أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - يونس العموري - عبثية فن الممكن في الحالة الفلسطينية















المزيد.....

عبثية فن الممكن في الحالة الفلسطينية


يونس العموري

الحوار المتمدن-العدد: 6787 - 2021 / 1 / 13 - 13:20
المحور: القضية الفلسطينية
    


ما بين فن الممكن وفن المستحيل تكمن الحكاية الفلسطينية بكل فصولها، حيث باتت عبارة فن الممكن وتحقيق الممكن من خلال المسيرة التسووية هي الشغل الشاغل للقيادة الرسمية ولقادة الرأي والموقف الفلسطيني في الوطن المقسوم والمسلوب الارادة ، وإنجاز وتواصل التهدئة بالشطر الأخر من الوطن من خلال الممكن لترسيخ الحكم العقائدي بقطاع غزة اساس فعل القادة هناك ، وسياسات الممكن قد اصبحت هي الأساس في النهج القيادي الفلسطيني على مختلف توجهاتها وكأنهم قادة لأحزاب في دولة ذات سيادة يحترفون العمل السياسي. ومن خلال رصد وقائع الحركة السياسية المعاصرة بكافة مراحلها في الأراضي الفلسطينية المحتلة نلاحظ ان العمل السياسي بكافة دهاليزه وأطره قد اصبح سياسة لفن الممكن حفاظا على مصالح مراكز القوى المتنفذة على مختلف مستوياتها واشكالها، بل ان العمل السياسي قد تحول وفي معظم الدوائر لفن تحقيق الوصول عبر الموقع التنفيذي أو التشريعي، الى أعلى المرتبات، وتأمين وظائف للأبناء والأقارب، وتحقيق المصالح ذات الطابع الشخصي والفردي، وحتى المصالح التنظميمية الحزبية على ارضية الحسابات الفصائلية ومصالحها اولا. وإهمال القضايا ذات الاتصال المباشر بالجمهور والتي لها علاقة مباشرة بنبض وجوده واستمراره وتوفير مقومات الصمود والانتقال من حالة ردة الفعل الى حالة الفعل والمبادرة على طريق تحقيق تطلعات وطموحات الجماهير الرابضة في ظل الاحتلال.
وهنا لابد من اجراء مراجعة فكرية سياسية لماهية الواقع المعاش بالظرف الراهن، وهل اصبحت سياسات فن الممكن هي حجر الزاوية الاساسي التي تتحكم بمسار العمل الوطني..؟؟ اعتقد اننا بحاجة لإعادة صياغة مفاهيم العمل اسياسي الفلسطيني من جديد على قاعدة اعادة توصيف طبيعة المرحلة ذاتها حيث مقولة ان السياسة فن الممكن قد باتت تتردد على السنة الكثير من الأكاديميين العرب الذين يحترفون دراسة العلوم السياسية وفقا لنظريات سياسية غربية لها اهداف تطبيقية بعيدة المدى على مستوى المنطقة ككل ، تصب في خانة استعمار الشعوب والسيطرة على مقدراتها عن طريق فعل التدجين والتهجين للجماهيرواحالتها الى حالة شعبوية مستهلكة لكل ما من شانه ان يخدم اهداف ما وراء هذه النظريات في اطار سياسات فن الممكن، ومحاولة الإيحاء بأن انجاز التغيير المطلوب وانجاز اهداف عملية التحرير وتحقيق سيادة الشعوب على ارضها وتقرير مصائرها واحدة من المستحيلات وبالتالي يتم دقع الشعوب بكافة قواها وفعالياتها الحية نحو العمل السياسي ضمن هوامش فن الممكن تحقيقه من خلال هكذا نظريات مصممة على مقاسات انظمة الحكم المتناغمة ومصالح رعاة المنطقة وبالتالي مشاريعها.
الا ان الحالة الفلسطينية من المفروض انها مختلفة ولا اساس لنظريات سياسات فن الممكن في اجندة التعاطي السياسي والقضية الفلسطينية ذاتها، على اعتبار انها قضية تخضع لمنطق الصراع بين الظالم والمظلوم، ما بين الاحتلال والجماهير الفلسطينية التي أبدعت وأبتدعت كل أشكال الفعل والفعل المقاوم، وكانت ان أطرت ذاتها في بوتقة الفعل الكفاحي من خلال انجاز الإطار الثوري الذي اعتمد النظرية الثورية ذات الطابع النضالي كأسلوب للتصدي لسياسات الاحتلال ومحاولته طمس هوية الحضارية العروبية، وبالتالي اعتمد على فنون العمل الثوري والذي ما كان يوصف بفن المستحيل. وما بين فن الممكن وفن المستحيل خضعت فصول الحكاية الفلسطينية للشد والجذب. والمستحيل هنا ليس المقصود به استحالة تحقيق اهداف الشعوب بل انها عملية تغيير شاقة للواقع السيء المُعاش، حيث ان انطلاق العمل الثوري واعلان حالة العصيان وبكافة السبل والوسائل الممكنة والمتاحة في وجه الاحتلال وسياساته يعتبر الطريق الوحيد التي على الشعوب السير فيه ومن خلاله، والا فإن مصيره سيكون ضياع هويته وطمس معالم وجوده الانسانية والحضارية.
وغالبا ما يكون الظالم (الاحتلال) ذا قوة مادية جبارة وغالبا ما يكون المظلوم (المُحتل) ضعيف الحال المادي وحيث ذلك فإن عبارة السياسة فن الممكن تعطي المظلوم جرعة من الجبن والتخاذل كي يكسر إرادته للظالم ويستسلم له، لكن إذا ما حسبنا الإمكانيات الروحية للمظلوم فنجد أنها هائلة لأن إحساسه بالظلم له رد فعل عكسي حسب القانون الثالث لنيوتن (لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومضاد له في الاتجاه) أي أن المظلوم يملك بحسب القانون المذكور طاقة روحية (تتحول إلى طاقة مادية) تعادل طاقة الظالم القوي الجبار.

