أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيمون عيلوطي - بليغ النَّغم: قراءة جديدة في تجربة بليغ حمدي الفنيَّة والانسانيَّة(4)















المزيد.....

بليغ النَّغم: قراءة جديدة في تجربة بليغ حمدي الفنيَّة والانسانيَّة(4)


سيمون عيلوطي

الحوار المتمدن-العدد: 6793 - 2021 / 1 / 20 - 14:08
المحور: الادب والفن
    


المأساة الكبرى

استغلال بعض الجهات لحادثة مقتل، أو انتحار الفنَّانة المغربيَّة النَّاشئة، سميرة مليان، في شقَّة الموسيقار بليغ حمدي سنة 1984، وتجنيد بعض الأقلام لنشر عرضهما على الملأ، وكذلك تحريض الرَّأي العام ضدَّ المتهم والضحيَّة معًا، بهدف تشويه صورتهما، فإنَّ هذه الجهات لم تنجح بإثبات ضلوع أو تورُّط بليغ في تلك الجَّريمة البشعة التي عُرِفت ب "قضيَّة سميرة مليان"، فقامت النِّيابة بإغلاق ملفِّها لعدم توفُّر أدلَّة كافية، تكشف سر حقيقة مقتل "مليان" أو انتحارها. لكنَّ نفس تلك الجهات ظلِّت تحرِّك "قضيَّة مليان" على المستويين الشَّعبيّ والرَّسميّ، حتىَّ عادت هذه القضيَّة تطفو على السَّطح مرة أخرى، وتحتلُّ أخبارها مكان الصَّدارة في وسائل الإعلام على أنواعها، المقروءة، والمسموعة، والمرئية، وبعد مرور سنتين على اغلاقها تمَّ إعادة فتحها والتَّحقيق فيها من جديد، ثمَّ سرعان ما استدعت محكمة العجوزة بالقاهرة الفنان بليغ حمدي لمحاكمته في قضيَّة سميرة مليان". عُقِدَت المحكمة في العام 1986، وأصدرت حكمًا غيابيًا يقضي بموجبه حبس بليغ حمدي سنه مع الأشغال الشّاقة، وذلك بتهمة تسهيل الدَّعارة والفجور. غير أنَّ الفنان المُدان تمكَّن قبل صدور قرار المحكمة الجائر بحقِّه من الهروب إلى باريس، وقد جاء ذلك بعد أن قام أحد عشَّاق موسيقى بليغ حمدي، وهو من العامين في المحكمة بإبلاغه أن القرار بإدانتك أعدَّ سلفًا، ولم يبقَ سوى إصداره غدًا عند عقد الجلسة، ونصحه بأن يغادر مصر على جناح السُّرعة قبل صدور الحكم.
لم تمر أكثر من عدَّة أيَّام على مهزلة تلك المحكمة، حتى أخذت تتسرَّب معلومات تكشف عن عدد من الأسماء والجهات التي وقفت وراء إعادة فتح القضيّة مجدَّدًا، وإدانته صاحب "بعيد عنَّك" بالتُّهمة المنسوبة إليه، وذلك لأسباب تحتاج لكثرة تفاصيلها إلى وقفة خاصة، سوف أعود إليها لاحقًا.
هذه المأساة وما دار حولها من تكّهنات واشاعات، ظلمت بليغ حمدي، وسميرة مليان في آنٍ معًا، لم أجد من خلال ملاحقتي لما نُشر حول هذه القضيّة ما يثبت تورّط هذا الموسيقيّ المحب لجميع النًّاس، وصاحب الحس المرهف أنه ارتكب جناية ما، أو جنحة ما يستحق عليها العقاب. قرار المحكمة بحبسه بتهمة تسهيل الدَّعارة والفجور، كان حكمًا جائرًا بكل المقاييس القانونيَّة، والأخلاقيَّة، خاصة أن هذه التُّهمة لا تنسجم بأيِّ حال من الأحوال مع نفسيَّة، وأخلاق، وثقافة هذا الفنَّان الكبير، بل تتنافى تمامًا مع تربيته في بيت محترم ومثقَّف، بليغ ينتمي إلى عائلة طيِّبة، كادحة، ومتعلَّمة. والده الدكتور عبد الحميد حمدي سعد الدين مرسى كان يعمل أستاذًا للفيزياء في جامعة فؤاد الأوَّل (جامعة القاهرة حاليًا)، والدته شاعرة عُرفت في حبِّها لوطنها، شاركت في العديد من المهرجانات الشعريَّة التي كانت تُقام في مختلف المناسبات الأدبيَّة والوطنيَّة. شقيقته الأستاذة صفيَّة حمدي، رائدة في دراسة مسرح الأطفال، تركت في هذا المجال بصمة بيضاء في فرنسا، حيث عملت، وفي وطنها أيضًا. وشقيقه الدكتور الكاتب والمترجم المعروف مرسي سعد الدين حمدي، صاحب عدة ألسنة، الإنجليزيَّة والفرنسيَّة والألمانيَّة، شغل عدة مناصب حكوميَّة، هامَّة، أبرزها النَّاطق