أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيمون عيلوطي - بليغ النَّغم: قراءة جديدة في تجربة بليغ حمدي الفنيَّة والانسانيَّة(5)















المزيد.....

بليغ النَّغم: قراءة جديدة في تجربة بليغ حمدي الفنيَّة والانسانيَّة(5)


سيمون عيلوطي

الحوار المتمدن-العدد: 6794 - 2021 / 1 / 21 - 12:36
المحور: الادب والفن
    


(الحلم الضَّائع بين بليغ حمدي وفيروز)

الملِّحن العبقريّ ابن الثَّلاثة والثَّلاثين عامًا، بليغ حمدي، لم يزر بيروت سنة 1964، وهو خاوي الوِفاض، بل كان يتمتَّع برصيد فنيٍّ وضعه في مصاف كبار الملحِّنين، جذب إليه الكثير من المريدين والعشَّاق، لا سيَّما حين وصلت ألحانه إلى قمَّة هرم الغناء العربيّ، أم كلثوم، ما أهَّله أن يجلس متألّقًا على عرش سيِّد درويش الذي بقيَ منذ رحيله شاغرًا، لم يجد من الملحِّنين والموسيقيّين من يجرؤ على خوض المغامرة في التَّجريب والتَّجديد، كما فعل "درويش"، سوى بليغ حمدي، فاستحقَّ أن يجلس على عرشه بكل تقدير.
في تلك الفترة كان نجم الرَّحابنة وفيروز قد سطع في سماء الأغنية اللبنانيَّة -العربيَّة منذ ثمانِ سنوات، رأينا تلك التجربة الفنيَّة تشقُّ طريقها غير المفروشة بالورد، فتتألقُّ يومًا بعد يوم وسط دائرة جماهيريَّة أخذت تتَّسع من حولها لتشمل معظم الأقطار العربيَّة التي استقبلها باسم الآتي إبداعًا.
بليغ، بموهبته المتدفِّقة ألحانًا، رصد تألُّق تلك التَّجربة الفنيَّة الفذَّة، حالمًا أن يساهم هو أيضًا في انطلاقها، لا سيَّما أنَّ المسرح الغنائيّ عند الرَّحابنة أدهشه وسحر قلبه، وقد تزامن عند زيارته لبيروت آنذاك، عرض مسرحيَّة بياع الخواتم.
حلم بليغ بالتَّعاون مع فيروز في هذه الزِّيارة قد تبدَّد، وذهب أدراج الرِّياح قبل أن يبدأ. لكن ذلك لم يأثِّر على اعجاب فنَّاننا الكبير بصوت فيروز الذي ظلَّ يصدح في خياله لما يحمله من طاقات تعبيريَّة جديدة، لم يشهد مثيلًا لها في فنِّ البوح والغناء العربيين على حد سواء.
لا شكَّ أنَّ صوت السَّيدة فيروز مثَّل له حلمًا جميلًا ظلَّ يراوده، وجعله يُحفِّز الطاقات على انشاء مسرح غنائيّ في القاهرة، يكون بمثابة الامتداد الطَّبيعيّ لمسرح سيِّد درويش.
الملاحظ أنَّه إذا كانت تجربة الرَّحابنة وفيروز تنطلق من منابع الفولكلور الشَّعبيّ لتعانق بفنيَّة تصل إلى حد ما يشبه إعجاز الإنشاد الأوبرالي، بما في ذلك التَّأثُّر بالتَّراتيل الكنسيَّة، السِّريانيَّة خاصة، فإنَّ بليغ حمدي يستند على الإيقاعات الشعبيَّة المصريَّة التي سحرته وانغمست في وجدانه، ما ساعده على إعادة صياغتها وبلورتها بألحان موسيقيّة جديدة تُحاكي روح العصر، سحرت الجُّمهور عند بثِّها، لذلك كانت وما زالت بمثابة الابنة الشَّرعيَّة لمجتمعها وبيئتها، فأطلق على مبدعها: وبحق، "موزارت الشَّرق".
