الدّعارة تحت العديد من المسميات وأيضا للرّجل لممارسة الزنا بحجّة ممارسة حقوقه "الشرعيّة" والتمتّع ‏بالجنس في غياب زوجته.‏
طريق الثّــورة، أفـــريل 2013‏
‏--------------------------------------------------------------------------------------------------------------‏‏-----‏
بـــــوكو حـــــرام النيجـــــــــــيريّة و المــــــــــــــــــــــــــرأة
‏ في إطار الاحتفال باليوم العالمي للمرأة الموافق للثامن من مارس الذي يعدّ مناسبة سنويّة للوقوف على ‏ما حققته المرأة عبر نضالاتها اليوميّة من مكاسب في ظلّ وضع اِتّسم بسيطرة اليمين الديني المتطرف في ‏العديد من الأقطار العربية وعدّة بلدان إفريقية وآسيويّة، هذا اليمين الذي يمثل خطرا على حقوق المرأة ‏المكتسبة ويحاول بكل الطرق خاصّة العنيفة منها حبس المرأة داخل أسوار البيت وحرمانها من حقّ ‏التعليم، ومن بين هذه الجماعات التكفيرية بوكو حرام وهي منظمة دينيّة سلفيّة وظلاميّة مسلّحة وتدعــى ‏‏"جماعة أهل السنّة للدعوة والجهاد" وتعرف بالهوساويّة باسم بوكو (أي التعليم الغربي حرام) وتتبنّى ‏تطبيق الشريعة الإسلاميّة في جميع ولايات نيجيريا وتسيطر على جانب هام منها وقد تركّز عملها على ‏معاداة حقوق المرأة خاصة في التعليم إذ تولّت في 15-04-2014 اختطاف 223 فتاة من طالبات المدارس ‏في شيبوك من ولاية بورنو شمال نيجيريا لغاية إنقاذهنّ من الذنوب حسب زعم هذه المنظمة التي تعتبر ‏مزاولة الفتاة للتعليم مصدرا للذنوب وإنقاذهن وتطهيرهنّ من ذنوبهنّ يتمّ عبر إجبارهنّ على مغادرة ‏مقاعد المدرسة ولا يقع إطلاق سراح البعض منهنّ إلا بعد التعهّد لهم بعدم مزاولة التعليم والانقطاع ‏عن الدراسة.‏
‏ ولهذا الغرض وسعيا منها لفرض الأمر الواقع على الفتيات وإجبارهنّ على الانقطاع عن الدّراسة، ‏عمدت هذه المنظمة الظلاميّة إلى القيام بالعديد من عمليات الاختطاف لطالبات المدارس في عدّة ولايات ‏من نيجيريا لغرض حرمان المرأة من أبسط حقوقها الإنسانيّة كالتعليم والحقّ في الحياة الآمنة وقد تمّ ‏اختطاف حوالي 500 امرأة وفتاة منذ سنة 2009 مع تضاعف عمليات الاختطاف منذ ماي 2013 . ففي ‏ماي 2014 تمّ اختطاف 11 فتاة صغيرة من قرى وارابي ووالا النيجيريّة بينما تمّ قتل 300 آخرين من ‏سكان غامبور ونغالا. والسؤال المطروح هنا هو كيف تتعامل هذه الجماعة التكفيرية مع المختطفات ؟
‏ في البداية كانت تتولّى بيعهنّ كجواري ويتمّ التعامل معهنّ كغنائم حرب أو إجبارهنّ على الزواج ‏بمقاتلين من هذه الجماعة وهو ما يحيلنا على جهاد النكاح. وقد أعلنت منظّمة "هيومن رايش ووتش" أنّ ‏النساء والفتيات اللاتي تعرضن للاختطاف على يد جماعة بوكو حرام في نيجيريا أجبرن على الزواج واعتناق ‏دين آخر غير دينهن الأصلي، كما تعرضن إلى انتهاكات جسديّة ونفسيّة إضافة إلى العمل القسري ‏والاغتصاب أثناء الاحتجاز .‏
‏ غير أنّ هذه الجماعة غيّرت من طرق عملها مع المرأة في المدّة الأخيرة وذلك باستخدامها كسلاح جديد ‏في صراعاتها الدينيّة والعرقيّة فيتمّ إجبار المختطفات وأغلبهنّ فتيات صغيرات تتراوح أعمارهنّ بين الرابعة ‏عشر والسادسة عشر على إخفاء المتفجرات تحت أثوابهنّ الطويلة وعند وصولهنّ للهدف المحدّد يقع ‏تفجيرهنّ عن بعد. وقد تمّت هذه التفجيرات وسط محلات تجارية مأهولة بالحرفاء وفي مركز لتأهيل ‏المعلّمين. إذ تمّ اعتقال فتاة تبلغ من العمر 10 سنوات تحمل حزاما ناسفا والتي دعّمت بشهادتها فكرة أنّ ‏جماعة بوكو حرام هي التي تجبر المختطفات على تنفيذ عمليات التفجير.‏
‏ تلك هي إذن عيّنة من عيّنات تعامل الحركات الدينيّة المتطرفة مع المرأة التي تستعملها تارة للمتعة ‏الجنسيّة لتلبية رغبات مقاتليها وتارة أخرى كسلاح تحارب به أعداءها أو كطريقة لتجميع الأموال عبر بيعها ‏في أسواق النخاسة .‏
‏ إن جماعة بوكو حرام لا تتعامل مع المرأة كإنسان بقدر ما تسعى بكل الطرق إلى انتزاع إنسانيتها وسلبها ‏حريتها وتطويعها لخدمة مصالحها وتشترك الحركات والجماعات الدينية المتطرفة في معاداة المرأة ‏والسعي المحموم لفرض سيطرتها عليها.‏
طريق الثورة، أفريــل 2015‏
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
صفحات مضيئة من كفــــــــــاح المـــــــرأة
في الذّكـرى الأولى لاستشهــاد ايــفـــــــانا هوفمــــــــــــــان: النّصر لكفاح المــرأة الكــادحة
‏ قبل سنة، و على أرض قــرية تسمّى تل تمر في سـوريا، اُستشهدت ايفـانا هوفمـان في ساحات القتـال ‏ضدّ عصابات الإرهاب التكفيريّة المموّلـة من قبل الرّجعيّة والامبرياليّة العالميّة. ايفانـا هوفمان لم ترسلها أيّ ‏دولـة ضمن قوّاتها العسكريّة لتحارب الإرهاب كما تدّعي، وإنّما هي منـاضلة شيوعيّة قدمت من ألمـانيا ‏لتتطوّع كمقاتلة ضمن الفيلق الأممي من أجل التّحرير والاشتراكيّة، حملت البندقيّة مع رفاقها ورفيقاتها ‏القادمين من شتّى بقاع العـالم وقـاومت همجيّة التكفيريين المعادين للـمرأة وللأوطـان وللكادحين وللشعوب ‏لمدّة ستّة أشهـر ولم يتجاوز عمرها العشرين سنة. ‏
‏ ايفانا هوفمـان، واسمها الحركي أفاشين تكوشين كونيش، دافعت عن هذه القريـة التي لم تلدها إلى ‏آخر نبض في حيـاتها وسقطت شهيدة، لكنّها رأت الحريّـة والنّصر في عيون رفيقاتها ورفاقها الذين حرّروا ‏عين تمر وكرّموا رفيقتهم في السّـلاح وهم يـواصلـون على خطاها معاركهم ويتقدّمون من قريـة إلى قـرية ومن ‏مديـنة إلى مدينة رافعين عاليا رايات الأمميّة وملوّحين بشارات النّصر.‏
‏ ايفـانا لم تمت بمـا أنّها أصبحت مثـالا للمـرأة المكـافحة من أجل التحرّر والاشتراكيّة وملهمة للنّسـاء ‏الكادحات اللواتي سرن على نفس الطّريق الذي أنـارته لهـنّ من أجـل تحرّر المـرأة من كــافّة أشكـال الاستعبـاد ‏التي ترزح تحت ثقـلها ومن اجـل تحرير الأوطـان والشعوب الخاضعة لنير الاستعمـار بمختلف أشكـاله ومن ‏أجـل بنـاء عالم بلا اضطهاد وبلا استغـلال، عـالم الاشتراكيّة.‏
‏ في الذّكرى الأولـى لاستشهاد ايفانا، يزداد اضطهـاد المـرأة بأشكـال عديدة، من خـلال هيمنة الثقافة ‏الذكوريّة المستمدّة من هيمنة أنماط الإنتـاج الإقطـاعيّة والرّأسمــاليّة القائمة على النّظرة الدّونيّة للمـرأة ‏معتبرة إيّـاها من جهـة عـوْرة ومن جهـة أخرى سلعـة، ومن خـلال تزايد استغلال المرأة الكـادحة في هذا العـالم ‏عبر ما تتعرّض له من تقتيل وسجن واغتصاب وتحرّش جنسيّ وغياب المسـاواة في الأجـر مقابل أدائها ‏لأعمـال شاقّـة وقضائها لأوقـات عمل أطول ولســوء المعاملة داخل المصانع والـورش وفي الحقـول وفي كلّ ‏مـواقع العمـل وللطّـرد التعسّفي إن هي قـامت بالاعتراض على هذه التجاوزات.‏
