أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إياد الغفري - الأمل















المزيد.....

الأمل


إياد الغفري

الحوار المتمدن-العدد: 6283 - 2019 / 7 / 7 - 14:12
المحور: الادب والفن
    



كدت أفقد الأمل في الأدب، أقرأ الكثير من قلة الأدب في هذه الأيام، تواصلت مع صديق تعلمت منه الكثير وما زلت أتعلم، سألني إن كنت قد قرأت لمها حسن...
ليس بعد، في حياة المنافي القسرية أو الاختيارية نعيش على تعطفات الشبكة العنكبوتية وعلى جهود القراصنة، بعد بحث مطول حصلت على رواية مترو حلب.
***

التمهيد والإهداء لوالدة الكاتبة يخلط ويشوش القارئ فتتداخل الكاتبة مع بطلة الروايا سارة...
تهدي الروائية العمل لأمها التي تمسكت بالبقاء في البيت وماتت بقذيفة دمرت هذا البيت... نهاية مشابهة لوالدة سارة.....

في الإهداء تفشي الكاتبة سرها، تفضح للقارئ تأثرها بماركيز، تأثر لن يخفى على من قرأ مائة عام من العزلة التي أعادت مها حسن روايتها بأحداث جديدة، بيئة حلبية، شخوص... حوادث... كل شيء يختلف عن ماركيز إلا التأثير المخدر لأسلوبه السردي.

من الصفحات الأولى نتعرف على سارة، المهندسة الشابة... التي تطلب منها خالتها أن تزورها في باريس، تقرر زيارة الخالة التي ابتلع السرطان نضارتها واقتربت ساعة رحيلها.... تقفز لخاطر القارئ قصة سارة وخالتها أمينة، والأم هدهد... ولا يحتاج إلا لبضع صفحات ليتأكد من أن سارة هي ابنة أمينة وليدرك أن هدد هي الخالة وأن الأمر هو الخديعة التي عاشتها سارة منذ ولادتها....
لغة السرد الجذابة تمنع القارئ من رمي الكتاب والانشغال بشيء آخر، في الأفلام عندما يفشي المخرج قصة الفيلم من اللقطات الأولى، يندر أن نكمل الفيلم... إلا فيما ندر، وذلك عندما تكون اللغة السينمائية على قدر من الجمالية تجعلنا نتسامح مع فضح الحبكة منذ البداية.
عندما انتهيت من قراءة النص اكتشفت أن الحبكة الرئيسية للقصة، عمودها الفقري البسيط قد تم البوح به بتأمريه مذهلة... قدرة على السرد تندر في الرواية العربية... عدت للصفحة الأولى... مها حسن... سأتذكر هذا الاسم طويلاً، العمود الفقري البسيط قامت الروائية بكسائه بالأنسجة، العضلات، اللحم، الجلد... ألبسته حذاء سارة ذا الساقين الجلديتين، معطف خالتها الأم المصنوع من الفرو، خصلات شعر مستعارة شقراء وطلت شفاهه بلون أحمر فاقع كعاهرات باريس...
سارة ذات الصوت الرائع... والتي ربما قد تكون تعلمت من قريبة صبري مدلل فن المقام، تغني سكرى في ميترو باريس "سكابا يا دموع العين" بينما نحن غرقى في معارك وهمية، نقاشات ووقفات احتجاجية، نتبادل التهم بالرمادية والعمالة...
بينما تعيش سارة مآسي اكتشاف الحقائق... اكتشاف ذاتها، وببراءة الطفلة التي تكره عناق الأب لها فتصيح به: "خنقتني" تعريينا... تعري ثورتنا وحكوماتنا، تقاليدنا ونخبنا....
كدت أفقد الأمل في النتاج الأدبي السوري بعد خيبات متتالية،
مها أعادت لي الأمل... أعادته بحزن مرهق... ألم اكتشاف سارة للحقائق.
القصة غير المكتملة التي تسردها مها لسارة على لسان أمينة... حقيبة الخالة التي لعبت دور الأم والتي يعلمها القارئ وتجهلها سارة، أشرطة التسجيل التي سردت بها الأم التي اختفت من حياة ابنتها قصتها لتعود قبل النهاية بقليل لتدعي أنها الخالة... دفتر مذكرات الأب الذي سجل فيه عشقه... وألمه.... وانتهى بيد العمة التي نزحت مع من نزحوا... وبوح الأم التي اتضح أنها الخالة... لبعض القصص قبل أن تتجه للصلاة وقبل أن تموت تحت قذيفة دمرت البناء.

الأم التي هجرت زوجها وطفلتها هي فنانة مسرحية فضلت فنها على عائلتها... نجحت في باريس وصارت أمينة دو داماس... في البداية كنت أحاول ربط قصة الممثلة بشخصيات أعرفها، وحاولت تلمس صور من شارك في اعتصام ثوري بباريس وصفته في الرواية، مغني... ممثل... سياسي...
لكني اكتشفت عبثية الإساءة لشخوص رواية مها بتشبيههم بكائنات من واقعنا الدميم...