أميل إلى الاعتقاد أنَّ التَّعاون الذي أراده بليغ مع فيروز خلال زيارته لبيروت لو تحقَّق، لكان أضاف إلى تجربتها من ألحانه أعمالًا غنائيَّة خالدة يحفظها التّاريخ، وتستقرُّ في الوجدان، تمامًا كما أضاف من قبلها لتجربة أم كلثوم أعمالًا غنائيَّة جاءت على قدر كبير من الإبداع والجمال والتَّجديد. غير أنَّه كان قد لحَّن لفيروز ثلاث أغنيات، لم تخرج إلى النُّور، بل بيقت حبيسة التَّسجيلات الخاصَّة به، ثمَّ لم نعد نعرف ماذا حلَّ بها، ربَّما الجَّواب نجده عند أيمن الحكيم، صاحب كتاب "موَّال الشَّجن"، الذي خصَّصه عن بليغ حمدي.
السُّؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح في هذا المقام هو: هل احتكر الرَّحابنة صوت فيروز، فأقاموا عليها حجرًا فنيًّا حَرَمَها من التَّعاون مع ملحِّنين خارج جدران الأسرة، ثمَّ لماذا أوصدوا الباب أمام بليغ حمدي ومن قبله محمَّد الموجي الذي أعرب لهم عن رغبته في التَّعاون معها، وهل جاء استقبالهم لعبد الوهَّاب ليتعاون مع فيروز من منطلق أن يفتح لهم هو بدوره أبواب مصر ومسارحها؟
يُرجِّح البعض أنَّ سبب ذلك يرجع إلى شخصيَّة فيروز الانطوائية الخجولة، بدليل أنَّها بعد انفصالها عن عاصي وابتعاد منصور لم تتعاون مع أحد من الملحِّنين غير ابنها زياد الرَّحباني. أمَّا البعض الآخر فقد أكَّد انها بعد انفصالها عن عاصي أرادت التَّعاون مع رياض السَّنباطي الذي لحَّن لها ثلاثة أغانٍ، لكنها لم تقم بغنائها، ربَّما لتردّدها من الخوض في تجربة الغناء الطَّربيِّ، وهي المتألِّقة في الغناء الشَّعبيّ والتعبيريّ بلا منازع، وهناك من يدَّعي أنَّ الرَّحابنة لم يُحسنوا التَّعاون مع الفنَّانين على أساس النِّد بالنِّد، بديل أنَّ العملاق وديع الصَّافي تركهم وهو غير آسف على عدم استمرار التَّعاون معهم، وغيره من الفنَّانين الذين حذوا حذوه بمجرد أن اشتدَّ عودهم، ملحم بركات مثلًا.
بليغ لم يتنازل عن حلمه في دخول الأجواء الرَّحبانيَّة-الفيروزيَّة، ولتحقيق حلمه دعا إلى مكتبه صبيَّة في عمر الورود، لم تتجاوز في حينه ربيعها الثامن عشر، تُدعى عفاف راضي، وهي مغنِّية معتمدة في الكونسرفاتوار، ما شجَّعه على أن يواصل معها حلمه الذي تركه في بيروت، لا سيَّما أنَّه وجد في صوتها مساحة تتَّسع للغناء الشَّرقيّ، فسرعان ما أخذ يُبدع لها أغنية "ردو السلام"، هذا اللحن المنطلق من تفاصيل فنيَّة مبتكرة، جعله يُغامر معها في تجربة ترتكز على إيمانه بصوتها الذي رآه بعض الملحّنين أنَّه لا يصلح للغناء الشَّرقيّ مطلقًا، لكن بليغ عرف يكف يبدع لهذه الموهبة الحانًا تجسّد حلمة في أن يخلق منها فيروزًا بنكهة مصريَّة، وبهويَّة فنيَّة جديدة، تُحاكي أذهان الجُّمهور، وتخلد في وجدانهم.
ومن الأغاني التي لحنها بليغ لراضي، أغنية "لمين يا قمر" التي يدور لحنها في المناخ الفيروزي، ولكن بطابع مصريّ نجده على الرَّابط التالي:
https://www.youtube.com/watch?v=KqkJ-9gx61k