‏ وتتحالف الطّبقـات الرّجعيّة الحـاكمة في مختلف الدّول من أجل تكريس أشكال الاضطهاد والاستغلال ‏وتقـوم بتشريعها عبر قـوانينها الرّجعيّة وعبر ممـارساتها اليوميّـة، بل إنّهـا ترتكب أبشع الجرائم ضدّها ‏وخصوصا ضدّ النّساء اللاّتي نهضن للمقــاومة واللاتي تشــاركن في الثّورة من أجل القضاء على الامبرياليّة ‏والرّجعيّة في المواقع التي سلك فيها جمهور الكـادحات إلى جانب الرّجال طريــق الثّــورة.‏
‏ و رغـم هذه المظالم وهذه الانتهـاكات وهذه الجـرائم، لم تستسلم النساء المضطهدات وهنّ في كثير من ‏المـواقع ومن خلال انخراطهنّ في المنظّمـات النقابيّة والسياسيّة الثّـوريّة حيث تتدرّبن على النّضال ‏وتتشبّعن بأفكـار المسـاواة والعدالة الاجتمـاعيّة ترفـعن رايـات المقـاومة للأنظمـة التي تضطهدهنّ وللقيـود ‏التي تكبّلهنّ، وهنّ تفككن حقـوقهنّ شيئا فشيئـا وتثبتـن أنّهنّ قـادرات على كسـر هذه القيـود إذا ما وحّدن ‏طاقاتهنّ وإذا ما مضين قدمـا في طريـق الثّـورة.‏
‏ في الذّكـرى الأولى لاستشهاد ايفــانا، سيتذكّر أحـرار وثوريّو العـالم أنّ الغد الأفضـل لن يحلّ إلاّ ‏بالنّضـال وسينحنون إجلالا لهذه البطلـة الأمميّة وإكـراما لها ولنضالها، وسيستفيق من خدّرتهم تقـاليد ‏المجتمع الباترياركي أن لا تحرّر ولا حريّة دون تحرّر الـمرأة ودون مشاركتها في الثّـورة.‏
الحريّـة للمرأة الكــادحة
النّصر للمرأة المكـافحة
طريق الثورة،‏ مارس 2016‏
-----------------------------------------------------------------------------------------------------
أنورادها غاندي المنظّرة والقائـدة الشيوعية الثوريّة
‏ مرأة هندية من أسرة ميسورة اجتماعيا، اختارت الاصطفاف في خندق الثّورة رفقة الملايين من أبناء ‏وبنات شعبها الذي يخوض حربا ضدّ الرجعية المتحالفة مع القوى الامبريالية. قاومت في الجبهة الثقافية ‏متنقّلة بين القرى والمدن، ومن وسط غابات القتال أطلقت الرصاص من فوهة بندقيتها صوب رؤوس ‏الأعداء. واحتلّت موقعا متقدما صلب الحزب الشيوعي الماوي بان ارتقت الى عضويّة لجنته المركزيّة.‏
‏ رحلت، فجأة، عن هذا العالم في أفريل 2008، عن سنّ الـ 54 عاما تاركة إرثا أدبيا وتجربة كفاحية مهمة ‏تنير درب الكادحات والكادحين السّائرين في طريق الثورة الديمقراطية الشعبيّة.‏
‏ في ذكرى وفاتها، وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة الكادحة، نقدم هذا النص الذي نشرته مجلة "الطريق ‏الماوي" قي أفريل 2015 تحت عنوان المتمردة، وقد قامت طريق الثورة بترجمته من اللغة الفرنسية الى ‏اللغة العربية. ‏
‏ ولدت في امتياز ويمكن بسهولة اختيار الحياة السهلة. لكن أنورادها غاندي اختارت السلاح بدلا من ‏الورود للقتال من أجل المحرومين.‏
في حفل أقيم في أفريل 2008 في مكان ما في مومباي، كان الطبيب يحاول يائسا الاتصال بمريضه. كانت ‏المريضة امرأة في الخمسينيات من عمرها، جاءت صباح ذلك اليوم مصحوبة بحمّى شديدة. وقد نصح ‏الطبيب ببعض فحوصات الدم، وبعد قراءة التقارير، بدأ، من كل قلبه، بطلب رقم الهاتف الذي أشارت ‏إليه المريضة في كتاباتها غير المقروءة تقريبا. وأدرك بسرعة انّ الرقم لم يكن موجودا. كان مضطربا، فقد ‏أشارت التقارير إلى وجود سلالتين قاتلتين من الملاريا في دم المرأة، حيث من الضروري أن تدخل ‏المستشفى دون تأخير. مرّ الوقت ولم يكن هناك أي أثر لها‎.‎
‏ في الوقت الذي اتصلت فيه المرأة بالطبيب مرة أخرى، كانت قد مرّت بضعة أيام. أراد الطبيب أن ‏يضعها على الفور في العناية المركزة، لكن الأوان كان قد فات‎.‎
‏ في صباح اليوم التالي، 12 أفريل، توفّيت أنورادها غاندي. لقد عانت من فشل في الجهاز العضلي، كما ‏أن نظامها المناعي يضعف بالفعل بسبب تصلب الجلد الجهازي، وهو مرض من أمراض المناعة الذاتية ‏كان هو السّبب في كتابتها السيئة‎.‎
‏ انتشر الخبر بسرعة بين أصدقاء أنو وأتباعها، كما كان يطلق عليها باعتزاز. بعد ذلك بوقت قصير، ‏وصلت الأخبار إلى إندورا، وهي عبارة عن داستي في ناكبور حيث عاشت أنو لمدّة سبع سنوات. وكان ذلك ‏قبل ظهور اسمها في سجلاّت وزارة الداخلية كما جناكي الاسم المستعار فارشا نارمادا - المرأة الوحيدة من ‏اللجنة المركزية للحزب الشيوعي للهند (الماوي)، وهو أعلى هيئة لصنع القرار لدى الناكساليين‎.‎
‏ كيف لابنة محام من مستوى عال من المحكمة العليا في بومباي، وتخرجت من كلية مرموقة ‏بإلفينستون، تحصّلت على شهادة عليا في علم الاجتماع، ابنة ولدت في الامتياز، أن تختار حياة النضال ‏والصعوبات في غابات باستار الغادرة، بندقية على كتفيها وقماش مشمع للفراش؟ قد تكمن الإجابة في ‏المرحلة التي عاشت فيها، أو في طبيعة الشخصية التي كانت عليها، أو ربما البعض من الاثنين معا‎.‎
‏ ولدت أنورادها من غانيش وكومود شانباج، وكلاهما ناشطان في الحزب الشيوعي الهندي واختارا الزواج ‏في مكاتبه. كان الشاب غانيش شانباج قد فرّ من منزله في كورج للانضمام إلى جيش سوبهاش تشاندرا ‏بوس. في وقت لاحق، كمحامي، كان يقاتل خلال محاكمات الشيوعيين الذين اعتقلوا في كفاح تيلانجانا، ‏وقد كانت حقيبته مملوءة بالالتماسات المقدمة نيابة عن الرفاق المعتقلين. أمّا كومود فكانت مشغولة ‏بحياكة واستعادة البلوزات والقمصان لإرسالها إلى الجنود الذين يخوضون الحرب مع الصين‎.‎
‏ شقيق أنورادها، سونيل شانباغ، الكاتب المسرحي التقدّمي، يتذكر أنها كانت موهوبة في الدراسات ‏والأنشطة الموازية مثل الرقص. لكنها كانت تدرك تماما ما يجري حولها. سونيل: "عندما كنت في المدرسة، ‏أرسلت إليّ خطابات، وكتبت عن أشياء مثل تأميم البنوك، وكانت تبلغ من العمر 12 عامًا فقط. ولكن ‏بعد هذا الإدراك، بدت أنورادها مثل أي فتاة أخرى عندما دخلت الجامعة عام 1972. ويتذكّر كومود ‏شانباج "كانت ستعود إلى المنزل وتسرّح شعرها بمكواة كما كلّ الفتيات في تلك الفترة". ‏
‏ كانت أوائل السبعينيات بمثابة يوم هائج بالنسبة للشباب، حيث وقعت الكثير من الأحداث في جميع ‏أنحاء العالم. فقد افتتح ماو الثورة الثقافية في الصين، وأبدت فيتنام مقاومة شرسة للقوات الأمريكية. ‏ومع العودة إلى البيت، انفجر رعد ربيع نكسلباري، فتخلّى المئات من طلاب جامعات النخبة عن دربهم ‏والتحقوا بالحركة النكساليّة. وحتّى شباب العائلات الميسورة الذين ذهبوا إلى الخارج للتعليم العالي ‏أصبحوا راديكاليين. كان أحدهم طالباً سابقاً في مدرسة دون ورفيق دراسة لسانجاي غاندي. كان والد ‏كوباد غاندي واحدًا من الموظفين السّامين في شركة غلاكسو، وكانت العائلة تعيش في شقة كبيرة تطل ‏على البحر في وورلي، حيث كان يشارك في دورة تكوينيّة في المحاسبة في إنجلترا، أين بدأ يميل سياسيّا نحو ‏الراديكالية، فلم يكمل مسيرته هناك وعاد‎.‎
