أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسماعيل ميرشم - قصة قصيرة بعنوان: الألم والثلوج والزمن














المزيد.....

قصة قصيرة بعنوان: الألم والثلوج والزمن


اسماعيل ميرشم

الحوار المتمدن-العدد: 6778 - 2021 / 1 / 4 - 12:02
المحور: الادب والفن
    


أفاق من نومه عند الفجر بسبب حلم، حاول أن يتذكَّره، لكنَّه بدلًا أن يتذكر حلمه، فجأة تذكَّر أنَّه نسى أن يقوم بانزال سيارته المركونة في ساحة العمارة الى الطابق الأرضي كما طلبت منه زوجته ليلة أمس قبل النوم لتلافي تراكم الثلوج المتوقع سقوطها في الليل بعد مشاهدتها للأنواء الجوية على التلفاز. تململ في فراشه ،قلَّب جسده يمينًا وشمالًا قبل أن تأخذه غفوة من جديد، فلنوم الفجر طعم خاص. استيقظ من نومه في الصباح على صوت زوجته هذه المرة، تنادي عليه من بلكونة الشقة ناقلة له خبر تساقط الثلوج البيضاء التي تغطي كلَّ مكان، سامعًا صوتها تقول مع نفسها: يا إلهي كم جميل منظر الثلوج!؟...حاول النهوض بأسرع وقت من فراشه والتوجه الى البلكونة لإلقاء نظرة من خلال النافذة على الثلوج المتساقطة في الليل. بعدما وصل الى البلكونة ، وقف الى جانب زوجته، لم يعد بإمكانه التمييز بين سيارته المركونة في ساحة العمارة والسيارات الاخرى، فالثلوج تغطي كلَّ مكان، وتتشابه السيارات مع بعضها الآخر. تذكّر مرة اخرى أنه لم يقم ليلة أمس بما كان مطلوبًا منه أن يفعل، لكنَّه لم يشعر بالندم على كسله يوم أمس، ولم يكترث ، وفضَّل الاستمتاع بالمنظر الموجود أمام عينيه على الندم على شيء أصبح في حكم الماضي، ولا يمكن للندم فعل أي شيء بخصوصه.
بعد انتهائه من إلقاء نظرته الممتعة على المنظر من خلال النافذة، قام بتناول الفطور،على وجه السرعة، بعكس عادته اليومية، حيث يعتني ويقضي وقتًا أطول في التهيئة والتمتع بتناول فطور الصباح وبالأخص قهوته الصباحبة. اليوم كان تحت ضغط مشاعره، حيث زيادة شوقه للقاء الثلوج المتساقطة مباشرة على الجبل وفوق الأشجار. بعد انتهائه من تناول الفطور، ارتدى ملابس الجبل، تراكسوته القطني الدافيء وحذاءه الجبلي الجديد الذي اشتراه قبل اسابيع لهكذا فعاليات. قام بتهيئة كلبه "هبي" ليصطحبه الى الجبل. وضع كمامته على فمه ووضع على رأسه قبعة قطنية تغطي أذنيه وارتدى قفازات جلدية ثم خرج من شقتة. بعد بضعة خطوات وصل أمام المصعد الكهربائي وبعدما ضغط على زره وبدأ المصعد بالصعود باتجاه طابقه العلوي، شعر بارتخاء حذاءه نتيجة نسيانه أن يضبط قيطانه، فانحنى لضبط القيطان، وهو عبارة عن الضغط على زر دائري في الحذاء وتدوير حلقة كما البرغي ليتخلص من ارتخائه. في هذا الاثناء شعر بألم مفاجئ في ظهره، آه انه العمود الفقري، الألم كان شديدًا الى درجة أوقفته عن التنفس للحظات.
في هذه الأثناء كاد المصعد أن يصل الى طابقه. قام بتحريك ظهره يمينًا ويسارًا في محاولة للتأكد بأن الموضوع بسيط، لكن بمرور الوقت ومع اقتراب وصول المصعد كان الألم يزداد حدَّة، فكَّر في النزول، لكن قال في نفسه ماذا لو سقطت في الطابق الأرضي أو داخل المصعد من شدة الالم. الألم كان يزداد الى درجة أجبرته على التراجع عن فكرة صعود المصعد والنزول، بدلا من ذلك . ثم تراجع عن فكرة النزول وعاد أدراجه الى البيت عسى أن يتاكد من الألم ومن سلامة ظهره قبل ان يستمر في طريقه للقاء الثلوج.
فتح باب شقته، خلع حذائه الجبلي والقمصلة السميكة وتمدَّد على ظهره في الحال فوق سجاد مفروش في غرفة الاستقبال. بمرور الوقت أخذ يشعر بثقل في ظهره وباستحالة جلوسه منتصبًا على الفراش. نادى على زوجته لتضع على ظهره لصقة عسى ان يقلِّل من آلامه. تاكد إنَّه الانزلاق اللعين قد عاد الى الفقرات القطنية مرة أخرى.
هكذا أجبره الألم المبرِّح على قضاء يومًا كاملًا متمدِّدًا على ظهره في الفراش، غير قادر على النهوض سوى لقضاء حاجته وبشقِّ الانفس بسبب الألم في ظهره. أستمر في تمدّده على ظهره لغاية صباح اليوم التالي . تناول بعض مسكنات الألم ووضع بعض الكمادات الدافئة تحت ظهره. صباح اليوم التالي نهض من النوم وكان يشعر بتحسن في ظهره، أول ما قام به هو التوجه إلى نافذة البلكونة لإلقاء نظرة على الثلوج، وإذا به ينصدم لذوبان الثلوج واختفائها كليًا من الساحة وعلى الأشجار و السيارات . وبان كلُّ شيء مختلفًا وبأن الثلوج قد ذابت وتحولت الى مياه. وللتأكيد كان يميِّز سيارته المركونة في باحة العمارة، بعكس يوم أمس في هكذا وقت.
هكذا كان الألم العائق الحقيقي الوحيد الذي منعه من التمتع بلقاء تساقط أول ثلوج هذا الشتاء. وعندما تحدَّث لزوجته عن مشاعره المريرة بخصوص تسبب الألم المفاجيء في ظهره بحرمانه من التمتع بمشاهدة الثلوج المتساقطة ، أخبرته الزوجة أن لا يشعر بالمرارة فهناك الكثير من الثلوج ستتساقط في الأسابيع والأشهر القادمة، فنحن في بداية موسم الشتاء. المهم ان يعتني بظهره ليشفى تمامًا ويكون مستعدًا لاستقبال تساقط الثلوج في قادم الأيام.
هكذا، بالأمس حال الألم ، واليوم الزمن ، عائقًا بينه وبين قيامه برحلة صباحية في الطبيعة المتلفعة بالبياض انتظرها منذ الشتاء الماضي حتى اليوم . وبينما كان يردِّد هذه الكلمات مع نفسه في نهاية موسم الشتاء الماضي، سيأتي الشتاء مرة اخرى، محمّلاً باللقاءات والصباحات البيضاء، سيأتي الشتاء ليكون في قلب الطبيعة وبرفقة صديقه "هبي"، حينها سيحتسي القهوة الصباحية ساخنا من فنجانه المعدني، مستمتعأ سماع ترنيمات الثلوج تحت خطواته حينما يمشي في الجبل، سيداعب الثلوج المتساقطة والمكدسة على اغصان الشجر بأصابعه المرتجفة، سيضحك مقهقهًا ومنسجمًا مع الطبيعة حتى البكاء.