إن عبارة السياسة فن الممكن!!؟؟ قامت عليها كل الاتفاقيات السياسية للأمة من اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل واتفاقية وادي عربة بين الأردن وإسرائيل إلى اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، وأخيرا صناعة وصياغة التهدئة بقطاع غزة. وما خفي لربما يكون الأعظم ....
وبالعودة لسياسة الحسابات الدقيقة في مفاهيم فن الممكن وتحقيق الانجازات من وراءها وفن المستحيل وتحقيق المُراد من خلاله نلاحظ ان حزب الله مثلا واجه إسرائيل في الحرب السادسة 2006 وخاض معها حربا مدتها ثلاث وثلاثين يوما كسر فيها شوكة الجيش الدفاع الذي لا يقهر الذي كان يدوس على بطون عشرين جيشا عربيا متخصصين في قمع مواطنيهم بالأساس. حينها لم يحسب حزب الله فن الممكن ولو حسبها لاستسلم ولن يلمه أحد، وكذلك عبد الناصر عام 1956 لو حسب فن الممكن لما أمم قناة السويس وواجه بريطانيا وفرنسا وإسرائيل وسطر ملحمة تاريخية بدماء أبطال بورسعيد وأبطال الشعب المصري، كذلك لم يحسب ياسر عرفات فن الممكن عندما واجه الجيش الإسرائيلي المنتصر قبل عام في معركة الكرامة عام 1968 حيث انهزم الجيش الإسرائيلي. ولم يحسب كذلك فن الممكن في مفاوضات كامب ديفيد حينما قال اللا بحضرة سيد البيت الأبيض ورفض اطروحات التسوية السياسية.
مرة اخرى اعتقد ان الحالة فلسطينية بحاجة الى ثورة على وقائع وتفاصيل سياسات فن الممكن الراهنة التي باتت مسيطرة على العقل القيادي الفلسطيني وفلسفته اتجاه مختلف قضايانا الأساسية والجوهرية وبهذا السياق لابد من اعادة تموضع جديدة لفن الثورة والمقاومة ونبذ قوانين احتراف العمل السياسي ودهاليزه التي اصبحت تثقل كاهل قضيتنا وتحملها ما لا يمكن احتماله كالإلتزام بقوانين العمل السياسي الدبلوماسي واصوله.
إن عبارة (السياسة فن الممكن)هي جزء من سياسات القوى الاستعمارية لضمان الخنوع والاستكانة لأجندتها في سبيل انجاز التخاذل والاستسلام . واطفاء جذوة المقاومة بكافة اشكالها...
ومن خلال فن الممكن يكون الممكن مستحيل في بعض الاحيان ويكون التأويل ومحاولات التسويف لإحداث المطلوب وفقا لإجندات القوى ومراكزها لخدمة الخدمات التي قد تكون مشبوهة ، ومن خلال الممكن ايضا تكون الانتخابات الممكنة لممارسة الديمقراطية التي قد طال انتظارها لتجديد النظام الرسمي ومحاولة اختراق القائم بقوة الامر الواقع وايقاف التشظي والتلظي في جدران الواقائع الفلسطينية وهنا لابد من التوقف ومحاولة فهم ما يسمى بفن الممكن في ادارة الصراع مع كل التحديات القائمة والفارضة لذاتها على الساحة الفلسطينة عموما جراء فرض وتطويع قوانين المرحلة ، وهل من الممكن ان تكون الانتخابات اسلوبا قادرا على الانتقال بالحالة الفلسطينية الى ما يجب ان تكون عليه ؟؟ والشك هنا هو سيد الموقف على اعتبار ان الانتخبات ما هي الا محاولة لإعادة ترسيم النظام وترسيخ منهج السلطة القائمة بقوانين اوسلو وعباءة ضياع المرحلة ، وايضا على اسس فن الممكن ، حيث ان فن الممكن هذا يتمظهر الأن عشية انتظار الكل لإصدار المراسيم الرئاسية الخاصة بالإنتخابات لتتجلى نظريات فن الممكن لإدارة الأزمة الراهنة الفلسطينية وادارة وقائعها وتداعياتها ، تلك الازمة الفارضة نفسها على كل حيثيات الحالة الوطنية ، والممكن هنا يتمثل في ادراك طرفي معادلة الانقسام والتشظي الوطني بضرورة تقاسم الممكن واللعب على التناقضات الممكنة وذر الرماد بالعيون ، فالكل غارق في الأزمة ولا يبدو ان ثمة مخارج متبلورة لديهم لطالما ان التعامل قائم على اساس النظريات السياسية الحاكمة لمنطق الفعل التسووي الممكنة وفقا لأطرحاوتهم بصرف النظر عن فعل التسويق لأطروحة هذا الطرف او ذاك.



