أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - متى يتخلص العراق من الهيمنة الإيرانية؟















المزيد.....

متى يتخلص العراق من الهيمنة الإيرانية؟


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 6827 - 2021 / 2 / 28 - 16:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



غني عن القول أن الشعب العراقي هو ليس الشعب الوحيد الذي يتكون من تعددية الأثنيات، والأديان، والمذاهب واللغات، فمعظم شعوب العالم هكذا، وعلى سبيل المثال لا الحصر، الشعب الهندي يتكون من أكثر من 2000 أثنية ودينية ولغوية (حسب غوغل)، ولكن مع ذلك فالهند تُعد أكبر دولة ديمقراطية متماسكة بوحدتها الوطنية. ونفس الكلام ينطبق على روسيا الاتحادية وغيرها. ولكن الفرق بيننا وبينهم، أن أغلب هذه الشعوب تعيش في وحدة وطنية متآخية بين مكوناتها، وفق مبدأ (الوحدة في التعددية=Unity in the diversity)، بينما العراق الذي هو مهد الحضارة، ومخترع الكتابة والعجلة، وأول مدونة قانونية (شريعة حمورابي...الخ)، صارت التعددية فيه وسيلة لتفتيت الشعب، وإثارة النعرات والصراعات الدموية، فبدلاً من الولاء الوطني للعراق، راح السياسيون يمنحون ولاءهم لدول الجوار، وكل فئة سياسية تحاول الإستقواء بدولة مجاورة لإلحاق أشد الأضرار بالوحدة الوطنية العراقية.
فالعراق ما أن يتخلص، أو يكاد أن يتخلص من خطر داهم حتى ويظهر له خطر آخر. فبعد دحر عصابات (داعش) ظهرت له مخاطر المليشيات الولائية الموالية لإيران، والتي هي لا تقل خطورة من داعش. وهذه المليشيات وقواها السياسية والإعلامية راحت تستخدم المشاعر الدينية، والمصطلحات السياسية ذات النكهة الرومانسية الثورية والجاذبية لدى أغلب العراقيين البسطاء، مثل (المقاومة الوطنية)، و(خط المقاومة) ويقصدون بها مقاومة "الاحتلال الأمريكي"، وكأن العراق فعلاً محتل من قبل أمريكا. بينما الكل يعرف أن وجود عدد قليل من العسكريين الدوليين من بينهم أمريكان، جاؤوا بناءً على دعوة من الحكومة العراقية لمساعدة العراق في حربه على داعش، وليسوا قوات احتلال إطلاقاً.

فقد كتب في هذا الخصوص الباحث الأكاديمي العراقي الدكتور عقيل عباس، مقالاً قيماً بحلقات بعنوان: ("المقاومة" من خطاب التحرير إلى اضعاف الدولة)، شرح فيه بمنتهى الموضوعية والوضوح مخاطر التلاعب بالألفاظ لإظهار الحق بالباطل والباطل بالحق، لدغدغة مشاعر المواطنين الدينية والوطنية وتوجيهها لتدمير الوطن وإضعافه بدلاً من تقويته وإعماره. (1، 2).

فمن يتابع مواقع التواصل الاجتماعي، يقرأ العجب من تعليقات ومجادلات، وبمختلف الدرجات من السخف والتفاهة والهراء، و الحدة، والعنف اللفظي في التخوين والتكفير، ونظرية المؤامرة ضد كل من يختلف معهم.
فعلى سبيل المثال، نقرأ هذه الأيام عن زيارة قداسة البابا فرانسيس للعراق، التي في رأي كل من له عقل سليم، أن هذه الزيارة لها فوائد كبيرة وكثيرة للشعب العراقي الجريح المحروم من الأمن والاستقرار. فهذه الزيارة مناسبة للتقارب بين الأديان، والتآخي بين مكونات الشعب العراقي، و الفات نظر العالم إلى ما يتمتع به العراق من مواقع أثرية وتاريخية ودينية، حيث وُلد فيه أبو الأنبياء النبي إبراهيم، ومنه ظهرت الأديان السماوية (الإبراهيمية) الثلاثة الكبرى: اليهودية والمسيحية والإسلام، وما سيستفيد منه العراق اقتصادياً وإعلامياً ومعنوياً في تشجيع السياحة الدينية من أتباع مختلف الديانات في العالم... إلى آخره، فيما لو تم التعامل مع هذه المناسبة المهمة بطريقة حضارية راقية تتناسب ومكانة العراق التاريخية.
ولكن بدلاً من ذلك نرى البعض الآخر وخاصة من أنصار إيران، يحاولون تسميم عقول العراقيين، و الرأي العام العالمي، فيتمادون في تضليل الجهلة، و يقولون أن الغرض الوحيد من زيارة البابا للعراق هو الترويج لسياسة التطبيع مع إسرائيل!!