‏ خلال هذا الوقت، عملت أنورادها كمحاضِرة، لكنها كانت ملتزمة بحركة الشباب التقدمية "برويوم"‏‎ ‎‎(PROYOM) ‎والتي كانت مستوحاة من حركة النكسال. في وقت لاحق، أصبحت واحدة من الناشطات ‏ضمن حركة الحريات المدنية في مومباي. وفي هذا الوقت تقريبا أصبحت أنورادها و كوباد على اتصال، ولا ‏نعرف من الذي ألهم من، ولكن سرعان ما أصبح كلاهما "نشطاء متحمسين"، كما قال أحد الأصدقاء ‏المشتركين‎.‎
‏ وسرعان ما وقع الاثنان في الحب وتذكرت كومود جيدا اليوم الذي جاء فيه كوباد لزيارة منزلهما: "زوجي ‏كان هنا على هذا الكرسي"، قالت، "ثم ركع كوباد وقال:" هل أستطيع أن أتزوج ابنتك؟‎"‎‏ وفي نوفمبر ‏‏1977 تزوجا‎.‎
‏ في عام 1980، دخلت فرق النكساليين من الحزب الشيوعي الهندي القديم (الماركسي اللينيني) (الحرب ‏الشعبية) دندكرانيا -شريط من الغابات يمتد على ولاية اندرا براديش، تشهاتيسجاره ومهاراشترا وأوريسا ‏‏– من أجل إقامة قاعدة لحرب العصابات. في عام 1981، أعرب مؤسس حرب الشعب، كوندابالي ‏سيذارامايا، عن رغبته في مقابلة كوباد في مؤتمر اتحاد الطلاب الراديكاليين في ولاية اندرا براديش. أرادت ‏الحرب الشعبية الدخول إلى منطقة جادشيرولي في مهارشترا. وفقا لبارفارا راو، أحد منظّري الناكسال، ‏مهد الاجتماع بين العاملين الطريق لتشكيل حرب الشعب في ولاية ماهاراشترا‎.‎
‏ كان للزوجين التزاما كليّا. وبعد ذلك بعام، انتقلت أنورادها الى ناجبور، التي تضمّ ثاني أكبر عدد من ‏الأحياء الفقيرة في ولاية ماهاراشترا، وكذلك عدد كبير من الداليت. استقرّت أولاً في شقة صغيرة من غرفة ‏واحدة مع شرفة في حي لاكشمي ناجار. تتذكر كومود زيارتها مع زوجها: "عندما رأينا المكان الذي استقرّت ‏فيه ، لم نتمكن من تصديق أعيننا" تقول كومود. انزاح السقف من عدة أماكن، وأمطرت في تلك الليلة، ‏‏"كان مساعدنا معنا، فانزلق تحت طاولة ونام هناك"، تضيف كومود‎.‎
في عام 1986، انتقلت أنورادها إلى منطقة اندورا، شمال ناجبور، المركز السياسي للداليت. استأجرت ‏غرفتين صغيرتين من عامل بريد، لم يكن هناك أي شيء على الإطلاق في منزلهما... ‏
‏ عمل كوباد كمحاضر في جامعة ناجبور، وفي وقت لاحق، سوف تأتي أنورادها أيضا للعيش هناك. وأصبح ‏الاثنان لا يعودان قبل منتصف الليل. استخدم أنورادها دراجة رديئة للوصول إلى العمل، وبعد ذلك، ‏وبإصرار من الناشطين الآخرين ، اشترت كوباد دراجة نارية. ‏
‏ كانت اندورا معروفة بصعوبة التجول فيها ليلا. يقول أنيل بوركار، الذي نشأ في إندورا: "لن يجرؤ سائق ‏سيارة الأجرة أو سائق السيارات على المغامرة في إندورا"، لكن انورادها كانت غير آبهة، يتذكر بوركار "لقد ‏اجتازت الباستي في منتصف الليل، لوحدها على درّاجة"، وكان بوركار قد التقى أنورادها من خلال ‏صديق. "لقد جعلتني أدرك الكثير من الأشياء، كان الأمر كما لو أن العالم كله قد انفتح أمامي"، كما ‏يقول‎.‎
بفضل أنورادها، أصبح دوفيناد بانتافني، صاحب حزام الكاراتيه الأسود شاعرًا ومغنيًا لفرقة ثقافية ‏راديكالية. تتذكرها بانتافني قائلة: "إنها ستصبح غاضبة جداً إذا أخذنا عملاً ولم نسلمه في الوقت ‏المناسب". سوريندرا غادلينغ، شاب آخر، دفعته أنورادها ليستمع بنفسه. اليوم، يناضل في سبيل قضايا ‏لنشطاء مختلفين ومشبوهين بالنكساليين، ويقول: "إنها منارتي". هذا ليس بلا سبب، بل كلّ ذلك بفضل ‏أنورادها. ‏
‏ في عام 1994، عُثر على مانوراما كامبل، امرأة من الداليت، كانت تشتغل كمعينة منزليّة في منزل أحد ‏المحامين المؤثرين. و ذكرت عائلة المحامي أنها صعقت نفسها بالكهرباء عن طريق الخطأ حتى الموت. لكن ‏النشطاء كانوا يخشون اغتصابها ثم قتلها من قبل المحامي. لقد خاضت أنورادها حملة احتجاجات، ‏وبفضل جهودها، خلقت هذه القضية موجات في مجلس الولاية والبرلمان‎.‎
‏ في إندورا، كان بيواجي بادكي، أحد الثقات لدى أنورادها، وهو ناشط من الداليت، يبلغ طوله 4 أقدام. ‏ويتذكر الأصدقاء: "كل صباح، يأتي بادكي إلى منزلها ويتبادل جميع الأخبار مع أنورادها حول الشاي". في ‏وقت لاحق، عندما تم تشخيص حالته بسرطان الحلق، أخذته أنورادها إلى منزل وعالجته لعدة أشهر. ‏شوما سان، ناشطة آخرى، يتذكر أنّها كانت حساسة جدا لحياة الآخرين. "منزلها في إندورا كان مفتوحا ‏للجميع. في كل مرة يأتي فيها شخص ما ويضاف كوب من الماء إلى الشاي‎ ".‎
وبفضلها، تم تشجيع العديد من أفراد الأسر الثريّة على أن يصبحوا ناشطين. وقالت سوزان أبراهام، ‏وهي صديقتها القديمة ومناضلة من نفس عصرها، "عندما أصبحت ناشطة، كان من المشجع دومًا رؤية ‏شخص من ماضي آنو يعمل معك‎".‎
‏ في منتصف التسعينيات، انضمت أنورادها إلى قيادة النكسال في غابة باستار، ودخلت بالتالي مرحلة ‏السريّة. ماينا، عضو لجنة المنطقة الخاصة للحزب الشيوعي للهند ‏‎ -‎الماوي‎-‎‏ في دندكرانيا، تتذكر جهودها ‏للاختلاط بالقبائل المحلية: "كثير من الناس يسائلنا حول هذا الموضوع، قائلا ان ديدي (أنورادها) ليست ‏من هذا البلد، وهي لا تقوم بشيء لمعرفة لغتنا. كانت ديدي تقترب من كلّ واحد منهم قائلة بابتسامة: "أنا ‏أعرف ما تطلبه ؛ علمني لغتك من فضلك. سوف أتعلم كل شيء منك"‏‎.‎
‏ الحياة في الغابة صعبة للغاية. و رجال العصابات يتحركون بصفة دائمة، من قرية إلى أخرى، حاملين ‏حقائب ظهر ثقيلة. ولن تتردد أنورادها، حتى هناك، في تحمل المصاعب، فهي تقوم بكلّ شيء يفعله ‏المقاتلون الآخرون. وتتذكر زعيمة نكسالية، التي كانت في باستار عندما وصلت إليها لأوّل مرّة، أنها لم تزود ‏نفسها بأي من التدريبات العسكرية المعتادة: الجري، الزحف، الزحف، القيام بالعمل. تقول ماينا: "لقد ‏انزلقت وسقطت عدة مرات أثناء المشي في الوحل، لكنها في كلّ مرّة تنهض وتضحك‎".‎
‏ في عام 1999، خيّمت أنورادها مع متمردين آخرين في قرية ساركينجودم، في تشاتيسجاره، عندما ‏حاصرتهم الشرطة، وحصلت على إثرها مواجهة. يتذكر لهار، وهو من رجال العصابات البارزين، أنّ ‏أنورادها أخذت حماية ووجّهت سلاحها إلى العدو. في وقت لاحق، كانت تتذكر دائما ذلك الحادث، وتحثّ ‏الشباب على تعلّم تقنيات حرب العصابات. لكن سونيل تتذكر أنها تحدثت عن "عدم البراعة في حمل ‏السلاح‎".‎
‏ لم تكن الحياة الصعبة في الغابة سهلة على جسدها - فقد عانت في كثير من الأحيان من الملاريا. خلال ‏نفس الصيف، كانت تمشي لساعات في اليوم إلى أن توقفت وفقدت وعيها. أشربها رفاقها ماء الجلوكوز. ‏وقد أصابتها، على ما يبدو، ضربة شمس. وقالت لهار إنها، بعد استعادة وعيها، رفضت تسليم حقيبتها إلى ‏الآخرين‎.‎