#يونس_العموري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة البحث عن الذات في زمن التيه
- في ظل انطلاقة حركة فتح وانتظار الإجابات للأسئلة المعلقة
- مرة اخرى حول شعار ( القدس اولا ...) الذي اصبح بلا معنى
- تراتيل في السقوط
- كان يا ما كان
- أحاديث على أرصفة القهر
- وحلمنا بعروس البحر فإذا بالمولودة قردة
- فخامة الموت
- (هناك من يغضب لمنظر امرأة لا ترتدي حجابا .... اكثر مما يغضب ...
- في عبثية الفوضى ....
- جدلية فعل الافراج عن مروان البرغوثي
- قراءة سياسية راهنة ....
- ما يجب ان يُقال بالظرف الراهن ....
- بيان هزيمة الذات ...
- لمُنتظر الزيدي ..شكرا لحزنك الجميل ولغضبك النبيل .....
- ما بين ( فن الممكن) و( فن المستحيل ) بالحالة الفلسطينية
- حول رفع التمثيل الدبلوماسي لبعثة منظمة التحرير الفلسطينية في ...
- حينما تصبح القدس عاصمة للثقافة العربية ..
- دعوة لفهم منطلقات انعقاد الملتقى العربي الدولي لحق العودة .. ...
- حينما يصبح الأسود رئيسا لأمريكا ....


المزيد.....




- فيديو أشخاص -بحالة سُكر- في البحرين يشعل تفاعلا والداخلية تر ...
- الكويت.. بيان يوضح سبب سحب جنسيات 434 شخصا تمهيدا لعرضها على ...
- وسائط الدفاع الجوي الروسية تدمر 121 طائرة مسيرة أوكرانية الل ...
- -بطاقة اللجوء وكلب العائلة- كلّ ما استطاع جُمعة زوايدة إنقاذ ...
- في اليوم العالمي لحرية الصحافة: هل يعود الصحفيون السوريون لل ...
- مسؤول عسكري كوري شمالي من موسكو: بيونغ يانغ تؤكد دعمها لنظام ...
- صحيفة برازيلية: لولا دا سيلفا تجاهل 6 رسائل من زيلينسكي
- -باستيل- فرنسا يغري ترامب.. فهل تتحقق أمنية عيد ميلاده؟
- روسيا تعرب عن استعدادها لمساعدة طالبان في مكافحة الإرهاب
- ترامب ينهي تمويل خدمة البث العامة وهيئة الإذاعة الوطنية الفي ...


المزيد.....

- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - يونس العموري - عبثية فن الممكن في الحالة الفلسطينية