أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - إياد الغفري - الدعاء














المزيد.....

الدعاء


إياد الغفري

الحوار المتمدن-العدد: 6789 - 2021 / 1 / 15 - 18:30
المحور: كتابات ساخرة
    


اليوم هو يوم الدعاء.
ناشدني رامي بن أباه، كما ناشد العديد من السوريين أن أتجه في هذا اليوم الفضيل للمولى تعالى كي يفرج الأزمة.

في البدء سخرت من هذه الدعوة، لكني الآن نادم أشد الندم، نادم يا سيدي وحق من رفع السماوات بلا عمد، وبسط الأرض بلا سند، وأجرى الأموال بأيدي السفهاء، وجعل حكمائنا من أنصاف البلهاء، أيكون الدجال قد جاء؟ وأن أوان الساعة التي تنبأ بها الشيخ قد فاء؟


***
من أجمل محاولات الهداية للطريق القويم التي أصابتني؛ لكوني زنديق وتارك للصلاة، نصيحة من صديق بألا أترك الصلاة وأن أصوم الشهر، وأحج إلى بيت الله ان استطعت إليه سبيلا.

دفاعي بأني غير مؤمن بالمنظومة الدينية "قشة لفة" لم يثن صديقي الداعية يومها عن هدايتي:
- يا أخي شو خسران أنت؟ صلي وصوم، إذا طلع في جنة بتفوتها، وإذا ما طلع فيه ما بتكون خسرت شي.

ربما تكون عقلية صديق الطفولة الذي انتهى به الأمر ليكون شيخ طريقة قبل الظهر، وعنصر أمن بعد الظهر هي العقلية السائدة في مجتمعنا السوري بشقيه، المؤيد والمعارض.
ولما تقدم ولأسباب أخرى، قررت أن أتجه بالدعاء اليوم تمام الساعة الخامسة بعد الظهر.

- شريك بعد إذنك.
- تفضل.
- الساعة خمسة عا توقيت الشام ولا ألمانيا؟
- العمى بعيونك كنو صحيح! والله ما قال بالبث.
الدعاء سيكون لمدة أربعين دقيقة، يجب التنسيق، من غير المعقول، أن يقعي الشيخ رامي في إقامته الجبرية في مزرعته، يدعو الله أن يفرج الكرب وينتهي، بينما أنا أستنجي وأتطهر من ذنوبي وآثامي وأتحضر لماراثون الدعاء الذي سيبدأ بعد انتهائه عشرين دقيقة.

القنوات التلفزيونية وشركات الطيران تجاوزت هذه المعضلة باعتماد توقيت غرينيتش، فبرامج رحلات الطيران تطبع بتوقيت غرينيتش أو بالتوقيت المحلي مع إشارة زائد لفارق التوقيت، واعتمد اختصار غين ميم تاء لاختصار "غرينيتش ماين تايم"، أي توقيت غرينيتش الأساسي.

ببداية اقتحام الصحون اللاقطة لعزلتنا في سوريا نهاية القرن الماضي، ولمتابعة الأقنية العربية، كان هناك مشكلة التوقيت.
تصور يا رعاك الله أنك تريد مشاهدة فيلم مصري للفاضلة نبيلة عبيد، وبسبب فارق التوقيت تكتشف أنك بدأت بالمتابعة، وسط مراسم استقبل جلالة الملك المفدى حفظه الله، أمير كذا الشيخ فلان، والأمير علتان، وتمت المصالحة بين الأشقاء.

بغض النظر عن خيبة الأمل من فوات المتعة، تصدمك أنوف تحتك ببعضها، ودشاديش تتلاصق وكأنها لم تكن متباعدة البارحة.

العربان اعتمدوا فكرة التوقيت المركزي كما فعل الفرنج الكفرة بغرينيتش.

بالنسبة لي -وأنا لا أعمم إطلاقاً-، كنت أشعر بالإحراج، ولا أفهم المقصود خلال الأشهر الأولى.
كان يكتب بالأحرف اللاتينية أحرف ثلاث وساعة البث، الأحرف الثلاث كانت الكاف والسين والألف.
لم يستغرق الأمر مني سوى بضع أشهر لأعلم أن الاختصار يعني اسم المملكة العربية السعودية باللغة الأجنبية، "كينغدوم أوف ٍساوئودي أرابيا".
وأن الأمر لا يتعلق بلفظ قبيح مع ضمير ملكية "للثيرد بيرسون الفيمييل".

رغم كوني قد استخدمت اللفظة الأعجمية للنيل من كتاب ونخب سوريا بشكل موسع، إلا أن التوبة النصوحة بعد دعاء اليوم ستمسح كافة هفواتي بإذن الواحد القهار.

- العمى شو وقح، عن جد استخدمت المصلح لشتم النخب؟
- أي والله.
- شو كنت تقول غرينيتشا لأختك؟
- تقريبا بس بالعربي.

