أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ربيعة العربي - حد الدنيا














المزيد.....

حد الدنيا


ربيعة العربي

الحوار المتمدن-العدد: 3748 - 2012 / 6 / 4 - 13:16
المحور: الادب والفن
    


حد الدنيا


بعد يوم شاق من العمل عدت بقطيع الغنم إلى الزريبة، و أنا أغني مقطعا للحاجة الحمداوية. نهرتني اللا طامو قائلة:
ـ كف عن هذه العادة فصوتك لا يصلح للغناء و أسرع بإدخال الغنم إلى الزريبة و الحق بي فورا.
أوصدت باب الزريبة بإحكام و أسرعت الخطى لكي لا تلومني للا طامو، فلقد كان لها في قلبي محبة خاصة و هي بدورها تعاملني بكل لين. لما دخلت الدار قالت لي:
ـ انظر إلى أكياس القمح المتبعثرة هناك. لقد أتى بها ولد محمد و وضعها هنا. أريدك أن تدخلها كلها إلى ‘‘بيت الخزين‘‘.
كانت هناك عشر أكياس ثقيلة، غير أنني تعودت أن أفعل كل ما تطلب مني للا طامو بكل طيب خاطر. و لكي لا أحس بالتعب بدأت أحمل الكيس تلو الآخر و أنا أغني:
ـ أميمتي أميمتي إلا جاك نعاس أنا ما جاني.
قالت للا طامو ضاحكة :
ـ ما أعرفه هو أنك تغط في نوم عميق كلما وضعت رأسك على الوسادة و شخيرك يصل إلى حد الزريبة.
توقفت قليلا و بدأت أرقص. في هذه اللحظة دخل عبد الكريم فقال لي ضاحكا:
ـ ‘‘الركزة...الركزة‘‘
فركزت بكل ما في قلبي من فرح طفولي.
نهرت للا طامو عبد الكريم و قالت له و هي لا تكف عن الضحك:
ـ كفاك تشجيعا له على الرقص، فإذا استمر على هذه الحال فإن أكياس القمح لن تبرح مكانها.
فقال لها:
ـ لا تخشي شيئا أمي سأعاونه على حملها.
و عاونني عبد الكريم على حملها و هو يردد معي:
ـ أوليدي أليدي إجا يلاقيني بحبيبي
لما أنهينا العمل و جدنا كؤوس الشاي في انتظارنا شربناها و أكلنا الخبز مع السمن و العسل. كان هذا هو عشائي لهذه الليلة.
ملأت معدتي و خرجت من المنزل. كان البدر في تمامه فصممت على أن أبيت فوق أكوام التبن الموضوعة قرب الزريبة. أخذت معي الناي الذي صنعته بنفسي و بدأت أعزف. تجمع حولي الأولاد. غنينا و رقصنا و ضحكنا و تحاكينا أمورا كثيرة حكى لي الأولاد عن المدرسة و عن المعلمين و عن المقالب الكثيرة و حكيت لهم عن الوادي و عن اللصوص الذين يتربصون بالغنم و عن أشكال السحب في السماء و عن النجوم التي أتأملها في الليل. قال لي عز الدين ضاحكا:
ـ أنا أعرف أنك ترعى الغنم بالنهار لكنني لم أكن أعرف أنك ترعى النجوم بالليل.
ضج الأولاد بالضحك. كان لموسم الحصاد محبة عميقة في قلبي لأن أولاد للا طامو يكونون في عطلة، و بما أن جو الصيف حار فكثيرا ما يفضلون النوم فوق أكوام التبن بقربي فنمضي الليل في السمر و الضحك إلى ساعات متأخرة ، و حين يأوبون إلى المدرسة أبقى لوحدي أقضي النهار في رعي الغنم و في الليل أحرس الدار مستأنسا بمذياع كانت للا طامو قد أهدته لي في إحدى المناسبات... و كانت القرية هي كل دنياي حدها الأقصى المرعى و حدها الأدنى السوق الأسبوعي...و كانت دنياي كتلة من أرض و سماء يمتدان في خط متصل لا انقطاع فيه .و لم يكن يخطر ببالي و لا لحظة واحدة أن هنالك حدودا أخرى للدنيا غير هذه الحدود إلا يوم حدثني عبد الكريم عن السرداب فكان لحديثة وقع السيف الذي أحدث انقطاعا حادا بين خطين كانا لوقت قريب لا انفصام فيهما.
يتبع



#ربيعة_العربي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رجع الصدى
- سجين الصورة
- أفول
- اضطراب عسر الانتباه نموذجا
- إياب
- الحد بين النص و الخطاب
- انبلاج
- ومضة
- قراءة في كتاب: التنظير المعجمي و التنمية المعجمية في اللساني ...
- السخرية استراتيجية الخطاب و سلطة الحجاج
- الحجاج و إشكال التأثير
- المصطلحية العسكرية: مقاربة وصفية مقارنة
- الغيرية في الخطاب الروائي : الطيب صالح نموذجا
- صعوبات التعلم و ظاهرة الفشل المدرسي (تتمة)
- نموذج مستعمل اللغة الطبيعية
- بدأ الخطو قصة قصيرة
- الحقيقة و الشبح
- صعوبات التعلم و ظاهرة الفشل الدراسي (2)
- صعوبة التعلم و ظاهرة الفشل الدراسي (1)
- معمارية الخطاب الشعري في ديوان -هسيس الدهشة-للشاعر أحمد بهيش ...


المزيد.....




- “رسميا من هنا” وزارة التربية العراقية تحدد جدول امتحانات الس ...
- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟
- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ربيعة العربي - حد الدنيا