وفي السّياق نفسه، فقد ورد في مدوَّنة عن بليغ حمدي على "الفيس بوك" ما يلي:
"من المفاجآت الغريبة أنَّه عندما اشتدَّت حالات الغضب بين الرَّحباني والسيَّدة فيروز، لم يجد الرَّحبانية تعويضًا لها إلَّا في الاستعانة بعفاف راضي، وكأنَّ الأقدار ردَّت لبليغ الاعتبار"*.

*الإشارة هنا تُدلّ على اسناد دور فيروز في مسرحيًّة "الشَّخص" إلى عفاف راضي، وهي المسرحيَّة التي قام بتمصيرها بناء على طلب عاصي ومنصور الرَّحباني، الشَّاعر أمل دنقل، وقدمّت في القاهرة سنة عام 1982.
(يتبع)



#سيمون_عيلوطي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بليغ النَّغم: قراءة جديدة في تجربة بليغ حمدي الفنيَّة والانس ...
- بليغ النَّغم: قراءة جديدة في تجربة بليغ حمدي الفنيَّة والانس ...
- بليغ النَّغم: قراءة جديدة في تجربة بليغ حمدي الفنيَّة والانس ...
- بليغ النَّغم: قراءة جديدة في تجربة بليغ حمدي الفنيَّة والانس ...
- جئتكم أغنيِّ: كتاب جديد للشَّاعر سيمون عيلوطي
- جئتكم أغنّي
- موسى إبراهيم يستلهم في معرضه -شخصيات ووجوه- الواقع المعاش، و ...
- مجمع اللّغة العربيَّة يصدر العدد التاسع من مجلّته المجلّة
- كتاب -مرايا في الأدبِ والنَّقدِ والثقافةِ- للدُّكتور محمَّد ...
- مجمع اللّغة العربيّة يصدر كتابًا جديدًا للبروفسور إبراهيم طه
- لقاء مع الدكتور ياسين كتّاني، رئيس مجمع القاسمي للّغة العربي ...
- حوار مع أبرز مؤسّسي مجمع اللّغة العربيّة البروفسور ساسون سوم ...
- حوار مع أبرز مؤسّسي مجمع اللّغة العربيّة البروفسور ساسون سوم ...
- السّلطات المحليّة.. والثّقافة
- صدور ديوان-أخذتني القوافي- للشّاعر حسين مهنّا
- الفنان فوزي السعدي مبدع الأغنية الفلسطينية المحلية
- الموجِه كِفْرَت بِالبَحَر..؟!
- مستعار الإسم... مستعار الرأي..!
- نحو رؤية تنويرية....
- المرأة وانسجام المتناقضات في تماثيل سناء فرح بشارة


المزيد.....




- يجتمعان في فيلم -Avengers: Doomsday-.. روبرت داوني جونيور يش ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...
- 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس ...
- كيف تُغيّرنا الكلمات؟ علم اللغة البيئي ورحلة البحث عن لغة تن ...
- ما مصير السجادة الحمراء بعد انتهاء مهرجان كان السينمائي؟
- وفاة الممثلة الإيطالية ليا ماساري عن 91 عاما
- البروفيسور عبد الغفور الهدوي: الاستشراق ينساب في صمت عبر الخ ...
- الموت يغيب الفنان المصري عماد محرم
- -محاذاة الغريم-... كتاب جديد في أدب الرحلات لعبد الرحمن الما ...
- -أصيلة 46- في دورة صيفية مخصصة للجداريات والورشات التكوينية ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيمون عيلوطي - بليغ النَّغم: قراءة جديدة في تجربة بليغ حمدي الفنيَّة والانسانيَّة(5)