‏ عندما ضرب جفاف شديد باستار الجنوبية في 1998-1999، أجبرت القبائل على تناول الأرز الذي ‏‏"احتوى على حجارة أكثر من الحبوب" كما تقول ماينا. وقدم نفس الأرز أيضا إلى رجال العصابات، ‏ليتناول مع معجون التمر الهندي. وتتذكر ماينا: "كانت تأخذ قبضة بعد الأخرى، ثم تبتلع الماء بينهما، ‏كانت تستغرق وقتًا طويلاً لإنهاء وجبتها". هي أيضا تطوّرت لديها تقرّحات المعدة. "وهي تخفف الألم عن ‏طريق تناول قطعة أو قطعتين من البسكويت وكوب من الماء"، حسب قولها‎.‎
ولتخفيف أعبائها، قرّرت أنورادها التخلص من البطانية الثقيلة التي يرتديها رجال العصابات، واختارت ‏بدلا من ذلك غطاء سرير رقيق ‏‎‎‏ وخلال هذه الفترة تطور لديها مرض التصلب‎.‎
‏ كان النكساليون، على أية حال، غالباً ما يملؤون الفراغ الذي أنشأته الحكومة في مناطق نفوذها. في ‏باساغودا في تشاتيسجاره، كان من المقرر بناء سد لتعتمد عليه اثنتا عشرة قرية. وقد تجاهلت الحكومة ‏مطالب القرويين لسنوات. لكن تحت إشراف أنورادها قام متساكنو 30 قرية بتنفيذ هذا العمل. أولئك ‏الذين اشتغلوا حصلوا على كيلو من الأرز يوميا. لكنّ الحكومة فزعت وعاقبت العمّال لكن تم رفض هذه ‏العقوبات. في عام 1998، تم بناء أكثر من 100 سد من قبل النكساليين في دانداكارانيا‎.‎
‏ كما تكفلت أنورادها ببلورة نماذج للتعلم من اجل تثقيف النساء. كانت تتابع بانتظام دروسا حول ‏المشاكل التي تواجه النساء المقاتلات وتكتب وتترجم مواد دعائية إلى النكسالية. وكانت تعدّ لوحات مع ‏صور للزعماء السياسيين وتشرح القضايا العالميّة للأميات المحليات. في بعض الأحيان كانت تدرس دروسًا ‏حول مسائل صحية‎.‎
‏ بين كل هذا، كانت أنورادها تقوم برحلات سرية إلى مومباي. "كانت ستأتي، وأود أن أستخدم الزيت على ‏شعرها وتدليك جسدها. أردت أن أدللها قدر استطاعتي"، يقول كومود‎.‎
‏ يقول سونيل: "ما هو أكثر مدعاة للإعجاب هو أنها ستعرف دائماً المزيد عن الأفلام والثقافات الشعبية ‏الأخرى أكثر مما نعرفه". خلال عرض إحدى مسرحياته في مومباي، تسللت أنورادها بهدوء، شاهدت ‏المسرحيّة وغادرت بتؤدة. "علمت في وقت لاحق أنها كانت هناك"، يقول سونيل‎.‎
‏ في المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي للهند (الماوي) في عام 2007، تم تعيين أنورادها عضوا في اللجنة ‏المركزية. في ذلك الوقت، أصبح كوباد واحدًا من كبار قادة نكسال المسؤولين عن توثيق الأحزاب. (تم ‏القبض عليه في دلهي في 20 سبتمبر)‏‎.‎
‏ وانطلاقا من عمل أنورادها، أعد النكساليون أول وثيقة سياسية حول الطبقات داخل الحركة ‏الماركسية في الهند. كما كتبت مقالات عن "الماركسية والنسوية"، والتي أخذتها بعين الاعتبار أعلى سلطات ‏الناكساليين‎.‎
‏ خلال فترة الإقامة في دندكرانيا، ساعدت أنورادها المتمردين للتغلب على القيود المفروضة على العمل ‏الجماعي عن طريق جعلهم يفهمون الدور الذي يمكن أن تلعبه التعاونيات في زيادة الإنتاج الزراعي‎.‎‏ في ‏باستار، طرحت أنورادها أسئلة حول الأفكار الأبوية السائدة في الحزب. في وقت وفاتها، كانت تعمل مع ‏الاطارات النسوية لوضع خطط لمساعدتهنّ على تحمل مسؤوليات القيادة. وفي جهارخاند عندما كانت ‏تتابع دورات مع القبائل بشأن قضية اضطهاد المرأة، أصيبت بالملاريا الدماغية، وهو ما أدى إلى وفاتها‎.‎
‏ كتبت صديقتها جيوتي بينواني في مذكراتها حول أنورادها: "إن" الخطر النكسالي"، قال مانموهان سينغ، ‏هو أكبر تهديد للبلاد. لكني أتذكر فتاة كانت تضحك دائما وقد تخلّت عن حياة غنية من أجل تغيير حياة ‏الآخرين".‏
‏ في ناجبور، طلبت من شينشيخيد فتح الغرف التي كانت تحتلها تقيم بها سابقا أنورادها. لم يبق هناك ‏سوى ملصق واحد فقط لبهجت سينغ على الباب. كانت الوقت غروب الشمس وقد أصبحت السماء ‏قرمزيّة. كان الرفيق الذي رافقني مستلقيا على الأرض، أرض كان يعرفها جيدا، وقرأ قصيدة لغوراغ ‏باندي‎:‎
لديها آلاف السنين ‏
هي غضبهم ‏
آلاف السنين ‏
هي مرارتهم ‏
لا أدرك سوى كلماتهم المتناثرة
مع القوافي والإيقاعات ‏
ولكنّكم لا تخافون إلاّ
نشر النار‎.‎
عن الطّريق الماوي، نشرة 14 أفريل 2015‏
‏---------------------------------------------------------------------------------------------------------------‏‏------‏
يــارين كوباني شهيدة التحرر الـوطني والاشتراكيّة ‏
‏ الشهيدة يارين كوباني كانت مقاتلة حمراء في كوباني وبعدها في عفرين وقد سقطت في ساحة ‏الشرف والبندقية في يدها بعد تسطير ملحمة بطولية في مقاومة الغزاة الأتراك وعملائهم ‏التكفيريين هؤلاء لم يجدوا سبيلا غير الانتقام من جثتها فقطعوها إربا وأشعلوا فيها النار ونسيوا ‏أنهم يبرهنون بذلك على وحشيتهم ونذالتهم ....‏
‏ في عفرين تقاوم الحرية الاستعمار وسوريا كلها ستنتصر على الغزاة الأتراك وغيرهم و ‏التكفيريون إلى هلاك محتوم..‏
‏ ستنتصر مقــاومة الشعوب المضطهَـدة وسيولّي المحتلّون أدبارهم خائبين وسيسجّل التّــاريخ وجـه يــارين ‏بأحرف من ذهب ليسير على خطاها كلّ كـادحات هذا العــالم وأحــراره. ‏
‏ طريق الثّـــــورة، 4 فيفري 2018‏‎ ‎
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
شهــــادة اِمـــــرأة من داخـــل السّجــون الهنديّـــة
‏ انجيـــلا سُنتكــــاي نزيـــلة سجن بيكولا (‏Byculla‏)، مناضلة مــاويّة،أستاذة علم الاجتمــاع سابقا، تمّ ‏اعتقالها في أفريل 2012 وإيداعها السجن المركزي بناغبور (‏Nagpur‏) وسجن غونديا (‏Gondia‏) قبل أن ‏يتمّ تحويلها إلى سجن بيكولا. احتجّت في السنة الماضية على مشروع تركيز أجهزة كاميرا مراقبة في غرف ‏سجن النساء.‏
‏ وقد تمكّنت من تمرير حوار مع إحدى الصّحف (‏The Hindou‏) كتبته بيدها وسرّبه محاموها، وهي ‏تتحدّث في هذا الحوار عن ظروف الاعتقال في السّجن وعن المشاكل التي تتعرّض لها السّجينات.‏
‏ تنبّه انجيلا، في مفتتح حـوارها هذا، القـارئ بقولهـا "إنّي أكتب إليك انطلاقا من وجعي ومن فهمي ومن ‏تجاربي المحدودة". وقد تمّ إدخال بعض التحويرات الخفيفة على إجاباتها لمزيد من التّوضيح.‏
‏- ما هي ظروف حبس النساء في سجني بيكولا وناغبور؟ وفيم تتمثّل المشاكل التي تعترض هذه النسوة ؟ ‏
لا تتمتّع النساء في سجن بيكولا كما هو الشأن بالنسبة لسجن ناغبور إلاّ بقدر ضئيل من حريّة الحركة ‏مقارنة بالسجناء من جنس الذّكور. فحيث يمكن للرّجال الانتقال بحريّة إلى القسم القضائي تُحرم النّسـاء ‏من ذلك، ولا يمكنهنّ الحصول على أيّ معلومـات إلاّ بالاعتماد على النساء العاملات في السجن.
