أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصام الياسري - المعرفة ونشرها نموذجا هاما لمواجهة الاوضاع التي تعاني منها المجتمعات














المزيد.....

المعرفة ونشرها نموذجا هاما لمواجهة الاوضاع التي تعاني منها المجتمعات


عصام الياسري

الحوار المتمدن-العدد: 6801 - 2021 / 1 / 28 - 11:38
المحور: الادب والفن
    


بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية بفترة، إتجه الصحفيون والكتاب في المانيا لأسباب تاريخية، موضوعية وسياسية مباشرة ـ نحو رسم رؤية واقعية جديدة تجاه العالم وما يحيطه من نشوء متغيرات جيوسياسية، موصوفة بالالتزام الأخلاقي، بالضد من النظرة الشمولية "الكليانية" التي كانت سائدة في أكثر من مكان في بداية الربع الأول من القرن الماضي في اوروبا. تميزت بسيطرة الدولة على المجتمع بالقوة للتحكم بكافة أوجه الحياة بما في ذلك الاقتصاد والتعليم والاخلاقيات العقائدة وكافة جوانب الحياة العامة والخاصة للمواطنين. بهذه المكاشفة المذهلة لنقد الحدث "الحربي" وأسبابه، بما في ذلك قضايا العرق والطبقة والسلطة الأبوية وآثار الرأسمالية الراديكالية والقمع السياسي، كان لابد وقبل كل شيء، جعل القضية أمرا "جمعيا" ليصبح ما يعتبر جزءا لا يتجزأ من الإنسان، هم موجودون فيه. بمعني تطوير القدرة الذاتية لأن تكون طرفاً مسؤولاً عن كل ما يحدث وما يتعلق بحياة الافراد والمجتمعات.. كان من وراء الفكرة في ذلك الوقت بالأساس، التوعية الفكرية المعاصرة لإنعاش آمال الشعوب بالاستقرار والعدل والسلام. المشاركون في اللقاء الرعوي المنعقد في ذلك الوقت في برلين، اعتبروها مسألة فريدة في غاية الاهمية. ومن الناحية السياسية والقناعة الفكرية، فلسفيا وأخلاقيا، يجب أن ترتبط ارتباطا وثيقا بـ "الحرية": "كن ما أنت عليه". لكن اجعل من ارادتك "قلمك" وسيلة إعتبارية قوية مقرونة بحياة الانسان وضمان مستقبله بكل تفاصيله وإحتياجاته الروحية والمادية المعاصرة.

افترض مؤسسو هذا الحراك الانساني لمواجهة الصراعات والحروب لانقاذ البشرية من ويلاتها، بعد الحرب العالمية الثانية، اهتمام وسائل الإعلام والمؤسسات الثقافية والبحثية لتطوير القدرات البشرية الفكرية في ظرف غير عادل. وكانت قناعة الصحفيين والمفكرين والفنانين والعلماء الذين ارتبط اسمهم بهذه المسار.. ان لا مجال الا التوعية المجتمعية على نحو: أولاً وقبل كل شيء الدفاع عن الحرية ومساعدة الناس ليصبحوا جزءا لا يتجزأ من الوجود الإنساني. بمعنى القدرة على تحمل المسؤولية تجاه الإنسانية لتتطور وتعيش بأمان ورفاه. أو بمعنى آخر: اعتبار وجهات النظر بين مختلف الناس أمرا أساسيا لترسيخ الوعي المرتبط من الناحية الموضوعية بالحرية. وبالتالي فان قراءة هذه المفاهيم قراءة "سليمة" سيشكل المألوف في حياة المجتمعات العامة. لقد تركت هذه النخبة التي خرجت تواً من ويلات الحرب ومعاناتها اثرا توعويا مميزا وتقاليد فكرية ذات طابع انساني لشعوب ما بعد الحرب في أوروبا، دفعت أكثر نحو العقلانية السياسية الملتزمة تجاه العالم. انموذجا لذلك، فسر اضافة "الحرة" الى اسم جامعة برلين عند تأسيسها في نهاية عام 1948، ونُقشت كلمة Libertas ليبرتاس على بوابتها الرئيسية ليكون ذلك واحداً من التزامانها الاخلاقية الموسومة بأهمية الدفاع عن "الحرية" المطلقة للانسان.

وبالعودة الى أهمية اكتساب المعرفة ونشرها كنماذج لمواجهة الاوضاع التي تعاني منها المجتمعات، فقد ركزت تلك الفترة المميّزة بمحاكاتها للنسبية الثقافية على مفهوم "الحرية" بين مختلف الناس. ويبدو للوهلة الاولى أن حريات العصور القديمة والحداثة لا شيء يجمع بين بعضها البعض، وان بينهما العديد من المباريات المثيرة. لكن كما يبدو، فان مفهوم التحرر Libertas نفسه في السياسة المتغيرة باستمرار وظروف الإطار التاريخي على مر القرون قد يتغير هو الآخر.. تتميز شوارع روما القديمة، في كل مكان، بنقوش تشير الى مفهوم الحرية، ويظهر الحرف "L" منقوشا على هياكل القبور وفي الواجهات بطريقة تجعل الصور المرسومة كما لو كانت تطل من النوافذ على الشوارع وان وجوه الرجال بسماتهم العمرية المصممة بواقعية، والتي تتميز بالعمل والقلق، تتوافق مع أفكار الرومان الحقيقيين للجمهورية، مثل أبناء الطبقة العليا من أمثال كاتو أو قيصر. سياق الكلام، يشير الحرف "L" إلى الحرف الاول من كلمة Libertus اللاتينية وتعني الانسان الحر وكلمة Liberta الايطالية وتعني الحرية، كلاهما يدور حول السيد "المحرِر" والعبد السابق "المحَرَر" الذي حصل من سيده على الحرية والحرية المكتسبة.

الحرف "L" المنقوش على واجهات تلك الأزقة القديمة والأسلوب الذي تعبر عنه تلك النقوش المنسوجة بشكل دقيق، يعني الحرية ـ وتحديدا الحرية الشخصية لفهم التحرر من وضع قانوني غير حر - في حالة الحقوق المدنية الرومانية. فالحرية Libertas على النقيض من servitus اللاتينية التي تعني العبودية التي نشأت مع مرور الوقت.. فما الحرف الذي على العراقيين إختياره لنقشه على هياكل قبورهم وواجهات شوارعهم الخربة وأزقة مدنهم المدمرة التي خلفها الحكام البرابره في اوقات مضطربة بشكل ديناميكي على مدى عقود. مساحات واسعة من "الحرية" اقتلعت من جذورها، وانتزع عنها صلتها بالهوية الشخصية والوطنية. فأية ارث حضاري سيترك العراقيون، يُعتز به وتستذكر جمهوريتهم العتيدة مأثره؟. وأي نفحات يسيرة تضاف الى إرث ما خلفته عصور آشور وسومر وبابل، نهلت منه حضارات وشعوب.. نيل العبد الحرية المدنية في الجمهورية الرومانية والعصر الإمبراطوري، ارتبط كما يبدو بطقوس تتميّز بالخلق والنبل، فقط، غطاء الرأس كان رمز حريته الجديدة. قد يكون ذلك غريبا، لكنه بالمقارنة مع طقوس سلطة في دولة ظلت مخفية عن الوعي، تتحكم فيها أحزاب وكتل طائفية وأصحاب عمائم لا يفقهون في السياسة والقيم الانسانية او فلسفة مفاهيم الموروث واللياقة الأدبية، فان المواطن الحر في بلاد الرافدين عبدا تتجاذبه عهود ما قبل التاريخ الى الحد الذي تشل فيه معظم القيم.!



#عصام_الياسري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السينمائي والباحث قيس الزبيدي نافذة واسعة تطل على عوالم السي ...
- في الدراما المؤثرة -لديك الحياة أمامك-، صوفيا لورين تتهيأ لل ...
- أمريكا أولا، أم أن لا يخسر ترامب الرئاسة وبأي ثمن؟
- تركي عبد الغني شاعر يرصد الخيال بمساحات واسعة
- شباب الإنتفاضة وإمكانية إحداث تغيير جذري في العملية السياسية ...
- المتلقي البعد الآخر بين النقد والناقد السينمائي
- الحملة الإنتخابية بين بايدن وترامب على أشدها .. وآمال التغيي ...
- مهرجان غينت السينمائي الدولي 2020 .. الإبداع والخيال يتحديان ...
- جمالية اللغة الشعرية في قصائد ندا الخوام
- مفهوم أدب النقد ولزومياته لإحاطة الحدث بالأحكام الإعتبارية
- مهرجان الأدب العالمي في برلين .. منجزات معاصرة بين النثر وال ...
- نجاة العدواني في روايتها الحديثة في عشّ السرطان .. ميزات لغ ...
- في ديوانه الشعري الجديد.. الفرح المتأخر يغمرني العراقي فارس ...
- جوهر تغيير المسارات السياسية الفاشلة ،، أحدها الشأن الإنتخاب ...
- حُب مخيّر في مجتمع مسيّر
- المواطن العراقي بين آفاق المستقبل ومشروع اللا دولة!
- إلى أين بالعراق يا أباليس الصمت؟.
- الفلسطيني إياس ناصر .. شاعراً ومفكراً في عهدة زمانه
- في كتابه.. جون بولتون بين هوس الحروب ومواجهة ترامب!
- أوردكان يتصدى للمثقفين وجواسيسه في ألمانيا يلاحقون المعارضة


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصام الياسري - المعرفة ونشرها نموذجا هاما لمواجهة الاوضاع التي تعاني منها المجتمعات