شتان الفارق !!

حسن مدبولى

الحوار المتمدن-العدد: 6810 - 2021 / 2 / 9 - 14:42
المحور: الفساد الإداري والمالي
    

تستحوذ رياضة كرة القدم على شعبية طاغية بين ابناء مصر العربية، ويعتبر الاهلى المصرى النادى رقم واحد سواء من حيث عدد بطولاته،أو من حيث ضخامة أعداد مشجعيه ، كما أن هناك ملايين من المصريين يعشقون نادى الزمالك بشدة لا تقل عن عاشقى الأهلى ، و يأتى من بعد هذين الناديين الكبيرين أندية أخرى مثل الإتحاد والاسماعيلى والمصرى والمحلة إلخ ، و تدور بينهم جميعا منافسات كروية حامية ( بشكل نظرى على الأقل) فى ظل اهتمام شعبى واسع ،
ولا يقتصر هذا الشغف بكرة القدم على مصر وحدها ، فالغالبية العظمى من دول العالم لديها أندية كروية لها شعبية تجوب الآفاق ، فبريطانيا على سبيل المثال بها تشيلسى و مانشتر يونايتد وليفربول ومانشستر سيتى الخ ، واسبانيا بها ريال مدريد وبرشلونة وأتليتكو مدريد وفالنسيا الخ ،وايطاليا بها روما ونابولى وايه سى ميلان ويوفنتوس الخ ، أيضا ألمانيا بها بايرن ميونخ ومونشن جلاد باخ وشالكة وبروسيا دورتموند الخ ،وكل نادى من تلك الاندية له أيضا الملايين من المعجبين والمحبين الذين يعشقون تلك الفرق وغيرها ،
فامر كرة القدم من ذاوية العشق متماثل فى كل بقاع الأرض مهما بعدت المسافات ، ولكن ومع ذلك تظل هناك فوارق جوهرية رهيبة بين كرة القدم فى الدول المتقدمة والتى نشاهدها ونستمتع وننبهر بها وبفنياتها، وبين تلك التى تتم ممارستها فى الدول الأقل تقدما وتحضرا،
و تعود تلك الفوارق من وجهة نظرى إلى أن البون شاسع جدا بين مناخ المنافسات التى تجرى رحاها كرويا فى بلداننا،وبين مثيلتها التى تقام فى الدول الأكثر تقدما،فتكافؤ الفرص والمساواة هما الأصل فى جميع المسابقات هناك، كما لايسمح أبدا بأى تجاوز أو فساد أو تضارب للمصالح بين من يقودون المشهد الرياضى فى تلك الدول، سواء من الناحية الإعلامية الرياضية،أو من ناحية إدارة شئون اللعبة ، فمثلا رئيس الاتحاد الالمانى لكرة القدم رينهارد جريندل تم إجباره على الإستقالة من منصبه فى إبريل 2019 ، وذلك عقب ثبوت تلقيه هدية تتمثل في (ساعة يد واحدة) قيمتها 6 ألاف يورو، قدمها له الأوكراني جريجوري سوركيس نائب رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم عام 2016، ولم يجد رئيس الإتحاد الألمانى أحدا يدافع عنه من أصحاب الغرض، فغادر منصبه ببساطة وتحمل نتيجة عمله المشين ، رغم أن قيمة تلك الساعة لا تتجاوز واحد فى المائة من قيمة عشرات الساعات التى تلقاها احد مسئولى الرياضة المصرية كهدايا من احد المسئولين الخليجيين وتم فضحه علنا وعلى الملأ بدون أن تتم محاسبته، أو يستقل هو، بل إن مريديه وعشاقه ودراويشه تقبلوا الأمر وظلوا يدافعون عنه بشكل فضائحى مشين ؟

أيضا لا تعرف الاوساط الكروية فى تلك الدول ،رؤساء أندية بلطجية مجرمين قتلة يخوضون فى الأعراض ويهددون هذا ويسبون ذاك، معتمدين على الدعم والتغطية السلطوية وإرادتها حتى ترفعها عنهم متى شائت ووقتما يروق لها؟

،ومن الفوارق الجوهرية أيضا أنه فى الدول الغربية المتقدمة تسود قيم العدالة المطلقة والمساواة بين المتنافسين بالملاعب ، فحكام وقضاة الملاعب شامخون بالفعل ولهم شخصياتهم المستقلة التى تنفذ القوانين بنزاهة وتجرد ، وإن حدث أى تجاوز او تلاعب،فالحساب الفورى العسير فى انتظار المتلاعبين،فالقانون يطبق هناك بلا تهاون أو تمييز لأى سبب، فمثلا فريق اليوفينتوس الايطالى عوقب بالهبوط الى الدرجة الثانية نتيجة ثبوت التلاعب لصالحه فى نتائج بعض المباريات،وبالرغم من الشعبية الطاغية لذلك الفريق فى ايطاليا،وتدخل كبار المسئولين الإيطاليين، لكن تم فى يوم 14 يوليو عام 2006 إتخاذ قرار بهبوط اليوفينتوس “السيدة العجوز” إلى دوري الدرجة الثانية لأول مرة في تاريخه على خلفية الفضيحة الإيطالية الشهيرة بالتلاعب بنتائج المباريات “كالتشيو بولي”.

نفس الامر حدث فى فرنسا ضد فريق أوليمبيك مارسيليا حيث هبط ذلك النادي الكبير عام 1994 بسبب فضيحة شراء نتائج المباريات وتخدير لاعبى الفرق المنافسة وهم فى حجرات تغيير الملابس ! وقد تم الحكم بهبوط الفريق رغم أنه الفريق الفرنسى الوحيد الذى كان فائزا ببطولة دوري أبطال أوروبا عام 1993؟ فلم يتفلسف أحد امام تطبيق العدالة على من أفسدوا فى الأرض، ولم يتحجج آخرون بالشعبية وزعل الجماهير ؟ ولم يتدخل الاعلام للطرمخة واتهام الناس بأنهم أسرى لنظريات المؤامرة ؟

بإختصار فالرياضة بوجه عام ، و كرة القدم بوجه خاص لها شعبيتها وجماهيريتها الكبيرة فى العالم بأسره ، ولسنا بدع أو شواذ فى ذلك الموضوع ، لكن المنافسات التى تتم خارج بلداننا منافسات حقيقية عادلة متكافئة وشفافة ، تستخرج من اللاعبين والمتنافسين افضل ما فيهم وتطلق أقصى طاقاتهم الإيجابية ، وبالتالى فهم يتطورون ويتقدمون بشكل دائم وبخطى متسارعة لا تتوقف عن الإبداع ،فليس غريبا إذن أن تتلاعب فرقهم الآتية من المطار إلى الملعب ،و بأقل مجهود، بأولئك الذين يتم تقديمهم وتقديسهم فى بلداننا بإعتبارهم معجزات وأساطير وأسياد للكون ؟

#حسن_مدبولى (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات