|
حكومة انقاذ وطني ، أم ... أنقلاب ؟
يوسف ابو الفوز
الحوار المتمدن-العدد: 1619 - 2006 / 7 / 22 - 14:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الاوضاع في العراق لا تسر احدا . انفلات امني مخيف . فوضى شاملة . فساد اداري مريع . سياسيون بدون حولة ولا قوة . حكومة شبه عاجزة . ميليشيات طائفية مستهترة . نزيف الدم اليومي يخلق حالة من الخوف والرعب تشل قدرة المواطن عن التفكير السليم فلا يجيد سوى محاولة النجاة بنفسه وعائلته . قوات الاحتلال تتفرج على حال يخدم بشكل جيد ستراتيجيتها في المنطقة . تدهور الاوضاع يصب فقط لصالح انصار الديكتاتورية المقبورة وحلفائهم التكفيرين ، ومنتهزي الفرص والفوضى الجاهزين للنهب والاثراء على حساب ثروة الوطن ومستقبل المواطن البسيط ، الضحية الاولى لما يجري . وسط كل هذا يثار الحديث هنا وهناك ، بخجل او بصوت عال ، في بعض وسائل الاعلام ، وفي اوساط بعض السياسين ، وفي بعض اوساط الشارع العراقي ، عن فكرة حاجة العراق الى تشكيل حكومة انقاذ وطني ، انطلاقا من امل ان هذه الحكومة ربما تكون هي الحل الذي يمكن ان يخرج بالعراق من حافة الهاوية التي يقود اليها الفلتان الامني ، والاحتقان الطائفي ومسلسل الفساد المريع ، الذي ينخر جسم الدولة ويشل فعاليتها ، وتعدد المليشيات المنفلتة خارج اطار اي قانون ، وايقاف مسلسل الدم اليومي في ساحات وشوارع الوطن الذي صار فيه المواطن ينتظر اي حل يمكن ان يفتح له ولو كوة امل في هذا النفق المظلم . لكن من الضروري القول هنا ، والتذكير ، بأن العراق الان ، ووسط دوامة الاحتقان السائدة ، هو امس الحاجة الى تعزيز العملية السياسية الديمقراطية ، التي يمكن ان تواصل العمل الجاد في عملية المصالحة الوطنية وخلق اجواء تعاون وتوافق وتعزيز دور الدولة والقانون ، وليس الانقلاب على الممارسة الديمقراطية وما تحقق من نتائج ايجابية ، ونسف العملية الدستورية تحت ستار الخروج من الازمة التي تهدد بكارثة . ان تعزيز العملية الديمقراطية يتطلب تفعيل مجلس النواب ليكون المرجعية الاساسية الحقيقية للعملية السياسية وياخذ دوره الحقيقي والمباشر في توجيه العملية السياسية . من الواضح تماما لكل متابع محايد ، من ان الحكومة العراقية الحالية ، التي شكلت وفق الاستحقاقات الانتخابية ، باعتبارها حكومة وحدة وطنية ، هي بالحقيقية لا تمتلك روح الكمال في كونها حكومة " قوس قزح " وطني متكامل الالوان والاطياف فهناك العديد مما يمكن قوله لغير صالح هذه الحكومة ، ولكنها مع كل ما يمكن قوله من الملاحظات الصحيحة ، فانها تبقى حكومة شرعية حضيت بثقة مجلس النواب الشرعي ، وقدمت برنامجا اقر ونال الثقة من مختلف الكتل السياسية . وعليه فالحكومة الشرعية الحالية بحاجة للدعم المباشر والواضح من قبل كل الاطرف السياسية ، ويتطلب دعم العملية السياسية ونشاط الحكومة وفقا للبرامج والالتزامات التي اقرت رسميا . ولمحاولة تجاوز ما يقال عن روح المحاصصة التي سادت اثناء تشكيل الحكومة وتركت بصماتها عليها ، يتطلب وبدون ابطاء تفعيل مجلس الوزراء للحكومة العراقية كمحاولة لتجاوز التناقضات التي تحملها معها . ان العراق الان ليس بحاجة الى حكومة انقاذ وطني ، فانها لن تكون اكثر من انقلاب واضح الشكل وصريح على العملية السياسية الديمقراطية ، التي ناضلت غالبية الاحزاب السياسية الوطنية من اجلها . ان بناء دولة ديمقراطية حديثة لا يمكن ان يتم من خلال نسف العملية الديمقراطية واجهاضها . ربما يظن البعض ان حكومة الانقاذ الوطني ، ستساهم في ايقاف التدهور الامني ، لكن يغيب عن البال ان مقومات حكومة الانقاذ الوطني لا تتوفر في العراق حاليا ، اذ لا يوجد لدينا مؤسسة عسكرية ، قوية ومستقلة ، حتى يمكن للقوى السياسية ان تتحالف معها لتشكيل هذه الحكومة ، فهل يتم التحالف مع القوات الاجنبية المتعددة الجنسية لتشكيل حكومة الانقاذ الوطني المطلوبة ؟ اي شكل مريع وساخر من حكومة انقاذ وطني هذا ؟ ان نظرة سريعة الى تجارب الشعوب ، يجب ان ترشدنا وتحذرنا ، وتجعلنا نمتنع عن التفريط بما حققناه من خطوات صحيحة في المسيرة الديمقراطية ، بالرغم من كل الملاحظات الصحيحة عليها والسلبيات التي صاحبتها ، وبالرغم من كل التدهور في الوضع الامني ، الذي يأتي كنتيجة منطقية للصراع السياسي القائم بحكم طبيعة بعض من الاحزاب السياسية العراقية ، التي للاسف نجد ان اجندتها تترتبط بشكل مباشر بأجندة قوى اقليمية في المنطقة تريد ان تحول العراق الى ساحة صراع لتصفية حسابتها مع بعض الاطراف الدولية . وعلينا ايضا ان نواجه بقوة وحزم ، من يستهين بقدرات شعبنا العراقي ، ويتستر بدعاوى ان شعبنا العراقي غير مؤهل لممارسة الديمقراطية ، ومن يتعكز بالقول ان النخب السياسية الحالية غير مؤهلة لبناء الديمقراطية بحكم نوعية اجندتها ، ومن الافضل الانقلاب عليها بحكومة انقاذ وطني تاتي بسلطة مركزية ، فهذا ليس الا دعوة صريحة لعودة الديكتاتوريات باشكال جديدة .
سماوة القطب 20 تموز 2006
#يوسف_ابو_الفوز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فهد والصحافة
-
حكايتي مع فيلم وثائقي يمنع بثه قبل العاشرة مساء
-
ماذا نريد من اتحاد الكتاب العراقيين في السويد ؟
-
تعالوا نحتفي معا بحفيد امرئ القيس !
-
هل حكومتنا الدائمة ، حقاً ، حكومة - قوس قزح - ؟
-
المعرض الشخصي الخامس للفنان العراقي عبد الامير الخطيب
-
متى سيخرج علينا السيد وزير الداخلية ليخبرنا بذلك ؟
-
ما يجمع جورج بوش ورجال السياسة العراقيين !
-
في الذكرى 72 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي : صهيل الفرح في وا
...
-
حكاية احتفال في ذكرى تاسيس الحزب الشيوعي العراقي تحت غيوم ال
...
-
الذكرى 72 لميلاد الحزب الشيوعي العراقي : الأنتماء للوطن الحر
-
أفلام توم وجيري !
-
لماذا تحولنا الى شعوب لا تقرأ ؟
-
الطائفية : صدام حسين بذر ، بول بريمير سقى ... من يوزع الثمار
...
-
حول الأداء الإعلامي للفضائيات العراقية
-
الممارسات الرخيصة القديمة الجديدة !
-
صورة الدم
-
من المستفيد من غلق فضائية الفيحاء ؟
-
رحيل مناضلة فنلندية صديقة للشعب العراقي
-
الانتخابات الرئاسية الفنلندية : فوز تاريا هالونين مرشحة اليس
...
المزيد.....
-
-بعد فضيحة الصورة المعدلة-.. أمير وأميرة ويلز يصدران صورة لل
...
-
-هل نفذ المصريون نصيحة السيسي منذ 5 سنوات؟-.. حملة مقاطعة تض
...
-
ولادة طفلة من رحم إمرأة قتلت في القصف الإسرائيلي في غزة
-
بريطانيا تتعهد بتقديم 620 مليون دولار إضافية من المساعدات ال
...
-
مصر.. الإعلان عن بدء موعد التوقيت الصيفي بقرار من السيسي
-
بوغدانوف يبحث مع مدير الاستخبارات السودانية الوضع العسكري وا
...
-
ضابط الاستخبارات الأوكراني السابق يكشف عمن يقف وراء محاولة ا
...
-
بعد 200 يوم.. هل تملك إسرائيل إستراتيجية لتحقيق أهداف حربها
...
-
حسن البنا مفتيًا
-
وسط جدل بشأن معاييرها.. الخارجية الأميركية تصدر تقريرها الحق
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|