تستمع سارة على الأشرطة المسجلة لقصة علاقة بين أمينة وشاب فرنسي اسمه ماتيو....
أمينة تسرد القصة التي تبدأ بشاعرية رومانس بين أربعينية وشاب صغير...
علاقة بين أنثى تعرف ماذا تريد من الحياة هي أمينة... ورجل طفل هو ماتيو، بغرائبية لا يتجرأ عليها إلا ماركيز... يتحول المشهد لعملية اختطاف وتعذيب... ماتيو يختطف أمينة، يقيدها في قبو لأسبوعين تنجو بعدها بأعجوبة... لا تشتكي عليه للشرطة، بل وتتقبل زيارته لها لاحقاً... تتفهم محاولة انتقامه منها... كونها تذكره بأمه التي تركته أيام الطفولة... طفولة قضاها مع أبيه الذي مات وهو يحلم ويخطط للانتقام....
لاحقاً يقوم ماتيو غير المستقر نفسياً بضرب أمينة بشقتها حتى تكاد أن تقضي، لولا تدخل الشرطة التي استدعاها الجيران فأردته قتيلاً... يسقط رأسه المثقوب برصاصة بين يدي أمينة التي تؤمن بأن دمه هو الذي عجل في رحيلها وسبب لها السرطان.
***

هذا المشهد اللعين...
أين موقعه من الحرب الدائرة في سوريا، مترو باريس تراه سارة يبدأ من الشاتليت... أو السان جرمان لينتهي في بستان كل آب أو حول القلعة...
حلب هي باريس وباريس هي حلب... سارة التي هجرتها أمها لتهرب من دمشق المملة... تاركة طفلة أنجبتها بغير اختيار...
هي نفس الأم التي هجرت قريتها المملة وتركت طفلها ماتيو فيها....
الأب باتريك... ربى ابنه على الانتقام، كان يحلم بالأم تتوسل لرؤية طفلها... وهو يتلذذ بالرفض، يعلم طفله أن يبصق بوجه أمه....
***
الفارق بين حلب وباريس... هو أن سارة لم تعلم بهروب أمها، هدهد اغتالت نفسها، ضحت بحبها، تركت كل شيء لتجنيب طفلتها الكراهية، الأب وليد مضغ حبه وقهره وأخفاه في كتيب صغير... حرص على ألا يقع في يد أرملته بعد أن يموت....

اللعنة يا مها... من أين أتيت بكل هذا الحب، لماذا ألبست هذا الحب لحلب... وحرمت باريس منه.... أيكون هذا الحب هو المخرج لسوريا من طوفان الدماء؟

شكراً مها حسن لأنك أعدت لي الأمل ... لم تجف الينابيع بعد.

كنت أرغب بإعداد نص نقدي عن الرواية، أسرد به أهم ما ورد فيها... فوجدت أن النص سيكون بطول الرواية، علينا أن نكتفي بما ورد في الرواية... فليس هدف أي نص نقدي إعادة كتابة الرواية

في النهاية توافق سارة على العودة المرحلية لحلب، لترافق يان الصحفي الذي يريد توثيق ما حدث...
لا أدري إن كان الناشر قد رقم الصفحات بالخطأ... أم أن الكاتبة قد أصرت...
ينتهي السرد الروائي في الصفحة 254... ويستمر الترقيم إلى 258... أربع صفحات فارغة، ربما تدعونا أمينة، هدد، سارة... أو حتى مها
لندون ما قد حدث بعد عودتها.

***
أقتبس من النص المذهل بتوصيفه حال سوريا والمنافي التي صرنا إليها، بضع كلمات:

*************
*************

الثورة رفعت أشخاصاً من القمامة النفسية والفكرية والاجتماعية، ووضعتهم في المقدمة. الثورة كانت طوفاناً ضخماً قلب كل شيء، لكنه لم يكن طوفاناً عادلاً كما هي الطوفانات العشوائية المجنونة. طوفان الثورة ألقى بالبقايا السيئة صوب الخارج، وابتلع أفضل السوريين. الذين ماتوا من أجل الثورة، هم أنبل منا جميعاً. أولئك ماتوا ونحن فزنا بحياة آمنة في الغرب. أما الباقون هناك فهم ينتظرون هبات الطوفان، التي إما تبتلعهم وتقذفهم صوب الموت، أو ترميهم على شاطئ النجاة: أوربا الفاخرة.
ص212

*************
*************

إياد الغفري – ألمانيا

07 تموز 2019



#إياد_الغفري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعر والأحلام
- الإلحاد القويم
- جبل المشتى والمراهقة
- العصفرة
- إدلب
- رامي مخلوف
- هوموسابيانات
- فراس السواح ومقصلة الثورة السورية
- تشابه أسماء
- السبعة وذمتها
- كلمات عن رجال تحت الشمس
- الماريشال
- قولوا والله
- دمشق - باريس - دمشق
- مطولة تشرينية
- صف حكي
- من الفرات إلى النيل خواطر عن دولة إسرائيل الكبرى
- الحوار المتمدن
- الظريف والشهم والطماع
- الثورة العاقلة


المزيد.....




- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إياد الغفري - الأمل