شيخي رامي، كم كنت قد وفرت علينا من الجهد لو أنك حددت ساعة الدعاء بأربعة كسا هذا اليوم، سامحك الله على هذه الهفوة.
***

عندما وصلت لبلاد الجرمان خبأت نقودي بعناية في درج مع وثائق السفر، دفتر التجنيد، طابو البيت ودفتر العيلة.

قررت إخراج النقود من المخبأ الأمين، لأن الآلاف التي أحضرتها معي لدفع نفقات المواصلات عند العودة بعد هدوء الأمور، وربما لبعض البهنكة على الحدود، بالإضافة لإفطار دسم في شتورا أو تعنايل، لا تكفي اليوم لشراء عشر بيضات، فقدت الأوراق قيمتها، كما فقدت الكثير من الأشياء معانيها هذه الأيام.
نسمع توصيفات وتعريفات للأخلاق من أناس غير أخلاقيين، وصرخات الثورة مستمرة من أزلام النظام، وتعلو طلبات للدعاء من شيوخ أفاضل ليس رامي بأقذرهم.

***

من الأغاني للأصفهاني:

قال الأصمعي حدثني رجل من أهل البادية قال رأيت امرأة من قومي في وهدة من الأرض قد ضربت عليها خباء من شعر وبين يدي الخباء بسيتين لها صغير فيه زرع لها.
إذ غيمت السماء فأرعدت وأبرقت ثم جاء برد فأحرق الزرع ثم سكنت بعد قليل فأخرجت رأسها من الخباء فنظرت إلى الزرع قد احترق فقالت ورفعت رأسها إلى السماء أصنع ما شئت فإني رزقي عليك.
***

الدعاء:


اللهم أنت تعلم ما في الصدور، حتى ولو أنكر يحيى ابن أبيه مالي بذمته، واستشهد الشهود، فأنت خير الشاهدين وتعرف الحساب وستقتص لي منه يوم الحساب.
أما من قبض من أجهزة مخابرات واعتبر نفسه، حكيماً أو نخبوياً، فأنت يا جبار مطلع على ما تخفي الصدور، وتعلم علم اليقين أن أفصح ما تكون القحاب يكون عندما يحاضرن في العفاف، أنت القادر العليم ولا يخفى عليك شيء.
يا صاحب الأسماء إن لبس الذئب مسوح الحملان، فبواسع علمك أنت تعرف أي دماء لطخت أنيابه.
يا حنان ويا منان خذ الظلمة أخذ عزيز مقتدر، كل الظلمة حتى من يلعبون الآن دور الضحايا.



أما بالنسبة لنا يا عليم، فلنا بالبدوية إسوة حسنة.


رزقنا عليك فافعل ما شئت.


إياد الغفري – ألمانيا




ورد اسم أب في "ابن أباه" منصوباً رغم كونه من الأسماء الستة وذلك لأن المذكور ولو أنه مكسور الخاطر في الوقت الحاضر إلا أنه اختصاصي بالنصب.

للبيان حرر في نويس المحروسة، تمام الثانية بعد الظهر الموافق لكذا كسا، وكذا بتوقيت غرينيتش.
15 كانون الثاني 2021



#إياد_الغفري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جينات الشهوة
- القضاء والحساب
- محاكمات كوبلنز
- هواية الثورة
- الشخصنة والثورة
- الأمل
- الشعر والأحلام
- الإلحاد القويم
- جبل المشتى والمراهقة
- العصفرة
- إدلب
- رامي مخلوف
- هوموسابيانات
- فراس السواح ومقصلة الثورة السورية
- تشابه أسماء
- السبعة وذمتها
- كلمات عن رجال تحت الشمس
- الماريشال
- قولوا والله
- دمشق - باريس - دمشق


المزيد.....




- فرصة -تاريخية- لخريجي اللغة العربية في السنغال
- الشريط الإعلاني لجهاز -آيباد برو- يثير سخط الفنانين
- التضحية بالمريض والمعالج لأجل الحبكة.. كيف خذلت السينما الطب ...
- السويد.. سفينة -حنظلة- ترسو في مالمو عشية الاحتجاج على مشارك ...
- تابعها من بيتك بالمجان.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة ...
- ليبيا.. إطلاق فعاليات بنغازي -عاصمة الثقافة الإسلامية- عام 2 ...
- حقق إيرادات عالية… مشاهدة فيلم السرب 2024 كامل بطولة أحمد ال ...
- بالكوفية.. مغن سويدي يتحدى قوانين أشهر مسابقة غناء
- الحكم بالسجن على المخرج الإيراني محمد رسولوف
- نقيب صحفيي مصر: حرية الصحافة هي المخرج من الأزمة التي نعيشها ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - إياد الغفري - الدعاء