‏ و في كلّ مرّة يكون الرّجل موجودا يكون دائما جسد المـرأة هو مركـز الاهتمـام. وتوجد هناك ممارسة ‏كريهة ضدّ النساء، ففي اليوم الأوّل الذي يتوجّب فيه على السّجينة الجديدة المثول أمـام ناظر السّجن ‏يُفرض عليها نزع حذائها وتُجبر على تغطيـة رأسها، وإذا سألت لماذا ذلك تجيبها السجّانة بأنّ تلك هي ‏ثقافتنا بينما يقدّر أحد الموظّفين بأنّ ذلك يساعد على فرض الانضباط في حين نفى آخر أن تكون هذه ‏الممارسة موجودة.‏
‏ وعندما يأتي رجل إلى قسم النساء يتمّ دفع السّجينات وحشرهنّ في ركن ضيّق من السّجن. لقد شاهدتُ ‏اِمرأة في منتصف العمر ترتدي سروالا و قمصانا هندية وهي تنتظر ليتمّ عرضها على المحكمة فتقدّم ‏إليها موظّف السجن وطلب منها تغيير ملابسها بارتداء ساري (لباس دون سروال).‏
‏ أيضا، يتحصّل الرّجال والنّساء على نفس الكميّة من الصّابون سواءً بالنسبة للصابون المخصّص ‏للحمّام أو لغسل الملابس. لكن النساء يجب أن يحصلن على كميّة أكبر بسبب العادة الشهرية وأيضا ‏لغسل ملابسهنّ. هناك أيضا نقص دائم في المناديل الصحيّة المقدّمـة للنساء، انطلاقا من شهر مارس ‏‏2014 تمّ توزيع 6 مناديل لكلّ الأشهر، وهذه الكميّة لا تـكفي، والذين يتحمّلون مهمّة توزيع المناديل إمّا ‏أنّهم يتغيّبون أو يتذرّعون بأنّ كميّة المناديل غير كافية. وفي فترات سابقة كان الأعـوان يطلبون من ‏السجينات التعرّي للتأكّد بأنّهنّ يمررن بالعادة الشهريّة، لكن هذه الممارسة وقع التخلّي عنها بعد عدد من ‏التشكيّات.‏
‏ من التجاوزات الأخرى، أنّه يتمّ فحص السجينة عارية، وانعدام الصّحف، وغياب الكتب في السجن ‏وانعدام أيّ مقرّ للهواتف.‏
‏- هـل لاحظتم فارقا في طريقة التّعامل مع الرجال والنساء داخـل السّجن ؟
‏ هناك فارق في كميّة الغذاء المقدّمـة للسجناء من الذّكور ولغيرهم من النّسـاء، والحجّة أنّ النّساء تـأكلن ‏أقلّ من الرّجـال. وقـد طلبنا بضرورة حصول النساء على نفس الكميّة من الغذاء، فـ 90% من نساء الهند ‏مصابات بفقر الدّم من جهة وهناك اختلافات كبيرة بين الأشخاص من جهة أخرى.
‏ ويمكن أيضا ملاحظة الفارق في ما يتمّ تعليمه للرّجـال وللنساء داخل السّجون. فالرّجال في سجن ناغبور ‏يتعلّمون النّجارة وتنمية فنّ القيادة وطريقة إلقاء الخُطب...الخ. أمّـا النّساء، فإنّـهنّ يتلقّـين دروسا في ‏مسائل "نسويّــة" مثل الخياطة والتطريز والدهن وصناعة أدوات الزينة وكذلك بعض الخدمات المطلوبة ‏في قاعات التّجميل... والاستثناء الـوحيد يتمثّل في درس الإعلاميّة.‏
‏- ما هي وضعيّـة أطفال النّسـاء المعتقلات في السّجـن ؟
‏ يوضع الأطفال الأكبر من ستّ سنوات في مآوي للأطفال، أمّا بالنسبة للأمّهات اللّواتي لا يجدن من يهتمّ ‏بأطفالهنّ فإنّهنّ تحتفظن بأطفالهنّ معهنّ واغلب هاته النسوة هنّ من بنغلاداش.‏
‏ و يحصل الأطفال على كميّة من الغذاء تبدو كافية للصّغار، إلاّ أنّ بعضهم وخصوصا الأكبر سنّا ‏يعانون الجـوع، فهم يستفيقون في منتصف اللّيل ويبكون من الجوع، وقد كانوا في 2011 يقدّمون لهم ‏الخبز لإسكات جوعهم إلاّ أنه تمّ إيقاف ذلك فجأة في 2012. ‏
‏ هناك مدارس صغيرة للفقراء خارج السجن، وكانت بعض المنظمات تقدّم، في بعض الأحيان، الملابس ‏وكؤوس وصحون البلاستيك... إنّه مؤلم جدّا أن نشاهد الأطفال يُفصلون حين يُجبرون على المغادرة. إنّنا ‏دائما نشاهد الأطفال يلعبون لعبة "سجين- سجين" بينما لم نشاهدهم قطّ يلعبون لعبة "معلّم-معلّم" ‏حتّى وإن كانوا يذهبون إلى المدرسة. في سجن بيكولا لا يوجد أيّ فضاء للعب الأطفـال لذلك يظلّون ‏محبوسين في دائرة ضيّقة مكتظّة بالسكّان.‏
‏- كيف تُـــوفّر المعتقلات حاجياتهنّ اليوميّة؟
‏ كلّ شيء له مقــابل (ثمن). إذا كانت هناك حاجة لبعث الرسائل، لتنظيم لقاء في قاعة الاستقبال مع ‏العائلة يدوم أكثر من الوقت المحدّد، للحصول على ملابس أو موادّ غذائيّة خصوصيّة، للقيام بزيارات إلى ‏المستشفى... كلّ شيء له ثمن. ‏
‏ تقوم السلطات بسرقة السّجينات أثناء غيابهنّ لمّا يتمّ عرضهنّ على المحكمة أو عند ذهابهنّ إلى ‏المستشفى. تستولي السلطات على الزيت والموز وسكّر النخيل وحاجيات النساء الحوامل، البيض ‏والحليب والملابس المخصّصة للأطفال والمرضى، الأشياء التي نشتريها بأموالنا الخاصة من المطعم ‏والضروريات التي تقدّمها بعض المنظّمات. حتّى دفـاتر بعض السجينات التي تسجّلن فيها القصائد يتمّ ‏سرقــتها. إنّهم يجبرون الأقـارب والأصدقاء الذين يأتون لزيارة السجينات على دفع رشوة...‏
‏ داخل السجن، تظهر الفوارق الطبقية بوضوح. فالسجينات الثريّات تحصلن على تسهيلات أكثر ‏وبإمكانهنّ تجاوز القــواعد... أمّا السجينات الفقيرات فيتعرّضن للعنف اللفظي والمادّي وتتمّ معاملتهنّ ‏كحيوانات. في سنة 2012، وقع اقتحام إحدى حلقات السجن مبكّرا لأنّ إحدى السجينـات المتّهمات ‏بعمليّـة قتل تنحدر من "أصل راق" رفضت أن ترى أيّ شخص ما عدا خادماتها.‏
‏- هــل لاحظتم حـالات لسوء المعــاملة في السّـجن ؟
‏ يتمّ في السّجن استعمال بعض النساء ضدّ البعض الآخر منهنّ وذلك بهدف إدخال التّفرقـة في ‏صفوفهنّ، فيقـوم موظّفو السجن بالاعتماد على المجرمات المألوفات لمراقبــة بقيّة السجينات فيقمن في ‏الأثنـاء بفرض أوامرهنّ ويصبحن امتدادا لموظّفي السجن. ولذلك فإنّ هذه النسوة المتعاونات مع ‏السلطات تستطعن الخروج بكلّ حريّــة.‏
‏ السجينات اللواتي يحاولن القيام بالتبليغ عن التجاوزات التي يقترفها المسؤولون داخل السجن ‏تتعرضن إلى العقوبات والمراقبـة ويتمّ سرقـة الرسائل التي توضع داخل صندوق الشكاوي وتتبّع من ‏يضعنها... أنا مثلا قضيّت الفترة الممتدّة من 2 إلى 25 أفريـل 2015 في حبس انفرادي لأنّني قمت بالاحتجــاج ‏ضدّ تركيز أجهزة كاميرات مراقبـة بالسجن.‏
‏ وتقضّي السّجينات أشهرا عديدة دون أن يتمّ عرضهنّ على المحكمة والحجّة الـوحيدة التي يتذرّعون بها ‏هي بكلّ بساطة عدم كفاية أعـوان الحراسة... وقد قدّمت السجينات عديد الشكاوي بخصوص هذا ‏المشكـل وقمن بالدّعوة إلى إضراب وتمّ يـوم 26 ديسمبر 2011 تنفيذ إضراب بيوم من قبل الموقـوفات من ‏أجل فرض توفير أعوان حراسة لتمكينهنّ من الحضور لدى المحكمة.‏
ترجم الحـوار عن اللغة الفرنسيّة جريدة طريـق الثّـورة-مارس 2016‏
‏---------------------------------------------------------------------------------------------------------------‏‏-----‏
عام على استشهاد الرفيقة المقاتلة أيـــــلام أطـــــــــاش ‏