#اسماعيل_ميرشم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مخاض الربيع العربي وتدشين دولة الخلافة في العراق والشام
- ما المانع من استبدال الفاشليين من الزعماء السياسيين في العرا ...
- أثناء فترة وجودي بين اهلي ومع اصدقائي في خانقين وفي كردستان- ...
- في العراق قبل وبعد 2003
- معوقات امام التحول السياسي في العراق وفي المنطقة
- ايهما اولى مشروعية المواطن وحقوقه ام المنظمات الدولية ومواقف ...
- التغيير بين الحاجة في الواقع و رفعها كشعار لمرحلة !!!
- بروز الطائفية السياسية وعرقلة التحول السياسي في العراق
- في كل عام كلما تحل نوروز
- مقتطفات من كتاب فنر حداد بعنوان- الطائفية في العراق-
- هل بقاء العراق موحدا لمصلحة العراقيين على المدى البعيد؟
- لماذا بروز وازدهار الطائفية بدلا من انتشار وترسيخ الديمقراطي ...
- هل بالامكان ترسيخ الديمقراطية في العراق ؟
- الحل في المزيد من الديمقراطية ام باعادة الدكتاتورية؟
- متى المواطن تتمتع بحقوقه في العراق الجديد؟
- هل بامكان الجمع بين الديمقراطية والفدرالية في الشرق الاوسط؟
- ميراث الانظمة الاستبدادية وتحرر الشعوب
- الالوان
- المواقف من الانقلاب-الثوره التي حصلت في مصرمبدئيه ام انتهازي ...
- ما دافع الانتحاري لقتل نفسه وقتل البشر من حوله؟


المزيد.....




- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث
- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...
- معرض -حنين مطبوع- في الدوحة: 99 فنانا يستشعرون الذاكرة والهو ...
- الناقد ليث الرواجفة: كيف تعيد -شعرية النسق الدميم- تشكيل الج ...
- تقنيات المستقبل تغزو صناعات السيارات والسينما واللياقة البدن ...
- اتحاد الأدباء ووزارة الثقافة يحتفيان بالشاعر والمترجم الكبير ...
- كيف كانت رائحة روما القديمة؟ رحلة عبر تاريخ الحواس


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسماعيل ميرشم - قصة قصيرة بعنوان: الألم والثلوج والزمن