والأسوأ من ذلك طلع علينا جهبذ آخر يقول: أن ((زيارة البابا الى العراق في هذا الوقت بالذات لها علاقة بالتنبؤات التوراتية والانجيلية.. انهم يحاولون تأخير ظهور الامام المهدي القائم صاحب العصر والزمان ارواحنا لتراب مقدمه الفداء .. وتأخير عودة السيد المسيح على الحبيب المصطفى نبينا وآله وعليه أفضل الصلاة والسلام .. وذلك ليحافظوا على مكاسبهم الدنيوية الفانية... ولكن هيهات فإنهم لن يستطيعوا( وان اجتمعوا ) تحدي مشيئة الخالق وإيقاف عجلة التاريخ...)) أنتهى الاقتباس.

وإذا ما ذكرت لهم خلاف ذلك فسرعان ما يتهمونك بأبشع التهم، وينعتونك بأسوأ النعوت من بينها أنك جاهل، وجوكر أمريكي، وعميل صهيوني، ...الخ. وهذا بالطبع نوع من الإبتزاز، ولإسكات كل من يتجرأ ليفهمهم الحقيقة.

فمنذ سقوط النظام البعثي الفاشي في العراق استغلت إيران الوضع الجديد الهش في العراق، وعملت على إضعافه وحرمانه من أي استقرار، وذلك عن طريق تشكيل عشرات المليشيات المسلحة الموالية لها والممولة من قبلها.
والسؤال المهم هو لماذا تصر الحكومة الإيرانية الإسلامية على إضعاف العراق وإبقاء شعبه مفتتاً وفي صراعات دائمة بين مكوناته وقواه السياسية، وتريد مواجهة أمريكا في العراق؟

في الحقيقة إن إيران ليست وحدها التي لا تريد نجاح الديمقراطية في العراق ولا استقراره، بل جميع دول الجوار تسعى لهذا الغرض الدنيء ، وذلك بسبب خوفها من نجاح الديمقراطية التي يسمونها بـ"الديمقراطية الأمريكية" لتقبيح صورتها، وذلك خوفاً من وصول عدواها إلى شعوبهم، وخاصة إيران لأن ظروفها تشبه ظروف العراق.

فإيران تعاونت مع الامريكان في أول الأمر لتغيير نظام صدام في العراق، ونظام طلبان في أفغانستان، ليصبح العراق تحت سيطرتهم، والتخلص من طلبان عدوتهم. ولكن الايرانيين لن يسمحوا للعراق ان يستقر سياسياً، ويزدهر إقتصادياً في الصناعة والزراعة والخدمات وغيرها، لأنهم يريدون العراق أن يبقى متخلفاً وضعيفاً وساحة لتصفية حساباتهم، وسوقًا لبضائعهم، وامتدادا الى حدودهم .... وقد أخبرني صديق مطلع على السياسة الإيرانية نقلاً عن مسؤول ايراني كبير، قائلاً: "لن نسمح للعراق ان يستقر لأن استقرار العراق يفتح علينا ابواب جهنم. لأن الشعب الإيراني مثل الشعب العراقي مكون من قوميات وأديان وطوائف متعددة، ونجاح التجربة الديمقراطية العراقية سوف يشجع هؤلاء للمطالبة بنفس الاشياء، وتكون لهم نفس الاهداف." لذلك لن يسمحوا للعراقيين ان يستمتعوا بالديمقراطية.