‏ قبل عام أعلنت قوات التحرير المتحدة استشهاد المقاتلة الثورية ايلام اطاش خلال معركة تحرير منبج ‏، يومها كانت في مفرزة تقاوم فاشيي داعش عندما أصابتها رصاصات قاتلة.‏
‏ التحقت الرفيقة ايلام بصفوف الثوريين وهى لا تزال تلميذة في المعاهد الثانوية وأصبحت عضوا في ‏قوات التحرير استجابة لنداء الحزب الشيوعي الماوي في تركيا القاضي بدعم الثورة في كردستان وتقوية ‏الجبهة الثورية المسلحة في تركيا وبعد أن أتمت تدريبها العسكري التحقت بحملة تحرير سد الفرات في ‏فيفري 2016 وبعد الانتصار في تلك المعركة أصبحت عضوا في الفيلق الأممي للتحرير وفي بيان تأبينها ‏أكدت قوات التحرير المتحدة أن ذكرى ايلام وسائر الشهداء الثوريين ستظل نبراسا يضيء طريق الثورة.‏
طريق الثورة، 14 أوت 2017‏
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
افيستا خابور: رمز لكفاح المرأة في سبيل تحرير الوطن وديمقراطية الشعب
‏ زهـرة لم يتجاوز عُمرها عشرين ربيعا، زهرة من هذا العـالم ومن هذا العصر، زهرة وهبت حياتها لوطن ‏يتعرّض للاحتــلال ولشعب يتعرّض للقصف ليلا نهارا فيقدّم الشهداء أطفالا وشيوخا ونساءً... شعب ‏أعزل يقاوم بكلّ ما يملك من طاقة ومن قوّة أعتى الفاشيات والرّجعيّات بأجهزتها العسكريّة وآلاتها ‏الحربيّة وبجيوشها النّظاميّة وبفرق المرتزقة والخونة.‏
‏ آفيستا خابور سطّرت بدمها ملحمـة من الملاحم القليلة التي سجّلها تــاريخ مقـاومة الشعوب للاستعمار ‏والعدوان على الأوطان . ‏
هذه الشابة لم تحلم بسيّارة فاخرة أو بفيلاّ فخمة، بل كان حلمها يتّسع لأكثر من ذلك، كان حلمها تحرير ‏الـوطن من عصابات الإرهاب التكفيري وحقّقته ثمّ كبر حلمها وأصبح مقـاومة الغزو التركي-العثمـاني وقد ‏عملت على تحقيق هذا الحلم وضحّت بدمها من أجله عندما لم تتردّد في أن تحوّل جسدها الغض إلى ‏قنبلة موقـوتة فجّرتهـا وسط دبّابـة لجنود الأعداء في قرية جنديرس في منطقـة عفرين السّوريّة، عفرين ‏التي أطلق عليها اسم "مقـاومة العصر" والتي توعّد فدائيوها بأن يحوّلوها إلى فيتنام أمام الغزو التّركي وها ‏هم اليوم يجسّدون ذلك. يوم 27 جانفي 2018 كان لآفيستا موعـد مع التّــاريخ تحوّلت معه إلى رمز لكفـاح ‏المــرأة وتضحيتها في سبيل تحرير الوطن وبناء ديمقراطيّـة الشّعب. ‏
‏ اسمها الحقيقي زلوخ حمو، ولدت في 1998 بمدينة حلب السورية، وتحديدا في قرية "بيليه" في ناحية ‏بلبلة بمقاطعة عفرين. شربت عائلتها من ينابيع الحركة الثورية منذ أعـوام التسعينات، فقد اُستشهد ‏خال آفيستا، الذي كان مقــاتلا في قوات الدفاع الشعبي "الكريلا" في التسعينيات، فضخّ ذلك داخلها ‏شحنة حمـل السّلاح ومواصلة مسيرة المقـاومة والثّـورة باعتبارها الطّريق الوحيدة لتحقيق النصر والحريّة. ‏
انخرطت في صفوف ثورة "روج آفا" وقرأت أفكار وفلسفة "عبد الـله أوجلان" واعتنقت الايديولوجيا ‏الثّوريّة وانضمت في عام 2014 لوحدات حماية المرأة، وتمكنت آفيستا خلال فترة زمنية قصيرة من ‏تحقيق نضج فكري ومهارة قتاليّة جعلتها لا تتوانى في التضحية من أجل قضيّتها وقضيّة وطنها وشعبها.‏
‏طريق الثورة، 18 فيفري 2018‏‎ ‎ ‏
---------------------------------------------------------------------------------------------------------

‏ وضــع خــاصّ للمـــرأة في الثّــــــورة‏ ‏
‏ هذا نصّ مهمّ للقراءة والنقاش والتوزيع وهو يشرح تحليل ماوتسي تونغ للقمع الذي تخضع له النساء ‏والمقارنة بينه وبين القمع المسلّط على الرّجال.‏
‏ كشف ماوتسي تونغ أثنــاء قيامه بتحقيق عن حركة الفلاحين في خونان السلطات ‏التي تضطهد الكادحين ‏رجالا ونساء وهي السلطة السياسية والسلطة العشائرية ‏والسلطة الدينية فتلك السلطات تقمع وتستغل ‏الشعب كله وتخضعه لجبروتها قائلا‎‏:‏‎‏ ‏‏"‏‎‎يخضع الرجال في الصين عادة لسيطرة ثلاثة أنظمة من السلطان ‏‏(السلطان ‏السياسي والسلطان العشائري والسلطان الديني) " بينما تخضع الكادحات فضلا ‏عن ذلك الى ‏سلطة رابعة وهي سلطة الرجال فالمرأة مستغلة ومقموعة أكثر من ‏الرجل لهذا السبب بالذات وكان ‏أنجلس قبل ذلك قد قال انه "في العائلة الرجل هو ‏البرجوازي بينما المرأة هي البروليتاري "أصل العائلة ‏والملكية الخاصة والدولة ‏وهو ما يؤكده ماو بقوله: "أما النساء فإلى جانب خضوعهنّ لسيطرة الأنظمة ‏‏الثلاثة السالفة الذكر، يخضعن كذلك لسيطرة الرجال (سلطان الزوج ) ".‏
‏ ويتحدث ماو هنا عن المجتمع الصيني شبه المستعمر شبه الإقطاعي الذي لا ‏يختلف جوهريا عما عليه ‏الحال في المجتمع العربي اليوم حيث تمارس تلك ‏السلطات الأربعة وظيفتها القمعية. "وهذه الأنواع الأربعة ‏من السلطان-السلطان ‏السياسي، والسلطان العشائري، والسلطان الديني، وسلطان الزوج، تمثّل كل ‏‏عقليّة ونظام الأبوّة الإقطاعي، وهي السلاسل الأربع الكبرى التي تقيّد الشعب ‏الصيني، وعلى الأخصّ ‏الفلاّحين"‏‏. وتمثل السلطة السياسية ركيزة ذلك الاضطهاد وعندما تتم الإطاحة بها تترنح بقية ‏السلطات ‏ويضعف نفوذها شيئا فشيئا قبل انهيارها مما يعني أولوية الكفاح من اجل ‏التحرر السياسي الذي يتحد ‏في القيام به الكادحات والكادحون يقول: "وقد سبق ‏أن ذكرنا كيف أطاح الفلاحون بالسلطان السياسي ‏لملاّك الأراضي في الريف ولما ‏كان السلطان السياسي لملاّك الأراضي هو العمود الفقري لسائر أنواع ‏السلطان، ‏فإنه بانهياره تزعزعت أركان السلطة العشائري والسلطان الديني وسلطان الزوج ‏جميعا". ‏
‎ ‎‏ ويبيّن ماو وجه الاختلاف بين وضع الكادحات في الريف ووضع النساء بين ‏أوساط البرجوازية الصغيرة ‏والبرجوازية المتوسطة فالكادحة في الريف تنخرط ‏في أعمال مضنية وتفرض نفسها كقوة اقتصادية في ‏جني المحاصيل الزراعية ‏وتربية الماشية مما يمنحها حقوقا لا تتمتع بها النساء الأخريات، وفي هذا الوضع ‏‏يجد الزوج نفسه مضطرا الى تشريكها في إدارة العائلة ومجاراة مطالبها وهو ما ‏يعني أنّه كلّما كانت المرأة ‏منخرطة أكثر في العملية الاقتصادية كلما زادت حقوقها ‏نموا داخل العائلة حيث يقول: "أما سلطان ‏الزوج فقد كان على الدوام ضعيفا ‏نسبيا بين الفلاحين الفقراء، لأن الفلاّحات الفقيرات مضطرّات ‏لأسباب مالية إلى ‏المساهمة في العمل الجسماني بقسط أكبر مما لنساء الطبقات الميسورة، ومن ثمّ ‏‏اكتسبن حقا أعظم في الكلام حتى في اتّخاذ القرارات في الشؤون العائلية. وفي ‏السنوات الأخيرة زاد ‏الاقتصاد الريفي إفلاسا، الأمر الذي قوّض الشرط الأساسي ‏لسيطرة الرجال على النساء. واليوم، عندما ‏نهضت حركة الفلاحين، بادرت ‏النساء في أماكن عديدة إلى تنظيم الاتحاد النسائي الريفي، فقد سنحت ‏لهن الفرصة ‏كي يرفعن رؤوسهن، وأخذ سلطان الزوج يتزعزع يوما فيوما. وبالاختصار، ‏فإن جميع ‏العقليات والأنظمة القائمة على أساس نظام الأبوّة الإقطاعي أخذت ‏تتزعزع مع تعاظم سلطة الفلاحين‎‏.‏‎"‎‏ ‏أنظر للغرض: ماوتسي تونغ،‎ ‎تقرير عن ‏تحقيقات في حركة الفلاحين في خونان" (مارس- اّذار-1927)، ‏المؤلفات ‏المختارة، المجلّد الأول‎ . ‎