الرسميّ للغلات الأجنبيَّة بلسان رئيس الجمهوريّة المصريَّة آنذاك، محمَّد أنور السَّادات. في هذا البيت الثقافيّ الطيِّب، الكائن في حي شبرا بالقاهرة، نشأ وترعرع صاحب "فات المعاد"، يشهد أقرانه أنَّه كان مهتمًا بالموسيقى، تعلَّم العزف على آلة العود، ثمَّ على آلة البيانو، كان لطيف المعشر، ومحبوبًا من كل مع عرفه. وعند التحاقه بجامة القاهرة لدراسة القانون، تنفيذًا لرغبة والدته، كان يقضي أوقاته في الجامعة مع الطَّلبة المهتمِّين بالفنِّ، بعضهم أصبح فيما بعد من الفنَّانين المعروفين، أذكر منهم: رجل الإعلام الكبير وجدي الحكيم، الممثِّل المشهور أيهاب نافع، المطربة الموهوبة فايدة كامل، والقائمة تطول.
لم أرَ من خلال تتبّعي لسيرته الذَّاتيَّة، وأخباره الخاصّة والعامَّة، ما يدلُّ، ولو بالإشارة أو بالتَّلميح على أنَّ هذا الفنَّان يمكن أن يرتكب حماقة جنائيَّة ما، أو أخلاقيَّة ما، أو أيِّ فعل خارج عن العُرْفِ أو القانون، بل إنَّ العنف بجميع أشكاله وأصنافه يتنافى مع طبعه، ونفسيَّته، وشخصيَّته الهادئة... المسالمة، وقد وصفه وجدي الحكيم، الإعلامي المعروف بمصداقيَّته العالية، أنَّه كان خجولًا إلى درجة يخجل فيها من أن يتقاضى أتعابه لقاء أعماله الموسيقيَّة. فهل تستطيع مثل هذه الشَّخصيَّة أن تقوم بفعل تسهيل الدَّعارة والفجور، إلَّا في نظر المحكمة المهزلة؟!
كما أنَّني أرى، وبكثير من الدِّقة والموضوعيَّة أنَّ هذا الفنَّان العظيم، الذي قال عنه ذات يوم الشَّاعر كامل الشِّناوي: "أمل مصر بالموسيقى"، أرى أنَّ فوضويَّته، وعدم التزامه بالمواعيد، وشربه كأس خمر بين الحين والآخر، جميع هذه الخصل، أو الممارسات، لا ترتقي إلى مستوى البوهيميَّة التي يحلو للبعض أن يلصقها به. ثمَّ أن البوهيميَّة تتناقض جوهريًا مع صاحبها بالقيام بواجباته والتزامه بالعمل، لا سيَّما أنَّ بليغ كان من أكثر الموسيقيِّين انتاجًا وغزارة، فقد كان يقضي معظم ساعات يومه غارقًا في التَّأليف الموسيقيّ والإبداع.
أمَّا بخصوص سميرة مليان، فإنَّ جميع المصادر التي وقعت بين يديَّ لم تشر إلى تورُّطها في أيِّ فعل خارج عن الأخلاق، جميع تصرفاتها كانت تأشِّر إلى أنها امرأة طيَّبة تحترم نفسها بقدر احترامها للآخرين: كل ذنبها أنَّها أحبت الغناء، فوقعت ضحيَّة لماكر أدَّعى كذبًا أنه متعهِّد حفلات، وبإمكانه أن يساعدها لتحقيق مبتغاها في عالم الغناء والطَّرب. وبدلًا من أن تصل إلى مبتغاها، وصلت إلى نهايتها المؤسفة، جميع الذين أدلوا بشهاداتهم في هذه الواقعة قالو ا إنها انتحرت، وأكدَّوا على حقيقة واحدة، مفادها أنًّ سميرة مليان ألقت بنفسها من إحدى نوافذ الدَّور الثاني في بيت بليغ حمدي الكائن في حيّ الزَّمالك في القاهرة، وبهذا أغلقت النيابة ملف هذه القضيَّة نهائيًا.
المثير حقًا هو أنَّ القاضي الذي أدان بليغ حمدي "بقضية مليان"، أعرب بعد خروجه للتَّقاعد، عن شعوره بالنَّدم على ما فعله ظلمًا بحق إنسان شريف يستحقّ التَّكريم على مجزه الفنيّ الخالد، وليس الإهانة والإذلال كما حدث.
حول ندم هذا القاضي الذي يدعى "عمرو المرواني" حكاية مثيرة، سأعود إليها لاحقًا.
وهناك أيضًا شهادة هامة تثبت أنّ براءة بليغ من دم سميرة مليان نشاهدها على الرَّبط التالي:
(لعاشرة مساء: جميل المغازي "نظام مبارك وراء مقتل سميرة مليان. ولكن ما يذكره الأستاذ المغازي يبقى نقطة من بحر المؤامرة الدَّنيئة التي أحيكت للإساءة ببليغ حمدي، شارك فيها عدة أطارف سياسيَّة، واجتماعيَّة اعتباريَّة، وفنيَّة لها كلمة على الطغمة الحاكمة آنذاك).
https://www.youtube.com/watch?v=zLA7vEA5wMk



