أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ربيعة العربي - المعجم الذهني والقاموس















المزيد.....

المعجم الذهني والقاموس


ربيعة العربي

الحوار المتمدن-العدد: 6814 - 2021 / 2 / 14 - 15:54
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


ربيعة العربي وأشرف فؤاد
بما أن المعجم الذهني يتضمن خصائص أو معلومات مشابهة لتلك الموجودة في القاموس، فإنه من المشروع أن نتساءل عن هل هناك تطابق بينهما. لمقاربة هذا الإشكال يلزم أن نتناول مجموعة من نقاط الائتلاف والاختلاف القائمة بينهما.
ننطلق في مناقشتنا لهذه المسألة من قول أليونينا Alyunina (2017) :
" يُجمِع كل الباحثين على فكرة بديهية مفادها أن المعجم الذهني، هو في الواقع، قاموس اللغة الفطرية native language المُخزن في رؤوسنا. إن وجود مثل هذا القاموس يخول لنا التعرف على الكلمات المألوفة عند الاستماع أو القراءة وفهم معانيها، وبالمقابل، البحث عن الكلمة المناسبة لنقل فكرة عند التكلم أو الكتابة. فالمعجم الذهني، شأنه شأن القاموس العادي، يجب أن يكون مزودا بأنسقة ترميزية coding systems للصور الصوتية والكتابية graphic، من جهة، وبالمعاني من جهة أخرى."
يتضمن هذا القول وجود تقاطعات بين المعجم الذهني والقاموس، وهي تقاطعات يستحضرها أيضا فاي Fay وكيتلر Cutler (1977: 508 - 509) اللذان يتصوران المعجم الذهني على أنه:
" يشبه القاموس المطبوع، أي أنه يتكون من أزواج من المعاني والتمثيلات الصوتية. يسجل القاموس المطبوع لكل مدخل نطق الكلمة ويحدده بواسطة كلمات أخرى. بالمثل على المعجم الذهني أن يمثل، بعض جوانب معنى الكلمة على الأقل، وإن لم يكن طبعا بطريقة القاموس المطبوع نفسها. يجب، أيضا، أن يدرج معلومات حول نطق الكلمة، وإن كان من المحتمل، مرة أخرى، ألا تكون بطريقة القاموس العادي نفسها."
فإذا كان فاي وكيتلر يؤكدان وجود نقاط التشابه بين المعجم الذهني والقاموس، وخاصة فيما يهم طبيعة المعلومات التي تمثِّل لها الوحدات المعجمية، فإن نقطة الاختلاف الجوهرية القائمة بينهما تتلخص في طرائق تمثيل هذه المعلومات وكيفيات تخصيص هذه الوحدات المعجمية، وهو الأمر الذي تنبهت إليه آيتشسن Aitchison(2003 :3) التي ركزت، في إطار مقارنتها بين المعجم الذهني والقاموس، على كيفية ترتيب الكلمات في كل منهما، معتبرة أن كلا من المعجم الذهني والقاموس يحتويان على كلمات اللغة مرتبة وفق مبادئ مخصوصة.
إلى جانب نقاط الائتلاف التي تجمع بين المعجم الذهني والقاموس، يورد هي He ودنج Deng (2015 : 41) نقاط ائتلاف أخرى، إذ يقران أنه على الرغم من أن المعجم الذهني هو مفهوم تجريدي، إلا أن مقارنته مع القاموس، تبين لنا مجموعة من الأوجه المتماثلة، منها ما يلي:
- إنه يحيل على مخزون الكلمات التي تتضمنها اللغة الطبيعية.
- إنه يوفر لمستعمل اللغة معلومات حول طرق استخدام الوحدات المعجمية.
- إنه يتضمن مزاوجة بين الصوت والمعنى.
من منظور مخالف، يتجاوز بعض الباحثين النظر إلى طبيعة المعلومات المحددة لكل من المعجم الذهني والقاموس إلى النظر إلى طبيعة الروابط القائمة بين الكلمات في كل منهما. نذكر من بينهم آيتشسن (1987) وبندر دو سوسا ورزنجيلا غابرييل (2015) اللائي لا يقمن توازيا بين القاموس والمعجم الذهني، وذلك بالنظر إلى جملة من الاختلافات الجوهرية التي نجملها فيما يلي:
1- خلافا للقاموس، لا تنتظم الكلمات في المعجم الذهني وفق الترتيب الألفبائي، وإنما لها كيفيات انتظام مغايرة.
تُرجع آيتشسن (1987) هذا الاختلاف إلى أن المعجم الذهني لا يمكن تنظيمه على أساس الأصوات أو الإملاء، كما هو الشأن بالنسبة إلى القاموس، بل ينبغي مراعاة المعنى أيضًا، كما ينبغي مراعاة الخصائص النحوية للكلمات.
2 – القاموس ثابت، فهو يحتوي على عدد محدود من الكلمات، وهو فضلا عن ذلك، لا يواكب التطور الدائم للغة. بينما المعجم الذهني متغير بفعل أنه يتطور وينمو كلما زاد المخزون المفرداتي لمستعمل اللغة، كما أنه يتكيّف بشكل مستمر مع ظهور كلمات جديدة واختفاء كلمات أخرى لم تعد متواترة الاستعمال. أضف إلى ذلك أنه يتكيف مع التغييرات التي قد تطرأ على معاني الكلمات وألفاظها ومختلف أشكال المعلومات المرتبطة بها. في هذا الإطار، تقول سزوبكو سطريكSzubko-Sitarek (2015) إن:
"اللغات لا تتطور باستمرار فحسب، بل إن المعرفة اللغوية الفردية لمتكلم اللغة تتغير هي الأخرى بمرور الوقت. ينتج عن ذلك أن التمثيلات الذهنية تتغير - تضاف معاني جديدة، بينما يصبح من المتعذر النفاذ إلى الكلمات التي يندر استعمالها أو لا تُستعمل مطلقًا."
إن المعلومات الموجودة في الدماغ هي دائمة التحيين. لا تحتوي الكلمات على تعريفات ثابتة في الدماغ، فمعظمها له معاني متعددة تختلف باختلاف سياقات ورودها، و هذا ما يجعل جوهر المعجم الذهني محكوم بطبيعته الدينامية.
3- ترد الكلمات في القواميس منفردة، كل واحدة منها بمعزل عن الأخرى، بينما الكلمات في المعجم الذهني مترابطة بواسطة تعالقات تجميعية، تحددها طبيعة الخصائص القائمة فيما بينها.
4 - يشتمل المعجم الذهني على معلومات أكثر بكثير من القاموس. مرد ذلك أن الكلمة في المعجم الذهني لا تحدَّد وفق خصائصها فحسب، بل أيضا وفق تعالقاتها مع كلمات أخرى محاقلة.
5- الدلالات مسجلة في كل من المعجم الذهني والقاموس. لكن المعجم الذهني أكثر دقة من القاموس، لأنه يخزن أكبر عدد منها.
6 – القاموس محدود بطبيعته، إذ يخضع تنظيمه لبعد واحد، في حين أن المعجم الذهني يمكن النفاذ إليه بوضوح باعتماد أبعاد متعددة، كما يمكن النفاذ إليه باعتماد أكثر من بعد في وقت واحد.
7- لا يحصل النفاذ إلى المداخل المعجمية في القاموس وفي المعجم الذهني بالطريقة نفسها. في القاموس، تتساوى المداخل المعجمية في إمكانية النفاذ إليها. أما في المعجم الذهني، فالنفاذ إلى الكلمات الأكثر تواترا يكون أسرع من النفاذ إلى الكلمات الأقل تواترا. يدل هذا على أن الكلمات المخزنة في أذهاننا لها درجات متفاوتة من إمكانية النفاذ. في هذا الإطار تشير آيتشسن (2003 ب: 57) إلى أنه قد ثبت أن تواتر الاستعمال والسياق وقابلية الصورة imageability هي من أكثر العوامل التي تؤثر على النفاذ إلى كلمة معينة.
8 – فيما يخص صورة العناصر المخزنة: العناصر التصورية مخزنة في المعجم الذهني إلى جانب العناصر اللغوية. تتحدد هذه العناصر التصورية وفقا للسياق وللحالة، لذلك فهي تختلف من شخص إلى آخر.
9- في القاموس يتساوى الأشخاص في إمكانية النفاذ إلى المداخل المعجمية وفي إمكانية النفاذ إلى المعلومات المخزنة. في حين أنهم يتفاوتون في إمكانية النفاذ إلى المداخل المعجمية في المعجم الذهني.
في إطار المقارنة، تشير سزوبكو سطريك (5120)إلى أن القاموس المكتوب هو مجرد جرد للمعلومات الكلامية، في حين أن المعجم الذهني يتضمن المعطيات التصورية اللغوية الكلامية وغير الكلامية، وهي تحيل على سشرودر Schreuder وفلورس دركيس Flores d’Arcais (1989)اللذين يذهبان إلى أن هذه الخاصية مميزة للمعجم الذهني الإنساني بالطريقة التالية:
" للكلمة في المعجم الذهني، إلى جانب مميزاتها المعجمية مدارك percepts غير كلامية وتمثيلات تصورية وصور مستمدة من تجربة "واقع الحياة" .
كل هذه الاختلافات، قادت كابريس- بركر Gabrys´-Barker ( 2005 : 39) إلى استخلاص أنه:
"يجب أن يُنظَر إلى المعجم الذهني بوصفه نسقا تصوريا أكثر من كونه مجرد جرد للمداخل. نسقا يتألف من المفاهيم وتحققاتها اللغوية الفونولوجية منها والإملائية، مع التركيز بشدة على الأجرأة المعجمية (...). هذا يعني، عد النفاذ والاسترجاع دليلين على بنية اشتغال المعجم الذهني."
نختم حديثنا عن الاختلافات بين القاموس والمعجم الذهني بما ورد عند آيتشسن (2003 : 16) التي تذهب إلى أن العلاقة بين القاموس والمعجم الذهني هي إلى حد ما، مثل العلاقة بين الكُتيب السياحي الذي يروج لمنتجع على شاطئ البحر والمنتجع نفسه. يقدم لنا الكتيب السياحي لمحة جزئية مقتضبة عن المكان كما كان في فترة ما من الماضي، وهو لا يعطينا صورة حقيقية عن كيفية تناسق الأجزاء المختلفة للمنتجع لتشكيل كل متكامل. بالمثل، يقدم لنا القاموس عرضًا أنيقًا عن المعجم الذهني، لكن هذا العرض غير مكتمل. إن الاختلافات بين الكلمات في الذهن والكلمات في القاموس عميقة جدا. لذلك، لا يمكن أن نتوقع من القاموس أن يتضمن المعلومات نفسها التي يتضمنها المعجم الذهني.
المزيد من التوضيح ينظر الرابط
https://www.youtube.com/watch?v=4JHEgAXlWCE