‏ وهذا الوضع الخاص للمرأة في الثورة يفرض على الكادحات الانخراط أكثر ‏فأكثر في الكفاح من أجل ‏التحرر الوطني والاشتراكية بدراسة النظرية الثورية ‏الماركسية اللينينية الماوية والتسلح بها وتنظيم ‏الصفوف وخوض الممارسة العمليّة ‏على قاعدتها.‏
طريق الثّــــورة، العدد 50‏
‏---------------------------------------------------------------------------------------------------------‏
كادحــــات العــــــراق يتـــظاهرن ضدّ الرّجعيّــة ‏
صوت المــرأة ثــورة وأنتم العـورة
‏ نزلت يوم الخميس 13 فيفري 2020 آلاف النّســاء العراقيّات إلى الشّوارع والسّاحات للتعبير عن رفضهنّ ‏للتصريحات الصّادرة عن بعض الوجوه الرّجعيّة ومنها دعوة مقتدى الصّدر لعدم الاختلاط في التظاهر ‏والاعتصام وللتّأكيد على مشاركة المرأة في الانتفـاضة الشعبية ورفضا للاغتيالات والاعتداءات التي طالت ‏عددا من المحتجّات والمحتجّين.‏
---------------------------------------------------------------------------------------------------------
المـــرأة الشيليّة في مقدّمة الانتفاضة والاستهداف بالعنف الرّجعيّ
‏ تشارك المرأة الكادحة في الانتفاضة الشعبيّة التي تهزّ الشيلي منذ شهر أكتوبر 2019. ولم تغب ‏الكادحات عن ساحات الاحتجاج بل إنّهنّ تتقدّمن المظاهرات والاشتباكات اليوميّة مع قوّات البوليس ‏والجيش التي تستخدم مختلف أشكال الأسلحة والوسائل القمعيّة لمجابهة الانتفاضة ومحاولة إخمادها. ‏وهي تلعب دورا مهمّا في كفاح الشّعب من أجل تحرّره الوطني من قبضة الرّجعية الحاكمة والامبرياليّة التي ‏تدعمها ومن أجل إقامة مجتمع عادل تنتهي معه عصور من الاستغلال الطّبقي وهو المجتمع الاشتراكي ‏الذي سيولّد المساواة بين الجنسيْن والقضاء على مختلف أشكال التّمييز الأخرى إثر القضاء على ‏دكتاتوريّة الطّبقات الرّجعية. ‏
‏ ونظرا للدّور الذي تلعبه المرأة في هذه الانتفاضة، لم تتأخّر السلطات الرّجعيّة الحاكمة في شيلي في ‏استعمال كلّ وسائل قمعها المباحة وغير المباحة للتنكيل بها فكانت المرأة الثّـائرة في مقدّمة أهداف الكلاب ‏الحارسة لهذا النّظام. وقد اغتنم حرّاس الحكّام المدجّجين بمختلف أنواع الأسلحة حالة الاضطراب ‏والفوضى التي عمّت البلاد ليطلقوا العنان لكلّ غرائزهم المكبوتة والعطشى لإراقة الدّماء والتحرّش ‏والاغتصاب والخطف وغيرها من الممارسات البشعة في حقّها.‏
‏ قال المعهد الوطني الشيلي لحقوق الإنسان إنه سيقدم شكوى تعذيب ضد فتاة تبلغ من العمر 15 عامًا ‏كانت قوّات الامن قد احتجزتها منذ 5 نوفمبر في أحد مراكز الشرطة في ميبو. وتعدّ هذه الشكوى الثامنة ‏عشر التي قدّمها معهد حقوق الإنسان في خصوص عمليّات التعذيب الجنسي إلى حدود منتصف شهر ‏نوفمبر.‏

قصّة الفتــــــاة كاميـــــلا:
‏ وقعت قضية كاميلا ميراندا في ساحة إيطاليا في العاصمة سانتياغو، حيث رافقت مصورًا أثناء مظاهرة. ‏كانت هناك رصاصات أطلقت على ساقيها عن مسافة تبعد حوالي ثمانية أمتار من قبل الشرطة. وبعد ‏أن تمّ إلقاء القبض عليها ظلّ مكانها مجهولا لمدة 24 ساعة، حتى ظهرت أخيرًا في صباح يوم 5 نوفمبر في ‏المستشفى، مع ملابسها الداخلية فقط، ولكن لم يتم علاج جروحها‎.‎‏ وقالت مراسلة "تيليسير" إن الفتاة ‏تمّ جمعها مع والدتها وتم نقلها إلى المستشفى حيث وقع تصويرها بالأشعة السينية لمعرفة مدى تأثير ‏الرصاصات السبعة على ساقيها‎.‎
‏ أمّا ساندرا، والدة الفتاة التي تعرّضت للضرب، فقد قالت أنّها اكتشفت حالة ابنتها عبر شبكات ‏التواصل الاجتماعي واتصلت بمستشفى المساعدة العاجلة، وهو مركز للرعاية الطبية الطارئة. هناك ‏أُبلغت أن كاميلا عولجت لكنها لم تستطع رؤيتها‎.‎‏ وحسب والدتها، "كانت في رداء حمامها، فقط في سراويل ‏داخلية وشباشب. كانت في ظل هذه الظروف طوال الليل إلى أن تمّ إطلاق سراحها"‏‎.‎
‏ وأشارت الأمّ إلى أنّ اعتداء رجال الشرطة على ابنتها كان "فعلًا مجنونًا" لأنهم "أمسكوا بها وجرّوها ثم ‏رشّوا غازًا على وجهها وعادوا لتخديرها‎"‎‏. بالإضافة إلى ذلك، وفقًا لتقرير الفتاة، قام الامنيون بتجريدها ‏من ثيابها، وفي ظل تلك الظروف، فقدت كاميلا وعيها وإثر ذلك تمّ نقلها إلى خدمة الطوارئ للرعاية ‏الأولية‎.‎‏ وعلى الرغم من وصول كاميلا إلى المستشفى، لم يقدّم لها العلاج لإصاباتها، وبقيت الرصاصات في ‏ساقها.‏
‏ وقد فارقت نساء أخريات الحياة بعد تعذيبهنّ وقتلهنّ بطرق بشعة.‏

نساء تعرّضن للخطف والتعذيب و القتل:
‏ ألبرتينا مارتينيز بورغوس، مصوّرة بالغة من العمر 38 عامًا. تم العثور عليها مقتولة ليلة 21 نوفمبر في ‏شقتها في سانتياغو، مع آثار عنف على جسدها بعد أن تفطّنت إحدى صديقاتها إلى غيابها لمدّة يومين ‏وكانت ناشطة ضمن الاحتجاجات الاجتماعية، ولم يتم العثور على معداتها (الكاميرا والقرص الصلب ‏والكمبيوتر).‏
‏ دانييلا كاراسكو، الملقّبة بميمو، فنانة الشوارع، كانت نشطة للغاية في بداية الاحتجاجات الاجتماعية، ‏وجدت مقتولة في ظروف غامضة بعد أن اختفت عن الأنظار. وقد تمّ العثور عليها معلقة على قطار في ‏بلدة بيدرو أغيري سيردا (في ضواحي العاصمة) بعد أن تعرّضت للتّعذيب والاغتصاب. ميمو أصبحت ‏أيقونة للتمرّد والثّورة في الشيلي ودافعا لكفاح الكادحات والكادحين من أجل عالم بلا اضطهاد وبلا ‏استغلال.‏
المصدر: طريق الثّــــورة، العدد 54-سبتمبر-اكتوبر 2019‏
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
بيــــــــــــــــــــــــــــان : وضع المــرأة يـزدادُ ســوءًا
