ربيعة العربي
الحوار المتمدن-العدد: 4247 - 2013 / 10 / 16 - 08:03
المحور:
الادب والفن
تجاوزت عتبة العبور و صرت أسابق ظلي، تارة يسبقني و تارة أتركه خلفي... صوت أمي يلاحقني: عودي، لا تبتعدي كثيرا... الشاطئ مكتظ برواده... تابعت الجري دون أن أعبأ بنداءاتي أمي و لا بتوسلاتها. تلاشى الصوت. أنا طفلة و أريد أن أقوم برحلة استكشافية لهذا الشاطئ، الذي أزوره لأول مرة.أمي متعبة و لن تستطيع اللحاق بي. خففت من سرعتي لأتأمل هذا البحر الذي أذهلني بأمواجه، و الشاطئ الذي تمتد رماله أمامي كخارطة طريق ملتوية. التفت إلى الوراء فبدت لي أمي تركض خلفي فضاعفت سرعتي، و صرت كلما قطعت مسافة ألتفت خلفي إلى أن بدت لي أمي نقطة صغيرة تتحرك في غير هدى. أحسست بالتعب، فرميت بنفسي فوق الرمل. أحسست بحرارته تخترق جسدي. تحرقه. بدأت أصرخ: أمي... أمي. سمعت للتو قهقهات أطفال كانوا يلعبون بجانبي، و سمعت أحدهم يقول ساخرا: تنادي أمها و هي في هذه السن. تعالت القهقهات. رماني أحدهم بمرآة التقطها بصورة تلقائية، و تطلعت إلى وجهي. طالعتني ملامح كئيبة لامرأة عجوز أحسست بالرعب، فالتفت إلى الوراء و أنا أصرخ بكل قواي: أمي... أمي. رأيت النقطة الصغيرة تكبر و تكبر، تقترب و تقترب إلى أن اتضحت لي هيئة أمي كانت تسير مهرولة نحوي. اقتربت مني مدت لي يدها تطلعت إليها بعينين دامعتين فرأيت نظرة طفولية لامرأة في عز شبابها.
#ربيعة_العربي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