#ربيعة_العربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكلمة: المفهوم و المنظور
- البحث العلمي: مراتبه و خوارزماته
- حلو كالنسيان...
- تذكرة للرحيل
- مؤسس محير
- دو سوسير و محيطه الثقافي: جدلية الامتداد و القطيعة
- ابتذال الرواية رواية الابتذال : محمد شكري نموذجا
- التداولية الاستدلالية
- الاكتساب اللغوي المبادئ و الوسائط
- ضد هذا البياص أسير
- بنية الثورات العلمية
- نظرية النحو الوظيفي
- نظرية الأنحاء التوليدية التحويلية: النشأة و التطور
- ملامح من الغني الزاهر
- عتبة العبور
- نحو نحو وظيفي للخطاب لسيمون ديك ترجمة
- بلاغة الحجاج و تقنيات التأثير
- حد الدنيا
- رجع الصدى
- سجين الصورة


المزيد.....




- سعودي يوثق مشهد التهام -عصابة- من الأسماك لقنديل بحر -غير مح ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل ضرباته ضد أهداف تابعة لحماس في غزة
- نشطاء: -الكنوز- التي تملأ منازلنا في تزايد
- برلين تدعو إسرائيل للتخلي عن السيطرة على غزة بعد الحرب
- مصر تعلن عن هزة أرضية قوية في البلاد
- روسيا تحضر لإطلاق أحدث أقمارها لاستشعار الأرض عن بعد (صور)
- -حزب الله- يعلن استهداف ثكنة إسرائيلية في مزارع شبعا
- كييف: مستعدون لبحث مقترح ترامب تقديم المساعدات لأوكرانيا على ...
- وسائل إعلام: صواريخ -تسيركون- قد تظهر على منظومات -باستيون- ...
- رئيس الوزراء البولندي: أوروبا تمر بمرحلة ما قبل الحرب وجميع ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ربيعة العربي - المعجم الذهني والقاموس