‏ في 8 مارس من كل سنة تحتفل البشرية المناضلة بالعيد العالمي للمرأة ويأتي الاحتفال هذا العام وسط ‏أجواء يحتدم فيها الصراع بين البروليتاريا والشعوب و الأمم المضطهدة من جهة والامبريالية وعملائها من ‏جهة ثانية، وفي مجرى المعركة تسيل دماء كثيرة في قارات العام الخمسة، فالبرجوازيون والإقطاعيون لا ‏يجدون من وسيلة للرد على مطالب الكادحين المشروعة عبر العالم غير القمع بما في ذلك إشعال نار ‏الحروب المدمرة، ففي سوريا وفلسطين وليبيا ومصر والعراق والسودان واليمن وتونس والهند وبيرو ‏وكولمبيا و كردستان وإفريقيا الوسطى يسقط آلاف الضحايا كل شهر. ومن لا تفتك به الحرب يقع ‏ضحية جشع المستغلين ونهمهم للإثراء والربح فتتزايد أعداد ضحايا الطرد من العمل والمعطلين والجوعى ‏و المرضى و المهجّرين. ‏
‏ ومن بين الضحايا ملايين النساء الكادحات اللواتي يخضعن فضلا عن ذلك إلى الاغتصاب والضرب ‏والاختطاف و التمييز الجنسي دون محاسبة جلاديهم في غالب الحالات، رغم كل الصخب الإعلامي عن ‏حقوق النساء والمساواة بين الجنسين.‏
‏ و في تونس تخضع المرأة الكادحة في المدينة والريف إلى اضطهاد ازداد قسوة خلال السنوات الأخيرة فمع ‏هزيمة الانتفاضة واستمرار النظام القديم و ترميمه لصفوفه بمساعدة الرجعية العالمية يجد جمهور ‏النساء نفسه وهو يعانى من الاضطهاد المزمن كالعادة، وهو ما يتجلى في البطالة والاستغلال في العمل ‏وغياب أدني الحقوق الاجتماعية بالنسبة إلى مئات الآلاف من النساء اللواتي يشتغلن في ظروف بائسة.‏
‏ و ازداد هذا الاضطهاد حدة مع تصاعد الدعوات الموغلة في الرجعية لإعادة النساء إلى البيوت وفرض ‏تعدد الزوجات و ارتداء النقاب و الحرمان من الحق في العمل و تسليط قيود عليهن في الدراسة، وصولا ‏إلى امتهان كرامتهن البشرية من خلال أنواع من الزواج تتحول معها المرأة إلى بضاعة جنسية.‏
‏ وليس هناك من طريق أمام المرأة الكادحة لنيل حقوقها السياسية والاجتماعية غير طريق الثورة وهو ما ‏يتطلب مساهمتها في جهود سائر الكادحين في المصانع والحقول في المعاهد والجامعات وفي البيوت لتنظيم ‏الصفوف من أجل انتصار قضايا التحرر الوطني والاشتراكية ووحدة الأمة العربية وظفر الأممية ‏البروليتارية.‏
‏ حزب الكادحين، 8 مارس 2014‏
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
بيـــــــــــان حول تصريح السبسي بخصوص المساواة في الإرث بين الجنسيْن
‏ صرّح الباجي قائد السبسي يوم 13 أوت 2017 في خطاب بمناسبة اليوم الرسمي للمرأة أنه شكل لجنة ‏للنظر في المساواة في الارث بين الجنسين وطلب من وزير العدل إعادة النظر في القانون رقم 73 الذي ‏يمنع المرأة التونسية المسلمة من الزواج من غير المسلم وفي علاقة بذلك يعبّر حزب الكــادحين عما يلي:‏
أولا : مشروعية مطلب المساواة بين الجنسين في كافة المجالات بما في ذلك الارث وسائر الأحوال المدنية .‏
ثانيا : التنبيه الى أن التلاعب بالمطالب الحقوقية للمرأة لغايات انتخابية من شأنه تقسيم الشعب ‏على أسس وهمية وحرف الانظار عن المطالب السياسية والاجتماعية .‏
ثالثا : خطورة النزعة الدينية التكفيرية التي تجد في المطالبة بالمساواة بين الجنسين مطية لرفع شعارات ‏تخلط بين الدين والسياسة وتحقيق أهداف رجعية مناقضة لمصالح الكادحين .‏
‏ حزب الكادحين، 16 أوت 2017 ‏
‏---------------------------------------------------------------------------------------------------------------‏‏------‏
مقتطف من حوار مع فريد العليبي ‏
كيف يعزّز اليسار مكانة المرأة داخل أحزابه وفي المجتمع ؟ ‏
‏-‏‎ ‎قوى اليسار معروفة بكونها مدافعة عن حقوق المرأة ومساواتها ودورها الفعال، كيف يمكن تنشيط ‏وتعزيز ذلك داخل أحزابها وعلى صعيد المجتمع ؟
النساء نصف السماء، وقد بين الفيلسوف العربي ابن رشد قبل قرون أن بإمكانهن أن يكن حاكمات ‏وحكيمات و محاربات، على قدم المساواة مع الرجال مشبها من أستبعد منهن من المشاركة في الحياة العامة ‏بالأعشاب الطفيلية التي تلحق الضرر بالزرع‎ .‎
ان دورهن في الثورة مهم جدا، و تعزيز هذا الدور يقتضي ذهاب الثوريين إلى المعامل و الحقول والمعاهد ‏والجامعات لتنظيم جمهور النساء، وفي خضم الكفاح ستفرض المرأة المناضلة حضورها، ولن تحتاج ‏لمراسيم حزبية رجالية لكي تتصدر القيادة هنا أو هناك‎ .‎
ان ما يحتاجه الثوريون هنا هو القطع مع الانحراف الذي ساد خلال فترة حكم بورقيبة و بن علي، حيث ‏نظر إلى قضية المرأة في انفصال عن المسألة الوطنية الديمقراطية، بالتركيز على الجانب الحقوقي، ‏والتغافل عن بقية الجوانب مما جعل المسألة منحصرة في بعض المطالب الديمقراطية دون سواها، مثل ‏المساواة في الميراث و محاربة العنف المسلط على النساء، أي إن المطلوب هنا هو الاهتمام رئيسيا بنضال ‏المرأة في المعامل و الحقول، وعندها سيتحقق الارتباط الضروري بين كفاح النساء والرجال من أجل ‏التحرر الوطني الديمقراطي و التقدم على طريق الكفاح من أجل الاشتراكية فتحرر النساء جزء من تحرر ‏الشعب نفسه ولا يمكن أن يكون بديلا عنه‎ .‎
المصدر: من ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - ‏بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن. ‏
الحوار المتمدن-العدد: 3567 – 5 ديسمبر 2012‏



#حزب_الكادحين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ‏ في ذكرى انتصار الثورة الصينية:‏ إنجازات الحزب الشّيوعي الص ...
- افتتاحيّة العدد 61 من جريدة طريق الثّورة
- جريدة طريق الثورة - العدد 60
- تونس : ليس للرجعية ما تقدمه غير القمع وللشعب حق المقاومة .
- تونس : كفاح مشروع وقمع مرفوض .
- تونس: تحوير وزاري و غضب شعبيّ
- بيان مشترك بمناسبة 14 جانفي
- ما العمل ؟ افتتاحيّة العدد 60 من جريدة طريق الثّورة
- طريق الثّورة: نصوص حول الانتفاضة التونسية
- ‏ تونس/ العين السخونة: هذا التحارب سببه التكتيكات التّخريبيّ ...
- بيان - أزمة الرجعبة في تونس
- بيان أممي في الذّكرى المئويّة الثانية لميلاد فريدريك إنجلز:‏ ...
- كرّاسات شيوعيّة - عدد 1- الرّئيس ماوتسي تونغ يدعم كفاح الأفا ...
- نداء أممي من اجل إطلاق سراح الدكتور سايبابا
- تونس: الاحتجاجات الاجتماعية تتصاعد والانفجار ليس ببعيد
- رأس المال: حلّ الأزمة بمزيد استغلال الكادحين‏
- وداعا جان ميردال، المثقّف الشيوعي الثّوري ‏
- افتتاحية العدد الجديد من جريدة الحزب الشيوعي الماوي في ايطال ...
- الحزب الشيوعي التركي/الماركسي اللينيني يؤبّن الشهيديْن أوزغو ...
- أمريكا : حول الوضع الحرج الحالي .


المزيد.....




- ضغوط أميركية لتغيير نظام جنوب أفريقيا… فما مصير الدعوى في ال ...
- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حزب الكادحين - كرّاس نصف السّماء : نصوص حول المرأة الكادحة