#سيمون_عيلوطي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بليغ النَّغم: قراءة جديدة في تجربة بليغ حمدي الفنيَّة والانس ...
- بليغ النَّغم: قراءة جديدة في تجربة بليغ حمدي الفنيَّة والانس ...
- بليغ النَّغم: قراءة جديدة في تجربة بليغ حمدي الفنيَّة والانس ...
- جئتكم أغنيِّ: كتاب جديد للشَّاعر سيمون عيلوطي
- جئتكم أغنّي
- موسى إبراهيم يستلهم في معرضه -شخصيات ووجوه- الواقع المعاش، و ...
- مجمع اللّغة العربيَّة يصدر العدد التاسع من مجلّته المجلّة
- كتاب -مرايا في الأدبِ والنَّقدِ والثقافةِ- للدُّكتور محمَّد ...
- مجمع اللّغة العربيّة يصدر كتابًا جديدًا للبروفسور إبراهيم طه
- لقاء مع الدكتور ياسين كتّاني، رئيس مجمع القاسمي للّغة العربي ...
- حوار مع أبرز مؤسّسي مجمع اللّغة العربيّة البروفسور ساسون سوم ...
- حوار مع أبرز مؤسّسي مجمع اللّغة العربيّة البروفسور ساسون سوم ...
- السّلطات المحليّة.. والثّقافة
- صدور ديوان-أخذتني القوافي- للشّاعر حسين مهنّا
- الفنان فوزي السعدي مبدع الأغنية الفلسطينية المحلية
- الموجِه كِفْرَت بِالبَحَر..؟!
- مستعار الإسم... مستعار الرأي..!
- نحو رؤية تنويرية....
- المرأة وانسجام المتناقضات في تماثيل سناء فرح بشارة
- مِثْل مْصَيِّف الغور *


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيمون عيلوطي - بليغ النَّغم: قراءة جديدة في تجربة بليغ حمدي الفنيَّة والانسانيَّة(4)