والجدير بالذكر أن إيران تاريخيا سبب عدم استقرار العراق منذ الدولة الساسانية وما قبلها وإلى اليوم. والحكام الملالي رغم أنهم يدَّعون التشيع إلى الإمام علي وأهل البيت، إلا إنهم عملياً يتبعون سياسة معاوية وعمر ابن العاص في الخبث والدهاء. فإيران لم تبعث جيشاً لتحتل العراق، بل شكلت عشرات المليشيات الولائية من العراقيين، والتي تأتمر بأوامر الولي الفقيه الإيراني، وتعمل على إضعاف الحكومة العراقية، وبعد أن أضفت القداسة الدينية على هذه المليشيات واعتبرتها ضمن الحشد الشعبي. وهذا ما يسميه المفكر الإيراني الراحل علي شريعتي بـ(الإستحمار)، أي أن الدولة الأجنبية تستحمر أبناء البلد، ويسيطرون عليه عن طريقهم. وهذا ما اتبعته إيران في لبنان، وسوريا، واليمن بالإضافة إلى العراق طبعاً. وقد وضحنا ذلك وأكدنا عليه في مقال لنا بعنوان (المليشيات (الولائية) ليست من الحشد الشعبي)، أن هذه المليشيات هي ضد استقرار العراق.(3)

لقد ذكرنا مراراً ونعيد عسى أن تنفع الذكرى، أن إيران تستغل الشيعة والقضية الفلسطينية لأغراضها السياسية التوسعية، وبذلك فهي أضرت بمصلحة الشيعة العرب في أوطانهم العربية حيث جعلتهم في موضع الشبهة في ولائهم لأوطانهم، كما ألحقت أشد الأضرار بالقضية الفلسطينية.
[email protected]
ـــــــــــــــــــــــــ
روابط ذات صله
1- د.عقيل عباس: "المقاومة" من خطاب التحرير إلى اضعاف الدولة (1)
https://akhbaar.org/home/2021/2/280047.html

2- د.عقيل عباس: المقاومة من خطاب التحرير إلى إضعاف الدولة (2)
https://akhbaar.org/home/2021/2/280047.html

3- عبدالخالق حسين: المليشيات (الولائية) ليست من الحشد الشعبي
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=696336



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موقف الإسلام السياسي من الحضارة والحداثة
- لماذا فشل الإسلام السياسي في حماية الدين والفضيلة؟
- لماذا الدعوة لتدمير العراق في سبيل إيران؟
- أمريكا تستعيد وضعها الطبيعي
- المليشيات (الولائية) ليست من الحشد الشعبي
- حزب الله العراقي يعترف بضرب السفارات الأجنبية
- مخاطر قصف السفارات الأجنبية في العراق
- التدخل الإيراني في العراق.. إلى أين؟
- هل النظام الإيراني فوق النقد؟
- حول علاقة العراق بأمريكا وإيران
- العراق بين فاشيتين
- إيران تستغل الشيعة والقضية الفلسطينية لأغراضها التوسعية
- أسباب ثورة 14 تموز 1958، (الوضع قبل الثورة)*
- الإجراءات الوقائية ضد كورونا أخطر من المرض نفسه
- كورونا ثورة الطبيعة التصحيحية وتعزيز للعولمة
- في ذكرى جريمة انقلاب 8 شباط الأسود
- في وداع الشخصية الوطنية العراقية عزيز الحاج
- العواقب الوخيمة لقرار إخراج القوات الأجنبية من العراق
- مقتل سليماني والمهندس تصعيد إلى حرب كارثية
- الهجوم على السفارة الأمريكية يضر بالعراق


المزيد.....




- -طبيب العطور- بدبي.. رجل يُعيد رائحة الأحبة الغائبين في قارو ...
- -أمر أخلاقي وعادل-.. ترينيداد وتوباغو تقرر الاعتراف رسميا بـ ...
- السيدة الأولى للعراق شاناز إبراهيم أحمد تكتب لـCNN: فرسان ال ...
- السعودية.. تداول فيديو لمواطن يطلق النار من سلاحه بمكان عام. ...
- شاهد: -السحابة الخارقة- تضرب شمال فرنسا وهطول برَد بحجم حبة ...
- رصد طائرة غريبة وغير مألوفة في الولايات المتحدة
- مصر.. من هو إبراهيم العرجاني رئيس اتحاد القبائل العربية في س ...
- مشروبات كحولية لا ينصح بتناولها مع اللحوم المشوية
- أردى أحدها قتيلا.. شرطي أمريكي يخلص رجلا من أنياب كلاب شارد ...
- رئيس الوزراء الهنغاري: أوروبا تلعب بالنار


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - متى يتخلص العراق من الهيمنة الإيرانية؟